شبكات الجيل الخامس تثير الذعر بين الطيارين بسبب تداخل الشبكات

مسافرون على متن طائرة تابعة لشركة أمريكان إيرلاينز. الولايات المتحدة
مسافرون على متن طائرة تابعة لشركة أمريكان إيرلاينز. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تلقى منظمو السلامة في الولايات المتحدة أكثر من 100 تقرير تجريبي حول احتمالية تداخل الإشارات بسبب خدمات شبكات الجيل الخامس "5G"، من بينها ثلاث تقارير بالقرب من مطار "شيكاغو أوهير" الدولي، حيث بدأت خدمات الهاتف المحمول الجديدة قبل أقل من أسبوعين.

تقوم إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية بمراجعة تقارير حالات الخلل على أجهزة الطائرات المعروفة باسم مقياس الارتفاع الراداري، حسبما ذكرت ثلاث مصادر مطلعة على الأمر لم يسمح لها بالتحدث عن التقارير.

قال أحد المصادر إنه تم استبعاد التداخل الناتج عن خدمة الجيل الخامس الجديدة في العديد من الحالات، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت التقارير الأخرى تشير إلى وجود خطر على السلامة أو أن الطيارين كانوا حذرين للغاية.

وقالت إدارة الطيران في تقرير لها: "نحن نستخدم أنظمة الإبلاغ عن السلامة المعمول بها لدينا للنظر في عدد قليل من التقارير عن تداخل محتمل لشبكات الجيل الخامس. وحتى الآن لم يتم التحقق من صحة أي من هذه التقارير".

لكن التقارير، جنباً إلى جنب مع الدور الحيوي الذي تلعبه أجهزة قياس الارتفاع في إجراءات السلامة، تساعد في تفسير سبب اتباع إدارة الطيران الفيدرالية مثل هذا النهج الصارم لتقليل المخاطر من شبكات الجيل الخامس الجديدة.

اقرأ المزيد: شبكة الجيل الخامس للإنترنت وصلت بالفعل.. فما مميزاتها؟

أُلقي باللوم على أجهزة مقياس الارتفاع الراداري التي تعطلت في العقود الأخير لأسباب لا تتعلق بإشارات الهاتف المحمول في العديد من الحوادث، بما في ذلك حادث تحطم طائرة بالقرب من أمستردام في عام 2009، والذي أسفر عن مقتل تسعة أشخاص؛ فضلاً عن العديد من حوادث تحطم طائرات هليكوبتر مميتة، وفقاً لمراجعة بلومبرغ نيوز لتقارير الحكومة الأمريكية والسجلات الدولية.

قال جيف جوزيتي، مستشار سلامة الطيران والذي عمل سابقاً رئيساً لتحقيقات الحوادث مع إدارة الطيران الفيدرالية، إن الأعطال من الممكن أن تتسبب في إنذارات مربكة في قمرة القيادة. وأضاف: "إن الرهان على ما إذا كان الطيار العادي قادراً على حل الموقف، أم لا، هو رهان لا تريده إدارة الطيران الفيدرالية".

تعمل خدمة الجيل الخامس الجديدة التي قدمتها شركتا الاتصالات "إيه تي آند تي" (AT&T Inc) و"فيرايزون" (Verizon Communications Inc) على ما يسمى بترددات النطاق "C" القريبة من تلك المستخدمة بواسطة أجهزة مقياس الارتفاع الراداري، وهي الأجهزة التي توفر عادةً قراءات عالية الدقة توضح مدى ارتفاع الطائرة عن الأرض.

قالت شركات الاتصالات وهيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية إن الإشارات اللاسلكية المتبارزة لا ينبغي أن تسبب تداخلاً، وإن البحث جارٍ لفهم كيفية الحد من هذه المخاطر بشكل أفضل.

قال نيك لودلوم، المتحدث باسم مجموعة التجارة الصناعية اللاسلكية، إنه من الضروري عدم القفز إلى "استنتاجات غير مدعومة" بشأن تقارير التداخل. وقالت المجموعة مراراً وتكراراً إنه لا يوجد دليل على أن خدمة الجيل الخامس يمكن أن تسبب تداخلاً ضاراً يؤثر على الطائرات، وأشارت إلى البلدان الأخرى التي تستخدم هذه الخدمة دون أي تأثير سيء على الطيران، على الرغم من أنها في بعض الحالات تعمل بمستويات طاقة منخفضة وسط قيود.

اقرأ أيضاً: هل الفوز بسباق شبكات الجيل الخامس بأمريكا يستحق العناء؟

يُعدُّ تأثير خدمة الجيل الخامس ضعيفاً على حركة الطيران في الولايات المتحدة حتى الآن، حيث وافقت إدارة الطيران الفيدرالية وشركات الاتصالات على تقييد وضع الأبراج الخلوية بالقرب من المطارات مؤقتاً على الأقل. ولكن مع حرص شركات الاتصالات على تنشيط مئات الأبراج الخلوية الأخرى بالقرب من المطارات والتوسع في نطاقات تردد جديدة، تظل المشكلة بعيدة عن الحل.

نشرة إدارة الطيران الفيدرالية

طلبت إدارة الطيران الفيدرالية من أطقم الطائرات الإبلاغ عن أي مشكلات في أداء مقياس الارتفاع الراداري في نشرة بتاريخ 2 نوفمبر.

