الاتحاد الأوروبي منقسم حول معاقبة النفط الروسي مع تنامي الدعوات لحظره

موظف يضبط صماماً في محطة لمعالجة النفط والغاز تابعة لشركة "سالم بتروليوم ديفلوبمنت" (Salym). روسيا
موظف يضبط صماماً في محطة لمعالجة النفط والغاز تابعة لشركة "سالم بتروليوم ديفلوبمنت" (Salym). روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تباينت مواقف حكومات الاتحاد الأوروبي بشأن إمكانية الانضمام إلى الولايات المتحدة في حظر مرتقب على واردات النفط الروسية، مع تأييد العديد من الدول الأعضاء لهذا الخيار كوسيلة لزيادة حدة الضغوط المفروضة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد غزوه أوكرانيا.

يناقش وزراء الاتحاد الأوروبي توسيع حزمة العقوبات لتشمل فرض قيود على صادرات النفط والمنتجات البترولية. لكنَّ الانشقاقات تكشفت بوضوح في العديد من الدول، بما في ذلك ألمانيا التي تعارض مثل هذا النهج المباغت، في حين تشجع دول أعضاء أخرى -بما فيها بولندا- الكتلة الأوروبية المؤلفة من 27 عضواً على استهداف الوقود الأحفوري، وفقاً لمصادر مُطلعة على المناقشات التي جرت بشكل سري.

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تدرس التحرك منفردة لحظر واردات النفط الروسية

استبعد المستشار الألماني أولاف شولتز فرض مثل هذه القيود في الفترة الحالية، قائلاً إنَّ الواردات الروسية "ذات أهمية جوهرية" بالنسبة للاقتصاد الأوروبي.

قرار صعب

قال شولتز، في بيان نُشر الإثنين في برلين: "إمدادات الطاقة في أوروبا، المطلوبة للتدفئة والنقل والكهرباء والصناعة، لا يمكن تأمينها حالياً بأي طريقة أخرى"، مضيفاً أنَّه لا يمكن التحول بعيداً عن روسيا "بين ليلة وضحاها".

حتى الآن، لم تظهر أي إشارات واضحة على توافق في الآراء أو مقترحات ملموسة بشأن هذه القضية بين الدول الأعضاء. وحتى المواقف الصارمة، على غرار رفض ألمانيا المبدئي إرسال أسلحة إلى أوكرانيا؛ تم تنحيتها جانباً مع تصاعد وتيرة العنف في البلاد. وردت دول الاتحاد الأوروبي بشكل منسق حول هجوم روسيا على أوكرانيا حتى الآن، وسيستند قرارها في المستقبل إلى مبدأ الإجماع نفسه، بحسب تأكيد المصادر.

صعد سعر النفط، الإثنين، بعدما كشفت الولايات النقاب عن إجرائها محادثات حول فرض حظر على واردات النفط الروسية، إذ ترددت أصداء ذلك الإعلان في الأسواق المضطربة بالفعل.

صعود الأسعار

قفزت الأسعار المرجعية للغاز في أوروبا بنحو 79%، لتصل إلى 345 يورو للميغاواط/الساعة، لتعزز بذلك الارتفاع الكبير الذي أعقب استهداف مجموعة موسّعة من العقوبات لروسيا.

منذ إطلاق بوتين لأوامر الغزو في 24 فبراير الماضي؛ تحاشى معظم مشتري النفط المنتجات الروسية. وفي حالة إصدار حظر مباشر للاستيراد من روسيا، يمكن أن يصب ذلك في مصلحة المصدرين في الدول الأخرى، بما فيهم الولايات المتحدة، لكنَّه قد يتسبب أيضاً في زيادة عوائد موسكو من المبيعات التي تجريها في أماكن أخرى من العالم، على وقع ارتفاع أسعار النفط.

برغم أنَّ دولاً مثل ألمانيا، التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري الروسي، كانت تقليدياً في آخر الصفوف التي تدعو إلى اتخاذ إجراء؛ إلا أنَّ بوادر التغيير ظهرت، فقد أصدر نوربرت روتغن، النائب المعارض عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ في ألمانيا، دعوة لوقف واردات النفط والغاز الروسية.

