ترويج السياسيين للعملات المشفرة مجازفة.. لكنها عديمة الضرر

فرانسيس سواريز، عمدة ميامي. فلوريدا. الولايات المتحدة
فرانسيس سواريز، عمدة ميامي. فلوريدا. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تلقى رؤساء بلديات ميامي ونيويورك رواتبهم بالعملات المشفرة. ويريد أحد المشرّعين في ولاية أريزونا إعلان "بتكوين" عملة قانونية أو رسمية. ومن فلوريدا إلى وايومنغ؛ وضع المسؤولون في الولايات، والمسؤولون المحليون خططاً، أو نفذوا أخرى لتحصيل ضرائب مختلفة بالرموز الرقمية. وفي بعض الأحيان، وُصفت التطورات بأنَّها تمثل تحدياً لهيمنة الدولار الأمريكي.

فهل أصبحت العملات المشفَّرة فجأة رسمية؟ ليس بعد. والاهتمام المبذول بشأن تلك الجهود يتجاوز بكثير العواقب المحتملة. وبما أنَّ الناس لا يميلون إلى أخذها (الجهود) على محمل الجد، أو يجبرون على ذلك؛ فيجب أن تكون الحكومات حرة في إجراء التجارب وفق ما تراه مناسباً.

كما أنَّ الضجيج المحيط بالأصول الافتراضية وتكنولوجيا "البلوكتشين"، ليس غير مبرر تماماً.

اقرأ أيضاً: خلاف بين يلين والبيت الأبيض يبطئ التوصل لاستراتيجية بشأن العملات المشفرة

يمكن للعملات الرقمية المنظمة بشكل صحيح -الصادرة عن مؤسسات خاصة، أو عن الحكومة- أن توفر للمستهلكين والشركات مئات المليارات من الدولارات من رسوم المعاملات، وربط المزيد من الأشخاص بالنظام المصرفي الرسمي، وتبسيط المدفوعات الدولية.

يمكن للعملات الرقمية أن تجعل النظام المالي بأكمله أكثر مرونة، من خلال تقليل اعتماده على مجموعة صغيرة من البنوك المعرضة للأزمات.

مع ذلك؛ يظل هذا المستقبل الرائع بعيد المنال، ولا علاقة للمبادرات الحكومية والمحلية المعنية بتحقيقه.

على العكس من ذلك، يبدو أنَّها تؤدي دورها إلى حد كبير، وتهدف إلى توليد الشهرة والتشبث بالحماس الحالي صوب العملات المشفَّرة، الذي يتعلق بالمضاربة التي لا مكسب فيها أكثر من خلق القيمة، وتحسين النظام المالي.

الخطر الأكبر

وكما هو الحال؛ فإنَّ تلقي الأموال، أو دفع الضرائب بالرموز الرقمية بعيد كل البعد عن الجاذبية أو الاستهواء. إذ إنَّ معظم العملات المشفَّرة متقلبة للغاية. وعلى سبيل المثال؛ انخفضت قيمة العملة المشفَّرة لأول أجر يتقاضاه عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز بنحو 15% في الأيام الأولى بعد استلامه.

الرموز المرتبطة بالدولار ليست موثوقة بشكل خاص أيضاً. يمكن أن ينطوي التعامل بالعملات الافتراضية على عقبات في المعالجة، ورسوم غير متوقَّعة، أو يتطلب وسطاء موثوقين لا يستوفون المعايير التقليدية.

ثم هناك خطر دائم يتمثل في فقدان العملة المشفَّرة أو سرقتها.

يتمثل الخطر الأكبر في أنَّ المقترحات ستقنع الناس بطريقة ما، أو تجبرهم على استخدام العملات المشفَّرة، أو تعريض المالية العامة للخطر، من خلال مطالبة الحكومات بالاحتفاظ بها.

اقرا أيضاً: الإمارات تستعدّ لإصدار تراخيص لخدمات العملات المشفرة بنهاية مارس

في حالة ولاية أريزونا، على سبيل المثال، يمكن تفسير حالة "العملة القانونية" على أنَّها تتطلب قبول بتكوين لتسوية الديون، على الرغم من أنَّ مسودة القانون لم تحدد، وربما تكون غير دستورية إذا أقرت ذلك.

كما أنَّ مبادرة ولاية وايومنغ التي تنطوي على ضرائب المبيعات والاستخدام يمكن أن تقود إلى جعل الولاية تحتفظ بالعملات المشفَّرة، مما يمثل خطراً واضحاً على دافعي الضرائب. (في معظم هذه النظم أو المخططات؛ يتم تحويل مدفوعات العملة المشفَّرة فوراً إلى دولارات).

على الرغم من ذلك؛ يمكن التحكم في مثل هذه المخاطر، فليس هناك ضرر كبير في أن تكون مبدعاً. ومعظم المقترحات قد لا تؤتي ثمارها. فالمبادرات النادرة القابلة للتطبيق عملياً لم تدم طويلاً.

قد يهمك: لا مناص عن الدولار الرقمي الأمريكي

فعلى سبيل المثال؛ تردد أنَّ محاولة في ولاية أوهايو عام 2018 لتحصيل ضرائب الشركات بالعملات المشفَّرة قد اجتذبت أقل من 10 مشاركين، قبل وقف العمل بها.

وفي مقاطعة سيمينول بولاية فلوريدا؛ لم يكن لمحاولة محصل الضرائب السابق جويل جرينبيرج، قبول الرسوم وضرائب الممتلكات باستخدام عملة "بتكوين" أي مشاركين على وجه التحديد (قبل أن يستقيل ويعترف بالذنب في مختلف الجرائم الفيدرالية).

لا يمكن للمرء إلا أن يقدّر المسؤولين الذين يسارعون إلى تبني العملات المشفَّرة بشكل مثير للسخرية، وهي حركة تهدف في الأصل إلى تفادي الحاجة إلى السلطات المركزية.

ومع ذلك؛ لا حرج في إجراء القليل من التجارب إذا لم يتعرض خلال ذلك أي شخص للأذى، وقد يحفز الأمر بعض الابتكار الإضافي. ولكن يتعين عدم ارتكاب الخطأ في إضفاء الطابع القانوني على تكنولوجيا ما تزال أمامها طريق طويلة لتقطعها.