شركات خدمات البريد تلجأ إلى الشاحنات الكهربائية أخيراً وسط أزمة في التمويل

شركات الخدمات البريدية تبدأ رحلة تجديد أساطليها
شركات الخدمات البريدية تبدأ رحلة تجديد أساطليها المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم تعُد الأزمات التي تعصف بشركات تزويد خدمات البريد بالولايات المتحدة خافية على أحد، بعد أن باتت تخسر مليارات الدولارات سنوياً، حتى في الوقت الذي توصّل فيه أعداداً قياسية من الطرود، فضلاً عن بطاقات الاقتراع عبر البريد، فيما تواجه حالات الغياب عن العمل بين موظفيها بسبب إصابات "كوفيد".

يوجد أمر آخر يكاد يكون سرياً، وهو الحالة المتردّية لمركبات توصيل الخدمات التابعة للوكالة. تدير "يو إس بي إس" (USPS) أسطولاً يضم 228 ألف شاحنة وعربة صغيرة، وهي واحدة من أكبر الشركات في العالم. دخل عديد منها الخدمة على الطرق لأكثر من ربع قرن وتفتقر إلى معايير السلامة الأساسية، مثل المكابح الأوتوماتيكية والوسائد الهوائية للسائق. وتصل كفاءتها في استهلاك الوقود إلى مستوى يثير قلق الناشطين في مجال المناخ. وتحصل هذه المركبات على غاز بنحو 10 أميال لكل غالون، أسوأ من مركبات "همفي".

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تعاني عجزاً في سائقي الشاحنات يصل إلى 80 ألف سائق

علاج المشكلة

مؤخراً، بادرت "يو إس بي إس" ذات أسطول المركبات البطيء بمعالجة هذه المشكلة. ففي العام الماضي، أبرمت عقداً مدته 10 سنوات بقيمة تقديرية بلغت 11.3 مليار دولار مع شركة "أوشكوش" (Oshkosh Corp) لتأثيث ما يصل إلى 165 ألف سيارة جديدة تابعة لأسطولها. واتسم أثاث هذه السيارات بالمظهر الأنيق، إذ أثارت ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي عندما نشرت شركة خدمات البريد صورها الأولية. ولدى الوكالة طلبية مبدئية بـ5000 مركبة كهربائية.

يبدو هذا الأمر مشجعاً، لكن ليس بالقدر الذي يثير اهتمام البيت الأبيض، فقد انتقدت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن شركة "يو إس بي إس" لعدم طلب مزيد من المركبات الكهربائية. وكتب فيكي أرويو، المدير المساعد للسياسة في وكالة حماية البيئة الأمريكية، إلى لويس ديجوي المدير السابق لمكتب البريد الأمريكي خطاباً هذا الشهر يقول فيه: "يمثل طلب شركة خدمات البريد بصيغته الحالية فرصة مهدرة للغاية لتقليل البصمة الكربونية بشكل أسرع لواحد من أكبر الأساطيل الحكومية في العالم".

اقرأ أيضاً: "فورد" تتجاوز "جنرال موتورز" في مبيعات السيارات الكهربائية بأمريكا

يأتي ذلك وسط حالة من الذعر في "كابيتول هيل"، فقد دعا جيري كونولي، وهو ديمقراطي كبير في مجلس النواب، ديجوي، وهو جمهوري، إلى الاستقالة بسبب ندرة طلبيات السيارات الكهربائية من وكالته.

بالنسبة إلى "أرويو"، على الأقل، فإنّ لديها وجهة نظر، نظراً إلى الوتيرة البطيئة لجهود الاستبدال بالأسطول في شركة خدمة البريد، ومن المرجح أن تكون الشاحنات والسيارات الصغيرة التي تشتريها الآن مستخدمة لعقود، لكن هل يُعقل أن يقود حاملو الرسائل شاحنات ينبعث منها الكربون في عام 2050؟ لا يمكن تحقيق ذلك إذا كان من المتوقع أن تصل الولايات المتحدة إلى هدفها المتمثل في انبعاثات كربون صفرية في العام نفسه.

مع ذلك فقد تراجع ديجوي، وهو أيضاً أمر منطقي. ويقول إنّ شركة "يو إس بي إس"، التي من المفترض أن تكون مدعومة ذاتياً، لا تملك المال حالياً لشراء مزيد من المركبات الكهربائية، لكن الأمر كما ذكر أكثر من مرة، فإنّ الوكالة ستسعد في حال سنحت الفرصة لترقية نظامها "عند توفر تمويل إضافي".

اقرأ أيضاً: أمريكا تبحث عن سائقي شاحنات من الخارج مع قفزة الطلب على النقل

موقف البيت الأبيض

قد تكون المفارقة هي أن البيت الأبيض وحلفاءه في الكونغرس حاولوا توفير 6 مليارات دولار من ميزانية إعادة البناء الممتدة البالغة تريليونَي دولار بشكل أفضل لمركبات خدمات البريد الكهربائية والبنية التحتية للشحن، لكن بعد شهر من المفاوضات الحافلة بالاضطراب لم يتمكنوا من جمع أصوات كافية داعمة من أعضاء حزبهم لتمرير هذا الدعم. ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي، قد يكون الأوان فات.

بعد الانهيار الواضح لخطة "إعادة البناء"، يبدو أن الانتقاد اللاذع من جانب الديمقراطيين لديجوي ينطوي على قدر من النفاق لعدم الإقبال على طفرة سيارات كهربائية. مجدداً، فإن الوضع ليس كارثياً كما يعتقد منتقدو مكتب البريد العام.

اقرأ أيضاً: هيئة البريد الأمريكية تعتزم شراء 5 آلاف سيارة كهربائية

وكما أشارت "يو إس بي إس" في بياناتها الصحفية التي أعلنت عن صفقتها مع شركة "أوشكوش"، فإن الجيل التالي لمركبات البريد، سواء كانت تعمل بالغاز أو بالبطاريات، يُصمَّم ليكون قابلاً للتعديل من أجل مواكبة أحدث تكنولوجيا السيارات الكهربائية. ولأنه لا أحد يعلم ما الذي سيكون متاحاً عندما تُطرَح هذه الشاحنات والمركبات الصغيرة أخيراً، فمن يدري متى سيوافق الكونغرس على تمويل هذه السيارات؟