عام رئاسي صعب مرَّ على بايدن.. فهل يستطيع التعافي؟

طريق بايدن نحو الانتخابات المقبلة محفوف بالعقبات
طريق بايدن نحو الانتخابات المقبلة محفوف بالعقبات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، ليس من المفترض أن يبدأ عام 2022 بهذا الشكل.

فحينما تولى منصبه قبل عام من الآن، كان بايدن يتخيل أن الجدول الزمني القادم سيحمل واقعاً مغايراً تماماً، حيث كان من المفترض أنه بحلول هذه الأيام ستكون اللقاحات المتاحة على نطاق واسع قد نجحت بوضع نهاية لوباء كوفيد-19 في الولايات المتحدة، أما الاقتصاد فكان من المفترض أن يكون ينمو بقوة، كما سيكون الكونغرس المنقسم بفارق ضئيل قد مرر بالفعل الجزء الأكبر من أجندة بايدن.

مليارات الدولارات لتطوير البنية التحتية التقنية في الولايات المتحدة

مع تحقيق هذه المهام الضخمة، كان من المفترض أن يستطيع بايدن التركيز خلال العام الحالي على إصلاح حقوق التصويت، بينما يقوم بافتتاح مشاريع البنية التحتية المختلفة في البلاد، ويخبر الأمريكيين بكل الأمور التي حققها لجعل حياتهم أفضل، سواء كان ذلك من خلال توزيع اللقاحات أو شيكات التحفيز أو الاستثمارات المجتمعية الضخمة التي ضخّت في رعاية الطفل، والتعليم، ومحاربة تغير المناخ.

لكن أبسط ما يقال عن الواقع، أن هذه لم تكن الطريقة التي جرت بها الأمور. حيث لم يمر الكثير على انتشار متحور دلتا، حتى أتى أوميكرون الذي يكدّر البلاد في الوقت الحالي. بينما يغذي كلاً من إغلاق المدارس والنقص في اختبارات كوفيد مشاعر الإحباط واليأس لدى الأمريكيين. ومن جهة أخرى فقد توقف مشروع قانون بايدن: "إعادة البناء بشكل أفضل" بسبب اعتراض السيناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا الغربية جو مانشن عليه، تاركاً أجندة الرئيس في حالة من الركود.

أضف إلى كل ذلك ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته منذ 40 عاماً، والمواجهات المحتدمة مع روسيا التي تحشد قواتها في هذه الأثناء على الحدود الأوكرانية، وغضب التقدميين من بايدن بشأن ما يعتبرونه الالتفات المتأخر إلى إصلاح حقوق التصويت في البلاد.

من جهتهم، يقول حلفاء بايدن الديمقراطيون إن الأحداث المتلاحقة جعلت إدارة بايدن تتخذ نمطاً يعتمد على رد الفعل.

يقول توم داشل، زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ: "من الصعب أن تتحكم في مجريات الأمور عندما يصدمك هذا الكم من الأمور، هناك قضايا المناخ، والأعاصير، وأوكرانيا، وحرائق الغابات التي تدمر أجزاء من الغرب، ومتحور أوميكرون". وتابع داشل، الذي هو صديق لكثير من كبار موظفي البيت الأبيض: "لا أعرف ما إذا كانت تنتابهم مشاعر قوية بقدر جدية وثقل هذه القضايا".

ماذا تقول الاستطلاعات؟

فيما يتعثر بايدن في محاولاته لأن يري الأمريكيين أنه يبذل قصارى جهده في الإدارة، تتراجع معدلات تأييده. وفقاً لاستطلاع الرأي من "إبسوس" لا يوافق 50% من الأمريكيين على الطريقة التي يتعامل بها بايدن مع مهامه الرئاسية، بينما يوافقه 45%، وكانت تسير هذه النسب نحو الهبوط، منذ انتشار متحور دلتا. بينما وجد استطلاع آخر أجرته مؤسسة "غالوب" هذا الشهر أن 40% من الأمريكيين يؤيدون أداء بايدن الوظيفي، بينما يعارضه 56%، وهذه الفجوة البالغة 16% بين المؤيدين والمعارضين هي الأكبر في فترة رئاسته حتى الآن.

