عيوب خطط بوتين تجعل من زيلينسكي بطل حرب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المصدر: بلومبرغ
James Stavridis
James Stavridis

James Stavridis is a Bloomberg Opinion columnist. He is a retired U.S. Navy admiral and former supreme allied commander of NATO, and dean emeritus of the Fletcher School of Law and Diplomacy at Tufts University. He is also chair of the board of the Rockefeller Foundation and vice chairman of Global Affairs at the Carlyle Group. His latest book is "2034: A Novel of the Next World War."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان من المفترض أن يكون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خضماً سهلاً للزعيم الروسي فلاديمير بوتين الذي لا يرحم. شعر الروس أنهم يستطيعون إخضاع السياسي المبتدئ لإرادتهم، فطالبوا بتنازلات حول حرية انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي وفيما يخص علاقتها بالاتحاد الأوروبي وبشأن الأولويات التجارية للبلاد.

لكن اتضح أن الممثل الكوميدي التلفزيوني السابق مدافع حقيقي عن أمته يقود مقاومة شرسة تجابه قوة غزو روسي ساحقة.

كثيراً ما نشهد استبدال قادة إبان الحروب، وهكذا كان حال جيش الاتحاد في الحرب الأهلية الأمريكية، حيث استبدل الرئيس أبراهام لينكون رهطاً من الجنرالات إلى أن وصل إلى أوليسيس غرانت. كما أفسح ضباط زمن السلم خلال الحرب العالمية الثانية الطريق لقادة زمن الحرب من أمثال الجنرال دوايت ديفيد أيزنهاور والأدميرال تشيستر نيمتز.

بوتين يسابق الزمن وسط مقاومة أوكرانية تبطئ وتيرة العمليات العسكرية

بينما يقود زيلينسكي معركة متهورة ضد عدو لدود، نرى فيه قائد حرب جديد ملفت للنظر يتصدر، فما الذي يمكن للغرب أن يفعله لمساعدته؟

يستخدم زيلينسكي كل مهارات التواصل التي تعلمها كمؤدٍ بشكل مؤثر جداً. إن قدرته على تحويل سطر واحد إلى اقتباس ملهم جدير بالملاحظة. عندما حثته دول الناتو على مغادرة عاصمته كييف في الأيام التي سبقت الغزو، وعرض عليه النقل إلى مدينة لفيف الآمنة نسبياً في أقصى غرب أوكرانيا، قال، "أنا بحاجة إلى ذخيرة، وليس لتوصيلة".

عندما قالت آلة الدعاية الروسية إن القوات الأوكرانية ستلقي أسلحتها، حذر زيلينسكي الغزاة الروس قائلاً "سترون وجوهنا، وليس ظهورنا". يجب على أصدقاء أوكرانيا الاستفادة من إطلالاته الملهمة، وتضخيمها على وسائل التواصل الاجتماعي ومقارنة تعليقه الجريء والصادق بالأكاذيب الصادرة عن روسيا.

قولاً وفعلاً

إضافة إلى كلماته، كان وجوده الفعلي عاملاً أساسياً، حيث ظهر في وسائل الإعلام من مواقع في كييف لإثبات أنه لا يفر. طرح الألبسة الرسمية بعد الغزو مباشرة ليستبدلها بثياب الصيادين، وهو تحول رمزي قوي. إنه نهج فعَّال، رغم أنه يجب أن يكون حريصاً على تحقيق التوازن بين المكاسب في الروح المعنوية وخطر التعرض للأسر أو القتل. يجب أن يزوده الغرب بأعلى درجة من المعلومات الاستخباراتية والمراقبة الإلكترونية ومعدات الاتصالات عالية التقنية ووسائل النقل البري الموثوقة حتى يتمكن من البقاء على وسائل التواصل الاجتماعي ويبقى متقدماً بخطوة عن الروس.

