بعد "الاستقالة الكبرى".. 5 طرق لتحسين وظائف المستقبل

ملايين الأمريكيين لا يحبون عملهم لكنهم قلقون من خسارة المنافسة أمام الروبوتات
ملايين الأمريكيين لا يحبون عملهم لكنهم قلقون من خسارة المنافسة أمام الروبوتات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عند تقييم العدد القياسي للأشخاص الذين تركوا وظائفهم في زمن وباء كورونا، أو ما يسمى بـ "الاستقالة الكبرى"، يتبيَّن لنا أن ملايين الأمريكيين لا يحبون عملهم.

هذا لا يعني أنهم ليسوا قلقين بشأن خسارة المنافسة أمام الروبوتات، إذ تسود حالة من التخوّف الكامنة بشأن استيلاء الأتمتة على وظائف العمالة البشرية على أي حال. قد أثار الوباء أو زاد من مجموعة مخاوف أخرى بشأن الحياة العملية، بدءاً من جودة الوظائف والأمن والتنقل إلى متانة شبكات الأمان الاجتماعي.

اقرأ المزيد: 4.4 مليون أمريكي استقالوا من وظائفهم في سبتمبر

في كتاب جديد بعنوان "عمل المستقبل: بناء وظائف أفضل في عصر الآلات الذكية"، نشر فريق من باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نتائج مشروع استمر لمدة أربع سنوات والذي طرح هذه الأسئلة وأكثر منها بكثير.

فيما يلي ملخص لبعض النتائج والتوصيات التي توصل إليها الفريق، من خلال حوار مع اثنين من مؤلفي الكتاب.

طالع المزيد: إنفوغراف.. المهارات الرقمية ستكون كلمة السر في وظائف المستقبل

استخدام التكنولوجيا بشكل أفضل

تفتقر الولايات المتحدة إلى العمالة في الوقت الحالي، وقد تواجه ضغوطاً عمالية بعد فيروس كورونا أيضاً. ويعكس ذلك أن السؤال الرئيسي لا يتعلق بمدى كفاية الوظائف في المستقبل، بل بجودتها.

جزء من الحيلة سيكون البحث عن طرق أفضل لاستخدام التقنيات الموجودة بالفعل. فقد كان تطبيق المكالمات "زووم" موجوداً منذ فترة، لكن الأمر تطلب حدوث الأزمة الحالية لحمل مديري الشركات على إيجاد أكثر الطرق فعالية لاستخدام التطبيق.

اقرأ أيضاً: البيت الأبيض يحذِّر: بيانات الوظائف ستكون "قبيحة" بسبب أوميكرون

أدى الوباء في العديد من الصناعات، من تعبئة اللحوم وتخزينها إلى الرعاية الصحية، إلى تسريع وتيرة استخدام الروبوتات أو الحوسبة. ولكن كان هناك توظيف في تلك الصناعات أيضاً، لذلك ليس بالضرورة أن تحل هذه التقنيات محلّ العنصر البشري.

يقول ديفيد أوتور، أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأحد المؤلفين المشاركين في الكتاب: "هذه الأمور تقرب التقنيات من المستقبل بمقدار خمس سنوات إلى الحاضر".

من المتوقع أن يستفيد الاقتصاد من هذا عبر زيادة الإنتاجية، ولكن هذا لا ينطبق على كل أنواع الأتمتة. تمثل عدادات الدفع الذاتي في محلات السوبر ماركت مثالاً على النمط "المتعادل". يقول أوتور: "إنهم يضيعون وقتك. فهي في الواقع تنقل المجهود إلى العملاء".

يقول المؤلفون إن الولايات المتحدة يمكنها تعديل النظام الضريبي بحيث لا يشجع الإنفاق التجاري على كل نوع من الأتمتة، بغض النظر عما إذا كان يساعد العمال أو الاقتصاد الأوسع.

طالع أيضاً: إعادة اختراع محركات البحث عن الوظائف الداخلية لمحاربة "الاستقالة العظيمة"

زيادة تدريب العنصر البشري

يمكن الاستفادة من الضرائب لتشجيع التدريب بدلاً من ذلك.

تقول إليزابيث رينولدز، التي شاركت في تأليف الكتاب بصفتها مديرة فريق عملت بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وفي المجلس الاقتصادي الوطني التابع لإدارة بايدن منذ العام الماضي: "هناك الكثير من الحوافز والإجازات التي تحصل عليها الشركات للاستثمار في رأس المال. نريدهم حقاً أن يعتمدوا على الاستثمار في رأس المال البشري".

تنفق حكومة الولايات المتحدة بشكل أقل على سياسات سوق العمل النشطة، والتي تتضمن تحسين الجاهزية الوظيفية والمساعدة في إيجاد عمل مناسب، كحصة من اقتصادها مقارنة بجميع نظيراتها من البلدان المتقدمة، وفقاً لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2017. مع ذلك، استثمرت الشركات الأمريكية المزيد من الأموال في التدريب منذ ذلك الحين.

الحجة التي يستند إليها الكتاب تتمثل في أن المزيد من التدريب يجب أن يكون موجهاً نحو مساعدة الأشخاص الذين ليست لديهم شهادات جامعية في الحصول على وظائف من الطبقة المتوسطة، وهو مجال تتأخر فيه الولايات المتحدة عن الدول الأوروبية مثل ألمانيا.

