السيولة اليابانية تتأهب لاقتناص سندات الخزانة الأمريكية

مشاة يمرون بجوار مبنى الخزانة الأمريكية في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة.
مشاة يمرون بجوار مبنى الخزانة الأمريكية في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعاصر سندات الخزانة أسوأ بداية عام لها منذ أكثر من أربعة عقود، لكن مجموعة مألوفة من الداعمين قد تهبّ قريباً لإنقاذها.

يتزايد زخم المستثمرين اليابانيين -أكبر حائز أجنبي للسندات الأمريكية- لزيادة المشتريات، إذ أظهرت المزادات الأخيرة طلباً قوياً في الخارج، ويشير مديرو الصناديق إلى عدم وجود بديل حقيقي. ويُنظَر إلى هؤلاء المستثمرين على أنهم ينتظرون مرور شهر مارس متقلب قبل الاستعداد لبدء السنة المالية الجديدة في أبريل، بعد أن كانوا بائعي سندات بارزين في الرهانات المتسارعة على رفع أسعار الفائدة الفيدرالية.

مستثمرو السندات يراهنون على رفع الفائدة الأمريكية 7 مرات في 2022

يقول ساتوشي ناجامي، رئيس مجموعة تخصيص الأصول في شركة "سوميتومو ميتسوي دي إس أسيت مانجمنت": "في السنة المالية الجديدة لا تغيير في واقع أن سندات الخزانة الأمريكية وجهة استثمارية مهمة جدّاً للمستثمرين اليابانيين... لكن إلى حين أن يصبح مسار السياسة النقدية الأمريكية حازماً وواضحاً، سيكون من الصعب الاندفاع على الفور إلى الشراء".

زادت تقلبات سوق السندات هذا الشهر مع بيع سندات الخزانة في ظل تصاعد توقعات رفع أسعار الفائدة، وتزايدت مع اشتعال المخاطر الجيوسياسية. انخفضت العوائد المعيارية إلى أقلّ من 1.9% في التعاملات الآسيوية يوم الثلاثاء وسط التوترات المتفاقمة بسبب الأزمة الروسية-الأوكرانية.

لكن كشفت المزادات الأمريكية الأخيرة عن ارتفاع الطلب من المستثمرين الأجانب، إذ تُتداوَل عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات عند نحو 2%. لليابانيين، ولا تزال الديون الأوروبية أقل جاذبية حتى بعد تجاوز السندات الألمانية حاجز الصفر في وقت سابق هذا العام، في حين أن "بنك اليابان" يضع حداً للعوائد في الداخل.

"النقد الدولي" يوصي بنك اليابان بمواصلة التحفيز وسط تشديد نقدي عالمي

بلغ العائد المحوّط بالعملة على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات 1.21% يوم الجمعة، مقارنة بـ 0.61% لنظيره في السندات الألمانية، و0.94% على سندات الحكومة اليابانية لمدة 30 عاماً، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". يُذكر أن الأسواق الأمريكية أغلقت يوم الاثنين في عطلة رسمية.

عائدات السندات الحكومية

الضربة المزدوجة

ساعدت الضربة المزدوجة المتمثلة في ارتفاع معدلات التضخم، وإرساء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسس لرفع أسعار الفائدة، في انخفاض مؤشر "بلومبرغ" لسندات الخزانة بنحو 3% حتى الآن هذا العام، في ما يُعَدّ أسوأ بداية له منذ عام 1980 على الأقلّ. يُعتبر الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة المرتقب في مارس من الأسباب التي جعلت مديري الصناديق اليابانية يتريثون ويترقبون الوضع.

في حين أن من الصعب تحديد تأثير زيادة مشتريات اليابانيين في سندات الخزانة، إلا أنه تزامنت الفترات التاريخية التي انسحبوا فيها من السوق غالباً مع حدوث طفرات في العوائد.

يقول ناوكازو كوشيميزو، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسعار الفائدة في شركة "نومورا سيكوريتيز" التي يقع مقرها في طوكيو: "يتخذ المستثمرون اليابانيون موقف (انتظر وترقب) بسبب مخاطر رفع سعر الفائدة الفيدرالية بمقدار 50 نقطة أساس في مارس... وهو ما إن حدث فسيتباطأ التضخم في الفترة من أبريل إلى يونيو، ومن المرجح أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ، ثم أتوقع أن يتحقق الطلب الياباني على سندات الخزانة".

البنوك المركزية العالمية تتجه للتشديد الكمي بعد خطة "الفيدرالي" لرفع الفائدة

تحدث كوشيميزو قبل تعليقات يوم الجمعة الصادرة عن رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك جون ويليامز الذي يميل إلى معارضة رفع النصف نقطة، مما دفع التجار إلى تقليص توقعاتهم لشهر مارس. وفي يوم الاثنين أشارت ميشيل بومان العضوة في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن زيادة أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية قد تكون مطروحة للنقاش إذا كانت بيانات التضخم الواردة مرتفعة للغاية.

كان ارتفاع العوائد على المستوى العالمي، لذلك فأمام السيولة اليابانية طرق أخرى. ولكن يوحي عدم اليقين بشأن وتيرة رفع أسعار الفائدة عبر المحيط الهادئ بأن البعض قد يفكر في السندات الأوروبية.

في هذا السياق قال إيشيرو ميورا، المدير العامّ لقسم الدخل الثابت في "نيساي أسيت مانجمنت": "صافي الربح النسبي للمحفظة أعلى في الولايات المتحدة منه في أوروبا الآن، ولكن الاختلاف مع الولايات المتحدة هو أن وتيرة رفع أسعار الفائدة ستكون أبطأ في أوروبا... بينما يُرجَّح أن تحتفظ شركات التأمين على الحياة بمخصصات معينة لسندات الخزانة، فإنها قد تلجأ أيضاً إلى أوروبا، مع مراعاة مخاطر تسارع زيادات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة".

تدخُّل محلي

وبينما ارتفعت العوائد في اليابان أيضاً -اقترب العائد لأجل 30 عاماً من 1% يوم الخميس، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2016- يثبّت "بنك اليابان" ذلك بسياسته للتحكم في منحنى العائد. تَدخَّل البنك المركزي في السندات لأجل 10 سنوات في 14 فبراير، ويتكهن بعض المتداولين بأنه يمكن أن يفعل شيئاً أيضاً للأوراق المالية ذات الأجل الأطول.

متعاملو السندات يتأهبون لتدخُّل "بنك اليابان"

يشير هذا إلى أن الطلب على سندات الخزانة سيستمرّ، إذ اشترى المستثمرون اليابانيون منها أكثر من سندات أي سوق أخرى في العام الماضي، حتى مع خفض مشترياتهم بمقدار النصف تقريباً إلى 5.5 تريليون ين (47.7 مليار دولار).

يقول أندرو مولينر، رئيس الاستراتيجيات الكلية العالمية في "يانوس هندرسون" (Janus Henderson): "نتوقع استمرار شراء اليابان سندات الخزانة، خصوصاً مع نهاية السنة المالية، وما دام بنك اليابان يخفض معدلات الفائدة في اليابان".