جاءت التقارير في شكل أوصاف لاسلكية لمراقبي الحركة الجوية وكذلك من خلال قنوات أكثر رسمية للإبلاغ عن الحوادث. وغالباً ما تجمع إدارة الطيران تقارير غير مؤكدة عن حوادث الطيران، مثل مشاهدات الطائرات بدون طيار، حتى لو كان من الصعب التحقق منها.

ذكرت بعض التقارير الواردة من طيارين أن هناك تداخلاً محتملاً قد حدث في مواقع لا توجد فيها ترددات النطاق "C"، مما يشير إلى عدم وجود صلة بين التداخل وخدمة الجيل الخامس، وفقاً لمصادر مطلعة على الأمر.

وقالت هيئة الاتصالات الفيدرالية في بيان: "هذه العملية يجب أن تتم بسرعة وبعناية لأننا نعلم أن انتشار الخدمة يمكن أن يتم بأمان مع تقنيات الطيران في الولايات المتحدة، تماماً مثلما يحدث فيما يقرب من 40 دولة أخرى حول العالم".

لكن هناك سبب للحذر، حيث تظهر حوادث الطيران والحوادث التي تنطوي على أجهزة مقياس الارتفاع الراداري، أو بسبب عدم وجودها في بعض الحالات، أن مثل هذه الإخفاقات يمكن أن تربك الطيارين وتؤدي إلى حوادث.

قال جو ديبيت، ملاح بإحدى شركة طيران ورئيس اتحاد رابطة طياري الخطوط الجوية الدولية، في بيان: "أثناء حالة التداخل، قد تؤدي البيانات الخطرة أو المضللة لمقياس الارتفاع الراداري في النهاية إلى تغيير إمكانية التحكم في الطائرة في أسوأ وقت ممكن، أثناء مرحلة الاقتراب والهبوط".

حادث تحطم الطائرة التركية

حدث الأمر على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية. تحطمت الطائرة التركية المتجهة إلى أمستردام في 25 فبراير من عام 2009 بسبب عطل وليس تداخل للشبكات. تباطأت محركات الطائرة حتى تعطلت بعد أن أرسل أحد مقاييس الارتفاع الراداري إشارات إلى نظام التشغيل الآلي للطائرة تشير أنها كانت على الأرض رغم أنها كانت ترتفع عن الأرض بمئات الأقدام.

قال المحققون إن الطيارين لم يلاحظوا تباطؤ الطائرة ولم يتفاعلوا بشكل صحيح مع التحذيرات في قمرة القيادة.

كما ضربت طائرة تابعة لخطوط هاواي الجوية ذيلها على المدرج في مطار لوس أنجلوس الدولي في 13 أغسطس عام 2018، تعرضت على إثرها لأضرار جسيمة، حيث فشل مقياس الارتفاع الراداري على طائرة إيرباص طراز "SE A321" بإرسال إشارات، وفقاً للمجلس الوطني لسلامة النقل الأمريكي. أخطأ الطيارون في تقدير الهبوط وارتدت الطائرة على المدرج.

حقق المجلس الوطني لسلامة النقل في تسعة حوادث تحطم طائرات هليكوبتر على الأقل، بما في ذلك ثلاث حالات وفاة. واستشهد المحققون بمقاييس الارتفاع الرادارية المعطلة أو عدم وجودها، وفقاً لتقارير الحوادث.

تستخدم الطائرات الحديثة بيانات مقياس الارتفاع الراداري في عمليات أخرى غير الهبوط مثل إطلاق حركات للتحكم في الطيران الآلي، أو تغيير إعدادات دواسة الوقود أو التدخل في عمل أجهزة أخرى، وفقاً لوثائق إدارة الطيران الفيدرالية وتقارير الحوادث. ويمكن أيضاً لمقاييس الارتفاع الرادارية صعبة التشغيل أن تعيق أنظمة السلامة، مثل تلك المصممة لمنع الاصطدام غير المقصود بالأرض.

قراءات خاطئة

تخضع طائرات إيرباص ذات الدرجة العالية من التشغيل الآلي لأمور مماثلة، وفقاً لتقارير منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة التي وثقت حوالي 15 حادثاً بالقرب من مطار "بن غوريون" الدولي في إسرائيل بين عامي 2010 و2011.

أصدر رادار يجري اختباره على بعد حوالي 12 ميلاً (20 كيلومتراً) من المطار تحذيرات وأوامر زائفة متعددة على الطائرات.

بعد مراجعته لبعض الحوادث، قال روجر كوكس، المحقق السابق في المجلس الوطني لسلامة النقل، إنه في الكثير من الحوادث كان بإمكان الطيارين المخضرمين تشخيص ما كان يحدث وتجاوز أنظمة الطائرات المعطلة.

ولكن حتى لو كان على الطيارين معرفة كيفية الاستجابة لمثل هذه الإخفاقات، فإن منظمي سلامة الطيران لا يمكنهم السماح بوجود مثل هذا الخطر المعروف، حسبما قال جوزيتي، محقق الحوادث السابق في إدارة الطيران الفيدرالية والمجلس الوطني لسلامة النقل.

وأضاف جوزيتي: "أعتقد أنه من المناسب الانتباه إلى مثل هذه الحوادث لأنها تشير إلى المخاطر الإضافية التي قد لا تكون واضحة عندما يكون لديك قراءات خاطئة من مقياس الارتفاع الراداري".