صناعة الأغذية البديلة تزدهر عالمياً.. وهذه هي الأسباب

التوجه نحو الأنظمة الغذائية النباتية والابتعاد عن اللحوم يتزايد عالمياً
التوجه نحو الأنظمة الغذائية النباتية والابتعاد عن اللحوم يتزايد عالمياً بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتزايد التوجه نحو الأنظمة الغذائية النباتية عالمياً، يوماً بعد يوم، الأمر الذي أوجد صناعة مزدهرة لبدائل المنتجات الغذائية المشتقة من الحيوانات، تتجاوز قيمتها حالياً مليارات الدولارات.

وتشمل تلك الصناعات، الحليب، والأجبان غير المصنَّعة من الألبان، والدجاج، والأسماك، واللحوم المقلدة، والجلود المصنوعة من أوراق الأناناس، أو قشر التفاح.

وتعكس نتائج الطرح العام الأوَّلي لشركة تصنيع اللحوم البديلة "بياند ميت" مدى انتشار هذا التوجه، والتفاؤل بمستقبل ما يمكن تسميته بـ"الاقتصاد النباتيّ" الجديد.

ولا يستند ذلك التفاؤل إلى تزايد أعداد المستهلِكين الذين يختارون التخلي عن اللحوم، ومنتجات الألبان لأسباب أخلاقية فحسب؛ بل تؤكده أيضاً الأعداد المتزايدة لغير النباتيين المهتمين بصحتهم، وسلامة الكوكب.

استطلاع: ثلث البريطانيين قلَّصوا أو توقفوا عن شراء اللحوم

النظام "النباتي المرن"

يقول العديد ممن يأكلون اللحوم، إنَّهم يقللون تناولهم لوجبات، مثل البرغر، وشرائح اللحم، والنقانق، أو إنَّهم يحاولون ذلك، وقد كشف استطلاع أمريكيّ أنَّ 31% من المشاركين، وصفوا أنفسهم بمتَّبعي النظام "النباتي المرن"، وهُم الأشخاص الذين يستبدلون بالأطعمة الأخرى اللحوم أحياناً.

وفي استطلاعات أخرى، قال ثلث البريطانيين، إنَّهم قلَّصوا أو توقَّفوا عن شراء اللحوم، في حين أفاد نصف الأستراليين بتناول كميات أقل من اللحوم الحمراء.

وبالرغم من ارتفاع الاستهلاك العالمي للحوم؛ إلا أنَّ التغير في العادات الغذائية مايزال مستمراً، خاصة في الولايات المتحدة، والدول النامي،ة مثل الصين التي تتبع أنظمة غذائية تعتمد تقليدياً على النباتات بصورة كبيرة، وهي مميزة بشكل خاص بين الشباب، مما أدى إلى ارتفاع الطلب على فئة جديدة من المنتجات ذات مذاق وملمس يشبه اللحوم، والحليب، والجبن.

وعلى سبيل المثال، توجد منتجات "بياند برغر" و"إمبوسيبول برغر"، و"بارميزان" أو "ريكوتا" النباتية، وبدائل الحليب المشتقة من المكسرات، والشوفان، والأرز، وفول الصويا.

وقد تسبَّبت موجة الحماسة للحصول على "إمبوسيبول برغر" (المتاح حالياً على قوائم "برغر كنغ")، وشراب حليب الشوفان "أوتلي"، في نقص كليهما في جميع أنحاء الولايات المتحدة في عام 2019.

التمويل وتوقعات النمو

وفي حين ضمَّت قائمة أوائل المموِّلين لصناعة بدائل اللحوم الملياردير الشهير بيل غيتس، المؤسِّس المشارك في شركة "مايكروسوفت"، إلا أنَّ عموم المستثمرين يتشاركون حالياً في الأرباح، إذ ارتفعت أسهم شركة "بياند ميت" بنسبة 600% خلال الأشهر الثلاثة التي تلت الاكتتاب العام الأولي في مايو 2019.

ويتوقَّع بنك "باركليز بي إل سي" الاستثماري نمو قيمة صناعة بدائل اللحوم إلى 140 مليار دولار خلال العقد المقبل، أو ما يوازي 10% من سوق اللحوم العالمية.

ومن ناحية أخرى، أصبح المزيد من المستهلكين الأمريكيين يتجنَّبون شراء الأحذية الجلدية، وديكورات السيارات الداخلية المصنوعة من الجلد.

