خطأ رأي نسيم طالب وصوابه حول "بتكوين"

"بتكوين" قارب نجاة لمن ألقت بهم السفينة الحكومية في البحر وهي كذلك لعموم الناس إن تسبب افتقار النظام المالي التقليدي لمرساة بغرقه

"بتكوين" شهدت تراجعات حادة الفترة الماضية
"بتكوين" شهدت تراجعات حادة الفترة الماضية المصدر: بلومبرغ
Aaron Brown
Aaron Brown

Aaron Brown is a former managing director and head of financial market research at AQR Capital Management. He is the author of "The Poker Face of Wall Street." He may have a stake in the areas he writes about.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انخفضت "بتكوين" 50% منذ نوفمبر، وهذا ليس غريباً على العملات المشفرة، حيث شهدت ذات الانخفاض بين أبريل ويوليو العام الماضي ثم انتعشت سريعاً. تبدو هذه العملة الرقمية من وجهة نظر إحصائية بحتة أصلاً شديد التقلب دونما ميل قوي متوسط أو طويل الأجل للثبات على اتجاه أو آخر. إنها ليست مسيرة عشوائية مثالية ذات اتجاه مستقبلي منعزل عن تحركات الأسعار السابقة، لكنها أقرب لذلك من معظم الأصول الرئيسية مثل الأسهم والسندات والسلع.

موجة بيع تضرب العملات المشفرة.. وبتكوين عند أدنى مستوى في 6 أشهر

هذه الخلفية مهمة لتقييم تغريدة لـ"نسيم نيكولاس طالب" عن مقالته الشهيرة "البجعة السوداء" التي أثارت اهتماماً كبيراً: "بالنسبة للأصل الذي تحركه العدوى بدون مرساة اقتصادية مثل (بتكوين)، فإن انخفاض السعر لا يجعلها أرخص وأكثر جاذبية. انخفاض السعر يجعلها أقل استحساناً، وللمفارقة يزيد من نفقاتها. لماذا؟ لأن السعر هو فقط معلومة".

هذا ليس صحيحاً من ناحية الممارسة المبنية على التجربة في تاريخ "بتكوين" القصير. كان شراء "بتكوين" في الماضي جذاباً لدى تراجع سعرها بنفس قدر شرائها عند ارتفاعه، لكن طالب قدم ادعاءً اقتصادياً وليس إحصائياً. عرفت طالب منذ 36 عاماً وتعلمت منه الكثير. أجد تعليقاته استفزازية وعادة ما تكون صحيحة. أنا لدي أيضاً "بتكوين" وأصول تشفير أخرى.

رأي طالب في "بيتكوين"

بالنسبة للأصل الذي تحركه العدوى بدون مرساة اقتصادية مثل "بتكوين"، فإن انخفاض السعر لا يجعلها أرخص وأكثر جاذبية. انخفاض السعر يجعلها أقل استحساناً، وللمفارقة يزيد من نفقاتها. لماذا؟ لأن السعر هو فقط معلومة

إبحار بلا مرساة

أول ما ينبغي ملاحظته هو أن هناك كثيراً من الأصول الأخرى "التي تحركها العدوى" بلا "مرساة اقتصادية" كالفن والماس والذهب وأشياء أخرى كثيرة لها قيمة فقط لأن الناس يقدرونها، وليس لكونها ذات استخدام اقتصادي مباشر.

يعتبر الدولار الأمريكي من الأصول الهامة بشكل خاص التي تحركها العدوى وتفتقر لمرساة اقتصادية، لكن على النقيض من "بتكوين"، لديه ميل قوي للثبات في اتجاه. إذا كانت قيمة الدولار تنخفض بسبب التضخم، فمن المحتمل أن تستمر في الانخفاض. لا أحد يشتري العملة الأمريكية لأنها رخيصة أثناء التضخم أو يبيعها لأنها باهظة الثمن أثناء فترات الكساد، بل العكس هو الصحيح.

ملياردير عملات مشفرة: "بتكوين" قد تواصل الانخفاض حتى 38 ألف دولار

لدى الدولار شيء لا تملكه "بتكوين"، وهو نظام حكومي ومصرفي يعمل أحياناً على استقرار قيمته، لكنه ليس مرساة، ولا يحاول الاحتياطي الفيدرالي إعادة الدولار إلى قيم ما قبل التضخم. بل هو محرك لمنع السفينة من الانجراف بسرعة كبيرة. إذا كان الدولار يفقد قيمته بسرعة، فسيقوم الاحتياطي الفيدرالي بتوليد قوى قد تبطئ من الانخفاض، ولكن لا تعكسه لإعادته إلى قيمته السابقة.

