المحللون يوصون بشراء الأسهم رغم التضخم والحرب

كانت توصيات المحللين بالشراء رائجة جداً قبل أن تنفجر فقاعة التقنية في مطلع القرن

تمثالان للثور والدب وهما رمز للتفاؤل والتشاؤم في مدينة فرانكفورت الألمانية
تمثالان للثور والدب وهما رمز للتفاؤل والتشاؤم في مدينة فرانكفورت الألمانية المصدر: بلومبرغ
Jonathan Levin
Jonathan Levin

Jonathan Levin has worked as a Bloomberg journalist in Latin America and the U.S., covering finance, markets and M&A. Most recently, he has served as the company's Miami bureau chief. He is a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سجلت أسهم الولايات المتحدة أكبر انخفاض في 17 شهراً يوم الإثنين، غير أنَّ عقلية "اشترِ عند القاع" لم تمت بعد في أمريكا، كما أنَّ محللي الأسهم يسهمون بإمكانية استمرار ذلك لفترة، لأنَّ أبحاثهم على بعض الأسهم متفائلة بالدرجة نفسها التي كانت عليها منذ عقدين في بعض جوانبها.

لا عجب في أنَّ المستثمرين لا يستطيعون أن يهجروا عاداتهم حيال تداول الأسهم برغم اندلاع أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وارتفاع أسعار الطاقة الذي يهدد بتفاقم أسوأ مستوى للتضخم منذ 40 عاماً.

حتى بعد انخفاض مؤشر "ستاندارد أند بورز 500" 12% عن أحدث ذروة بلغها؛ يتردد بصورة متكررة على مسامع المستثمرين أنَّ مستقبلاً باهراً ينتظر أغلبية الأسهم منفردة، وطبعاً من هنا تبدو كل موجة تخارج على أنَّها فرصة شراء.

أوصى المحللون بالشراء في 58.4% من إجمالي 10814 تقييماً على أسهم "ستاندارد أند بورز 500"، أي بارتفاع عن 58.2% في نهاية العام قبل أن يبدأ خطر روسيا بالتأثير على الأسواق. في حين تراجعت أسواق الأسهم، كان المحللون على ما يبدو أبطأ باستيعاب المخاطر الجيوسياسية، وواصلوا بوجه عام الالتزام بالأسعار المستهدفة التي ألقت بها نماذجهم التحليلية على عجل. تظهر تلك الأسعار المستهدفة على خلفية تراجع الأسعار جانب الصعود جذاباً نوعاً ما، لكن هل تغيير التوصيات أبطأ مما ينبغي؟

فرط تشجيع

إن أخذنا كل شركة على حدة، نجد أنَّ 291 سهماً حظيت بتوصية "شراء" بقوة، بمعنى أنَّها حصلت على توافق المحللين بالتوصية بأربع نقاط أو أعلى، إذ إنَّ كل توصية بيع تعني نقطة، في حين أنَّ الاحتفاظ يعني 3 نقاط، والشراء 5 نقاط. كان هذا الرقم هو الأعلى منذ 20 عاماً. بين هذه المجموعة من الأسهم، حصل 90 سهماً على 4.5 نقطة أو أعلى، وهو ما يداني أيضاً أعلى مستوى خلال عقدين.كيف نفهم توقعات السوق في زمن الحرب؟

يتفاءل المحللون تحديداً بأداء أعلى أربعة أسهم وزناً في المؤشر، فقد حصلت أسهم "أبل" و "مايكروسوفت" و "ألفابيت"، الشركة الأم لشركة "غوغل"، و"أمازون" على توافق توصيات بلغ 4.5 نقطة، و 4.85 نقطة، و 4.92 نقطة، و 4.96 نقطة على التوالي. كانت الشركة الخامسة وهي "تسلا" الأدنى في الخماسي مع 3.4 نقطة، لكنَّ عشاق شخصية إيلون ماسك يعوّضون هذه الفجوة في الحماس بل ويزيدون أيضاً.

