المصرفيون يناقشون احتمالات الحرب النووية وراء الكواليس

كاتدرائية القديس باسيل في الميدان الأحمر ليلاً في موسكو
كاتدرائية القديس باسيل في الميدان الأحمر ليلاً في موسكو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتحدث البنوك الدولية في جهرها عن محدودية تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا في الأعمال، أما خفيةً فهي تناقش فرص نشوب صراع نووي.

جمعت "غولدمان ساكس" عملاءها عبر الهاتف مع أليكس يونغر، الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني (MI6)، الذي يعمل الآن مستشاراً للشركة العملاقة في وول ستريت. قال يونغر إنّ هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 30 عاماً التي يكون فيها خطر المواجهة النووية احتمالاً حقيقياً.

القوة الاقتصادية هي أفضل سلاح للغرب ضد بوتين

هذا الحادث مثال صارخ على كيفية انزلاق العالم المصرفي إلى منطقة مجهولة بسبب هذا الصراع، تماماً كحال كل المجالات الأخرى. بعد أشهُر تخللتها تحذيرات ورسم سيناريوهات، ترك عبور الدبابات الروسية للحدود المصرفيين في تخبط.

كانت بنوك مثل "دويتشه بنك" و"كوميرتزبنك" (Commerzbank) حريصة على الإعلان يوم الخميس أنها "احتوت جيداً" تعرضها المالي المباشر لروسيا وأنه "قابل للضبط". هم محقون، إذ إنّ "سوسيتيه جنرال" الفرنسي و"يونكريديتو" الإيطالي و"رايفايزن إنترناشيونال" النمساوي، هي فقط التي لديها وجود كبير على الأرض في روسيا.

لكن التكاليف غير المباشرة للوابل الجديد من العقوبات التي أطلقها البيت الأبيض وبروكسل و10 داوننغ ستريت يصعب قياسها. انخفض مؤشر "يورو ستوكس" لأسهم البنوك الأوروبية الرائدة بنحو 11% هذا الأسبوع، إذ يقيّم المستثمرون المخاطر على الاقتصاد الأوسع والتداول والثروة الخاصة في صناعة التمويل.

تمارين عاجلة

انشغلت البنوك بتمارين تخطيط عاجلة لمحاولة تدبر تعاملها التجاري مع الأطراف المقابلة المدعومة بأموال روسية، وفقاً لمحامٍ يعمل مع عديد من المؤسسات المالية الكبيرة.

تحرك بنك "يو بي إس" بسرعة للحد من تعرضه للأصول الروسية الخميس، ما أطلق طلبات تغطية من بعض عملاء الثروة الذين يستخدمون السندات الروسية كضمان.

إنّ شركات "وول ستريت" ليست محصنة. تنقل بنوك مثل "جي بي مورغان" و"سيتي غروب" و"بي إن واي ميلون" مبالغ ضخمة من الأموال حول العالم عبر شركات خدمات الخزانة الخاصة بها، ما يجعلها جهات إنفاذ فعلية للعقوبات. كلما وردت معاملة مع كيان خاضع للعقوبات، تعيَّن على البنوك حظرها وتجميدها.

تصعيد بوتين مع أوكرانيا يضع الصين في موقف محرج

قال إريك لي، رئيس المعاملات المصرفية في "كواليشن غرينتش" (Coalition Greenwich): "حتى إن لم يكن تعاملك مع بنك روسي خاضع للعقوبات بشكل مباشر كعميل فأنت لست متأكداً تماماً مما إذا كانت المعاملة التي تتعامل بها ستمر عبر بنك روسي... السلسلة معقدة للغاية".

ليست روسيا مثل إيران أو كوريا الشمالية أو فنزويلا، ذوات الروابط المحدودة بالأعمال التجارية العالمية. يتعين على البنوك أن تبحث في طرق لا حصر لها في كيفية إنهاء التعرض لاقتصاد ونظام مالي بحجم روسيا، أو لمجموعة الأثرياء من فئة المتنفذين الروس، الذين أثروا في ظل حكم فلاديمير بوتين.

يتعين على البنوك أيضاً مواجهة مخاطر جيوسياسية مدهشة، فروسيا دولة نووية، وبوتين اتخذ خطوة من حقبة الحرب الباردة بتباهيه بترسانته في خطاب يحاول تبرير الغزو، حتى إن الرئيس جو بايدن سُئل الخميس عما إذا كان يعتقد أن بوتين يهدد بضربة نووية، عندها قال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض: "ليس لدي أي فكرة عما يهدد به".

تعتبر الطبيعة الشاملة للعقوبات الروسية غير مسبوقة.

كشف بايدن بعد ظهر الخميس عن مجموعة إجراءات جديدة، بما فيها تجميد أصول أربعة بنوك روسية كبرى، من بينها "سبيربنك" و"في تي بي بنك" (VTB Bank). بيّن كلاي لوري من "معهد التمويل الدولي" أن الإجراءات الجديدة تهدف إلى الحض على سحب جماعي للأموال من البنوك محلياً، بالإضافة إلى أمور أخرى.

بوتين فائز ما دامت قطة شرودنغر حية

مضى لوري إلى قوله: "سيكون لهذه العقوبات تأثير كبير في الاقتصاد العام لروسيا، وسيشعر الروس العاديون بالتكلفة".

لكن يُتوقع أن يكون تأثير هذه القيود النوعية على البنوك الأجنبية محدوداً، لأن "العقوبات الحالية وخطر اتخاذ تدابير إضافية والإفراط بالامتثال هي عوامل جعلت عديدين يقلصون ارتباطاتهم" مسبقاً، حسب تقرير من "معهد التمويل الدولي" نُشر حديثاً.

قرر بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الامتناع عن حجب روسيا عن نظام "سويفت"، وهو نظام المراسلة العالمي للمؤسسات المالية العالمية. لكن ذلك لا يزال خياراً مطروحاً على طاولة الانتقام في المستقبل.

وقت فلاديمير بوتين لا يتسع لواقعيتكم

تتساءل صناعة المال ما إذا كان إخراج روسيا من "سويفت" سيسبب عديداً من المشكلات للبنوك الدولية كما ستكون الحال لدى الحكومة الروسية.

سيكون استهداف بايدن لجمع من نخب روسيا وأفراد أُسَرهم، بعد خطوة مماثلة من جونسون، مصدر قلق أكبر للبنوك ذات عمليات إدارة الثروات الكبيرة، خصوصاً تلك الموجودة في أوروبا. تُعَدّ البنوك السويسرية الخاصة تاريخياً وجهة رئيسية للأموال الروسية، كما هي حال لندن.

تقول ميشيل ليندرمان، محامية مختصة في العقوبات في "كروويل آند مورنغ" (Crowell & Moring): "في ما يتعلق بالمتنفذين الروس المتورطين، يوجد كثير من الأنشطة التي ينبغي تحليلها، ويوجد عديد من تمارين التجارب الاستباقية في كل مكان في لندن".