"كورونا" يشعل المنافسة بين عمالقة البث عبر الإنترنت

شركات البث عبر الإنترنت
شركات البث عبر الإنترنت بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اتجه عمالقة الإعلام في العالم مع بداية عام 2020، إلى شراء وتخزين المحتوى الجديد لخدمات الفيديو عبر الإنترنت، وذلك في إطار منافسة على سوق تقدَّر قيمتها بمليارات الدولارات، فيما باتت تُعرف باسم "صراع البث عبر الإنترنت".

ومع اجتياح فيروس كورونا العالم، وإغلاق دُور السينما، وتوقُّف هوليوود عن الإنتاج بشكل مؤقت، أخذ الجميع بجهاز التحكم عن بُعد، بحثاً عن الراحة، أو مجرَّد تشتيت الانتباه عن الحالة الراهنة، لتزيد أهمية الترفيه من خلال بثِّ المحتوى عبر الإنترنت عالي السرعة.

وبدا العام، المُتوقَّع له أصلًا أن يكون متقلِّباً لهذه الصناعة، وقد سُرِّعَت عمليات تطويره بأقصى حدٍّ، بإطار منافسة دفعته إلى حدود المستقبل.

1. كم شركة تتنافس في القطاع؟

وأطلقت 4 من أهم الشركات المدرجة ضمن مؤشر "S&P 500" في الولايات المتحدة خدمات البث في الوقت المناسب لإلهاء وتسليه الأمريكيين خلال فترة الإغلاق، وشملت هذه الشركات "ديزني" و"آبل تي في"، و"Peacock" التابعة لشركة "Corp. Comcast"، و"HBO Max" التابعة لشركة "AT&T Inc"، وبذلك انضمت الشركات الأربع إلى اللاعبين المعروفين في المجال، مثل "نتفلكس"، و"أمازون برايم فيديو"، و"هولو".

ودخلت "Quibi"، وهي شركة ناشئة تقدِّم برامج أصلية قصيرة، سوق البث حسب الطلب أيضاٍ في أبريل الماضي، وتخطط شركة ".ViacomCBS Inc" لإجراء تغييرات شاملة في خدمة "CBS All Access" الخاصة بها.

وتبقى "نتفلكس" متربعة على عرش عمالقة البث عبر الإنترنت بواقع 183 مليون مشترك على مستوى العالم.

ويأمل المنافسون أن يتمكَّنوا من اللحاق بها بسرعة من خلال حقوق بث البرامج التي تتمتَّع بنسب مشاهدة كبيرة لأكثر من جزء، مثل مسلسلَي "Friends"، و"The Office"، فضلاً عن ضخِّ الأموال للاستحواذ على عروض جديدة وحصرية.

2. هل السوق تتسع لهذا العدد الكبير من الشركات؟

وفقاً للاستطلاعات، فإنَّ العميل العادي يدفع مقابل ثلاث إلى خمس خدمات بث شهرياً (تكلِّف خُطَط الدفع الأساسية عموماً من 5 إلى 12 دولاراً في الشهر)، ونظراً إلى سهولة إلغاء الاشتراك، فيمكن للمشتركين التبديل بين الخدمات والانتقال إلى منصات أخرى، إذ يُضاف محتوى جديد.

وأدت رغبة المستهلكين في توفير المال إلى ظهور تطبيقات مجانية تدعمها الإعلانات مثل "Pluto TV"، المملوك لشركة "ViacomCBS"، وقناة "روكو" التابعة لشركة "روكو"، كما تتنافس الصناعة أيضاً مع محتوى الفيديو الذي ينتجه المستخدمون والمتاح على منصات مثل "إنستغرام"، و"تيك توك"، و"يوتيوب"، الذي يُعَدُّ منصة الفيديو الأكثر شعبية في العالم عبر الإنترنت.

3. ماذا عن المواد الترفيهية الأخرى عبر الإنترنت؟

يمكن القول، إنَّ جميع منصّات الترفيه الأخرى باتت مزدحمة أيضاً بمنتجي المحتوى، فمثلاً في نطاق خدمات بثِّ الألعاب السحابية، هناك "بلاي ستيشن"، ومن "مايكروسوفت"، هناك "جيم باس" الخاصة بمستخدمي مشغل الألعاب "إكس بوكس"، و"ستاديا" من "غوغل" التابعة لشركة "ألفابيت". وأيضاً لدى "تويتش"، الموقع الرائد لمشاهدة الألعاب التي يثبها الآخرون مباشرة، وهُم منافسون أيضاً، بما في ذلك "ألعاب فيسبوك "،و"ألعاب يوتيوب".

وفي عالم البث الصوتي "البودكاست"، برزت "سبوتيفاي" كأكبر شركة تنفق منفردة، إذ استثمرت مئات الملايين من الدولارات للاستحواذ على شركات مثل "The Ringer"، و"Gimlet Media Inc."، وربما ستختطف قريباً أرباح الإعلانات من الراديو.

