السعوديات بمجالس إدارات الشركات المدرجة.. 2% فقط

حضور النساء في سوق العمل السعودي شهد قفزة سريعة لكن الطريق مازالت طويلة
حضور النساء في سوق العمل السعودي شهد قفزة سريعة لكن الطريق مازالت طويلة المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

داخل صالة لأحد المجمعات التجارية في العاصمة السعودية الرياض، ترد "زينة.ن.ع" وعدد من زميلاتها على العشرات من الاتصالات لعملاء شركة فرنسية متخصصة بتجارة العطور "أون لاين"، فيما تستعد هند الشهراني للالتحاق بالعمل في الجمارك، ضمن الصفوف الأمامية للمنفذ الحدودي، بينما فضلت مي مكي تأسيس مقهى واقتحام عالم ريادة الأعمال. هذه النماذج أصبحت اليوم ظاهرة ملموسة، تتوسع بسرعة في السعودية، وفق العديد من المراقبين، مدعومةً بقفزة واضحة في أرقام حجم مشاركة السعوديات بسوق العمل.

لكن هذه الصورة الوردية لا تنعكس على حضور السعوديات بمجالس إدارات الشركات المدرجة في كل من سوق الأسهم الرئيسية "تاسي" والسوق الموازية "نمو"، والتي لا تتجاوز 2% فقط، أي ما يعادل 35 مقعداً من أصل 1705 مقاعد، وفق حسابات "الشرق" لبيانات الشركات على موقع السوق المالية (تداول)، والتي بيّنت أنه من أصل 209 شركات مدرجة في "تاسي" هنالك 31 شركة فقط تضم نساء في مجلس الإدارة، بينما من أصل 18 شركة في "نمو"، هنالك عضوات مجلس إدارة بشركتين فقط.

المناصب القيادية

تُشير هدى المدرع، المديرة العامة لتمكين المرأة في وزارة الموارد البشرية وتنمية المجتمع، في حديث لـ"الشرق"، إلى أن الوزارة دربت حوالي 1000 سيدة للترشح لعضوية مجالس الإدارة في الشركات المدرجة السعودية، وذلك بالتعاون مع هيئة السوق المالية ومعهد "انسياد" العالمي وجامعة الأميرة نورة.

في سياقٍ موازٍ، توضح المدرع أن نسبة شغل المرأة للمناصب الإدارية العليا والمتوسطة في السعودية، ارتفعت من 28.6% في 2017 وصولاً إلى 39% في الربع الثالث من العام الماضي. مُنوِّهةً بأن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل السعودية تجاوزت مستهدف رؤية المملكة 2030 والبالغ 30%.

اقرأ أيضاً: سعودة الوظائف.. النمط القديم لم يَعُدْ ينفع

بحسب تقرير "هيئة الإحصاء السعودي" الأخير، وصلت مشاركة المرأة السعودية بسوق العمل لمعدلات غير مسبوقة، حيث بلغت لأول مرة 34.1% في الربع الثالث من 2021، بارتفاع نسبته 2.8% عن الفترة نفسها من العام الماضي. ويمثل هذا الرقم الضعف تقريباً منذ الربع الأول لعام 2017 حيث كانب نسبة مشاركتهن لا تتجاوز 17.4%.

النساء في مجالس إدارات الشركات السعودية المدرجة

إجمالي عدد مقاعد مجالس الإدارات في سوق تاسي 1604
إجمالي عدد مقاعد مجالس الإدارات في سوق نمو 101
مجموع عدد مقاعد مجالس الإدارات في السوقين 1705
عدد مقاعد الإناث في مجالس الإدارات في شركات سوق تاسي 33
عدد مقاعد الإناث في مجالس الإدارات في شركات سوق نمو 2
مجموع عدد مقاعد الإناث في مجالس إدارات الشركات في السوقين 35
نسبة مقاعد الإناث في مجالس إدارات الشركات في السوقين %2

على الضفة التشريعية، تقول تسنيم الغامدي، مديرة الدراسات والإحصاءات في وزارة الموارد البشرية، في مقابلة مع "الشرق"، إنه "تمّ إصدار عدد من القوانين والتشريعات الهادفة لتحسين بيئة العمل وجعلها أكثر ملاءمةً للمرأة". مُعلنةً أن الوزارة أصدرت قوانين خاصة بمنع التحرش في بيئة العمل" كذلك أكدت الغامدي أن الوزارة أزالت جميع العوائق التي تحول دون عمل المرأة في قطاعات معينة أو بأوقات معينة، "فالمرأة السعودية اليوم تستطيع العمل بكافة المهن وبكل الأوقات".

إلى ذلك، "حرصت الوزارة على سن القوانين المتقدمة الخاصة بمنع التمييز في الأجور، وتحرص على تحقيق المساواة بجميع إجراءات التوظيف، من المقابلات حتى إعلانات التوظيف"، كما تفيد الغامدي.

