لمَ أتاحت "فيسبوك" و"تويتر" منصة لرموز غير قابلة للاستبدال؟

الرموز غير القابلة للاستبدال هي أصول رقمية تُتداول خارج منصاتها في قواعد بيانات "بلوكتشين" التي لا يتحكم فيها أي فرد أو جهة

تنامي غير مسبوق لسوق الرموز المشفرة
تنامي غير مسبوق لسوق الرموز المشفرة المصدر: بلومبرغ
Scott Duke Kominers
Scott Duke Kominers

Scott Duke Kominers is the MBA Class of 1960 Associate Professor of Business Administration at Harvard Business School, and a faculty affiliate of the Harvard Department of Economics. Previously, he was a junior fellow at the Harvard Society of Fellows and the inaugural research scholar at the Becker Friedman Institute for Research in Economics at the University of Chicago.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نُشرت تقارير بأن "فيسبوك" و"إنستغرام" تطوران تقنيات تتيح للمستخدمين عرض الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) على ملفاتهم الشخصية، وتعملان على بناء سوق يسمح بشراء وبيع هذه المقتنيات الفنية الرقمية. لم تكد صحيفة "فاينانشال تايمز" تنشر هذه الأنباء الأسبوع الماضي، حتى أتاحت "تويتر" تضمين هذه الرموز على تطبيقها، متيحة للمستخدمين عرضها كصور لحساباتهم الشخصية.

تمثل هذه الخطوة تحولاً كبيراً في عمالقة منصات التواصل الاجتماعي، التي تجني أرباحاً في الغالب عبر التحكم الكامل بالبيانات التي ينشرها المستخدمون على صفحاتهما والاستفادة منها لزيادة المشاركة واستهداف الإعلانات. على النقيض من الصور ومقاطع الفيديو والنصوص المتداولة على معظم منصات التواصل الاجتماعي، فإن الرموز غير القابلة للاستبدال هي أصول رقمية تُتداول خارج منصاتها، وتحديداً في قواعد بيانات "بلوكتشين" التي لا يتحكم فيها أي فرد أو جهة.

لاعب كرة سلة أمريكي يبيع أحذية رياضية افتراضية كرموز غير قابلة للاستبدال

تتيح الميزة التي وفرتها "تويتر" للمستخدمين ربط حساباتهم بمحافظهم المشفرة، وتطبيقات "بلوكتشين" المستخدمة لإدارة العملات المشفرة والأصول الرقمية الأخرى. تصادق "تويتر" بعد ذلك، على أن محفظة المستخدم تحتوي على رمز غير قابل للاستبدال، وتعرض هذا الرمز في إطار سداسي الشكل كإثبات ملكية رسمي.

يمثل هذا الانفتاح لمالكي الرموز على وسائل التواصل الاجتماعي فرصة لإضافة قيمة لحيازاتهم، سواء عبر توفيرها لطريقة جديدة لاستعراض حيازاتهم، أو عبر توسيع دائرة المشاركة بما يتجاوز عدد مستخدمي التشفير الحاليين.

حفاظ على المستخدمين

يتسم ميزان التكلفة والمكسب بالحساسية لدى شركات التواصل الاجتماعي، التي تكتسب مقابل تخليها عن قدر من السيطرة على الأصول الرقمية للمستخدمين فرصة للإبقاء على العملاء المهووسين بالرموز غير القابلة للاستبدال والوصول إليهم، كي لا ينتقلوا إلى منصات أحدث قد تكون أكثر احترافية حيال العملات المشفرة.