هذا شيء تبحث عنه الشركات بالفعل. فعلى سبيل المثال، تخلَّت شركة التأمين "أون" (Aon Plc) عن شرط الحصول على درجة علمية لبعض الوظائف ونظمت تدريباً متخصصاً بها عبر كلية مجتمعة محلية. كما خففت شركتا "إنترناشيونال بيزنس ماشينز كورب" (International Business Machines Corp) و"بي دبليو سي" (PwC) من معايير الاعتماد الخاصة بهما.

استثمر في الأبحاث

هناك الكثير من الابتكارات في الاقتصاد الأمريكي، وغالباً ما تعتمد على الأبحاث السابقة التي تمولها الحكومة، سواء كان ذلك في مجال الطيران وعلوم الكمبيوتر أو الطب. لكن هناك قدراً أقل من هذا الاستثمار يتم في الوقت الحالي.

مقارنة بالمستويات التاريخية، والدول الأخرى أو المنافسة، من ألمانيا إلى الصين، فقد انخفض الإنفاق الفيدرالي على البحث والتطوير.

رينولدز قال إن تلك الاستثمارات السابقة أدت إلى نمو وفرص هائلة. ومع ذلك، لم يتم تقاسم ثمار الابتكار، وهي الإنتاجية في البلاد، على امتداد جميع المجالات.

يشير الكتاب أيضاً، والذي شارك في تأليفه ديفيد أ. ميندل أستاذ الطيران بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى أنه يتعين على الحكومة أن تضخ الأموال في هذا النوع من الأبحاث طويلة الأجل والأساسية التي لا تملك الشركات دافعية لتقوم بها، والتي تتعامل مع المشكلات الاجتماعية المهمة مثل الرعاية الصحية وتغير المناخ.

يجب أن تشجع الحكومة التقنيات التي تزيد العمالة البشرية، بدلاً من استبدالها، وتحاول نشر الابتكار بشكل أكثر توازناً، من خلال الجغرافيا وحجم الشركة. وفي الحالات التي يتحول فيها الدعم العام إلى ربح خاص، مثل إقدام الحكومة على إقراض المال لشركة "تسلا" التي تعد حالياً شركة صناعة السيارات الأكثر قيمة في العالم في أيامها الأولى، يمكن أن تساعد حصة الأسهم دافعي الضرائب على الاستمتاع ببعض الارتفاع.

غالباً ما يتم الاستشهاد بـ "داربا"، وهي ذراع الأبحاث الرائد التابع للبنتاغون، كنموذج ناجح حاضن للابتكارات التي أثبتت جدواها في جميع جوانب الاقتصاد. تسعى إدارة بايدن إلى إنشاء مجموعات مماثلة للصناعات الصحية والبناء.

تعزيز شبكات الأمان

يمكن أن يساعد التدريب الكوادر على التحرك في اتجاه صعودي. وستحل الأتمتة محل بعض المهام المتكررة. ومع ذلك، ففي المستقبل المنظور سيؤدي بعض الأشخاص وظائف، مثل طهو البرغر، وفي الولايات المتحدة يحصلون على صفقة أسوأ من معظم دول العالم الغني.

بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور، تحتاج الولايات المتحدة إلى إصلاح نظام المزايا الخاص بها حتى يتمتع المزيد من الموظفين بالحماية القياسية في أماكن أخرى، مثل الإجازة المدفوعة والإجازة المرضية، بحسب ما يوضح الكتاب. وفي ظل هذا الوباء، قدمت برامج الطوارئ تأميناً ضد البطالة وأحكاماً أخرى لشبكات الأمان للعاملين بدوام جزئي والعاملين لحسابهم الخاص، ولكن هذه الإجراءات انتهت صلاحيتها منذ ذلك الحين.

أوتور أضاف: "لدينا نظامان مختلفان للتوظيف، وهو العمل ليلاً ونهاراً فقط، يتمحور أحدهما حول الاتفاقية الجديدة التي جرت في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما كانت الوظائف بدوام كامل ومستقرة في كثير من الأحيان مدى الحياة؛ والنظام الآخر، الذي يشمل القوى العاملة المتنامية، فيقدم الضمان الاجتماعي ولكن لا توجد أشكال أخرى من الحماية تقريباً".

ويضيف: "ما نحتاجه هو نظام أكثر قابلية للتوسع من ذلك".

ساعد العمال على إيصال صوتهم

يرى الكتاب أن قوانين العمل الأمريكية متجذرة في اقتصاد لم يعد قائماً. فقد تراجعت عضوية النقابات خارج القطاع العام، وهو أحد أسباب ضعف الأجور في العديد من الوظائف.

تفتقر الصناعات بأكملها، بما في ذلك بعض الصناعات الأسرع نمواً، مثل الرعاية المنزلية، إلى مؤسسات للمساومة الجماعية.

يرجع ذلك جزئياً إلى التكوين التقليدي للنقابات الأمريكية، التي تنظم شركة تلو الأخرى بدلاً من القطاعات كما هي الحال في بعض البلدان المتقدمة الأخرى، وفقاً لأوتور.

تابع: "لابد أن نكون قادرين على إطلاق العنان لنموذج صوت العمال، من أجل معايشة تجارب جديدة".