المطلوب من واشنطن عزل روسيا عن شبكة "سويفت"

فلاديمير بوتين.. كم تبلغ ثروته الشخصية؟ وأين يخبئها؟
فلاديمير بوتين.. كم تبلغ ثروته الشخصية؟ وأين يخبئها؟ المصدر: أ.ف.ب
Timothy L. O'Brien
Timothy L. O'Brien

Timothy L. O'Brien is a senior columnist for Bloomberg Opinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أول ما يظهره البحث على "غوغل" عن "صافي ثروة فلاديمير بوتين"، هو محتوى من موقع يسمى "ويلثي غوريلا" (Wealthy Gorilla)، الذي يصف نفسه بأنه "إحدى المدونات الرائدة في مجال تطوير الذات على الإنترنت". يقدر الموقع ثروة الرئيس الروسي بـ70 مليار دولار -وهو رقم، مثل الكثير من المعلومات الأخرى على الموقع، لا يدعمه أي دليل.

اقرأ المزيد: "غوغل" تواجه عقوبات طائلة في روسيا بعد فوز حليف بوتين بدعوى قضائية

في عام 2017، أخبر بيل براودر -المستثمر الأمريكي الذي جمع ثروة في روسيا قبل أن يصبح من أبرز منتقدي الكرملين- مجلس الشيوخ الأمريكي بأن ثروة بوتين تبلغ 200 مليار دولار. يعتبر براودر أكثر مصداقية من موقع "ويلثي غوريلا"، ما قد لا يعني الكثير، لكن براودر لم يوضح تفاصيل حساباته لهذا المبلغ أيضاً. قال إن بوتين "يحتفظ بأمواله في الغرب، ومن المحتمل أن تتعرض كل أمواله في الغرب لتجميد الأصول ومصادرتها".

اقرأ أيضاً: حرب بوتين على أوكرانيا تهدف لجعل فلاديمير عظيماً

ثم هناك أرقام من الحكومة الروسية، التي قالت العام الماضي إن بوتين حصل على راتب قدره 131.900 دولار في عام 2020، وأدرجت بعض الأصول المتواضعة: شقة مساحتها 77 متراً مربعاً، ومرآباً بمساحة 18 متراً مربعاً، وسيارتين كلاسيكيتين من طراز "فولغا غاز إم 21"، سيارة دفع رباعي من طراز "لادا نيفا" وعربة مقطورة. وأضاف الكرملين: "كل هذه الممتلكات موجودة في روسيا". لكن هناك عنصر واحد مفقود: القصر الفخم الواقع على البحر الأسود الذي يقول أنصار زعيم المعارضة الروسية المسجون، أليكسي نافالني، إن بوتين يمتلكه.

اقرأ المزيد: لا تمنحوا بوتين حق الفيتو على توسع الناتو

معاقبة بوتين وردع روسيا

الحقيقة هي أنه ربما يكون هناك عدد قليل من الناس بخلاف بوتين يعرفون مقدار ما لديه من ثروات منهوبة، وأين يحتفظ بها. هذا سيجعل من الصعب معرفة الهدف المالي الذي يجب استهدافه لردع روسيا عن غزو أوكرانيا، أو لمعاقبة بوتين شخصياً إذا فعل ذلك. ربما من الصعب معرفة ذلك، بل ربما مستحيل - لكنه بالتأكيد يستحق العناء.

هناك سابقة لاستخدام النظام المصرفي العالمي لقمع الدول المارقة -فقد تم عزل إيران بنجاح قبل عقد من الزمان. يتم تحويل المعاملات المالية الدولية من خلال شبكة رقمية تسمى "جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك" أو "سويفت" (Swift). تستخدم البنوك وشركات السمسرة وحوالي 11 ألف مؤسسة مالية أخرى في 200 دولة "سويفت" لتحويل الأموال عبر الحدود أو تسوية صفقات الأوراق المالية، غالباً خلال دقائق. تتخذ "سويفت" من بلجيكا مقراً لها؛ وتسيطر عليها البنوك الأعضاء، وتشرف عليها البنوك المركزية من "مجموعة العشر".

