جاذبية "الإعفاءات" تتضاءل في الإمارات بعد استحداث ضريبة أرباح الشركات

الإمارات ستفرض ضرائب على أرباح الشركات لأول مرة اعتباراً من يونيو 2023
الإمارات ستفرض ضرائب على أرباح الشركات لأول مرة اعتباراً من يونيو 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ستفرض الإمارات ضريبة اتحادية على أرباح الشركات لأول مرة في العام المقبل، إذ ستقوم بتفكيك نظام الإعفاء الضريبي الذي جعلها نقطة جذب للأعمال التجارية العالمية، لكنَّه جلب تدقيقاً بشأن الشفافية.

يأتي هذا الإجراء في الوقت الذي تسعى فيه دولة الإمارات إلى مواءمة نفسها مع المعايير الدولية الجديدة، لا سيما التحرك نحو فرض حدٍّ أدنى عالمي للضريبة على الشركات متعددة الجنسيات التي أقرتها "مجموعة العشرين" للاقتصادات الكبرى العام الماضي.

تهدف الخطة الطموحة في نهاية المطاف إلى تحديد 15% كضريبة أساسية لوقف المنافسة الدولية المتعلقة بتقديم معدلات ضريبية أكثر جاذبية.

الإمارات تفرض ضريبة على أرباح الشركات بداية من يونيو 2023

في يوليو من العام الماضي، أعلنت دولة الإمارات دعمها لمعايير الضرائب العالمية، وقالت يوم الإثنين، إنَّ معدلها الجديد البالغ 9%، الذي سيدخل حيز التنفيذ في يونيو 2023، سيوفر أساساً لتطبيق هذا الدعم، على الرغم من أنَّ العديد من الشركات الكبيرة في الإمارات تعمل داخل المناطق الحرة، وستظل معفاة بشرط ألا تجري أعمالاً في أراضي دولة الإمارات الرئيسية .

وقالت وزارة المالية الإماراتية في بيان على موقعها على الإنترنت: "مع استحداث ضريبة الشركات، تجدد الدولة التزامها نحو استيفاء المعايير الدولية للشفافية الضريبية، ومنع الممارسات الضريبية الضارة".

المعايير العالمية

يأتي هذا الإجراء في الوقت الذي تدرس فيه "مجموعة العمل المالية" للرقابة الدولية ما إذا كانت ستضيف الإمارات، التي تقع فيها دبي مركز الأعمال في الشرق الأوسط، إلى "القائمة الرمادية" للبلدان التي لا تفعل ما يكفي لمكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وفقاً لمصادر مطلعة.

كان من المقرر أن تناقش "مجموعة العمل المالية" التي تتخذ من باريس مقراً لها القضية قريباً في مطلع الشهر المقبل. من جهتهم، يعمل المسؤولون الإماراتيون على تجنّب هذا التصنيف، الذي قد يؤثر سلباً في الاستثمار.

إنفوغراف.. الأثر الاقتصادي للضرائب على الشركات متعددة الجنسيات

اتخذت دولة الإمارات بالفعل عدة خطوات للتخفيف من سمعتها كملاذ ضريبي للشركات والأفراد على حد سواء. إذ فرضت ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في عام 2018، وفرضت لاحقاً رسوماً جمركية 5% على الواردات.

كما فرضت بالفعل ضرائب على البنوك وشركات التأمين العاملة خارج شبكة المناطق الحرة الواسعة في البلاد بنسبة تصل إلى 20% على أرباحها.

ويخضع أيضاً قطاع النفط والغاز في ثالث أكبر منتج في "أوبك" للضرائب بموجب برنامج منفصل.

قال عزت دجاني، المصرفي الكبير السابق في"غولدمان ساكس"، و"سيتي غروب"، والذي يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي لشركة "آي إم كابيتال بارتنرز" التي تتخذ من دبي مقراً لها: "لقد كانت مجرد مسألة وقت قبل أن تفرض الإمارات ضريبة الشركات بما يتماشى مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى... المستويات المعلنة بأساس 9% معقولة جداً في المعايير الدولية".

من جانبه، اعتبر "سيتي بنك" أنه من ضمن الشركات التي يتابعها، فإن بنك دبي الإسلامي وبنك أبوظبي التجاري وشركة أدنوك للتوزيع هي الأكثر عرضة للتأثر بالضريبة الاتحادية الجديدة.

العيون على السعودية

تأتي هذه الخطوة على الرغم من المنافسة المتزايدة من السعودية المجاورة لها، والتي تقدّم حوافز جديدة، وتزيد الضغط على الشركات الدولية لتحويل مقارها في الشرق الأوسط إلى المملكة.

على الرغم من أنَّ الاستحداث التدريجي للضرائب جعل من المعيشة في الإمارات أغلى مما كانت عليه من قبل؛ لكنَّ الحكومة اتخذت عدة خطوات مهمة خلال الوباء لتشجيع الأجانب الذين يشكلون معظم سكانها على البقاء لفترة طويلة.

في عام 2020، ألغت الحكومة الحاجة إلى أن يكون للشركات مساهمون إماراتيون - وهو تغيير كبير لقوانين الملكية الأجنبية - وكشفت العام الماضي عن خطط لمنح الجنسية لمجموعة مختارة من الأجانب.

الإمارات والسعودية أفضل الدول للإقامة في زمن أوميكرون

في هذا الشهر، تحوّلت الإمارات لاعتماد أيام السبت والأحد كعطلة أسبوعية لتكون متزامنةً بشكل أفضل مع الاقتصاد العالمي.

لم يتضح على الفور ما إذا كانت الإجراءات الأخيرة ستدفع الشركات إلى الانتقال على الرغم من أنَّ المحللين ورجال الأعمال قالوا إنَّه في حين أنَّ الضرائب الجديدة ستؤثر في صافي الأرباح، إلا أنَّها ظلت معدلات ضريبية تنافسية إقليمياً ودولياً.

قال محمد أبو باشا، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية "هيرميس" التي تتخذ من القاهرة مقراً لها "لا أعتقد أنَّ (ضريبة الشركات) ستؤثر كثيراً على قدرة الإمارات على جذب الاستثمارات".

وأضاف: "أولاً، ستستمر الشركات في المناطق الحرة بالتمتع بمزاياها الضريبية، وبالتالي؛ فهي محمية من القرار... ثانياً، تفرض معظم دول الخليج الأخرى بالفعل ضريبة دخل الشركات على الشركات متعددة الجنسيات العاملة في الاقتصاد، بما في ذلك 20% في السعودية، و15% في عمان، و10% في قطر".

انخفضت الأسهم المتداولة في بورصتي دبي وأبوظبي بعد الإعلان عن الضرائب الجديدة، وذلك انعكاساً لنظرة المستثمرين بأن الخطوة ستضر بصافي الأرباح.


آلاف الشركات

مع ذلك؛ فإنَّ عتبة الضريبة المنخفضة نسبياً البالغة 375 ألف درهم (102.1 ألف دولار)، ستتطلب من آلاف الشركات دفع الضرائب لأول مرة، وفقاً لطارق فضل الله، رئيس وحدة الشرق الأوسط في "نومورا لإدارة الأصول".

يضيف فضل الله: "تطبيق ضريبة الشركات سيبدأ اعتباراً من يونيو 2023؛ لذلك هناك فترة تعديل لكي تستعد الشركات المدرجة... لكن هذا سيؤثر حتماً على توقُّعات صافي الربح في المستقبل".

يُذكر أن مقر العديد من الشركات الدولية تقع في المناطق الحرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعمل بموجب قواعد خاصة وستظل معفاة من الضريبة الجديدة.