استهداف ثروات بوتين.. السلاح الوحيد المؤثر لمواجهة غزو أوكرانيا

مخاوف من غزو روسي وشيك لأوكرانيا
مخاوف من غزو روسي وشيك لأوكرانيا المصدر: بلومبرغ
 Lara Williams
Lara Williams

Lara Williams manages Bloomberg Opinion's social media channels.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ازدادت المخاوف المتعلقة بغزو روسي وشيك لأوكرانيا خلال الأسبوع الماضي. قام حلفاء الناتو بإرسال سفن وطائرات مقاتلة لتقديم الدعم لأوكرانيا، في حين وضعت الولايات المتحدة 8500 جندي على أهبة الاستعداد وأصدرت أوامرها لأسر كافة الموظفين الأمريكيين في سفارة الولايات المتحدة بمغادرة البلاد.

تسود الوضع حالة من التوتر. عقب الاستيلاء على شبه جزيرة القرم سنة 2014، ليس في الإمكان استبعاد احتمال حدوث عملية غزو. في حال حدوث هذا الأمر، فستكون أوكرانيا في حاجة إلى الحصول على دعم من باقي دول أوروبا علاوة على حلف شمال الأطلسي. رفعت أوكرانيا بطريقة تدريجية من حجم الإنفاق العسكري لديها منذ سنة 2014، وهو ما تركها في نفس مستوى الإنفاق لدى روسيا تقريباً من حيث نسبة الحصة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

طالع المزيد: هل يمارس بوتين سياسة حافة الهاوية في أوكرانيا؟

بيد أن روسيا تمتلك واحدة من القوات العسكرية الأكبر على مستوى العالم، وتتوافر لديها كافة الميزات الأساسية. بحسب تعداد خلال القوات العاملة، يحتل الجيش الروسي المرتبة الخامسة بين أكبر الجيوش على مستوى العالم. ومن خلال المقارنة، يأتي الجيش الأوكراني في المرتبة رقم 22.

يعد المطلب الأساسي لروسيا هو وقف عملية التوسع الخاصة بحلف الناتو. طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحصول على ضمانات بعدم إتاحة الفرصة لأوكرانيا مطلقاً بالانضمام إلى صفوف الحلف، كما طالب بالقيام بعملية انسحاب من دول أوروبا الشرقية. يعد ذلك، بالطبع، مسألة غير ممكنة بالنسبة للحلفاء. وللرد على هذا الأمر، يطرح جيمس سترافريديس اقتراحاً بالترحيب بطريقة حماسية بانضمام دولتين أخريين لحلف الناتو وهما: السويد وفنلندا. مع ختام السنة الماضية، عبرت وزارة الخارجية الروسية عن امتعاضها من فكرة انضمامهما إلى حلف الناتو. يعني منحهما العضوية جعل الأمر واضحاً تماماً بالنسبة لبوتين بأنه لا يمتلك بطاقة حق النقض فيما يرتبط بأمر توسيع التحالف الديمقراطي.

طالع أيضاً: معارضة روسيا تدفع فنلندا والسويد للتمسك بـ "الناتو"

حالة الهوس الإعلامي تترك الأمر يظهر وكأن الغزو بات أمراً حتمياً. لكن ماذا عن وجود سيناريو آخر ينظر لعملية خفض التصعيد على أنها ذات احتمالية أكبر؟ هذا ما صممه ليونيد بيرشيدسكي كسيناريو. بطريقة مختصرة، نصب بوتين فخاً لالتقاط الطعم من قبل جورجيا في سنة 2018 للقيام بأول تحرك مدمر- ومع الأخذ في الاعتبار عملية إعادة تسليح أوكرانيا لجيشها – من المحتمل أنه كان لديه أمل بدلاً منه في إشعال أمر على نفس المنوال مرة ثانية. وعوضاً عن ذلك، نجح الرئيس الأمريكي جو بايدن في قلب الطاولة من خلال تنفيذ حملة دعائية ضخمة، وهو ما أتاح الفرصة لإمدادات الأسلحة الغربية بالانتقال إلى أوكرانيا وتوجيه ضربة لأسواق الأسهم في روسيا وعملتها المحلية.

في ظل تراجع بوتين في الوقت الراهن، سيكون من مصلحة الكرملين الانتظار حتى نهاية الأزمة وبالتالي تدمير مصداقية الولايات المتحدة.

يعرض أندرياس كلوث النظرية التي تقوم على أن بوتين من المحتمل أنه تسبب بطريقة متعمدة في خلق أزمة تكون كافة الأمور معها ممكنة في آن واحد. وعلى نفس النهج الذي يكون معه "قط شرودنغر" الذي يكون ميتاً وفي نفس الوقت حياً، فإن بوتين يعيش في حالة تعاقب متواصلة بين الهجوم وعدم الهجوم والاختراق وعدم الاختراق، كما أنه يجذب اهتمام العالم نحوه. بيد أن تلك الحالة من غير الممكن استمرارها أبد الدهر.