يقول الناشط السياسي الجمهوري المخضرم، فرانك لونتز، الذي أجرى عدة مجموعات بحثية لعينات مسحية مع ناخبين مستقلين خلال الأشهر الستة الماضية: "إنها خيبة أمل وراء خيبة أمل أخرى، لم يتوقف الأمر".

المستقبل السياسي الأمريكي "ما يزال" رهن أصوات جورجيا

آخر خيبات الأمل هذه تمثلت بجهود بايدن اتجاه إصلاح حقوق التصويت. حيث كان الرئيس قد ذهب إلى جورجيا هذا الشهر للترويج لقانون إصلاح حقوق التصويت، والدعوة لتغيير قواعد مجلس الشيوخ التي تعيق لتمريره. لكن بايدن وجد نفسه في مواجهة محرجة أخرى، كانت هذه المرة بسبب جو مانشن وزميلته الديمقراطية الوسطية: السيناتورة كيرستن سينيما من ولاية أريزونا. بالإضافة إلى أن ستايسي أبرامز، وهي الديمقراطية البارزة في جورجيا، وأحد أبرز المدافعين عن إصلاح قانون التصويت في البلاد، فوتت حضور خطاب الرئيس.

إنجازات إدارة بايدن

مع ذلك، يمكن أن يشير الديمقراطيون إلى عدة نقاط قوية حُققت في بعض المجالات. فكان بايدن قد أقر خطة الإنقاذ الأمريكية بقيمة 1.9 تريليون دولار، والتي خفَّضت مستويات الفقر بين الأطفال بشكل كبير، بالإضافة لإقراره لقانون البنية التحتية الذي يوفر 550 مليار دولار من الأموال الفيدرالية الجديدة.

أما بالنسبة لسوق العمل الأمريكي، فقد تعافى بشكل أسرع من توقعات الاقتصاديين، وذلك حتى بصورة أسرع من وقت الركود العالمي في عام 2009، عندما كان بايدن يعمل في منصب نائب الرئيس. كما نجح الاقتصاد الأمريكي بالعودة إلى مستويات ما قبل الوباء بشكل أسرع من أي دولة في مجموعة السبع. بالإضافة لأن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون صادق خلال العام الأول من رئاسة بايدن على تعيين 41 قاضي استئناف، وهو أكبر عدد من القضاة يعينه أي رئيس خلال عامه الرئاسي الأول، منذ عهد جون كينيدي.

كيف كان بإمكان بايدن جعل 2021 أفضل؟

يقول جيم كليبيرن، عضو الكونغرس الديمقراطي عن ولاية نورث كارولينا، والذي أدى تأييده لبايدن إلى إنعاش حملته الانتخابية في عام 2020: "أشعر بالرضا عن إدارة بايدن. أتمنى لو كنا في مكان أفضل كأمّة".

فبعد أربعة أعوام من وجود دونالد ترمب في البيت الأبيض، ومزاعمه الخاطئة حول سرقة الانتخابات، واقتحام الكابيتول في 6 يناير، كان الأمريكيون يتطلعون نحو بايدن لاستعادة حياتهم الطبيعية، لكنهم مع ذلك في حالة مزاجية سيئة، سواء بسبب استمرار تفشي الوباء أو ارتفاع الأسعار المستمر منذ أشهر، وهي حقيقة يعترف بها مسؤولو البيت الأبيض فيما بينهم. لكن السؤال الأهم يبقى الآن حول إمكانية ترويض هذه المشاكل المتمثلة بالوباء والتضخم ومشاكل سلاسل التوريد وأزمات العمالة، وحول ما إذا كان من الممكن تحقيق ذلك في الوقت المناسب بالنسبة لانتخابات عام 2022. إلا أن هذه المسألة يتحملها بايدن، بصرف النظر عما إذا كان له ذنب بها أم لا.