يُفترض أيضاً أن "ميتا"، كونها تملك "فيسبوك" و"إنستغرام"، تأمل بالاستفادة عبر فتحها لسوق رموز رقمية غير قابلة للاستبدال من القيمة المتزايدة لسوق تلك الرموز، التي تقدر قيمتها بأكثر من 40 مليار دولار. يعد شراء الأصول الرقمية وبيعها أمراً معقداً حالياً، إذ يتطلب ذلك المرور عبر منصات عدة والتعرض لمخاطر فشل المعاملات والاحتيال. قد توفر "ميتا"، مبدئياً على الأقل، سوق أصول رقمية سهل وبدهي لمليارات المستخدمين قد يكون مربحاً للغاية، لا سيما إن كان بإمكانها إدارة كل شيء عبر البنية التحتية للتعاملات ومعاملات الدفع الخاصة بها.

بيع رموز غير قابلة للاستبدال للروبوت "صوفيا" في مزاد علني

تأمل شركات وسائل التواصل الاجتماعي المهيمنة، من باب الطموح، بالتأثير على تطور الشبكة العنكبوتية لصالحها.

تتيح الحركة متنامية في تطوير وتصميم الويب التي بُنيت حول فكرة تخزين بيانات المستخدم على "بلوكتشين"الشبكة مجاناً لأي منصة رقمية. ما يزال من السابق لأوانه تحديد مدى استمرارية ما يسمى بمفهوم الجيل الثالث للشبكة العالمية (Web3)، وتتعدد الأسباب وراء الشك بذلك. لكن إذا بدأ إنترنت هذا الجيل بالعمل، فقد تهدّد هيمنة منصات وسائل التواصل الاجتماعي الحالية، لأن الاحتفاظ ببيانات المستخدم مسجلة الملكية هو شريان حياتها.

منصة رائجة؟

تَصعُب هيمنة عدد محدود من عمالقة منصات التواصل الاجتماعي على عالم يحتفظ فيه المستخدمون بمعظم بياناتهم في محافظ تشفير شخصية يمكنهم نقلها من منصة إلى أخرى. إن ظهر منافس لتطبيق "تويتر" يتيح تفاعلاً أسهل أو أمتع، على سبيل المثال، يستطيع الأشخاص نقل جميع بياناتهم عن طريق ربط محفظتهم المشفرة بالمنصة الجديدة. تخيل الأمر على أنه مشابه لحمل النقود في محفظة فعلية. إن كنت تعاين عربة لبيع الفاكهة ثم ظهر بائع جديد بضاعته أجود أو سعرها أفضل فأنك تستطيع الإنتقال لتشتري منه.

مرحباً بكم في "ميتافيرس" العملات المشفرة حيث تسهل خسارة كل شيء

يمكن أن تحاول "ميتا" و"تويتر" التأثير على تطوير التقنية بطرق تساعدهما على الحفاظ على تفاعل المستخدمين نتيجة توقعهما لهكذا تحول الآن. إن أنشأت "ميتا" على سبيل المثال واجهة تطبيق دانية وسهلة الاستخدام لشراء للرموز غير القابلة للاستبدال، فقد يختار عديد من المستخدمين التعامل عبرها بدل البحث عن منصات سوقية أخرى. كما تتيح البيانات نفسها التي تدعم الإعلانات الحالية لدى "ميتا" أن تساعد الشركة أيضاً على تحديد رموز تحظى باهتمام أكبر للشراء عبر مستخدميها.

تعني حقيقة ترسيخ هذه المنصات للرموز غير القابلة للاستبدال أن شيئاً ما في الإنترنت قد بدأ يتغير بالفعل.

رغم السؤال المفتوح حول مدى إعادة توجيه الشبكة حول الملكية الفردية للبيانات والأصول الرقمية الأخرى، فإن حقيقة أن شركات منصات التواصل الاجتماعي تأخذ إمكانية تحقيق ذلك على محمل الجد تشير إلى وجود ضغوط كبيرة في السوق في هذا الاتجاه. قد يعني ذلك أن حتى عمالقة المنصات سيتعين عليهم البدء بجعل الأصول الرقمية، كالرموز غير القابلة للاستبدال، قابلة للتنقل بما يفوق تعاملهم مع بيانات المستخدم الأخرى فيما مضى.