قد تعطي السيولة الضخمة بحوزة شركات التكنولوجيا الكبرى في وول ستريت والبالغة 600 مليار دولار دفعة لتحريك موجة من الصفقات في هذا القطاع، بعد هبوط تقييمات الكيانات التي كانت في يوم من الأيام مرتفعة القيمة على غرار شركة "بيلوتون إنترأكتيف" و"نتفلكس".
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة أن "أمازون" خاطبت شركات استشارات حول صفقة محتملة لشراء "بيلوتون". كان لدى الشركة العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية 96 مليار دولار من السيولة والأوراق المالية القابلة للتداول في 31 ديسمبر الماضي، وهو ما يفوق 9 أضعاف القيمة السوقية لشركة "بيلوتون"، حتى عقب صعود سهم الشركة بـ 31% يوم الاثنين.
"بيلوتون" للياقة البدنية تجذب اهتمام "أمازون" و"نايكي"
وعلى الرغم من أن مخاطر عمليات التدقيق قد تردع بعض المشترين المحتملين، إلا أن العديد من الشركات الأخرى متخمة أيضاً بوفرة من السيولة. تتصدر "أبل" القائمة بمبلغ 202.6 مليار دولار، أي بما يفوق رأس المال السوقي لـ "نتفلكس" و"كوالكوم" أو "إنتل".
قال كارلوس غارسيا تونون، المدير الإداري الأول ورئيس وحدة الأسهم الأساسية بشركة "ماكاي شيلدس" (MacKay Shields): "تخلق السيولة الوفيرة لتلك الشركات المرونة في مواجهة البيئات الاقتصادية الصعبة، حيث يكون في إمكانهم استغلال هذه الأموال، وتنفيذ صفقات استحواذ". وتابع: "لن تكون مفاجأة بالنسبة لي في حال شاهدنا ازدهاراً في نشاط الصفقات في ظل وجود هذه البيئة".
قال تونون إن المشترين المحتملين ربما يتمتعون بقدر أكبر من الراحة عند عقد الصفقات في الوقت الحالي عقب هبوط تقييمات الأسهم. مثلاً، يتداول سهم "نتفلكس" بأقل تقييم له منذ 10 سنوات تقريباً بأرباح آجلة 34 مرة، وهبطت أسهم "باي بال" القابضة إلى مستويات مارس 2020.
تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا في ظل تسعير المستثمرين لرفع أشد حدة لأسعار الفائدة الأساسية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
حقق نشاط إبرام الصفقات في مجال التكنولوجيا بداية جيدة للغاية للعام الحالي، حيث تستحوذ "مايكروسوفت" على شركة "أكتيفيجين بليزارد" في مقابل 69 مليار دولار، كما تم بيع شركة "سيتريكس سيستمز" (Citrix Systems) في صفقت بلغت قيمتها 13 مليار دولار إلى تحالف من شركات استثمار مباشر في شهر يناير الذي جاء كواحد من أكثر الشهور زخماً على الإطلاق لصفقات الاندماج والاستحواذ في القطاع.
"مايكروسوفت" تقوم بأكبر استحواذ نقدي في زمن الوباء
من جهته، قال مات بيرون، الذي يعمل مديراً للأبحاث في شركة "جانوس هندرسون" (Janus Henderson): "يصعب توقع حدوث موجات من عمليات الاندماج والاستحواذ، بيد أنه يظهر أن الظروف مهيأة لإبرام صفقات". تابع: "هناك شركات في حاجة إلى تحقيق النمو، حيث تعد صفقات الاندماج والاستحواذ جزءاً كبيراً من استراتيجياتها".
بيد أن امتلاك مليارات الدولارات وحده لا يسهم في عقد الصفقات. تطمح جهات إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة إلى تشديد عمليات التدقيق في صفقات الاندماج والاستحواذ، حيث تعتقد أن هناك احتياجاً لوجود إطار عمل حديث لمكافحة نشاط الصفقات التي تهدد بتفاقم التمركز العالي للأعمال بالفعل في القطاعات الاقتصادية، لا سيما قطاع التكنولوجيا.
صفقة "بيلوتون" قد تسبب "أرقاً" تنظيمياً لإحدى عمالقة التكنولوجيا
من جانبه، قال ديفيد بارس، الرئيس التنفيذي لشركة "أكسأوت كابيتال" (XOUT Capital)، إن التوقعات حول أنه من المفترض أن تشتري الشركات الكبرى شركة "بيلوتون" أو غيرها من الأسهم المتراجعة بشدة عقب انهيار أسهمها تبدو وكأنها مسألة "سخيفة"، مع الأخذ في الاعتبار مدى تصاعد مستوى صرامة السلطات التنظيمية لمكافحة الاحتكار.
وأوضح: "يعتبر خيار إعادة الشراء أو توزيعات أرباح الأسهم الوحيد المتاح، بينما يوجد قدر محدود من السيولة يمكنهم تخصيصه للإنفاق على أعمال البحث والتطوير".
لجنة أمريكية تحقق في صفقة استحواذ "مايكروسوفت" على "أكتيفيجن"
عادت تقييمات الوباء المرتفعة لشركتي "باي بال" و"نتفلكس" إلى حقيقتها، بينما انزلقت في عملية تدوير أسهم النمو على نطاق واسع. وتسببت المخاوف حيال تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية في ترك المستثمرين أقل صبراً على الشركات ذات مكررات الربحية المرتفعة.