بيل غيتس يستثمر في شركة ناشئة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء

اهتمام متزايد بالتقنيات التي يمكنها فصل ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم في الغلاف الجوي
اهتمام متزايد بالتقنيات التي يمكنها فصل ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم في الغلاف الجوي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

جمعت شركة "فيردوكس" (Verdox Inc) الناشئة والتي تتخذ من ماساتشوستس مقراً له وتعمل بمجال التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء، 80 مليون دولار من مستثمرين، بما في ذلك شركة "بريكثرو إنيرجي فينشرز" (Breakthrough Energy Ventures) التي يقودها بيل غيتس.

تأسست "فيردوكس" في عام 2019، ولا يزال يقتصر نطاق نشاطها على المختبرات فحسب. لكن رئيسها التنفيذي برايان باينز يقول إن الإنجاز الهائل الأخير المتمثل في استخدام المواد الرئيسية لاحتجاز غازات الاحتباس الحراري قد منح المستثمرين الثقة لاستثمار مثل هذا المبلغ الكبير في مرحلة مبكرة من تطور الشركة الناشئة.

طالع المزيد: هل تنجح تقنية احتجاز الكربون في مكافحة التغير المناخي؟

في ظل التوجهات العالمية الجادّة نحو الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في غضون عقود، فهناك اهتمام متزايد بالتقنيات التي يمكنها فصل ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم في الغلاف الجوي.

لقد أصبحت المقومات التعويضية المعتمدة على الطبيعة، مثل الغابات، خطراً لحدوث حرائق غابات، ومن المفارقات أن يرجع ذلك جزئياً إلى تغير المناخ، ويمكن أن تطلق ثاني أكسيد الكربون الذي قامت بتخزينه. توفر تقنية التقاط الهواء المباشر مزيداً من الأمل في أن هذا التعويض سوف ينهي الكمية المنتظرة من غازات الاحتباس الحراري لآلاف السنين.

اقرأ أيضاً: احتجاز الكربون.. مكنسة الهواء التي يحتاج إليها المناخ

مذيبات كالمغناطيس

يعمل احتجاز الكربون عن طريق فصل ثاني أكسيد الكربون عن الهواء أو غازات العوادم من مداخن المصانع. وتستخدم غالبية التقنيات الحالية المذيبات السائلة التي تستقطب ثاني أكسيد الكربون كالمغناطيس. بمجرد أن يلتقط السائل الغاز، يتم تسخينه إلى درجة حرارة تسمح بإطلاق ثاني أكسيد الكربون. ويمكن بعد ذلك ضغط ثاني أكسيد الكربون وحقنه في أعماق الأرض للتخزين الدائم. تستهلك كل هذه الخطوات قدراً هائلاً من الطاقة، مما يجعل التكنولوجيا المستخدمة باهظة الثمن. على الرغم من عقود من العمل، يظل هذا النهج التقليدي مكلفاً للغاية، بحيث لا يمكن زيادتها لالتقاط مئات الملايين من الأطنان من ثاني أكسيد الكربون اللازمة سنوياً ليدخل العالم المسار الصحيح للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية تماماً.

تتبع "فيردوكس" نهجاً مختلفاً تقول إنه أكثر كفاءة وبالتالي أقل تكلفة. وطوّر مركز تابع لمعهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا نوعاً خاصاً من البلاستيك يمكنه بشكل انتقائي سحب ثاني أكسيد الكربون من مزيج من الغازات، سواء في الهواء أو العوادم، عند شحنه بالكهرباء. وبمجرد محاصرته، فإن أي تغيير في الجهد يطلق ثاني أكسيد الكربون.

طالع أيضاً: داخل أكبر محطة لاحتجاز الكربون من الهواء في العالم

الكهرباء منخفضة الكربون

قالت الشركة الناشئة إن مادتها يمكن أن تخفض إجمالي الطاقة المستخدمة في التقاط الهواء المباشر بنسبة 70% أو أكثر. وسيتعين على الشركة الاعتماد على الكهرباء منخفضة الكربون لتشغيل هذه العملية.