وتؤدي هذه المنافسة إلى حصرية البعض، إذ أعلن الممثل الكوميدي جو روغان أنَّ برنامجه الشهير سيصبح قريباً متاحاً لمشتركي "سبوتيفاي" فقط، وسيتبع ذلك العديد من الصفقات الحصرية الأخرى.

4. هل يحدث الأمر نفسه في جميع أنحاء العالم؟

نعم، وهذه المنافسة تشمل بعض الشركات ذاتها، لأنَّ عدد مشتركي "نتفلكس"، البالغ 60 مليون مشترك في جميع أنحاء أوروبا، والشرق الأوسط، وإفريقيا، ليس بعيداً عن عدد مشتركيها البالغ 70 مليوناً في الولايات المتحدة وكندا، كما أنَّ أعمالها تشهد نمواً في آسيا وأمريكا اللاتينية أيضاً.

ووصلت "ديزني+" إلى عديد من تلك الأسواق نفسها، بالإضافة إلى امتلاكها خدمة البث الهندية "Hotstar"، التي تقدم الكريكيت، وأفلام بوليوود.

وفي الصين، تمتلك "مجموعة علي بابا القابضة"، و"Baidu Inc." خدمات بث تسمى "Youku" و"iQiyi"، في حين تتعاون شركات الإعلام الأوروبية لإنشاء شركاتها الخاصة لمنافسة "نتفلكس"، مثل "BritBox"، وهو مشروع مشترك بين شبكتَي "BBC" و"ITV" البريطانيتين.

5. كيف غيَّر الوباء صناعة البث المدفوع؟

وعزز فَرْضُ البقاءِ في المنزل على كثيرين استهلاك الفيديو عموماً، وخدمات البث عبر الإنترنت خصوصاً. وكما هو متوقَّع، فقد سجَّلت "نتفلكس" أكثر من ضِعف عدد مستخدميها في الربع الأول، لتلقى سلسلة الأفلام الوثائقية "Tiger King" شهرة كبيرة بالصدفة في الوقت المناسب.

وفي إطار الحجر المنزلي، واشتياق الجميع إلى هذه السهرات التي تجمع الأفراد أمام الشاشات، قدَّم "نتفلكس" خدمة "نتفلكس بارتي" التي تتيح للأصدقاء مشاهدة برامجهم والدردشة معاً افتراضياً. وفي الإطار نفسه، شهد موقع "يوتيوب" ارتفاعاً حاداً في مشاهدة مقاطع الفيديو الموسيقية، وقدَّمت منصّات مثل "تويتش"، و"إنستغرام" بثاً مباشراً لحفلات موسيقية مجانية، وباع الموسيقيون تذاكر للعروض في المنزل عبر منصة "Stageit". وقد حدَّ التخفيف التدريجي للحجر الصحي من بعض تلك التحولات.

6. هل يُعد وضع شركات البثّ مستقراً؟

إنَّ لديهم بعض العقبات الكبرى التي تلوح في الأُفق، فقد كان توسُّع "نتفلكس" في الولايات المتحدة يتباطأ قبل انتشار الوباء، كما حذَّرت الشركة من أنَّ نموَّها الهائل خلال الربع الأول، قد يعني تباطؤ الوتيرة لبقية العام.

فمن ناحية أخرى، تعتمد جميع خدمات البث على برامج جديدة لجذب العملاء، لكن عمليات الإغلاق تعني أنَّ أياً منهم لن يكون قادراً على إنتاج مسلسلات، أو أفلام جديدة لعدة أشهر.

7. مَن الخاسرون؟

تواصل شركات خدمات بث التليفزيون عن طريق الكابل بخسارة مشتركيها، لكن أولئك الذين يوفِّرون أيضاً خدمات الإنترنت واسعة النطاق للمنازل، بما في ذلك "Comcast"، و".Charter Inc" للاتصالات، يستفيدون من زيادة عدد العملاء الجدد الذين يرغبون في الاستمتاع بخدمات البث عبر الإنترنت.

وفي السياق نفسه، كانت دُور السينما تعاني بالفعل من انخفاضات في مبيعات التذاكر، ويتعيَّن عليها الآن التعامل مع مخاوف الجمهور من التجمعات الكبيرة، التي من شأنها تقويض الحفلات الموسيقية المباشرة، والعروض المسرحية على المدى الطويل أيضاً.

من جانبهم، يأسف عشاق السينما لتراجع تجربة الشاشة الكبيرة، في حين ناشد المخرج مارتن سكورسيزي مشاهدي "نتفلكس" مشاهدة فيلم "الرجل الأيرلندي" على تليفزيون مناسب، أو على الأقل باستخدام "iPad" كبير الحجم، وليس على شاشة هاتف ذكيّ صغيرة، على أنَّ ذلك لم يمنعه من بيع أحدث أفلامه لشركة "آبل".