لا يمكن لأي عضو أن يخبر "سويفت" بما يجب أن تفعله. لكن الولايات المتحدة هي أحد أكثر أعضائها نفوذاً. إذا أرادت الولايات المتحدة عزل بلد ما عن النظام، يمكنها فعل ذلك. فلماذا لا نغلق الباب في وجه روسيا، الدولة الأوتوقراطية، ودولة حُكم اللصوص التي لديها عملة واقتصاد يمكن أن ينهارا إذا منعت من الوصول إلى "سويفت"؟

سلاح العقوبات

يقول بعض النقاد إن العقوبات الاقتصادية بشكل عام لم تكن رادعاً فعالاً. يقولون أيضاً إن حرمان روسيا من الوصول إلى "سويفت" من شأنه أن يدفعها إلى التعجيل بتطوير نظام المدفوعات العالمي الخاص بها (وهو أمر سعت إليه الصين أيضاً). إلى جانب ذلك، يقولون إن روسيا كانت تخزن احتياطات من الذهب والدولار، ويمكنها أن تنتظر إلى نهاية أي عاصفة اقتصادية.

هذه الحجة لا تصمد. نعم، لقد طورت روسيا نظام الدفع الخاص بها، ولكن يبدو أنها لا تعالج من خلاله سوى حوالي 20% من التحويلات المحلية للبلاد. كان الشركاء العالميون، بما في ذلك الصين، مترددين في استخدام هذا النظام. وليس من الواضح ما إذا كانت آفاقه ستكون مزدهرة. فروسيا لا تتمتع بسمعة ممتازة عندما يتعلق الأمر باحترام أمان وموثوقية المعاملات الرقمية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمال.

كما إنه ليس من الواضح، إلى متى سيكون بإمكان روسيا الاعتماد على احتياطات العملة الصعبة إذا كانت معزولة عن النظام المصرفي. سرعان ما يصبح الألم والإزعاج المالي منهكين. هذا هو السبب الذي يجعل فصل روسيا عن نظام "سويفت" أمراً مؤثراً للغاية.

لكن هنا تكمن المشكلة: قد يكون بوتين -ومجموعة المستشارين الذين أصبحوا أثرياء إلى جانبه، وكذلك الجيش الروسي- راضين تماماً عن جرهم لبلادهم إلى معاناة اقتصادية شديدة إذا كان ذلك يخدم مصالحهم.

اقتسام الغنائم

كما أنه من غير المؤكد حجم الألم المالي الذي يمكن أن يلحق ببوتين نفسه. قسّم أفراد الأوليغارشية المدينون بالفضل له غنائم روسيا فيما بينهم، كما يتضح من "وثائق باندورا" و"وثائق بنما"، وتقارير من "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين"، و"نوفايا غازيتا" و"بلومبرغ".

تشير تلك التقارير إلى أن بوتين يخبئ ثروته، وحصصه في الشركات المملوكة للدولة، في شبكات يسيطر عليها أفراد الأسرة والمستشارون المقربون. ولجعل بوتين يشعر بنفس الألم المالي الذي يشعر به المواطنون الروس إذا تم فصل روسيا عن "سويفت"، سيتعين على الغرب تحديد شبكات بوتين وتجميد الحسابات الموجودة خارج روسيا.

حتى ذلك الحين، قد يكون لدى بوتين مخرج. فكما أخبرني ستيفن كوتكين، المؤرخ والخبير الروسي في "جامعة برينستون" ذات مرة، فإن البلد بأكمله هو حصالة بوتين. يمكنه الوصول إلى أي شركة أو حساب يريده متى احتاج إلى شيء ما. وربما لا يحتاج إلى إخفاء الأموال خارج روسيا على الإطلاق.

لذلك ربما لا تكون ثروة بوتين غير معلومة فحسب، بل لا يمكن المساس بها أيضاً. وفي كلتا الحالتين، لا ينبغي أن يمنع ذلك البيت الأبيض من معاقبة المقربين من بوتين -وإذا لزم الأمر، فصل روسيا عن نظام "سويفت".