بوتين يتحالف مع مليارديرات روسيا لدعم البنوك في مواجهة العقوبات

فلاديمير بوتين مترئساً اجتماعاً لقطاعات الأعمال والشركات الروسية الكبرى في الكرملين يوم 24 فبراير
فلاديمير بوتين مترئساً اجتماعاً لقطاعات الأعمال والشركات الروسية الكبرى في الكرملين يوم 24 فبراير المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تحظى البنوك بالأولوية بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في وقت تضع فيه روسيا تدابير محلية ردّاً على العقوبات على روسيا التي فرضتها الحكومات الغربية عليها بسبب غزوها أوكرانيا.

فالمساعدات الحكومية الروسية تستهدف مبدئياً مساعدة البنوك المتضررة من العقوبات، وذلك وفقاً لشخصين حضرا اجتماعاً مُغلقاً مع بوتين، لمناقشة سبل التعامل مع تأثير هذا الصراع على المؤسسات والشركات الكبرى في البلاد.

اقرأ أيضاً: أمريكا تدرس فرض عقوبات على "المركزي الروسي" لاستهداف الاحتياطي

طلب أندريه بيلوسوف، النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي، من المليارديرات والشركات العملاقة في روسيا، مواصلة العمل مع البنوك المستهدفة بالعقوبات، حسبما قال الشخصان اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما لخصوصية الاجتماع. وجاءت التصريحات بعد الإعلان عن أحداث يوم الخميس الماضي، الذي حذّر فيه بوتين من أن الغرب يجب ألا يحاول عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي.

اقرأ المزيد: الدولار بجبروته ليس العملة المناسبة لمحاربة روسيا

تؤكد الرسالة على حالة الطوارئ التي تواجهها الحكومة في الداخل، بينما تتصاعد المواجهة في أوكرانيا. وتعد مسألة المحافظة على ثقة المودعين أمراً بالغ الأهمية، في بلد أدت فيه نوبات الاضطراب الاقتصادي في الماضي إلى محو المدخرات، ودفعت المودعين إلى سحب أموالهم من البنوك.

لم يردّ بيلوسوف على الفور على طلب للتعليق حول هذا الأمر.

اقرأ أيضاً: مسؤول فرنسي: الاتحاد الأوروبي يقترب من عزل روسيا عن نظام "سويفت"

تعهّد بالدعم

التعهّد بالمساعدة جاء في الساعات التي سبقت إعلان الولايات المتحدة أنها ستفرض عقوبات على العديد من أكبر البنوك في روسيا، بما في ذلك "سبيربنك" (Sberbank) المملوك للدولة، و"في تي بي غروب" (VTB Group)، وهي عقوبات تستهدف ما يقرب من 80% من الأصول المصرفية الروسية. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الإجراءات "تتجاوز أي شيء تم القيام به على الإطلاق"، وستعرقل قدرة روسيا على ممارسة أعمال بالعملة الأجنبية.

تعرضت "في تي بي غروب" أيضاً لعقوبات الحظر الكامل، بينما أعلنت المملكة المتحدة عن تجميد أصول البنوك الروسية الكبرى، بما في ذلك التجميد الفوري لأصول "في تي بي".

حضر كلٌ من هيرمان غريف رئيس "سبيربنك"، وأندريه كوستين رئيس "في تي بي"، الاجتماع مع بوتين في قاعة سانت كاترين في الكرملين، وهي القاعة ذاتها التي عقد فيها بوتين الاجتماع مع المجلس الأمني على مراحل قبل يومين لتقييم غزو أوكرانيا. وحضر الاجتماع أيضاً أليكسي ميللر من "غازبروم" (Gazprom)، وإيغور سيتشين رئيس "روزنفت" (Rosneft) التي استهدفت بالعقوبات الأمريكية الخميس الماضي.

اتخذت الحكومات الغربية هذه الإجراءات، في الوقت الذي توغلت فيه القوات الروسية إلى عمق أوكرانيا على ثلاث جبهات مقتربة من العاصمة كييف. كذلك دعم الاتحاد الأوروبي فرض حزمة عقوبات واسعة للحدّ من قدرة روسيا على الاستفادة من القطاع المالي في أوروبا، وتقييد التقنيات الرئيسية.