أين تعمل السعوديات؟

يعود جزء من ارتفاع هذه النسب إلى الجهود الحكومية المختلفة لتوطين العديد من القطاعات، حيث إن "ما يفوق 50% من المستفيدين من قرارات التوطين بكافة القطاعات كانوا نساءً"، بحسب المدرع. مُبيّنةً أن أبرز القطاعات التي استفادت المرأة من توطينها، هي الاتصالات وتقنية المعلومات والصيدلة والمحاسبة والهندسة والمهن القانونية".

لكن الغامدي تَعتبر أن دخول النساء لسوق العمل "ليس موضوع استبدال للعمالة الوافدة فقط، إذ مازالت لدينا نسب عالية من العمالة الوافدة، وعدد العمالة عموماً وصل لمستويات قياسية في سوق العمل السعودية، وذلك بفعل النمو الاقتصادي الذي تشهده المملكة".

اقرأ أيضاً: السعودية تخطط لتوظيف 80% من الخريجين خلال عام وزيادة التوطين

يتصدَّر قطاع التعليم قائمة القطاعات التي تحظى بأعلى نسبة من مشاركة المرأة السعودية بنسبة 29.2%، في حين يشغل الرجال السعوديون 11.1% فقط من وظائف هذا القطاع. يليه قطاع تجارة التجزئة، حيث تبلغ نسبة الموظفات السعوديات 18%، وهو ضعف عدد الرجال السعوديين في هذا القطاع. وثالث الأنشطة الأكثر مشاركةً للمرأة السعودية هو الصحة والعمل الاجتماعي بنسبة 10.1%، مقابل 5.9% للرجال. وتكشف المدرع أن الوزارة وضعت خارطة طريق لتوطين عدد من القطاعات الجديدة، أبرزها الإعلام والترفيه والاستشارات.

النساء بالقطاع الخاص

يلحظ تقرير هيئة الإحصاء إقبال الإناث السعوديات على القطاع الخاص بنسبة أعلى من القطاع العام، حيث بلغت نسبة مشاركتهن في القطاع الخاص 59.2%، مقابل 39.3% للقطاع العام. بعكس الرجال، الذين وصلت نسبتهم في القطاع العام إلى 59.2%، وفي القطاع الخاص 40.2%.

أما لناحية حضور الإناث بشكل عام (سعوديات وغير سعوديات) بإجمالي الوظائف، فبلغت نسبة مشاركتهنَّ في القطاع الخاص 42.3%، في حين تنخفض هذه النسبة إلى 27.3% في القطاع العام.

يُذكر أن معدل بطالة الإناث السعوديات يناهز 21.9%، مقابل 5.9% للذكور، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء.

اقرأ أيضاً: بلومبرغ: النساء يحصلن على وظائف أكثر من أي وقت مضى وسط التحول بالسعودية

تعمل وزارة الموارد البشرية على العديد من المبادرات لتشجيع وسائل أخرى بخلاف العمل التقليدي والتوظيف، مثل مبادرة العمل الحر والعمل المرن وبرنامج العمل عن بعد. ووفق المدرع، فإن النساء هنّ الأكثر استفادةً من هذه البرامج.

بيانات مبادرات وزارة الموارد البشرية لعام 2021

· مبادرة العمل الحر: 920991 سيدة مستفيدة · مبادرة العمل المرن: 38302 سيدة مستفيدة · برنامج العمل عن بعد: 30985 سيدة مستفيدة

المرأة وريادة الأعمال

بجانب المشاركة في هذه القطاعات، تُفصح أفنان البابطين، مديرة إدارة ريادة الأعمال النسائية في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية "منشآت"، في مقابلة مع "الشرق"، عن قفزة بعدد المنشآت المملوكة من قِبل سيدات أعمال، لتتجاوز 40% من إجمالي المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، مرتفعةً من نسبة 31.6% في بداية 2019.

تعمل "منشآت" على عدد من المبادرات والبرامج لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتلفت البابطين إلى أن أكثر من 35% من المستفيدين من هذه البرامج هنّ من النساء.

لكنها ترى أن أبرز التحدّيات التي تواجه المرأة، هي الوصول للمعلومة حول إنشاء المشاريع الخاصة. وفي 2021 أطلقت "منشآت" معسكراً تدريبياً خاصاً للسيدات في كافة المجلات، استفادت منه 40 سيدة وأُنشئت بفضله 8 شركات.

الفجوة بين الجنسين

تسعى السعودية من خلال برنامج التحول الوطني في رؤية 2030 إلى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل عبر عدة مستهدفات، من ضمنها: رفع معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات، وزيادة حصة المرأة في المناصب الإدارية، وتعزيز ثقافة العمل وتطوير المهارات لدى النساء، وتطوير ممكِّنات الدعم لعمل المرأة.

كما أسست وزارة الموارد البشرية مركزاً لتحقيق التوزان بين الجنسين في الرياض، يستهدف إعداد الدراسات والاستشارات في مجال تحقيق التوزان وتقليص الفجوة بين الجنسين، بالإضافة إلى تقديم التدريب بهذا الإطار لكافة الجهات في الدولة.