كيف كان ريغان سيعامل بوتين لو عاصره؟

ريغان كان يعي أن هناك "أشراراً" حقيقيين وأن القادة والنخب عليهم تحديد هويتهم ومواجهتهم

الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان
الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان المصدر: غيتي إيمجز
Tyler Cowen
Tyler Cowen

Tyler Cowen is a Bloomberg Opinion columnist. He is a professor of economics at George Mason University and writes for the blog Marginal Revolution. His books include “The Complacent Class: The Self-Defeating Quest for the American Dream.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تجعلني أزمة أوكرانيا أفتقد رونالد ريغان، وأخصّ في هذا السياق أنها تجعلني أقدّر جمعه بين الوضوح الأخلاقي والواقعية. كان يعي أن بعض الحكومات شرير، وأن قادتها تواقون إلى القوة ويسعون لتقييد حرية مواطنيهم. تهدد هذه الحكومات أمن العالم.

بالنسبة إلى ريغان، كان الجاني الأول هو الاتحاد السوفييتي، إلا أنه كان يحمل وجهة النظر هذه بشأن الحكومات الشيوعية بشكل عامّ، فقد رأى الشيوعية فكراً يرفع من شأن سلطة الدولة، وهي دولة غير ديمقراطية، على حساب حقوق الفرد.

وقت فلاديمير بوتين لا يتسع لواقعيتكم

يستحيل معرفة ما كان سيفكر فيه ريغان بالضبط بشأن روسيا في عهد فلاديمير بوتين، وهي ليست دولة شيوعية. لكن كل ما قاله وكتبه ريغان يشير إلى أنه كان سيرتاب بشدة. تحرّكت روسيا عسكرياً تحت إمرة بوتين في جورجيا وأوكرانيا وسوريا، وهي تسجن المعارضين السياسيين وتضيّق الخناق على حرية التعبير، كما أنها أبعد ما تكون عن دولة تحكم ديمقراطياً.

لذلك لا أعتقد أن ريغان كان سيُفاجأ بحقيقة أن روسيا حشدت ما لا يقل عن 150 ألف جندي على حدود أوكرانيا، مع وجود احتمال كبير بأن يتصاعد الصراع أكثر قريباً، وقد فهم جيداً منطق ما سماه إمبراطوريات الشر.

أسلوب قديم

عفى الدهر على أسلوب ريغان لسوء الحظ، حتى لدى القاعدة المحافظة. ظل الجمهوريون المنشقون يقولون على مدى 20 عاماً إنهم يريدون الابتعاد عن إرث ريغان. كان بعض هذه الهجرة الفكرية ضد اقتصادات ريغان الموجه نحو السوق، لكن الانعزالية وحتى التعاطف المؤيد لروسيا أصبح شائعاً في الحزب الجمهوري.

حسب تفسيري لمسيرة ريغان، فقد فهم نقطة أخرى جيداً، وهي ندرة رأس المال الأخلاقي. كان ريغان يعلم أن هناك "أشراراً" حقيقيين، وأن الأمر متروك للقادة والنخب لتحديد هويتهم ومواجهتهم، خطابياً ودبلوماسياً. والأهم في ذلك هو تشجيع الجمهور الأمريكي على استيعاب هذه الأحكام الأخلاقية نفسها. قد يبدو كل هذا مبتذلاً وقديماً، لكن الصراع في أوكرانيا يظهر أنه حقيقة دائمة.

حرب بوتين على أوكرانيا تهدف إلى جعل فلاديمير عظيماً

كانت رؤية ريغان التكاملية إيجابية ومتفائلة وركّزت على ما يمكن أن ينجزه الأمريكيون جماعياً. أعترف بأن الأمريكيين سيختلفون حول كثير من القضايا، لكن يجب عليهم الحفاظ على جبهة موحدة نسبياً وتوجيه الذم إلى القوى المدمرة فعلاً على الساحة العالمية.

بعد 40 عاماً، يبدو أن أمريكا تجاهلت هذا تماماً، كما يبدو أن كثيراً من أصحاب اليمين مستاؤون من أسوأ جوانب اليسار، والعكس صحيح. حتى لدى ظهور قوى سيئة على الساحة الدولية، يبدو الأمريكيون أكثر انشغالاً بمعارك بعضهم ضد بعض.

تهكُّم أوباما

في ما يتعلق بروسيا على وجه التحديد، لم يكن التصعيد العسكري الحالي موضوع نقاش بين النخب الأمريكية في وقت أقربه عدة أشهر. عندما حاول ميت رومني إثارة موضوع خطر روسيا في حملته الرئاسية في 2012، سقطت هذه النقطة إلى حد كبير، بل إن الرئيس الأسبق باراك أوباما سخر منه.

هناك اندفاع للحاق بالركب، إذ كان جلّ الذعر بشأن روسيا في السنوات الأخيرة مرتبطاً بالشؤون الداخلية وحملة الرئيس السابق دونالد ترمب. أخيراً، هناك إدراك بأنه لا يمكن اعتبار السلام الأوروبي أمراً مفروغاً منه. وهناك كثير على المحك.

30 عاماً على التفكك.. لينين لا يزال حياً.. والاتحاد السوفييتي لم يمُت بعد

حتى الآن، قام الرئيس جو بايدن بعمل جدير بالثناء، إذ بنى تحالفاً مشتركاً نسبياً بين حلف شمال الأطلسي وأوروبا لمعارضة التحركات الروسية ضد أوكرانيا. يدرك بايدن أنه من الضروري إبقاء خطوط الاتصال والتفاوض مفتوحة مع روسيا كما كانت حال ريغان مع الاتحاد السوفييتي.

قد يجد بعض الأشخاص أنفسهم يعيدون تقييم أكثر من مجرد رئاسة ريغان إن ظلت روسيا العدوانية مركزية على المسرح العالمي، إذ ستتطلب الحرب إعادة تقييم كل شيء آخر تقريباً، بما في ذلك آفاق النمو الاقتصادي والتعاون الدولي. كما سيكون هناك أيضاً سؤال حول ما إذا كانت دورة القتال والغزو هذه لها نقطة نهاية ذات مغزى.

ريغان فهم كل ذلك، ارتكب نصيبه من الأخطاء ومنها في الشأن الخارجي، لكن القضية الرئيسية التي قاربها بشكل صحيح تبدو متعاظمة الأهمية، حتى أولئك الذين يرفضون جوانب أخرى من إرثه يجب أن يكونوا قادرين على تقدير هذا.