في عام 1944، صاغ رجل إنجليزي يدعى دونالد واتسون مصطلحاً للنباتيين الذين يتجنَّبون منتجات الألبان، عندما شارك في تأسيس الجمعية النباتية، وبالرغم من أنَّ عدد النباتيين قفز خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنَّهم لا يزالون يمثِّلون أقلية.

6 % من الأمريكيين يصفون أنفسهم بأنهم نباتيون

ووفقاً لشركة "غلوبال داتا" للأبحاث، فقد وصف 6% من الأمريكيين أنفسهم في عام 2017 بأنَّهم نباتيون، مقابل نسبة بلغت 1% قبل ثلاث سنوات فقط.

ووجدت إحدى الدراسات أنَّ الاهتمام برعاية الحيوان كان المحرِّك الرئيسي للحدِّ من تناول اللحوم بين البريطانيين، في حين كان القلق على الصحة الشخصية بين الأسباب الأكثر شيوعاً في كثير من الدول الأخرى.

وتشير دراسات كثيرة إلى فوائد اتباع نظام غذائيّ مرن، أو نباتيّ بالأساس، بما في ذلك تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، وبعض أنواع السرطان.

وبحسب مؤلِّف إحدى الدراسات التي نُشِرَت عام 2018 في مجلة "ساينس"؛ فإنَّ القلق على كوكب الأرض يُعَدُّ الدافع القوي المتزايد لتجنُّب تناول اللحوم، ومنتجات الألبان كونها من بين أكثر الطرق فاعلية للحدِّ من التأثير البيئي للأشخاص، وذلك لأنَّ تربية الماشية تنتج ما يقدَّر بنحو 14.5% من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالَم، الأمر الذي من شأنه تسريع الاحتباس الحراري. كما تُعدُّ تربية حيوانات المزرعة أيضاً أحد أكبر العوامل التي تسهم في إزالة الغابات، مما يحدُّ من قدرة الأرض على امتصاص ثاني أكسيد الكربون.

شكوك حول مدى صحية بعض بدائل اللحوم المصنَّعة

ويشكِّك خبراء التغذية في المؤهّلات الصحية لبعض بدائل اللحوم المصنَّعة، مشيرين إلى ارتفاع نسبة الصوديوم، والسعرات الحرارية.

وحذَّرت مجموعة أصدقاء البيئة، من أنَّ المكونات المعالجة وراثياً، مثل العنصر الغني بالحديد الذي يجعل طعم "إمبوسيبول برغر" يبدو كأنَّه لحم طبيعي، وتتطلب اختبارات شديدة الصرامة لتحديد سلامتها من الناحية الصحية.

ويتعلق نوع آخر من القلق، بكون كثير من ابتكارات الصناعة تأتي من الشركات الناشئة في وادي السليكون، والمدعومة من قِبل أصحاب رأس المال المخاطر، الذين قد يغلب تركيزهم على زيادة الاستهلاك إلى الحدِّ الأقصى، على المخاوف المتعلقة بالسلامة العامّة.

وتشمل الإشارات المتزايدة لنمو مستقبل الاقتصاد النباتي، الاستثمارات الضخمة في الأطعمة النباتية من قِبل شركات اللحوم، والألبان التقليدية.

وتسلِّط استطلاعات الرأي الضوء على لحظة إدراج الأطعمة النباتية المسعَّرة في متاجر الأطعمة الطبيعية، كنقطة ازدهار فارقة في الصناعة، إذ قال نصف المستهلِكين في أحد الاستطلاعات الأمريكية، إنَّ السبب الرئيسي لاختيار الأطعمة النباتية هو المذاق.

ما العلاقة بين استهلاك اللحوم ودرجات حرارة الأرض؟

ويجادل المدافعون عن استبدال اللحوم، بأنَّ البشر سيتعيَّن عليهم تغيير نظامهم الغذائي بشكل جذريٍّ لتجنُّب تغيُّر المناخ، شاؤُوا أم أبَوْا، كما يستشهدون بأبحاث مثل ورقة بحثية نُشرت في مجلة "نايتشر" تقدِّر أنَّ استهلاك اللحوم في الدول الغربية يجب أن ينخفض بنسبة 90% للحفاظ على درجات الحرارة العالمية تحت السيطرة.

وأشاروا إلى أنَّ الضغط على النظم الغذائية يتفاقم بسبب التوقُّعات بأنَّ ملياري شخص سيكونون هناك من أجل إطعامهم في غضون ثلاثة عقود.