المستقبل السياسي الأمريكي "ما يزال" رهن أصوات جورجيا

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصبحت ولاية جورجيا المتأرجحة بمثابة قلب السياسة الأمريكية منذ انتخابات الرئاسة في عام 2020. لم يكتفِ الجورجيون باختيار ديمقراطي لمنصب الرئيس للمرة الأولى منذ عقود، مما ساعد جو بايدن على تحقيق انتصاره الرئاسي؛ بل انتخبوا أيضاً عضوين ديمقراطيين لشغل مقعدي الولاية في مجلس الشيوخ الأمريكي في يناير 2021، الأمر الذي منح الحزب سيطرة طفيفة إلى حدٍّ ما على المجلس.

مع قيام حاكم جورجيا الجمهوري، بريان كيمب، بإلقاء خطاب حالة الولاية في 13 يناير، وبدء المعركة لإعادة انتخابه بشكل غير رسمي؛ تبدو الولاية على وشك أن تعود إلى الأضواء مجدداً.

اقرأ أيضاً: هل يعود ترمب إلى البيت الأبيض في 2024؟

يتسابق الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، على أحد مقاعد مجلس الشيوخ الشاغرة في جورجيا. وبعد أن أصبح أول سناتور ذي بشرة سمراء في تاريخ جورجيا، سيتنافس رفائيل وارنوك، الذي فاز بفترة ولاية جزئية فقط في انتخابات خاصة، على فترة ولاية كاملة في نوفمبر. سيكون منافسه المحتمل في تلك الانتخابات، أسطورة كرة القدم المحترف، هيرشل ووكر، وهو خريج جامعة جورجيا، ويحظى بدعم الرئيس السابق دونالد ترمب، مع الإشارة إلى أنَّ ووكر هو أيضاً صاحب بشرة سمراء، وكان مقيماً في تكساس حتى وقت قريب.

اقرأ المزيد: ترمب يستعد بدهاء لانتخابات 2024 بجمع الأموال في الخفاء وتحييد المنافسين

سباق على منصب الحاكم

على الجانب الآخر، يجري الاستعداد للسباق الانتخابي المثير لاقتناص منصب حاكم الولاية، إذ ستضم بطاقة الاقتراع: ستايسي أبرامز، التي تعد بمثابة القوة المنظمة التي يُنسب إليها الفضل في تحويل جورجيا إلى ولاية داعمة للديمقراطيين في عام 2020؛ وكذلك، كيمب، الحاكم الجمهوري الحالي، والذي مثل صاعقة الغضب الجمهوري التي ضربت الولاية في 2018؛ بالإضافة إلى ديفيد بيرديو، الذي خسر مقعده في مجلس الشيوخ أمام جون أوسوف البالغ من العمر 33 عاماً، في يناير 2021، وهو الآن يتحدى كيمب في الانتخابات التمهيدية.

من جانبه، يؤيد ترمب خطى بيرديو الاستثنائية انتقاماً من كيمب لرفضه مطالب الرئيس المهزوم بإلغاء خسارته الانتخابية في جورجيا. قال بيرديو، بالفعل، إنَّه لم يكن ليصادق على فوز بايدن كما يقتضي القانون. كما أنَّ السناتور السابق، الذي كان في يوم من الأيام صديقاً ومؤيداً لعائلة كيمب؛ قدَّمه باعتباره الحاكم التالي لجورجيا في مؤتمر الحزب الجمهوري بالولاية في يونيو.

اختبار حاسم

تقول جيسيكا تيلور، التي تغطي السباقات الانتخابية لحكام الولايات في نشرة "كوك بوليتيكال ريبورت" (Cook Political Report) الإخبارية عبر الإنترنت:

سيكون هذا هو السباق البارز في البلاد حول تأثير ترمب داخل الحزب الجمهوري، والذي يؤسس بدوره للاختبار الحاسم في جميع أنحاء البلاد، ألا وهو: هل تعتقد أنَّ الانتخابات قد سُرقت؟

يقول المستشار الجمهوري بريان روبنسون، إنَّ حجة بيرديو تقوم على أنَّ "أقلية كبيرة من الجمهوريين فقدوا الثقة في كيمب، ولن يحضروا للتصويت"، الأمر الذي من شأنه أن يميل دفة السباق لصالح أبرامز. غير أنَّ حجة كيمب المضادة، على حد تعبير روبنسون، ووفق تصريحات حاكم ولاية جورجيا الحالي، هي أنَّه "الشخص الوحيد في السباق الانتخابي الذي هزم أبرامز، وأنَّ بيرديو لم يتمكن حتى من هزيمة جون أوسوف".

كذلك؛ فإنَّ كيمب ليس هو الجمهوري الوحيد في جورجيا الذي يعاني من غضب ترمب وأنصاره. هم يحاولون هزيمة وزير خارجية جورجيا، ومسؤول الانتخابات البارز، براد رافنسبرغر، الذي فضح مزاعم ترمب بشأن تزوير الناخبين، ورفض إلغاء نتائج انتخابات عام 2020. من جانبه، قرر نائب حاكم جورجيا، جيف دنكان، الذي استنكر علانية رواية الانتخابات المسروقة، عدم السعي إلى إعادة انتخابه. ووصف دنكان ترشح بيرديو بأنَّه قرار خاطئ، قائلاً: "لا توجد حسابات منطقية تجعل من السهل التغلب على ستايسي أبرامز عبر إشراك ديفيد بيرديو في السباق الانتخابي".

حقوق التصويت الفيدرالية

أيضاً، ستختبر جورجيا –التي كانت ذات يوم حصناً للفصل العنصري، وتحوّلت الآن إلى مركز قوة للأعمال التجارية والسياسة السمراء- ما إذا كان بإمكان الديمقراطيين التغلب على التحركات الجمهورية للحد من التصويت، بغية ترجيح كفة الانتخابات لصالحهم. بعد تأثرهم بخسائر عام 2020؛ غيّرت ضواحي الولاية المؤيدة للجمهوريين، والمناطق المحيطة بها من هياكلها الحكومية، وقامت بتشديد إجراءات كان من شأنها تسهيل عملية التصويت، فضلاً عن ترسيم حدود جديدة في الكونغرس لإضعاف الأغلبية الديمقراطية المتزايدة في ضواحي أتلانتا. ومن ثم، يبقى أن نرى إلى أي مدى ستدعم هذه المناورات الحزب الجمهوري في الولاية سريعة التحول.

وبالمثل، يبقى أن نرى مدى ولاء أكثر الديمقراطيين نشاطاً في الولاية، إذا لم يفِ بايدن والكونغرس بإقرار تشريعات حقوق التصويت الفيدرالية. فقد كانت أبرامز من بين النشطاء الذين امتنعوا عن حضور خطاب بايدن في 11 يناير حول هذا الموضوع في أتلانتا، في خطوة اعتبرت بمثابة ازدراء على نطاق واسع. وعلى الرغم من أنَّ أبرامز بررت غيابها بتضارب المواعيد، إلا أنَّ الحلفاء قالوا، إنَّهم سئموا القول دون أي فعل.