لا أحد يقدّر قيمة "الأحداث التي لم تحدث"

حتى الآن، قاد الوباء إلى حد كبير حظ الرئيس بايدن، فقد بدأ الأشهر الأولى من رئاسته وهو يأمل بوضع الوباء وراء ظهره. حيث ارتفعت نسبة التلقيح، وانخفض الضغط المتمثل بأعداد الإصابات الكبيرة. حتى أن بايدن قال في خطاب له في 4 يوليو من العام الماضي: "نحن الآن أقرب من أي وقت مضى لأن نعلن استقلالنا عن فيروس مميت"، مع ذلك، فقد حذر أيضاً "هذا لا يعني القول بأن المعركة ضد كوفيد-19 قد انتهت، ما زال علينا الكثير للقيام به".

ثم أتى تفشي متحور دلتا، وعصف بغير الملقحين بشكل خاص. ويمكن القول بأن مسألة رفض أعداد كبيرة من الناس للقاح، لم تكن في مخططات بايدن. إذ يقول كريس كونز، السيناتور الديمقراطي عن ولاية ديلاوير، وهو صديق لبايدن: "أعتقد أن الأمر فاجأه".

تباطء عمليات التلقيح، جعل البيت الأبيض يفرض قرارات بإلزامية اللقاح، وهو ما غذى هجمات كثيرة من الجمهوريين. ومنذ ذلك الحين، حظرت المحكمة العليا أحد قراراته بإلزامية اللقاح، بينما وقع الآخر طي النسيان، وذلك قبل أن يحصل ملايين البالغين الأمريكيين على جرعاتهم.

ذلك بينما يبدو مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC متردداً في إصدار توصياته، بينما يحاول المسؤولون تقييم كيفية مواجهة أوميكرون سريع الانتشار، ولكن الأقل فتكاً. وفي هذا الشتاء، قاد كل من نقص اختبارات الكشف عن كوفيد، وإغلاق المدارس إلى إثارة الشكوك حول مدى جاهزية الإدارة الأمريكية للتعامل مع الأمر، وبدا وكأننا عدنا إلى الأشهر الأولى من عام 2020 مرة أخرى. من جهته، استجاب بايدن للأمر من خلال طلب مليار اختبار للولايات المتحدة، لكن ليس من المعروف بعد مدى السرعة التي سيد بها طلبه هذا مستوى نقص الاختبارات في البلاد.

بالإضافة للخسائر البشرية التي تسبب بها كوفيد، هناك التداعيات الاقتصادية؛ فمع أن بيانات الوظائف، والميزانيات الخاصة بالأُسر، والناتج المحلي الإجمالي هي عند مستويات أفضل من التوقعات؛ حيث بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة 3.9% فقط، إلا أن التضخم ارتفع أيضاً بشكل أكبر بكثير من أي توقع كان لدى بايدن وفريقه، واستمر مرتفعاً لفترة أطول مما كان متوقعاً أيضاً، مشكلاً عبئاً سياسياً ضخماً.

فهم جدّية التضخم

كان بايدن ومساعدوه بطيئين في إظهار فهمهم لمدى تأثير التضخم على حياة الأمريكيين. يقول بريان سترايكر، الشريك في "أيه إل جي" (ALG Research) يقول عن الديمقراطيين: "لقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أدرك الحزب الألم". وهو قد أدارت شركته للمسوح، مجموعة من العينات التي تضم ناخبي فرجينيا، وذلك عقب خسارة الديمقراطيين لسباق حكام الولايات في الخريف الماضي. حيث إن وصفهم للتضخم بأنه أمر "عابر" كان شيئاً لا يمثل ما يكفي بالنسبة للجماهير، وقد توقف البيت الأبيض عن استخدام تلك الكلمة خلال الصيف.

في المحادثات مع معاوني بايدن، يظهر حس ملموس من الجدية والاستقامة، بجانب شعور بالاستياء يظهر في بعض الأحيان. من وجهة نظرهم فإن الإدارة الحالية لديها خطة وهي تُنفذ بكفاءة، والبديل لها يتمثل بقيادة جمهورية تتسم بالفوضى والعجز. كما أنهم يعتقدون أن البيت الأبيض يستحق أن ينسب إليه المزيد من الفضل بسبب النقاط المضيئة في الاقتصاد، خاصة فيما يتعلق بسوق العمل القوي، وانخفاض معدل البطالة.

