مشترو القمح يبحثون عن بدائل بسبب تداعيات الحرب في "سلة الخبز العالمية"

مستوردو الحبوب في مأزق بسبب الحرب الأوكرانية
مستوردو الحبوب في مأزق بسبب الحرب الأوكرانية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يهدد الغزو الروسي لأوكرانيا بإثارة موجة من الصدمات في اثنتين من أسواق الحبوب الأساسية في العالم، الأمر الذي دفع الدول التي تعتمد وارداتها على المنطقة إلى البدء في البحث عن إمدادات بديلة، وعزز المخاوف بشأن تضخم أسعار الغذاء العالمي والجوع.

قالت الرابطة المحلية الروسية، الجمعة، إن صادرات الحبوب من روسيا سيتم تعليقها على الأرجح على مدى الأسبوعين المقبلين على الأقل، بعد اندلاع الاضطرابات في البحر الأسود. وأغلقت الموانئ الأوكرانية منذ يوم الخميس.

يعني ذلك أن الحرب علقت مؤقتاً سلة الخبز التي تشكل أكثر من ربع تجارة القمح العالمية وقرابة خُمس تجارة الذرة. ويدرس المستوردون الرئيسيون بالفعل خيارات الشراء المتاحة أمامهم من أماكن أخرى، وشهد كلا النوعين من الحبوب تقلبات كبيرة في الأسعار خلال اليومين الماضيين.

تأتي الاضطرابات في وقت ارتفعت فيه أسعار المحاصيل العالمية بالفعل إلى مستويات قياسية، بينما ارتفع مستوى الجوع العالمي بشكل كبير في العامين الماضيين.

اقرأ أيضاً: إنفوغراف.. صادرات أوكرانيا إلى العالم

قالت نغوزي أوكونجو-إيويلا، مديرة منظمة التجارة العالمية، أمس، إن الحرب "سيكون لها تأثير كبير على أسعار القمح وعلى أسعار الخبز للأفراد العاديين".

توفر روسيا وأوكرانيا المحاصيل لقائمة طويلة من الدول في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك كميات كبيرة للمشترين في الشرق الأوسط وأفريقيا، الذين سيتعين عليهم البحث في أماكن أخرى وربما سداد المزيد مقابل كل من الحبوب نفسها وتكلفة الشحن. كانت مصر، أكبر مستورد للقمح، حددت موعد لتقديم العطاءات يوم الخميس، لكنها ألغته بعد تلقي عرض واحد فقط وهو القمح الفرنسي.

اقرأ أيضاً: مصر تلجأ إلى "سيتي غروب" للتحوط من ارتفاع أسعار القمح العالمية

قال إدوارد زيرنين، رئيس الاتحاد الروسي لمصدري الحبوب: "من الصعب التخطيط لأي صفقات حالياً. وأعتقد أن الأمر قد يستغرق أسبوعين". وبدأ الطلب في التحول إلى مصادر بديلة للتصدير، بما في ذلك الهند والاتحاد الأوروبي، بحسب شخصين على دراية بالأمر.

في تونس، قالت وزارة الزراعة إنها تتطلع إلى أوروغواي وبلغاريا ورومانيا للحصول على إمدادات القمح الناعم لحماية نفسها من الاضطرابات المحتملة في الإمدادات، بينما تبحث مطاحن الدقيق الإندونيسية أيضاً عن مصادر أخرى بسبب الأزمة المتصاعدة. وقال عبد القادر العلوي، رئيس رابطة المطاحن المغربية، إن مجموعة المطاحن ستتجه إلى الأرجنتين وفرنسا وبولندا.

تأثير متواضع

قال جوزيف غلوبر، كبير الاقتصاديين السابق بوزارة الزراعة الأمريكية، إن الحرب في أوكرانيا قد يكون تأثيرها متواضع على تكاليف الغذاء في الولايات المتحدة، رغم أن تضخم أسعار البقالة سيخف على الأرجح هذا العام بغض النظر عن الصراع. وأوضح أن الأزمة قد يكون لها تأثير أكثر حدة على أسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصة إذا تعطلت محاصيل الربيع في أوكرانيا.

من المقرر أن يكون التأثير على المستهلكين في الولايات المتحدة خافتاً، لأن السلع الغذائية لا تمثل سوى جزء صغير من السعر الذي يدفعه الأمريكيون مقابل البقالة، فهي تمثل أقل من 15 سنتاً من كل دولار يتم إنفاقه، بحسب وزارة الزراعة الأمريكية. كما أن التقلبات في أسواق القمح العالمية لها تأثير ضئيل على تكلفة رغيف الخبز أو علبة الحبوب في المتاجر الكبرى.

اقرأ أيضاً: إنفوغراف.. أكبر شركاء أوكرانيا التجاريين من الدول العربية

من المحتمل أن تكون تكلفة الحبوب، مثل الذرة وفول الصويا المستخدمة لإطعام الماشية والدواجن هي الأكثر تأثراً في الولايات المتحدة. وهذا قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط التي يشعر بها منتجو اللحوم بالفعل، حيث أدى الجفاف في سهول الولايات المتحدة إلى تسريع انخفاض قطعان الثروة الحيوانية.

غير أن الدور الهائل الذي يلعبه البحر الأسود في الأسواق العالمية للحبوب يعني أن البدائل قد تكون محدودة، فمخزونات الحبوب العالمية تنخفض بالفعل، ما يزيد من صعوبة تعويض نقص الإمدادات.

ضغوط شديدة

قال جيمس بوليسورث، العضو المنتدب لدى شركة "سي آر إم أغري كيميكاليتيز" (CRM AgriChemicalities) ومقرها المملكة المتحدة: "إن الأزمة تفرض ضغوطاً على سوق متشدد بالفعل وتخلق قدراً هائلاً من عدم اليقين للأسابيع المقبلة إن لم يكن أشهر". وتابع: "بالنسبة للقمح والذرة، فإنه يدفع الطلب إلى أجزاء أخرى من العالم التي نعلم أن مخزوناتها نادرة".

بالإضافة إلى تحديات الشحن في البحر الأسود، فإن بعض أكبر مصدري القمح في روسيا على علاقة ببنك الدولة "في تي بي غروب" (VTB Group)، الذي يخضع الآن لعقوبات فرضتها الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: لديه ما يكفي لشهر فقط.. لبنان يسعى لبديل عن قمح أوكرانيا

كذلك من المحتمل أن يكون للحرب آثار بعيدة المدى، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي. وقالت منظمة الغذاء، التي يقع مقرها في روما في بيان إن "تأثير الصراع على الأمن الغذائي سيكون محسوساً على الأرجح خارج حدود أوكرانيا، خاصة بالنسبة لأشد الفئات فقراً"، مضيفة أن "انقطاع تدفق الحبوب من منطقة البحر الأسود سيتسبب في زيادة الأسعار وتضخم أسعار الغذاء".