القوة الاقتصادية هي أفضل سلاح للغرب ضد بوتين

الغرب يوسع العقوبات الاقتصادية على روسيا بعد غزو أوكرانيا
الغرب يوسع العقوبات الاقتصادية على روسيا بعد غزو أوكرانيا المصدر: بلومبرغ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لقد فعلها فلاديمير بوتين؛ فقد شنّ الرئيس الروسي غزواً واسع النطاق ضد أوكرانيا متجاهلاً الإدانة شبه العالمية، مما أكّد أسوأ مخاوف الغرب. وما ارتكبه يمثّل عملاً مقيتاً من العدوان غير المبرر الذي يُهدّد الأمن والاستقرار العالميين، وبالتالي؛ يجب أن تكون استجابة العالم سريعة ودقيقة.

وفي الواقع، تعكس تصرفات بوتين التجاهل المتعمد للقانون الدولي وحياة الأبرياء؛ وهي تنتهك المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الدولي بأنَّ للدول ذات السيادة الحق في تحديد مصيرها، وأنَّ الحدود لا يمكن تغييرها بالقوة.

ومع مراعاة مخاطر التصعيد العسكري مع قوة نووية عظمى؛ يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الآن اتخاذ خطوات فورية ومنسّقة لعزل بوتين، وممارسة الضغط على الاقتصاد الروسي.

تفاصيل العقوبات الأمريكية والأوروبية ضد روسيا

يُشار إلى أنَّ الهجوم الروسي كان متوقَّعاً منذ شهور. فقد بدأ بوتين في إعداد الأساس للتصعيد في وقت سابق من هذا الأسبوع بالاعتراف بجمهوريتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، وعقد اجتماع متلفز ضمِن خلاله أن يتشارك كبار المسؤولين المسؤولية.

أما يوم الخميس؛ فقد أغلق الباب أخيراً على حل سلمي، إذ قال للمواطنين في خطاب ألقاه قبل الفجر، إنَّ روسيا لا تستطيع الشعور بالأمان مع "التهديد المستمر" من أوكرانيا، و"تصلّب" موقف الناتو. ومع ضغط قواته على كييف؛ يقول الكرملين، إنَّ هدفه لا يقل عن "تحرير" أوكرانيا.

الخيارات المتاحة أمام الغرب

علاوةً على ذلك، وبعد شهور من الصراع مع غموض بوتين الاستراتيجي والقلق بشأن ما سيحدث في حالة حدوث "توغل بسيط"؛ يتمتع الغرب الآن بميزة الوضوح. إذاً، ما الذي يمكن للولايات المتحدة وحلفائها فعله للحد من المغامرة الروسية وحماية المدنيين؟

الخيارات العسكرية المتاحة أمام الغرب محدودة. إذ تمتلك القوات الروسية تفوقاً ساحقاً على نظيراتها الأوكرانية. وفي هذه المرحلة، من غير المرجح أن تمنع زيادة المساعدة العسكرية للجيش الأوكراني ضم بوتين لأجزاء من البلاد.

بدلاً من ذلك، يجب على الحكومات الأمريكية والأوروبية استغلال أكبر ميزة استراتيجية لها على بوتين - قوتها الاقتصادية - وعزل روسيا عن النظام المالي العالمي، بهدف تقييد الاقتصاد الروسي.

شركات الطاقة الأوروبية تسارع إلى شراء الغاز الروسي بعد الهجوم

وفي هذا الصدد؛ فإنَّ الإجراءات التي اتخذتها بالفعل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، على الرغم من أهميتها؛ ستحتاج إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير.

فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركة التي تقف وراء خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الممتد من روسيا إلى ألمانيا، وأوقفت برلين، المترددة منذ فترة طويلة، المشروع التاريخي.

كما فُرضت عقوبات إضافية على الديون السيادية، فضلاً عن السياسيين الأثرياء، والبرلمانيين، والمسؤولين الحكوميين، بما في ذلك وزير الدفاع سيرغي شويغو.

الصين تُعلّق شراء النفط الروسي المنقول بحراً بعد الغزو

من جانبها، أعلنت الحكومة البريطانية يوم الخميس تجميد أصول جميع البنوك الروسية الكبرى، ومنعت الشركات الروسية من زيادة رأس المال في أسواق المملكة المتحدة، وفرضت عقوبات على نحو 100 من أعضاء النخبة الروسية.

وبدوره؛ فرض الرئيس الأمريكي جو بايدن عقوبات على خمسة بنوك روسية كبرى تمتلك أصولاً بقيمة تريليون دولار، وتحرّك لحرمان روسيا من القدرة على استيراد التكنولوجيا الغربية. وفي حال استمر هجوم بوتين؛ فعلى الغرب أن يُفكّر في اتخاذ إجراءات إضافية، بما في ذلك استهداف ثروة بوتين الشخصية.

أزمة الطاقة

الجدير بالذكر أنَّ الاحتياطيات الهائلة لروسيا من العملات، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة ودعم الصين؛ ستسمح لـِ بوتين بتحمّل الموجة الأولى من العقوبات.

ومن المرجح أن تضعف العزيمة الغربية بسبب اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، والذي زادت حدته بفعل قرار ألمانيا قصير النظر بإغلاق محطاتها النووية. إلا أنَّ الاقتصاد الروسي أصغر من أن يُبقي على حالة الحرب إلى أجل غير مسمى.

وعلى الرغم من أنَّ العقوبات وحدها لن تزيح القوات الروسية عن أوكرانيا، إلا أنَّ التطبيق الصبور وغير المحدود للضغط الاقتصادي يظل أقوى أسلحة الغرب لردع المزيد من العدوان الروسي.

إنفوغراف.. أكبر شركاء أوكرانيا التجاريين من الدول العربية

فضلاً عن ذلك؛ يجب أن يكون الغرب على دراية بالتحدي الذي يواجهه؛ فقد استغل بوتين سنوات من فك الارتباط الأمريكي لزرع الفوضى، وتقسيم الناتو، ومحاولة التراجع عن نظام ما بعد الحرب الباردة في أوروبا.

وهو يُهاجم الآن دولة أوروبية ديمقراطية، وتجمعها علاقات عميقة مع شعبه الروسي الذي لديه رغبة قليلة في القتال.

ولن يؤدي رد الفعل المتذبذب من جانب الولايات المتحدة وحلفائها إلا إلى تشجيع الآخرين، ولا سيما الصين، على محاولة تعزيز مصالحهم بالقوة؛ وبالتالي؛ هذه ليست اللحظة المناسبة للضعف.