النسخة المبكرة من المادة التي تم تطويرها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أدت وظيفتها بشكل جيد في التقاط ثاني أكسيد الكربون، ولكن انتهى الأمر أيضاً بالتقاط الأكسجين. ويتكون الهواء من 21% أكسجين و0.04% فقط من ثاني أكسيد الكربون. ولكن في العام الماضي، استقرت "فيردوكس" على مادة قال باينز إنها أكثر قدرة على التقاط ثاني أكسيد الكربون بمقدار 5000 مرة عن الأكسجين. أضاف باينز: "هذا هو أهم إنجاز في العامين الماضيين"، رافضاً الإدلاء بأي تفاصيل أخرى حول المادة.

قال إريك تون، الرئيس التقني في شركة "بريكثرو إنرجي فنشرز"، التي استثمرت في شركتين ناشئتين أخريين لالتقاط الكربون، وهما "سوستايرا إنك" (Sustaera Inc) و"هيرلوم كربون تكنولوجيز" (Heirloom Carbon Technologies)، إن الكثير من الجهد الذي أوصل "فيردوكس" إلى هذه النقطة "كان قريباً للغاية من البحث الأساسي".

ناشئة تنافس الكبار

تخوض "فيردوكس" حالياً منافسة مع الشركات الناشئة الأخرى التي تعمل في مجال احتجاز الكربون والتي بدأت في تطوير تقنياتها منذ أكثر من عقد من الزمان. قد جمعت شركتان منها، وهما "كربون إنجنيرينغ ليمتد" (Carbon Engineering Ltd) الكندية و"كلايم وركس إيه جي" (Climeworks AG) السويسرية، أكثر من 100 مليون دولار لكل منهما، وفقاً لـ مؤسسة "كرانشبيز" (Crunchbase)، ووضعت الشركتان خططاً لتوسيع نطاق التكنولوجيا لالتقاط ملايين الأطنان من الكربون سنوياً. دخلت شركة أخرى حلبة المنافسة وهي "غلوبال ثرموستات" (Global Thermostat) ومقرها بالولايات المتحدة، حيث أعلنت الأسبوع الماضي أنها سوف تقيل رئيسها التنفيذي الذي اتهم بسوء الإدارة.

سوف يستغرق الأمر سنوات قبل أن تتمكن "فيردوكس" من التقاط ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، لكنها تهدف في النهاية إلى تحقيق ذلك بمعدل 50 دولاراً للطن أو أقل من ذلك. سيشكِّل ذلك سعراً جذاباً، نظراً لأن تصاريح الكربون في نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي تم تداولها هذا العام بحوالي 80 يورو (90 دولاراً) للطن. لكنه هدف طموح للغاية بالنظر إلى أن "كلايم وركس" تبيع حالياً تعويضات الكربون مقابل 1200 دولار للطن.

تمويل البحث والتطوير

أنفقت "فيردوكس" حوالي أربعة ملايين دولار على البحث والتطوير حتى الآن، والتي كانت قد جمعتها من المنح الحكومية وصغار المستثمرين. وبالإضافة إلى "بريكثرو إنرجي فنشرز"، فقد ساهمت كلٌ من "بريلود فنشرز" (Prelude Ventures) و"لواركاربون كابيتال" (Lowercarbon Capital) في جولة التمويل الأخيرة.

قال باينز إن التمويل الجديد يجب أن يكون رأس مال كافٍ لمدة أربع أو خمس سنوات. سيتم إنفاق جزء من التمويل في بناء ثلاثة نماذج أولية في عام 2022 يمكنها التقاط ما يصل إلى 100 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون يومياً، أي حوالي 35 طناً سنوياً. ويهدف أحد النماذج الأولية إلى التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء، بينما ستحجزه النماذج الأخرى من المصانع. ولم يذكر باينز الشركات التي سيتم بناء النماذج الأولية فيها، لكنه أشار إلى أن إحداها كانت شركة نفط في الولايات المتحدة والأخرى شركة معادن في أوروبا.