غير أن العقوبات تضمنت أيضاً اقتطاعات لمدفوعات الطاقة، التي تُعدّ مصدراً أساسياً للإيرادات بالنسبة إلى موسكو، وتأجلت خطوة عزل روسيا عن الشبكة المصرفية الدولية "سويفت".

هدوء نسبي

على الرغم من التقارير المتفرقة بشأن اصطفاف الروس في طوابير لسحب الأموال، ساد الهدوء إلى حد كبير حتى الآن، واستقرت الأسواق الجمعة. وارتفعت أسهم "سبيربنك" بنسبة 4.6% حتى الساعة 3:00 من بعد ظهر يوم الجمعة في موسكو، لكنها انخفضت بأكثر من النصف هذا الأسبوع. وهوت أسهم "في تي بي" بنسبة 4.7% بعد انخفاضها بـ 42% الخميس الماضي.

لن تدخل العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ قبل شهر، ما يفسّر هذا الهدوء النسبي. وفي ديسمبر 2014، أدى انخفاض أسعار النفط إلى انهيار الروبل، وإقدام عملاء "سبيربنك" على سحب 1.3 تريليون روبل (15 مليار دولار) في أسبوع واحد.

الأعمال اعتيادية

قال "سبيربنك" إن فروعه تواصل العمل كالمعتاد، ولا يواجه العملاء أي قيود، بما في ذلك صرف العملات. وقبل إعلان العقوبات يوم الخميس، نشر البنك بياناً تراجع عنه لاحقاً، حول تأثير حظر عمليات الصرف الأجنبي على عملائه من الشركات.

ردّت مجموعة "في تي بي" من خلال بيان، قالت فيه إن "العقوبات لم تكن مفاجئة"، وإن لديها خططاً عدة لمواجهة العقوبات، تستهدف تخفيف التأثير على عملائها. كما باعت أسهمها في بنك "بوشتا" (Pochta) وبنك "آر سي بي" (RCB) القبرصي.

تأجيل التوزيعات

مع ذلك، نصح البنك المركزي الروسي الجمعة، البنوك بتأجيل توزيعات الأرباح والمكافآت للمديرين، للمحافظة على الاستقرار المالي. كما أعلن أنه وسّع نسبة السيولة قصيرة الأجل للبنوك ذات الأهمية للمنظومة.

خفّض العديد من المقرضين في روسيا طموحاتهم الدولية بعد تعرضهم لعقوبات قطاعية منذ 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا. وأبقت مجموعة "في تي بي" على مكاتبها في لندن، وزوغ في سويسرا، وكذلك الصين وأنغولا وبعض الدول التي كانت تابعة سابقاً للاتحاد السوفياتي.

تستعد البنوك الحكومية لمزيد من العقوبات مع تدهور العلاقات مع الغرب. وعززت روسيا احتياطياتها المالية إلى أكثر من 600 مليار دولار، وطوّرت "مير" (Mir)، وهو نظام مدفوعات محلي، وقلّصت بشكل مطّرد الاعتماد على العملات الأجنبية.

دعم الروبل

قال البنك المركزي الروسي في وقت مبكر يوم الجمعة، إنه سيدعم البنوك المستهدفة بالعقوبات، مشيراً إلى أن الروبل يشكّل حوالي 80% من أرصدة المقرضين المتضررين. وعرض البنك المساعدة بشأن الروبل والعملات الأجنبية.

في اليوم السابق، أعلن بنك روسيا أنه سيتدخل في سوق الصرف الأجنبي للمرة الأولى منذ سنوات، ويوسع قائمة "لومبارد" للأوراق المالية المقبولة، كضمان، ويوفر سيولة إضافية للمقرضين في مزادات إعادة الشراء.

قال أنطون طباخ، كبير الاقتصاديين في شركة "إكسبيرت آر إيه" (Expert RA) للتصنيف الائتماني ومقرها موسكو: "بعد عام 2014، كانت روسيا تترقب استقبال يوم مظلم. يحظى النظام المصرفي بوضعية جيدة من حيث الرسملة، وهناك احتياطيات وقدرات. والبنك المركزي يتصرف بشكل معقول للغاية".