في هذه الأثناء، نجم عن هذه التوترات موجات من التداعيات في مواقع أخرى أيضاً، من بينها أزمة نقص الطاقة في أوروبا. تصل نسبة واردات أوروبا من الغاز الروسي لحوالي 40% تقريباً، وفي حال أسفرت الحرب عن خسارة كافة هذه الإمدادات، فستكون المنطقة مجبرة على اتخاذ تدابير شديدة القسوة. أصدر خافيير بلاس تحذيره من أن صعود أسعار الغاز سيكون اتجاهاً حديثاً ولن يحدث لمرة واحدة وينتهي الأمر. في حال كنت تتمتع بشعور جميل وإحساس بالأمان داخل الولايات المتحدة، فعليك أن تراجع ذلك الأمر حيث يوجد أيضاً لدى روسيا قدرة على تعطيل أسواق النفط على مستوى العالم، وهو ما قد يسبب خسارة مباشرة للأمريكيين. توضح ميغان أوسوليفان أن ذلك الخيار ربما يكون له تداعيات سلبية بدرجة أقل بالنسبة لروسيا، ومن الممكن أن يجري بطريقة خفية وبسهولة من خلال انفجار في خط أنابيب أو كارثة بيئية.

في هذه الحالة، كيف من المفترض أن يتصدى الغرب؟ كما كتبت هيئة تحرير وكالة بلومبرغ، فإن الاتحاد يعد أقوى سلاح في يديه. يشير أندرياس إلى أن أوروبا لا تبدو متحدة في الوقت الراهن، لا سيما في ظل انهماك ألمانيا في "الحوار". واقعياً، رغم أن الحكومة ما تزال تتعامل مع فضيحة "بارتي غيت" (Partygate)، فإن المملكة المتحدة تظهر وكأنها شخص راشد في غرفة لمرة واحدة، عقب اتخاذ قرار دبلوماسي صريح بطريقة استثنائية لتقديم 2000 صاروخ من أحدث طراز من نوع N-LAW المضادة لأسلحة الدبابات إلى أوكرانيا، بحسب ما ذكره مارتن إيفينز.

في حال استطاع الغرب توحيد صفوفه لمدة زمنية كافية تفضي إلى رد منسق، فسيكون التحدي متمثلاً في القيام بمعاقبة بوتين باللغة التي يفهمها بطريقة أفضل - من خلال محفظة أمواله الخاصة به والخاصة بأصدقائه. يحتج ماكس هاستينغز بأنه مع أن توقيع عقوبات اقتصادية على روسيا كدولة أمر سليم، إلا أنه غير كاف حيث قال: "السلاح الوحيد المؤثر هو شن هجوم على ثروات وأساليب حياة العصابات الموجودة في الكرملين، المحفوظة عندهم والمستثمرة حول العالم".

اقرأ أيضاً: بايدن يهدد بفرض عقوبات شخصية على بوتين إذا غزت روسيا أوكرانيا

يعتبر تحديد موقع ثروة روسيا المستترة في خارج البلاد ومن تؤول إليه مسألة صعبة، بيد أنه في تلك المرحلة من الصحيح أن نقول إنه يوجد الكثير منها. نوهت واحدة من الدراسات التي تعود لسنة 2017 إلى أن الثروة الموجودة خارج البلاد الخاصة بروسيا تبلغ حصتها من الناتج المحلي الإجمالي 54.5%.

تعتبر واحدة من السبل التي تمكن من الوصول إلى محفظة الأموال الروسية هي قطع اتصالها عن "رابطة الاتصالات المالية العالمية بين البنوك"، أو "سويفت" ( Swift)، والتي يُعتمد عليها في نقل الأموال عبر الحدود أو تسوية عمليات تداول الأوراق المالية. عملة الاستبداد والاقتصاد سيتم حجزها في حال جرى حظر وصولها إلى نظام "سويفت". بيد أن تيموثي أوبراين يشير إلى أنه ربما يكون الوصول إلى بوتين في حد ذاته غير كافٍ. كما جاء في تقارير متعلقة بواقعتي تسريب أوراق باندورا وبنما، يخفي بوتين ثروته - وأسهمه في الشركات المملوكة للدولة – من خلال شبكات يديرها أفراد من الأسرة ومستشاروه المقربون منه. ولكي يشعر بوتين بنفس الوجع المالي الذي يشعر به زملاؤه الروس في حال جرى حظر وصول البلاد إلى نظام "سويفت"، سيتوجب على الغرب التعرف على شبكاته المالية وتجميد الحسابات في خارج روسيا. سيكون هذا الأمر صعباً، بيد أنه يستحق العناء.