حذف السير الذاتية من عمليات التوظيف قد يحدّ من التمييز

رسم: كاتي زيلاغي/ بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حين سعت منظمة "هيلث داتا ريسيرتش " (Health Data Research) غير الربحية المتخصصة بالبحوث حول الصحة العامة في المملكة المتحدة، إلى تحسين سجل هذا القطاع في توظيف النساء من ذوات البشرة السوداء عبر برنامج تدريبي جديد؛ عمدت إلى إلغاء جزء مهم من عملية التقدم إلى الوظائف والمتمثل في السيرة الذاتية.

اقرأ المزيد: "بلاك روك" تنضمّ إلى الشركات الأمريكية في معركتها ضد العنصرية

فبدل النظر إلى المستوى التعليمي والخبرة المهنية من أجل اختيار المرشحين الذين يصلون إلى المرحلة الأخيرة من بين 159 متقدماً لبرنامجها الموجّه للأشخاص من ذوي البشرة السوداء في مناصب علوم البيانات؛ أعدّت المنظمة استبياناً قصيراً طلبت فيه من المرشحين، أن يشرحوا ما هو الذكاء الصناعي، أو الحديث عن تكنولوجيا جديدة يقومون بدارستها.

اقرأ أيضاً: تلاشي وظائف أمناء الصناديق يهدد تواجد المرأة في القطاع المصرفي

كانت النتيجة أنَّ عدد النساء اللواتي تقدّمن للوظيفة، أكبر من عدد الرجال. وفي النهاية؛ اختارت "هيلث داتا ريسيرتش" 30 امرأة من أصل المجموع البالغ 48 متدرباً. واليوم؛ تستخدم المنظمة عملية التوظيف ذاتها، القائمة على المهارات، من أجل تعيين موظفين بدوام كامل. وقالت تامي بالمر، رئيسة شؤون الموارد البشرية: "نحن نعرف أنَّ ثمة مواهب كبيرة لم يتم اكتشافها". وأضافت: "نحاول التخلص من المنطق القائل، إنَّه لا بد أن ينتمي الشخص إلى نوع محدد، أو أن يكون متخرجاً من نوع محدد من الجامعات ليصبح عالماً".

اقرأ المزيد: عهد ميركل لم يضف الكثير لمساعدة النساء العاملات الألمانيات

مهارات بلا شهادات

تأتي هذه المبادرة في إطار توجه يقوده عدد من المنظمات لتبني عملية توظيف تخفف من الأهمية الممنوحة للمؤهلات التعليمية والمهنية. صحيح أنَّه لطالما كان اختبار مهارات المرشحين جزءاً من مقابلات العمل في العديد من الوظائف التكنولوجية؛ إلا أنَّ استخدام مثل هذه التقييمات من أجل الحدّ من أهمية المؤهلات الرسمية، يعدّ ظاهرة جديدة مستلهمة من حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter).

بالإضافة إلى "هيلث داتا ريسيرتش"؛ وقّعت أكثر من 80 شركة، بينها "ديل تكنولوجيز" (Dell Technologies)، و"جيه بي مورغان تشيس آند كو"، و"فايزر"، على مبادرة تمتد لسنوات عدة مدعومة من مجموعة الضغط "الطاولة المستديرة للأعمال" (Business Roundtable)، تهدف إلى إصلاح إجراءات التوظيف لتنسجم مع هذا التوجه. كذلك؛ بدأت هذه الشركات تراجع استخدامها للخوارزميات التي تحلل السير الذاتية من أجل تقليص قائمة المرشحين، بحسب ما قاله داين لين، نائب الرئيس لمبادرات الشركات في "الطاولة المستديرة للأعمال". وأضاف: "ثمة أشخاص مؤهلون يملكون المهارات المناسبة، لكن لا يتم توظيفهم لأنَّهم لا يملكون الشهادات".

برامج لتقييمات معيارية

تعد شركة التوظيف "أبلايد" (Applied) في المملكة المتحدة، واحدة من الشركات التي تحاول تقديم أدوات تعزز المساواة، ربما تكون أيضاً أكثر دقة في الحكم على المرشحين المحتملين. فهي تصنّع برامج إلكترونية يمكن أن تستخدمها الشركات لإعداد تقييمات معيارية، من دون الكشف عن هوية المرشح في المرحلة الأولى. بعدها، يمكن للشركة أن تقلّص عدد المرشحين من خلال وضع علامات للمتقدمين على الوظيفة مقارنة بمعايير محددة، بحسب الرئيسة التنفيذية لشركة "أبلايد" خياتي سوندارام. وقالت، إنَّ هذه المبادرة تهدف إلى معالجة التمييز، ليس من خلال العمليات التوظيفية التي تأخذ العرق صراحة في عين الاعتبار؛ ولكن من خلال القضاء على التحيز الذي يمنع الأشخاص الذين ينتمون إلى المجموعات الديمغرافية ضعيفة التمثيل من تحقيق تقدم. يمكن مثلاً لشركة تكنولوجيا أن ترسل لمبرمج مرشح شفرة معطلة ليقوم بإصلاحها. وقد تطلب شركة نشر من مرشح أن يبتكر عرضاً لكتاب يقدّمه خلال المقابلة. وقالت سوندارام: "علينا أن نبتكر تقييمات قادرة على توقُّع ما إذا كان هذا الشخص يستطيع القيام بالوظيفة".

تكافؤ الفرص

إلا أنَّ بعض العاملين على مسائل التنوع؛ يرون أنَّ تأثير هذه الاستراتيجية سيكون محدوداً في حال لم تترافق مع برامج أخرى تعالج انعدام المساواة المتجذر. وقالت فرانشيسكا ويليامز أوني، مديرة الخدمات الاستشارية في مؤسسة "غرادز أوف لايف" (Grads of Life)، وهي مجموعة تهدف إلى تعزيز التنوع في مكان العمل من خلال دعم التوظيف القائم على المهارات: "يحتاج الناس أن يشعروا بأنَّهم قادرون على أن يكوّنوا أنفسهم في مكان العمل، بأي شكل، وأي وضع".

تشير "أبلايد" إلى نتائج بحوثها التي أظهرت أنَّ الشركات التي استخدمت عملية توظيف قائمة على المهارات زادت عدد النساء اللواتي تم توظيفهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات بنسبة بلغت حوالي 70%، مقارنة بالمعدلات الوطنية. وقالت سوندارام: "نحن نبني مجالاً يسود فيه تكافؤ الفرص".