لا يهتم الكثير من الأمريكيين بمقدار الفضل الذي يعتقد البيت الأبيض أنه يستحقه، في الوقت الذي ما زالت تبدو حياتهم فيه مقلوبة رأساً على عقب. وعلى صعيد سياسي، يقول الممثل الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي توم مالينوفسكي: "غالباً لا تحصل على الثناء نظير الأحداث التي لم تقع، مثل حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي لم ينهار، وحقيقة أننا لم نعانِ من الفقر والحرمان".

هل وفىَّ الرئيس بوعوده؟

وفي المقابل، قد يقيم الناخبون بايدن وفقاً لقائمة أهدافه غير المحققة، وهي مسؤولية مهمة بشكل خاص لرئيس يتعامل مع مجلس الشيوخ منقسم بنسبة 50-50. فمن الناحية النظرية، يمتلك بايدن الأصوات اللازمة لتمرير الكثير مما تحويه أجندته، لكن بفارق هوامش ضئيلة فقط. وبالنسبة لجو مانشن، الذي يمثل ولاية فاز ترامب بأصواتها في عام 2020 بهامش 40% تقريباً، فهو يحب تحكمه هذا في أهداف الرئيس، ويبدو أنه يستمتع بالاهتمام المستمر المُولى إليه بسبب ذلك من قبل مسؤولي البيت الأبيض والصحافة.

من جهة أخرى، على مدى حملته الانتخابية، روّج بايدن لخبرته الطويلة في مجلس الشيوخ، موجهاً رسالة بأنه يعرف الطريقة التي تمرر بها الخطط الكبيرة في الكونغرس. بينما في الوقت الحالي، يتلقى بايدن اللوم من التقدميين بسبب فصله لمشروع قانون البنية التحتية عن مشروع قانون " إعادة البناء بشكل أفضل"، وخسارته لأداة مساومة مع المحافظين كان يمكنه استخدامها لتمرير الحزمة الأكبر، وهي الحزمة التي بقيت معلقة على موافقة مانشن، الذي يرفض قيمتها.

خبراء: بايدن يمكنه تمرير "خطة العائلات" بدون الجمهوريين

يقول المتحدث باسم منظمة "سنرايز موفمنت" (Sunrise Movement)، وهي مجموعة مناخية تقدمية، جون بول ميخيا: "لقد خاض بايدن الانتخابات على أساس أنه صانع صفقات، وكان الشيء الوحيد الذي قام به لا يحتاج لأي نفوذ". وتابع: "إذا خاض الديموقراطيون الانتخابات النصفية تحت رسالة (لقد حاولنا، صوتوا لنا)، فهم سيخسرون".

تحقيق الأجندة المناخية

في هذه الأثناء واصل بايدن قدماً في تنفيذ الأهداف المناخية ووضع الإجراءات التنفيذية الجديدة، وذلك في أثناء كتابة القوانين وانتظار تمرير مشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل". كما أنه أعاد انضمام الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس وضاعف تقريباً نسبة تعهدها بخفض الانبعاثات بموجب الاتفاقية، وألغى تصريح خط أنابيب "كيستون إكس إل"، وشدد معايير انبعاثات السيارات، ودمج اعتبارات الكربون في ميثاق التجارة الأمريكية لأول مرة، بجانب إجراءات أخرى. ينظر المعاونون لبايدن إلى هذه التدابير باعتبارها السجل المناخي الأكثر قوة بالنسبة لأي إدارة، والأكثر طموحاً مما كانوا يحلمون به حتى في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

تحقيق الهدف المناخي بأمريكا يحتاج إلى أكثر من خطة بايدن الاقتصادية

يقول علي زيدي، وهو أحد الخبراء المخضرمين في إدارة أوباما ويشغل الآن منصب نائب مستشار المناخ الوطني لبايدن: "هناك أمران يمكن أن يكونا صحيحين في الوقت نفسه: من الممكن أن يكون لدينا الكثير من المهام لفعلها، وأن نكون قد فعلنا الكثير أيضاً".