حرب بوتين على أوكرانيا تهدف لجعل فلاديمير عظيماً

أثبت زيلينسكي أيضاً أنه يتعلم بسرعة لوجستيات الحرب. يمكن لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي أن يساعدا بشكل أفضل من خلال توفير فيض من عتاد القتال. كان يجب علينا أن نرسل مزيداً من هذا العتاد خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن ما يزال هناك متسع من الوقت لوضع صواريخ إضافية مضادة للدروع من طراز "جافلين" وصواريخ "ستينغر" المضادة للطائرات في أيدي الأوكرانيين. كما يحتاجون لكميات هائلة من الذخيرة الصغيرة والمتوسطة ومعدات الاتصالات والمعدات التكتيكية للطقس البارد والإمدادات الطبية والوقود وصرر الطعام للجنود.

تقع لفيف لحسن الحظ على حدود بولندا، وهي عضو قوي في "الناتو" ولها تاريخ سيئ مع الجيش الروسي. إذا احتاج زيلينسكي لتراجع تكتيكي مع حكومته إلى المنفى، فيمكنه إنشاء مقر له في لفيف مع خيار التسلل عبر الحدود، حيث ستضمن الآلاف من القوات الأمريكية والبولندية عدم عثور فرق اغتيال روسية على "الهدف رقم واحد" كما وصف زيلينسكي نفسه.

يرى زيلينسكي أيضاً بشكل صحيح نقطتي ضعف الروس وهما الخسائر اللوجستية والقتالية.

خطة هواة

ستصب روسيا كل طاقتها لتحقيق انتصار في هذا الغزو رغم تفوقها الجوي الساحق، حيث أدت محاولة الروس الهجوم على أربعة محاور منفصلة لتشتيت قواتهم وعرضت دعمهم اللوجستي للخطر. هناك مقولة عسكرية قديمة مفادها أن الهجوم على كل مكان يعني عدم الهجوم على أي مكان.

كما أن هناك مقولة قديمة أخرى مفادها أن الهواة يدرسون الخطط، لكن المحترفين يدرسون الإمداد. تبدو خطة الحملة الروسية من هذا المنطلق من صنع هواة إلى حد ما، إذ أن نقص الوقود بات مشكلة بالفعل. كل ما يمكن للغرب أن يفعله لتعقيد الإمداد الروسي، بما في ذلك العقوبات المعوقة التي ستبطئ الخيارات الاقتصادية الروسية، من شأنه تحسين موقف زيلينسكي.

كيف فاز بوتين وبايدن وخسرت أوكرانيا في الأزمة الأخيرة؟

تتصاعد المقاومة الأوكرانية، حتى في الجيوب الموالية لروسيا في الشرق، ويعرف الأوكرانيون أنهم يقاتلون من أجل أطفالهم وآبائهم وأزواجهم كما من أجل الحرية.. قُتل أكثر من 4000 روسي أثناء القتال في غضون أيام قليلة، وفقاً للرواية الأوكرانية. هذا رقم مذهل إن كان قريباً من الرقم الحقيقي، فخلال 20 عاماً من الحرب الأفغانية تكبدت الولايات المتحدة أقل من 2000 قتيل.

إن استطاع الأوكرانيون الاستمرار بإلحاق الخسائر على مستوى عالٍ، ستتزايد الاحتجاجات في روسيا وستتلاشى عزيمة القوات الروسية في أوكرانيا، تلك القوات التي يتألف كثير منها من المجندين والمرتزقة. يعرف زيلينسكي أن هذا هو المفتاح لإقناع بوتين بوقف الهجمات والجلوس إلى طاولة المفاوضات. (يبدو أن روسيا لم تأخذ محادثات الإثنين على محمل الجد، حيث لم ترسل سوى مسؤولين من مستوى منخفض بمن فيهم وزير الثقافة السابق في عهد بوتين).

تحول فولوديمير زيلينسكي إلى قائد حرب شجاع وعنيد وخلاَّق لأمته المنكوبة، ويسرني لو أقاتل إلى جانبه. لكن ينبغي للغرب بذل مزيد من الجهد لتهيئة الظروف الملائمة لنجاح جهود مقاومته غير المتوقعة.