ما هي رسائل الأسبوع الماضي الثلاث للمستثمرين؟

رغم قلق المستثمرين من ارتفاع التضخم وعدم سيطرة الاحتياطي الفيدرالي عليه، إلا أنهم ليسوا قلقين بدرجة تدفعهم عن الثقة بالجدارة الائتمانية لأكبر اقتصاد

إمرأة تسير في حي وول ستريت المالي في نيويورك وسط بخار متصاعد
إمرأة تسير في حي وول ستريت المالي في نيويورك وسط بخار متصاعد المصدر: بلومبرغ
 Lisa Abramowicz
Lisa Abramowicz

Lisa Abramowicz is a co-host of "Bloomberg Surveillance" on Bloomberg TV.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أتى الأسبوع الماضي بثلاث رسائل مهمة تتعلق بالاقتصاد الأمريكي والأسواق والاحتياطي الفيدرالي.

الأولى هي أن التضخم يترسخ في الاقتصاد مثيراً قلقاً شديداً لدى صانعي السياسة النقدية. الثانية كانت أن مزيداً من المستثمرين والمستهلكين يرون أن وتيرة ارتفاع الأسعار واستجابة الاحتياطي الفيدرالي المحتملة ستسرع وتيرة انكماش الاقتصاد.

أما الثالثة فهي أنه رغم أن العقل الجمعي للأسواق يشير الى أن المستثمرين متيقنون من النتيجة النهائية للنمو والتضخم، إلا أن هذا المسار يبدو أكثر إثارة للمخاوف.

المستثمرون المصدومون يراقبون السندات طويلة الأجل ويترقبون إشارات "الفيدرالي"

لذلك، رغم البيانات الحكومية المعلنة الخميس بارتفاع "مؤشر أسعار المستهلكين" في يناير 7.5% على أساس سنوي، وتسجيل أكبر زيادة منذ 1982، ما يزال هناك على ما يبدو انقساماً كبيراً بين من يعتقد أن التضخم راسخ، ومن يراه مؤقتاً، حتى لو لم يرغبوا باستخدام كلمة "مؤقت".

يبدو أن جيمس بولارد، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس انضم لمعسكر من يرون التضخم راسخاً، ويجد ضرورة برفع هدف الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية البالغ 0.25% بواقع 100 نقطة أساس بحلول يوليو.

ارتفعت توقعات السوق لرفع سعر الفائدة 50 نقطة أساس في اجتماع السياسة المقبل لمجلس "الاحتياطي الفيدرالي" يومي 15 و 16 مارس، لتبلغ 90% مقارنة بنسبة نقطة واحدة قابلة للتجاهل قبل أسابيع قليلة.

مؤشر على التباطؤ

رغم ارتفاع عائدات السندات، لكن طريقة صعودها تدعم رؤية معسكر التضخم المؤقت، حتى لو أن ذلك يشير فقط إلى أن الاقتصاد يتجه نحو تباطؤ كبير. تحديداً، تقلصت الفجوة بين عوائد السندات قصيرة الأجل وغيرها طويلة الأجل والمعروفة باسم منحنى العائد وهو مؤشر تقليدي على تباطؤ اقتصادي مقبل. تقلّص الفرق بين عوائد سندات الخزانة لأجل سنتين وعوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى أقل من 44 نقطة أساس، ليسجل أقل مستوى منذ أغسطس 2020. كما انخفضت توقعات التضخم على المدى الطويل، حيث أنخفضت نسبة عائد سندات خمس سنوات إلى عائد سندات خمس سنوات المعدل ليتضمن أثر التضخم إلى 2.1% مقارنة بمستوياته المرتفعة البالغة 2.4% في أكتوبر.

تراجع ثقة المستهلكين

لعل الأهم من ذلك أن مؤشر ثقة المستهلك لشهر فبراير الصادر عن جامعة ميشيغان انخفض بشكل كبير منافياً التوقعات إلى أدنى مستوى منذ 2011. أظهر الاستطلاع أن المستهلكين توقعوا بلوغ معدل التضخم 5% العام المقبل ارتفاعاً عن قراءة الشهر الماضي البالغة 4.9%، وهي تمثل أعلى مستوى منذ 2008، لكن لم يغيروا نظرتهم للتضخم طويل الأجل عند معدل أكثر اعتدالاً يبلغ 3.1%.

ثقة المستهلك الأمريكي تسجل أدنى مستوى منذ 2011

تشير التوقعات لارتفاع الأسعار على المدى القريب حيث توقع 26% من المستهلكين الذين شملهم الاستطلاع تدهور أوضاعهم المالية في المستقبل، وهذه أعلى نسبة منذ 1980. فشلت كل تلك الزيادات الأخيرة في الأجور بمواكبة التضخم وتراجع الدخل الحقيقي. أظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلك انخفاض متوسط ​​الأجور الأسبوعية الحقيقية في يناير 3.1% على أساس سنوي ليسجل أكبر انخفاض منذ بدء جمع البيانات في 2007، ما يجعل كثيراً من الأمريكيين أقل قدرة على مواصلة الشراء بنفس الوتيرة في ظل تلك الزيادات الكبيرة في أسعار السلع.

أمان السندات

يُلاحظ أن سندات الخزانة ما تزال ملاذاً آمناً للمستثمرين، حيث تراجعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات الجمعة، مع تصاعد المخاوف من احتمال غزو روسي لأوكرانيا خلال أيام، لتنخفض لأقل من مستويات الأربعاء قبل يوم واحد من ارتفاعها بشكل كبير عقب الإعلان عن بيانات مؤشر أسعار المستهلك. رغم قلق المستثمرين من ارتفاع التضخم وعدم سيطرة الاحتياطي الفيدرالي عليه، إلا أنهم ليسوا قلقين للدرجة التي تبعدهم عن الثقة بالجدارة الائتمانية لأكبر اقتصاد في العالم في أوقات الأزمات.

انخفاضات كبيرة في وول ستريت وسط مخاوف من رفع حاد لأسعار الفائدة

يرى عديد من المستثمرين والاقتصاديين البارزين أننا نشهد تضخماً أكثر رسوخاً، لكن السوق ما يزال يرى مساراً أبطأ بكثير للنمو الاقتصادي في المستقبل. يبدو أننا نشهد أوقات اقتصادية غير مسبوقة، ولا يمكن لأحد أن يعرف على وجه اليقين ماالذي ينتظرنا، لكن ما تعكسه وجهة النظر الجماعية للأسواق واضحة: نحن نتجه لنفس المكان الذي كنا فيه قبل الوباء. لكن الطريق إلى هناك أصبح أكثر وضوحاً.