الإدارة الهجومية والمراهنة على انحسار أوميكرون

رغم سعيه لشغل منصب رئيس البلاد ثلاث مرات، فإن بايدن لا يزال يشعر بعدم الارتياح تجاه بعض مظاهر السلطة، كما يقول مساعدوه إنه يشعر بالتعب في البيئة المُغلقة المتمثلة بمقر الإقامة بالبيت الأبيض حيث ينتظره طاقم الرئاسة هو والسيدة الأولى. فقد قال في مؤتمر صحفي في 19 يناير: "لا أحظى بفرصة للنظر في أعين الناس، بسبب كل من كوفيد والأشياء التي تحدث في واشنطن". كان بايدن معتاداً على مغادرة واشنطن في معظم عطلات نهاية الأسبوع، ليعود إلى ولاية ديلاوير أو إلى كامب ديفيد في بعض الأحيان.

يقول السكرتير الصحفي جين بساكي: "بايدن كان يقول إننا لا نعطيه أبداً أي وقت فراغ أو أي وقت للتفكير. ربما هذا صحيح". وحتى يشعر بالاستقرار، حصل بايدن مؤخراً على جرو صغير يدعى "كوماندر"، وحصل على قطة كذلك.

وقد أصبح البيت الأبيض في عهد بايدن يعج بالصور العائلية. وعلى طاولة في المكتب البيضاوي، تُعرض أحد الرسوم الكرتونية المفضلة للرئيس، وسط صور أقاربه التي ترتسم على وجوههم الابتسامات. وفي هذا الرسم الكرتوني المفضّل لدى بايدن، يصرخ رجل إلى السماء منادياً: "لماذا أنا بالتحديد؟"، بينما يأتيه الرد: "لِمَ لا؟".

الانتخابات النصفية

يتطلع بايدن والديمقراطيون إلى دورة الانتخابات النصفية القادمة منذ مدة، بينما يبدو أن هذه الانتخابات قد توجه ضربة قوية لهم. فمن المتوقع عموماً أن يخسروا مجلس النواب، في ظل وجود مالينوفسكي من ولاية نيوجيرسي ضمن أولئك الذين يواجهون معارك بسبب انخفاض عدد المقاعد التنافسية، مع إعادة رسم الهيئات التشريعية بالولاية لخريطة المجلس. كما يواجه بايدن تهديد خسارة مجلس الشيوخ الأمريكي أيضاً، رغم أن الجمهوريين لا يحققون قدر النجاح الذي كانوا يرغبون به عند تحضيرهم للمرشحين الأقوياء الذين سيترشحون عن الولايات الرئيسية.

يقول معاونو بايدن إنه يشعر بالتفاؤل تجاه تمكنه من تغيير الأمور ويعتقد أن وضع السياسات العامة الجيدة ستصبح في نهاية المطاف خطوات سياسية جيدة.

يقول لونتز، منظم الاستطلاعات الجمهوري: "ليس الوضع أن الناس غير معجبين به" مضيفاً: "شعبيته أعلى من معدل الموافقة على تعامله مع القضايا، وهذا الأمر سيتيح له العودة للرئاسة".

يتمثل جوهر فلسفة بايدن الأساسية في أن السبيل إلى الفوز في الانتخابات يتحقق من خلال إحداث تغيير في حياة الناس والوفاء بالوعود وإظهار مدى قدرة الحكومة الفيدرالية على جعل حياتهم أفضل. ولتحقيق هذه الغاية، سيحاول بايدن إحياء مشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل" من خلال إبرام صفقة مع مانشن. وهو قال في 19 يناير إن الحزمة يجب أن يتم تفكيكها إلى أجزاء للتمكن من تمريرها، مضيفاً: "أنا واثق من أننا نستطيع الحصول على أجزاء، أجزاء كبيرة" منها للتوقيع عليها ومن ثم تصبح قانوناً.