ليس إيجابياً بالضرورة أن يظهر المحللون كل هذا القدر من التفاؤل دون مراجعة. فقد كانت توصيات "الشراء" شائعةً ومنتشرةً جداً في 1999، وفي الأعوام الأولى من الألفية، قبل أن تنفجر فقاعة التقنية انفجاراً كاملاً. توجد بعض الأمثلة الواضحة حالياً توازي ماحدث. حينئذ، كما يحدث الآن، هيّأت سنوات العوائد السخية نفسية المستثمرين للاعتقاد بأنَّ الحفاظ على التفاؤل يؤتي ثماره. سيتبنى أي محلل التحق بعمله بعد 2010، أي يبلغ عمره 34 عاماً أو أقل، منظوراً وردياً عن الأسواق، وهو أمر مفهوم.

لم تصقلهم التجارب

لم يتعرض أولئك الذي اشتروا، أو أوصوا بشراء الأسهم عالية المخاطرة في فبراير 2020، كما لم يتعرّضوا جميعهم بالضرورة لتجربة تصقلهم. لقد تعلّموا فكرة أنَّ جميع خسائر الأسهم ستعوّض خلال بضعة شهور بدلاً من التواضع، وأنَّ السوق عند هذه النقطة ستصعد بمعدلات أعلى.

يمثل الموقف الراهن اختباراً آخر للمتفائلين، فعند مستوى 7.5% يكون معدل التضخم قد بلغ من الارتفاع حداً يجبر الاحتياطي الفيدرالي على إطلاق جولة من زيادة أسعار الفائدة قد تخاطر بدفع الاقتصاد للركود. تؤدي زيادة أسعار الفائدة حتى في أفضل سيناريو لرفع تكلفة التمويل على الشركات، مما يهدد إمكانية استمرار بعض أعلى التقييمات في أسواق الأسهم في التاريخ الحديث.

"جيه بي مورغان": التشاؤم بشأن هبوط الأسهم "رائج" لكنه خاطئ

لا يقع اللوم على المستثمرين قطعاً بسبب سعيهم نحو انتقاء بعض الأسهم الرابحة، وهذا مجال اختصاص المحللين في أسواق الأسهم. ماذا ستفعل حتى إن كنت تعتقد أنَّ مؤشرات الأسهم تتجه للانهيار؟ هل تحتفظ بأموالك في صورة سيولة نقدية، وتترك التضخم يأكل قوتها الشرائية؟

أعلنت معظم الشركات نتائج أعمالها عن ربع السنة الأخير، وحققت 76% منها مفاجأة بأن جاءت أرقام الربحية إيجابية. كما ستتمكّن من تحمّل ما سيأتي به العام المقبل من ناحية أوكرانيا وبنك الاحتياطي الفيدرالي، كما أنَّ حفنة منها ستكون استثمارات ملحمية.

"مورغان ستانلي": الحرب على أوكرانيا ستكون بمثابة "دوامة قطبية" على الأسهم

شراء الأسهم عند القاع في نهاية المطاف هو جانب من طبيعة الأسواق الصحية، وسيحدث بغض الطرف عما يقول محللو الأسهم. لكنَّني أشعر في ظل هذه السوق المضطربة والمتقلبة بقلق حيال إحساس الاطمئنان الذي يبثه تقرير في النفوس؛ إذ يرون أنَّ الحرب في أوروبا والمخاطر الأخرى ليست ذات شأن لأنَّ أداء شركة ما يبدو جيداً.

حوافز التحليل من جانب البيع معروفة تماماً، إذ تربح شركات السمسرة من التعاملات، وتزيد التعاملات على الشركات حين توصي العملاء بالشراء. كما يحتاج المحللون للتواصل مع مسؤولي الشركات، ويستطيع رؤساء الشركات التنفيذيون أن يتجاهلوا مكالماتهم إن لم تعجبهم دراسة بحثية أعدها أي محلل مالي.

تزيد الدعوات المتفائلة الحالية من الشراهة. أغرى انتعاش الأسواق المذهل على مدى عقد، مع استثناء الأسابيع القليلة الماضية، المستثمرين بأن يتبنّوا موقفاً متهاوناً، مما يعني أنَّ المحللين لن ينفعوهم عبر مجاراتهم بلا مبالاة.