اقرأ أيضاً: روسيا أكثر دولة تحت طائلة العقوبات في العالم

كتب روتغن، الذي عمل كرئيس للجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ، في تغريدة على "تويتر": "من السخرية القول إنَّه يجب أن يسوء الموقف أكثر في أوكرانيا قبل أن نتحرك".

على الأرجح، ستؤيد إيطاليا اقتراح الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على النفط الروسي، وفقاً لمصدر مطلع على الأمر. كما يمكن أن تؤيد سلوفانيا قراراً بمنع واردات النفط والغاز الروسي، وفقاً لمصدر حكومي رفض الكشف عن هويته بسبب خصوصية المحادثات.

وقالت فرنسا، التي تعتمد على الطاقة النووية لسد أغلب احتياجاتها، إنَّها تعمل مع شركائها الأوروبين في وكالة الطاقة الدولية للتوصل إلى إجراءات ضرورية. كما وافقت الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى في الوكالة في وقت سابق من هذا الشهر على تنسيق الإفراج عن المخزونات النفطية، بعدما تسبّب الغزو الروسي في صعود كبير بأسعار الخام.

مخاطر بلا سيطرة

قال رئيس وزراء هولندا، مارك روته، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه البريطاني والكندي: "هناك الكثير من الجدل الدائر حالياً حول عقوبات الطاقة، وعلينا ألا نرتكب أخطاءً في قضية كهذه".

أضاف روته:

علينا التأكد من أنَّ هذه العقوبات لن تؤدي إلى مخاطر لا يمكن السيطرة عليها لإمدادات الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي وما وراء ذلك، بما في ذلك أوكرانيا

فرض ارتفاع أسعار الطاقة نفسه ليتصدّر أولويات الأجندة السياسية في الاتحاد الأوروبي، وسط معاناة المستهلكين من زيادة فواتير وقود التدفئة، ومخاوف القطاع الصناعي من أنَّ تكاليف الغاز والكهرباء ستخفض قدراته التنافسية. كما أنَّ العقوبات المحتملة على واردات الوقود الأحفوري ستعزز الأسعار بصورة أكبر.

الصفقة الخضراء

يعتبر اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي قضية حساسة، مع دفع المفوضية الأوروبية لتطبيق الخطة المناخية والخضراء الخاصة بها على وجه السرعة، والتي تعد أفضل الحلول الممكنة لإثناء الكتلة عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ستقترح المفوضية، التي تعد الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، استراتيجية جديدة، اليوم الثلاثاء، لتنويع مصادر الإمدادات، وتعزيز الطاقات النظيفة، والنهوض بكفاءة الطاقة، وفقاً لقول رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لين، التي أشارت إلى وجود حزمة جديدة من العقوبات على روسيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإيطالي، مايو دراغي، الذي التقى بـِ فون دير لين، أمس الإثنين، إنَّه من الضروري للاتحاد الأوروبي أن يحافظ على وحدته في مواجهة العواقب الكبيرة الناتجة عن الأزمة، بما في ذلك حماية أمن الطاقة للمواطنين والشركات.

البحث عن بدائل

قال دراغي للصحفيين: "إيطاليا ملتزمة بتقليص اعتمادها على الغاز الروسي عاجلاً"، لافتاً إلى أنَّه تحدّث مع القيادات في دولة قطر الغنية بالنفط، السبت الماضي، حول إمكانية تعزيز التعاون في قطاع الطاقة بين البلدين.

وفي البرلمان الأوروبي تتنامى دعوات الدول الأعضاء والمفوضية للتحول بعيداً عن إمدادات موسكو. وقال مايكل بلوس، عضو البرلمان الأوروبي الذي يتولى ملف قضايا المناخ والطاقة في حزب الخضر: "بوتين لم يرتدع حتى الآن، ومستمر في حربه ضد أوكرانيا دون عوائق". واختتم بالقول: "نحتاج الآن إلى التحدّث بشأن إصدار الاتحاد الأوروبي لعقوبات نفطية، وحول ما إذا كانت عواقبها مقبولة بالنسبة لنا في الاتحاد".

نفط