تقول راهنا إبيتينغ، المديرة التنفيذية لموقع MoveOn.org: "السؤال الكبير والرئيسي هو هل يشعر الناس بعد بضعة أشهر من يوم الانتخابات أن الحياة أفضل بشكل كبير أو حتى بشكل هامشي مما كانت عليه عندما كان ترمب رئيساً؟". وتابعت: "إذا كانت الإجابات غامضة أو كانت بالتأكيد لا، فنحن لدينا مشكلة. حيث إن هذا الأمر يتعلق بالسياسة، ويتعلق بما يشعر به الناس" أيضاً.

خط سياسي مختلف

في أواخر الخريف، بدأ البيت الأبيض في اتباع أسلوب إدارة تتصف بالهجوم السياسي. فقد قرر فريق بايدن أنهم بحاجة إلى تحديد مزيد من التناقضات المباشرة مع ترمب شخصياً والجمهوريين عموماً، حسبما يقول معاونوه. وهذا نوع من التغير بالنسبة لسيناتور مخضرم وصل إلى المكتب البيضاوي وهو على ثقة من تحقيق التعاون بين الحزبين، مع ميله سابقاً للإشارة إلى ترمب فقط باعتباره "الرئيس السابق".

مع ذلك، فقد انتقد بايدن سلفه ترمب في ذكرى أحداث الشغب في الكابيتول وانتقد أيضاً أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين فيما يتعلق بحقوق التصويت، ما أثار انتقادات ميت رومني الذي يعد أحد أكثر أعضاء حزبه اعتدالاً. كما أنه ألقى اللوم على ترمب في الأسابيع القليلة الماضية بسبب مشاكل مثل تعثر المحادثات النووية الإيرانية.

في المؤتمر الصحفي الأخير، هاجم بايدن الحزب الجمهوري لإعاقة جهوده. وعندما سُئل عن عامه الأول كرئيس للبلاد، أجاب: "لم أتوقع أن يتم بذل مثل هذا الجهد الكبير للتأكد من أن الأهم هو التأكيد على أن الرئيس بايدن لم يفعل أي شيء. فكر في هذا الأمر: ما الذي استفاده الجمهوريون؟ ما الغرض من ذلك؟ قل لي شيئاً واحداً حققوه من ذلك".

وأضاف: "لا أعتقد أني بالغت في الوعود على الإطلاق، لذلك سأبقى على هذا المسار".

يقول المعاونون، بما فيهم كونز وكليبيرن، إنهم واثقون من إمكانية نجاح تمرير نموذج مصغر من مشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل". لكن حتى يتلقى هذا النموذج صدى لدى الناخبين، فإنهم يقرون بأن فريق بايدن والديمقراطيين بحاجة إلى تعزيز مهاراتهم في الترويج لأنفسهم بشكل كبير.

عن ذلك، يقول كونز: "سنفعل ما هو أفضل بكثير إلى الحد الذي نركز فيه على بضعة أمور ملموسة توضح أن ما نفعله يساعد الأمريكيين من الطبقة المتوسطة". وأضاف: "أعتقد أن ما لم ينجح هو الحديث عن الأرقام، والحديث عن مشروع قانون ضخم أو مشروع قانون سيحوّل الأمور".

الترويج القوي

أياً ما كان يحدث مع مشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل"، فإن الإدارة الأمريكية ستقضي معظم هذا العام في طرح تمويل من قانون البنية التحتية، الذي لم يدعمه سوى حفنة من الجمهوريين في مجلس النواب. يقول مالينوفسكي: "يحتاج كل ناخب في البلاد إلى تذكر ذلك مراراً وتكراراً".

يقر معاونو بايدن إن الرئيس يشعر بالإحباط، خاصة مع نقص اختبارات كوفيد. حيث يقول مايك دونيلون، كبير مستشاري البيت الأبيض: "جو بايدن يميل إلى إلقاء نظرة معمقة على معظم الأشياء. أعتقد أنه يظن أن هناك طريقة لتوجيه البلاد لتصبح في وضع جيد للمضي قدماً".

