الأسواق لا تعرف كيف تُقيِّم السلام

الأسواق في حالة ترقب لتطورات الأزمة في أوكرانيا
الأسواق في حالة ترقب لتطورات الأزمة في أوكرانيا المصدر: بلومبرغ
Marcus Ashworth
Marcus Ashworth

Marcus Ashworth is a Bloomberg Opinion columnist covering European markets. He spent three decades in the banking industry, most recently as chief markets strategist at Haitong Securities in London.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يصعب التداول دوماً في سيناريوهات الحرب المحتملة، ولا يعدّ تقييم أي تداعيات محتملة، فضلاً عن حجمها أيضاً، بالأمر السهل.

لكنَّ الجانب الآخر صحيح أيضاً؛ فإن خفَّت حدة الموقف في أوكرانيا؛ لن يحدث انعكاس واضح في تقلبات السوق الأخيرة، وستبقى الأمور معقدة في حال إقدام روسيا على الخروج من ذلك الطريق المنحدر.

ما يجعل الأمر فوضوياً بشكل خاص هو أنَّ الملاذات الواضحة المتعلقة بالدولار الأمريكي مثلاً، وسندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأجل بشكل خاص، لم تكن بالضرورة صديقة للمستثمرين خلال الأزمة.

"مورغان ستانلي": الحرب على أوكرانيا ستكون بمثابة "دوامة قطبية" على الأسهم

يسير كل من الدولار والين والفرنك السويسري في اتجاه عرضي، وكان أداء الذهب جيداً، ولكن ليس بالدرجة المذهلة، خاصة بالمقارنة مع المعادن ذات الاستخدام الصناعي بشكل عام.

وصلت عائدات السندات الألمانية الآجلة لعشر سنوات، وهي المساحة الآمنة الأوروبية، إلى أعلى مستوياتها منذ أواخر العام 2018، بعدما كانت إيجابية بشكل قاطع، ولم تكن هناك حماية من الاندفاع نحو الدخل الثابت عالي الجودة.

قفزة النفط

لكنَّ قطاع الطاقة هو المفتاح لاتجاه السوق على المدى القصير، حتى إن أثار ارتفاع تكلفة الإسكان، والغذاء، والسلع الأخرى قلق البنوك المركزية.

يهدد النفط الخام بكسر حاجز الـ 100 دولار لبعض الوقت، وقد يستمر في القيام بذلك، حتى إن تلاشت احتمالية نشوب حرب في القارة الأوروبية.

أحداث مهمة قد تشوش عليها أزمة أوكرانيا المتفاقمة

يعود هذا إلى استمرار النمو الاقتصادي العالمي القوي بعد الوباء والاختناقات اللوجستية متعددة الجوانب للحفاظ على ارتفاع الأسعار- على الأقل من الناحية النظرية.

قلق من تسارع التضخم

مع ذلك؛ سيشعر محافظو البنوك المركزية بالارتياح إذا ساد السلام، وأدى إلى تراجع حاد في أسعار الغاز والنفط.

من شأن ذلك أن يساعد في كسر إصرار أرقام التضخم على الارتفاع إلى حد محرج، مما دفع بالبنوك المركزية الرئيسية إلى إصدار توجيهات استرشادية حادة بشأن الفائدة.

لقد تأخرت الرؤية الواقعية حول مدى رفع الأسعار الرسمية للفائدة والتعجيل برفعها، ولكن قد يكون هذا أكثر بكثير من المأمول.

تقلب سوق العملات يتخطى المخاوف الجيوسياسية بشأن أوكرانيا

على أسواق السندات العمل على الأزمة الأساسية الخاصة بالتضخم لديها. فمع الانعكاس الوشيك الفعلي لأجزاء من منحنى عائد سندات الخزانة الأمريكية؛ هناك الكثير من الإشارات المتضاربة حول كيفية ارتفاع معدلات الفائدة قبل تأثيره في الانتعاش.

لا يمكن أن تستمر العوائد قصيرة الأجل في الارتفاع بشكل أسرع من آجال الاستحقاق الأطول إلى الأبد.

هناك العديد من المشكلات الأخرى كذلك، بما فيها علامات التوتر الأكثر وضوحاً في منطقة اليورو.

الأسواق تتخلّص من تأثير احتمالات تصاعد التوترات في أوكرانيا

ارتفعت عوائد السندات الإسبانية لأجل 10 سنوات إلى علاوة 100 نقطة أساس فوق مثيلاتها الألمانية، وهي الأعلى منذ صيف 2020، في الوقت الذي تقترب فيه عائدات السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات من 2%.

هذا الوضع لا يُشكِّل أزمة، ولكنَِّه غير مريح. ستضيف الانتخابات الرئاسية الفرنسية في أبريل أيضاً المزيد من التوتر إلى هذا المزيج.

ارتفاع عائدات الائتمان

كما تأثرت فروق الائتمان، وهي العلاوة التي تقدّمها الشركات على الديون الحكومية، بالضغط في الآونة الأخيرة برغم الاقتصادات الأساسية القوية المتسعة النطاق.

إلى جانب الوضع في أوكرانيا؛ ألقى ارتفاع العائدات الحكومية بثقله على جميع السندات، وتضاءل نشاط الإصدار الجديد إلى حد كبير مع شعور المُصدِّرين ذوي الجودة العالية بالثقة في اختبار طلب المستثمرين.

نجحت بلجيكا يوم الثلاثاء في توحيد صفقة مدتها 30 عاماً مع تجاوز الطلبات مبلغ 36 مليار يورو (40.9 مليار دولار).

بالنسبة الشركات، جمعت شركة "برولوغيس"(Prologis) 500 مليون جنيه إسترليني (677 مليون دولار) في صفقة خضراء من شريحتين، ووضعت "بي إم دبليو فاينانس" صفقة قياسية باليورو.

ستحرص جهات الإصدار على جمع التمويل قبل ارتفاع المعدلات، وإذا هدأ الارتفاع التصاعدي في العائد؛ سيسعدهم تلبية الطلب من المستثمرين. هناك الكثير من الأموال لاستخدامها إذا اختفت الحرب من جدول الأعمال.

في غضون ذلك، يمكن للأسهم، وربما ينبغي، أن تأخذ قسطاً من الراحة هي في أمس الحاجة إليه بعد عام 2022 المزعج حتى الآن.

هناك شكٌّ في مدى حجم مساهمة التوتر بأوروبا الشرقية في التصحيح الأخير، ولكنَّ تفكيك أسهم التكنولوجيا وأسهم "الميم" التي كانت محبوبة في السابق ساهم في ذلك بشكل كبير أيضاً. سيتلاشى الانبهار بالمزيد إذا اتجهت أسعار الفائدة إلى الأعلى بثبات.

كانت بداية هذا العام صعبة، وقد تتضخم إلى حد كبير إذا ظهر السيناريو الأسوأ في أوكرانيا. لكنَّ القرار الذي لا يتضمن إراقة دماء من شأنه فقط إعادة ترتيب قائمة الضغوط الأساسية.

سيستمر تعثر التعافي المفكك، والانفجار التضخمي الهائل؛ لذلك عليك أن تتجنب المرحلة الصعبة وكن مرتباً، ولا تتوقَّع الكثير من عائد السلام.