أكبر صندوق لبيع العملات المشفرة يتراجع 17% بعد هبوط "بتكوين"

تخلت العملة الاحتياطية الأساسية في العالم عن أي مرساة اقتصادية في 1971 حين أزال الرئيس ريتشارد نيكسون معيار الذهب، الذي كان مجرد مرساة فضفاضة للذهب، الذي يفتقر بحد ذاته إلى مرساة. تأسس بعد عقد من سوء إدارته إيمان ما بأن قيمة الدولار لن تتآكل بسرعة كبيرة لجعله مفيداً للمعاملات والمدخرات. اهتز هذا الإيمان خلال الأزمة المالية بين 2007 و2009، ليس بسبب المخاوف من التضخم، ولكن بسبب مخاوف من انهيار المؤسسات المالية. مرت عملة عالمية رئيسية أخرى، وهي اليورو، بأزمة أعمق بين 2009 و2014، مدفوعة بشكل أساسي بالخوف من تخلف الحكومة والبنك المركزي عن السداد.

قارب نجاة

ولدت "بتكوين" في هذه البيئة واكتسبت ثقة عالمية بين عشاق التقنية والأشخاص المكبوتين مالياً والأشخاص المشككين بالحكومة والبنوك. كانت "بتكوين" قارب نجاة للأشخاص الذين ألقت بهم السفينة الحكومية في البحر، وكذلك الأمر بالنسبة لعموم الناس إن تسبب افتقار النظام المالي التقليدي لمرساة بغرقه. إن قوارب النجاة لا تحتاج إلى مراسي.

بعد تباطؤ "الفيدرالي".. المؤسسات المالية الخاصة قد تقود ثورة الدولار الرقمي

رغم ذلك اكتسبت "بتكوين" مع نمو قيمتها وتقبلها مرساة اقتصادية أولية على شكل إيمان بأن بعض العملات الرسمية والمؤسسات المالية لن تكون جذابة لعدد كافٍ من الأشخاص، ما يخلق طلباً كبيراً على معاملات ومدخرات "بتكوين". أصبحت مرساة قيمة "بتكوين" في وقت لاحق، لأن مشاريع العملات المشفرة تقدم خدمات حقيقية للعملاء الراغبين بها، إيماناً بأنها ستكون مخزناً رئيسياً للقيمة بالنسبة للاقتصاد المشفر، وعملة صرف رئيسية مع النظام المالي التقليدي.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي: بإمكان العملات الرقمية التنافس مع الدولار الرقمي

كان تقدم الاقتصاد المشفر كما هو متوقع على مدى العامين الماضيين، دون اختراقات أو نكسات كبيرة. كان النظام المالي التقليدي هو الذي انقلب رأساً على عقب بسبب الوباء وعمليات الإغلاق ومشاكل سلاسل التوريد والسياسات المالية الجريئة والسياسات النقدية المتساهلة والخلل السياسي والتهديدات بالحرب. لذا يبدو لي أن التقلب في عدد الدولارات التي سيدفعها الأشخاص مقابل "بتكوين" يرتبط بعدم اليقين بشأن القيمة طويلة الأجل للدولار أكثر من إعادة تقييم آفاق قطاع التشفير والاقتصاد. عندما ينخفض سعر "بتكوين" مقابل الدولار، فإن ذلك لا يبوح بالكثير عما إذا كانت "بتكوين" رخيصة أو باهظة الثمن، لكنه يشير إلى أن الناس يثقون أكثر بالدولار، ربما بسبب تشديد السياسة النقدية المتوقع من قبل الاحتياطي الفيدرالي وانخفاض التوقعات بشأن الإنفاق الحكومي وانحسار الوباء والمخاوف من اندلاع حرب.

الدولار هو الملك.. لكن سعره مبالغ فيه

تقدم الأسواق المالية الرئيسية آراءها حول مثل هذه الأشياء عبر أسعار الفائدة، وتَقلُّب الأسهم وأسعار الصرف ومعدلات التوازي مع التضخم. هذه مؤشرات جيدة لوجهات النظر المتوسطة. تساعدنا أسواق "بتكوين" والعملات المشفرة على فهم آراء على غرار مجموعة الـ 5% من المعارضين والمتشككين وخبراء التقنية والمكبوتين مالياً. سيستمع الحكماء من معشر المستثمرين لكلا الصوتين.