يؤكد أحد كبار المسؤولين أن الإدارة الأمريكية قد وضعت الأساس بصعوبة بالغة لتحقيق المزيد من التعافي الاقتصادي، وهي مستعدة للتعامل مع حالات الإصابة الجديدة بكوفيد. ومن جهة أخرى، بدأ معاونو بايدن في التعبير عن إغاثة حذرة تجاه أوميكرون، الذي رغم انتشاره أثبت أنه أقل فتكاً مما كان يُخشى في البداية ويظهر علامات على أنه بلغ ذروته. وقال أحد معاوني بايدن، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إنه يشعر بالرضا حيال الوضع الذي وصلت إليه الأمور، موضحاً على الفور أنهم يعرفون أن هذا يبدو غريباً. لكن، من وجهة نظره فهناك مليار اختبار قادم ويتم تكثيف الإمدادات المكونة من حبوب كوفيد التابعة لشركة "فايزر"، بينما أصبحت كل الأساسيات من العلاجات والاختبارات واللقاحات وحتى الاقتصاد القوي، كلها في المكان المناسب للعودة إلى الوضع الطبيعي.

جانيت يلين: "أوميكرون" لن يعرقل انتعاش الاقتصاد الأمريكي

في نوفمبر، في الوقت الذي تسببت به التبعات الاقتصادية في أخبار جيدة وأخرى سيئة، على الصعيد السياسي، يوضح كونز إنه واسى بايدن، قائلاً: "لقد وضعت ذراعي حوله وقلت، (سيدي الرئيس، قبل بضعة أشهر كانت المشكلة عدم وجود الوظائف الكافية، لكن المشكلة الآن هي عدم وجود عدد كافٍ من العمال. وهذه مشكلة أفضل".

هل يترشحّ بايدن مرة جديدة؟

من الممكن أن تسهم بعض الأحداث في تغيير مجريات الأمور بالنسبة لبايدن، مثل انخفاض حالات الإصابة بكوفيد وتراجع التضخم واستمرار انتعاش الاقتصاد. لكن هناك عوامل غير متوقعة أيضاً، فعلى سبيل المثال يمكن أن يستمر التضخم في الارتفاع، أو يمكن أن يظهر متحور جديد من كوفيد، أو يمكن للعلاقات مع روسيا أو الصين أن تأخذ منعطفاً مقلقاً، أو يمكن لقاضي المحكمة العليا ستيفن براير إعلان تقاعده. في هذه الأثناء، يلوح ترمب في الخلفية بصفته صانع النجوم الجمهوريين، وهو ما يكسبه تشجيع الجمهوريين لعرقلة جهود بايدن، وبالتالي تقديم نفسه باعتباره شخصاً مفيداً وخصماً محتملاً في عام 2024.

إذا عانى الديموقراطيون في الانتخابات النصفية، كما حدث في عام 2010 في عهد أوباما، فإن خيارات بايدن ستنحسر بشدة. ومن ثم، ستنتقل الأضواء إلى سؤال آخر، خاصة مع استعداد ترمب لتقديم عروض محتملة: هل سيسعى بايدن لإعادة انتخابه في عام 2024، وهو العام الذي سيبلغ فيه 82 عاماً؟ إن لم يكن الأمر كذلك، فمن يمكن أن يخلفه كمرشح ديمقراطي؟

في ديسمبر الماضي، قال بايدن إنه سيسترشد بالصحة والقدر وبترمب نفسه لتحديد ذلك. فعندما سُئل عما إذا كان سيرشح نفسه، قال بايدن في تصريحات لقناة "إيه بي سي" الإخبارية: "أنا أحترم القدر كثيراً، فقد تدخل القدر في حياتي مرات عدة". وتابع: "إذا كنت أتمتع بصحة كما هي الآن، إذا كانت صحتي جيدة، فعندئذ سأخوض الانتخابات مرة أخرى". وعندما سُئل ماذا سيحدث لو ترشح ترمب، فرد قائلاً: "أنت الآن تحاول أن تغريني".