لماذا تحتاج شركات التكنولوجيا الكبرى إلى زيادة الجهد لجذب انتباه "وول ستريت"؟

رسم: باتريك إديل بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في غضون ساعتين ونصف الساعة من يوم 25 يناير تراجعت أسهم شركة "مايكروسوفت"، متسببة في محو 156 مليار دولار من أموال مساهميها، ثم تعافت مجدداً واستردّت خسائرها بالكامل، بل عززت قيمتها أيضاً بـ74 مليار دولار. بمعنى آخر، كان هذا مجرد منعطف آخر في جولة الأسواق الجامحة في عام 2022، في ظل تكيف المستثمرين مع الاقتصادات الآخذة في التعافي، ومع احتمالية رفع أسعار الفائدة. ويشير هذا التغير أيضاً إلى بيئة جديدة يتعين فيها على شركات التكنولوجيا الأمريكية الأكثر قيمة العمل بجد أكبر لتبرير تقييماتها التي تبلغ تريليون دولار، أو تقترب من تريليون دولار.

اقرأ أيضاً: "مايكروسوفت" تثبت قوتها رغم قلقلة التضخم

لا تزال شركات التكنولوجيا الكبرى تبلي بلاءً حسناً، ففي اليوم التالي لإعلان أرباح "مايكروسوفت" أبلغت شركة "أبل" عن تسجيل أداء ربع سنوي فاق التوقعات بشكل كبير. وفي الأول من فبراير أعلنت "ألفابت" أيضاً عن أداء تجاوز توقعات المحللين. وارتفعت أسعار أسهم الشركتين، لكنها ما زالت عند مستوى أقل من الذروة.

اقرأ المزيد: "أبل" تحقق أعلى أرباح ربع سنوية على الإطلاق

التقلبات الحادة التي شهدتها أسهم "مايكروسوفت" في فترة ما بعد الظهيرة تعكس بشكل واضح البيئة المتغيرة، فقد أصدرت الشركة النتائج المالية الفصلية في تمام الساعة الرابعة مساءً بتوقيت نيويورك، وتجاوزت هذه النتائج توقعات المحللين، باستثناء رقم واحد مهم، ألا وهو النمو في خدمات الحوسبة السحابية المربحة "مايكروسوفت أزور" (Microsoft Azure) الذي تباطأ قليلاً. وقد شعر المستثمرون بالذعر، ما أدى إلى انخفاض الأسهم بنسبة 6.8% في تعاملات ما بعد الإغلاق.

بعد الساعة السادسة مساءً بقليل، أخبرت المديرة المالية لـ"مايكروسوفت"، إيمي هود، المحللين بأن نمو الحوسبة السحابية سيتسارع مرة أخرى في الربع المالي المقبل، ليقفز بعد ذلك سهم الشركة ويمحو الخسائر السابقة.

تتميز تقلبات الأسهم قصيرة الأجل بقدرتها التنبُّئِية المحدودة، لكن النشاط المتعلق بأرباح "مايكروسوفت" أظهر مدى ميل المستثمرين السلبي الآن إلى الاستجابة لتباطؤ النمو في الوحدات الرئيسية، حتى لو كانت الإيرادات والأرباح تفوق التوقعات.

ثمة طريقة معيارية لرصد مدى حماس المستثمرين تجاه شركة معينة، وهذه الطريقة هي مقارنة سعر سهمها بأرباحها المتوقعة. في يناير 2017 جرى تداول أسهم شركات التكنولوجيا الخمس الأكثر قيمة -وهي "أبل" و"أمازون" و"فيسبوك/ ميتا بلاتفورمز" و"غوغل" و"مايكروسوفت"- بشكل يتماشى مع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ككل، وبمكرر ربحية 19 مرة. وبحلول سبتمبر 2020 كان هذا المضاعف لشركات التكنولوجيا الكبرى يبلغ 42، فيما جرى تداول السوق ككل عند 27 مرة.

كوفئ المستثمرون، إذ تمتَّع حمَلة الأسهم في شركة "أبل" بعائد سنوي متوسطه يبلغ 43% خلال الأعوام الخمسة الماضية مع العودة إلى استثمار كل أرباحهم في الأسهم. وحققت "مايكروسوفت" و"أمازون" و"غوغل" عوائد متوسطها 38% و28% و26% على التوالي، حتى إنّ متوسط العائد السنوي المتواضع نسبياً لـ"فيسبوك" البالغ 18% تفوّق على نظيره الخاص بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، الذي يبلغ 16%.

من جانبه يقول كاسبر إلمغرين، رئيس قسم الأسهم في شركة "أموندي" (Amundi)، إنّ عمليات الإغلاق أسهمت في اتساع الفجوة بين شركات التكنولوجيا وغيرها من الشركات. وأضاف: "عجلة الاقتصاد توقفت، وكان لدينا بالتالي انكماش اقتصادي تاريخي أصاب بشدة حركة سير المركبات على الطرقات، والترفيه، ومنشآت التصنيع، والبناء، والخدمات المالية، وما إلى ذلك".

مع ذلك فإنّ هذا الأمر يمكن أن يتغير، إذ تنحسر موجة متحور "أوميكرون" الفيروسي في أماكن عدة، فضلاً عن أنه يمكن للشركات التي عانت خلال الوباء أن تستفيد من التعافي المتجدد بشكل أكثر من شركات التكنولوجيا. ومن شأن هذا أن يدفع المستثمرين إلى زيادة حيازاتهم من أسهم الشركات التي رفضوها خلال العامين الماضيين في أثناء التركيز على عمالقة التكنولوجيا.

تقول جينا مارتن آدامز، كبيرة استراتيجيي الأسهم في "بلومبرغ إنتليجنس" في نيويورك، إنّ "كل ما يدعو إلى الاستثمار في هذه الشركات وتضخيم علاواتها هو حقيقة أن النمو كان شحيحاً، وأن لديها أقوى آفاق نمو في مؤشر (ستاندرد آند بورز 500)". وأضافت: "مع تحسن الظروف الاقتصادية ستنكمش هذه العلاوات بطبيعة الحال".