موجة بيانات التضخم في أمريكا تعزز توجه "الاحتياطي الفيدرالي" إلى رفع الفائدة

مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة
مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سلّطت سلسلة من بيانات التضخم الأمريكية الصادرة يوم الجمعة الضوء على توسع ضغوط الأسعار في الاقتصاد، وعززت استعجال مجلس الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً للبدء في رفع أسعار الفائدة.

ارتفع مؤشر تكلفة العمالة، المقياس الذي استشهد به رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ديسمبر باعتباره سبباً رئيسياً لتوجه البنك المركزي إلى موقف أكثر جرأة بشأن التضخم، بنسبة 4% في العام حتى ديسمبر، وهو الأكبر خلال عقدين من الزمن.

الارتفاع القياسي لأسعار السلع يعزز توجه "الاحتياطي الفيدرالي" إلى التشديد

في علامة أخرى على تصاعد الضغوط التضخمية، أظهر تقرير منفصل لوزارة التجارة يوم الجمعة أن مقياس سعر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يستخدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي لهدف التضخم، ارتفع بنسبة 5.8% عن العام السابق، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1982.

تفاقم التضخم

قال الاقتصاديان فيرونيكا كلارك وأندرو هولينهورست في "سيتي غروب" في مذكرة: "إنّ رؤيتنا للمخاطر الصعودية المستمرة للتضخم حتى عام 2022 أعيد تأكيدها من خلال بيانات أواخر عام 2021، مع استمرار ارتفاع التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي وارتفاع تكاليف العمالة".

تظهر الأرقام بيئة تضخمية تزداد سوءاً وأتت بعد أيام فقط من موافقة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خطط رفع أسعار الفائدة في مارس.

ارتفاع تكاليف التوظيف في أمريكا 1% بالربع الأخير من 2021

كما فتح باول المجال أمام مزيد من الارتفاعات المتكررة، وربما أكبر مما كان متوقعاً، ما يبرز التحدي الذي سيواجهه بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام لمنع ترسخ الزيادات الكبيرة والكبيرة في الأسعار.

ماذا تقول "بلومبرغ إيكونوميكس"؟

"يحوِّل تقرير مؤشر تكاليف العمالة (ECI) فرص رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في مارس من احتمال بعيد إلى أمر ستنظر فيه اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بجدية. لكن سيتطلب الأمر صدمات تضخمية إضافية لرفع 50 نقطة أساس ليصبح السيناريو المركزي لـ(بلومبرغ إيكونوميكس)".

- آنا وونغ، خبيرة اقتصادية.

ارتفاعات الأسعار لن تنتهي قريباً

قال باول خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء: "هناك خطر أن يطول التضخم المرتفع الذي نراه، وخطر ارتفاعه أكثر. يجب أن نكون مستعدّين مع سياستنا النقدية لمعالجة جميع النتائج المعقولة".

ويراقب محافظو البنوك المركزية من كثب توقعات التضخم طويلة الأجل للتأكد من بقائها متوافقة مع هدفهم.

وقد أظهر تقرير آخر يوم الجمعة، صدر عن جامعة ميشيغان، أن المستهلكين يتوقعون ارتفاع التضخم بنسبة 4.9% خلال العام القادم، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008.

تراجع إنفاق المستهلكين بأمريكا مع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 40 عاماً

على مدى خمس إلى عشر سنوات قادمة، يرى الأمريكيون أن الأسعار سترتفع بمعدل سنوي قدره 3.1%، وهو أعلى مستوى منذ 2011. ومع ذلك قال معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إنّ هذه التوقعات لا تدعو إلى القلق.

ولكن بالنسبة إلى العائلات الأمريكية، أدت الزيادات السريعة في الأسعار إلى تآكل رواتب العمال ورفع تكاليف الضروريات.

انخفض الدخل الشخصي الحقيقي المتاح، أو الدخل المعدل للتضخم بعد خصم الضرائب، بنسبة 0.2% في الشهر الماضي، وهو خامس انخفاض له على التوالي.

أدى التضخم المرتفع منذ عقود إلى انخفاض شعبية الرئيس جو بايدن، وتسبب في صعوبات مالية لعديد من العائلات.

أزمات سلاسل التوريد

يُتوقع أن يستمر التضخم المرتفع الذي حدث في نهاية عام 2021 حتى الربع الأول، لكنّ الاقتصاديين يرون أن ضغوط الأسعار تتراجع مع مرور العام.

ورغم أن أدوات السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي تمثل إحدى طرق معالجة التضخم، فإن تخفيف اختناقات سلاسل التوريد العالمية سيلعب دوراً مركزياً في كبح ضغوط الأسعار.

ووفقاً لمنشور في مدونة كتبه اقتصاديون في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، "فإن استمرار الضغوط التضخمية الأخيرة مرتبط بشكل مهم بتطور عوامل الإمداد العالمية مثل اختناقات الإنتاج أو الشحن وأسعار المدخلات. إنّ طبيعتها العالمية ومصدرها (أي العرض مقابل الطلب) تشير إلى أن إجراءات السياسة النقدية المحلية لن يكون لها سوى تأثير محدود في مصادر الضغوط التضخمية هذه".