ألمانيا تعرقل جهود توسع الاتحاد الأوروبي في عزل روسيا عن نظام "سويفت"

شعار جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (SWIFT) على هاتف ذكي في لندن، المملكة المتحدة
شعار جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (SWIFT) على هاتف ذكي في لندن، المملكة المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

برزت ألمانيا حاجزاً رئيسياً في وجه توسيع عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا من خلال استهداف أكبر بنك في البلاد وقطاع الطاقة.

تُعَدّ برلين القوة الرئيسية التي تقاوم الجهود المبذولة لإضافة "سبيربنك" (Sberbank) إلى قائمة المؤسسات المالية الروسية المفصولة عن "سويفت" -نظام التحويلات المصرفية الذي يجري من خلاله كثير من التجارة العالمية- وفقاً لعديد من الدبلوماسيين المطلعين على الأمر والوثائق التي اطلعت عليها "بلومبرغ".

استُبعد "سبيربنك"، الذي يحتفظ بنحو نصف ودائع التجزئة الروسية، من القائمة الأولية للبنوك التي جرى فصلها من نظام "سويفت" كجزء من قرار لحماية المعاملات المتعلقة بالطاقة، لكن تصاعدت دعوات الدول الأعضاء في وسط وشرق أوروبا الراغبة في تشديد العقوبات، فيما تكثف روسيا هجماتها على أوكرانيا.

ألمانيا تعارض فرض حظر على الطاقة الروسية

تظهر الوثائق أن ألمانيا حثت مراراً على توخي الحذر بشأن هذه الخطوة خلال الاجتماعات الدبلوماسية التي عُقدت في الأيام الأخيرة، بما في ذلك تلك التي عُقدت بين الوزراء. كما صرح المستشار أولاف شولتس بذلك علناً، داعياً إلى ضبط النفس في العقوبات التي قد تؤثر في الطاقة.

أهمية أساسية

قال المستشار الألماني في هذا الأسبوع إنه يعارض قطع الإمدادات عن روسيا، ووصف شحنات النفط والغاز بـ"الأهمية الأساسية" للاقتصاد الأوروبي، موضحاً أن استمرار واردات الطاقة هو "قرار واعٍ".

اقرأ المزيد: ألمانيا تعارض قطع إمدادات الطاقة الروسية "الأساسية"

يهدد موقف ألمانيا بإحداث انقسام في جانب رئيسي من جهود الحلفاء لمعاقبة الكرملين بسبب حربه على أوكرانيا. أعلن الرئيس جو بايدن يوم الثلاثاء أن الولايات المتحدة ستحظر واردات الوقود الأحفوري الروسي بما في ذلك النفط، وهي خطوة اتبعتها المملكة المتحدة جزئياً.

بعد تعهد ألمانيا المفاجئ بتسليم أوكرانيا أسلحة وتسريع الإنفاق الدفاعي، تواجه البلاد انتقادات مرة أخرى لأنها تسعى لحماية اقتصادها، الذي يعتمد على روسيا في أكثر من نصف إمداداته من الغاز وأكثر من ثلث نفطه.

تحوُّل تاريخي.. ألمانيا تعزز إنفاقها العسكري بعد الغزو الروسي لأوكرانيا

كتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تعليق في صحيفة "فيلت" (Welt) الألمانية يوم الأربعاء: "هل قامت ألمانيا بعمل بطوليّ؟ كلا، أنتم تفعلون القليل جداً".

ووفقاً لأشخاص مطلعين على تخطيط الحكومة، يدرك المسؤولون الألمان أن الضغط يمكن أن يزداد لاستهداف إمدادات الطاقة، لكنهم حذرون بشأن تصعيد التوترات في الوقت الحالي، ويرون أن هذا الموقف مدعوم من قِبل دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.

من جهته، قال وزير المالية كريستيان ليندنر إن المناقشات بشأن عقوبات مالية إضافية جارية ولا يمكن استبعاد أي شيء.

موقف موحد

أشار أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي إلى أن حكومات أوروبا الغربية الكبرى الأخرى، بما في ذلك إيطاليا، ستقف وراء خطوة "سويفت" إذا كان هناك موقف موحد. وذكر أحد المصادر أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي الكبار يؤيدون هذا الإجراء أيضاً.

أوضح مسؤول آخر أنّ العمل الفني على "سبيربنك" و"سويفت" مستمر. ويُعتبر "غازبروم بنك" (Gazprombank) كياناً آخر جرى إعفاؤه حتى الآن من هذا الإجراء.

أثارت ألمانيا أيضاً مخاوف بشأن المقترحات -التي وصلت إلى مراحل متقدمة- الهادفة إلى تقييد الوصول إلى المواني، بحجة أن الإجراء قد يؤثر في التجارة في السلع التي لم تُفرَض عقوبات عليها، وفقاً لدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي وإحدى الوثائق.

إمدادات الطاقة.. أكبر مخاطر ألمانيا من الأزمة الأوكرانية

تعارض ألمانيا ودول أخرى أيضاً اتباع الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة والمملكة المتحدة في حظر واردات النفط من روسيا. تعتمد الدول الأوروبية على الوقود الروسي بشكل أكبر من الولايات المتحدة، وتشعر الحكومات بالقلق بشأن التأثير في الشركات والمستهلكين الذين يكافحون بالفعل بسبب ارتفاع الأسعار.

واصل النفط ارتفاعه فوق 126 دولاراً للبرميل يوم الأربعاء. وارتفعت العقود الآجلة في بورصة نيويورك بأكثر من 35% منذ غزو أوكرانيا. تقول المفوضية الأوروبية إنّ روسيا هي مصدر أكثر من ربع واردات النفط لأوروبا.

بدائل محتملة

كجزء من استراتيجية لفطم القارة عن الطاقة الروسية، أشارت الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي إلى أن هناك بدائل محتملة لإمدادات النفط والفحم أكثر من الغاز، إذ توفر روسيا أكثر من 40% من إجمالي استهلاك الاتحاد الأوروبي، والوضع أكثر خطورة بالنسبة إلى ألمانيا.

أشار وزير المالية الفرنسي برونو لو مير هذا الأسبوع إلى أن القرار الأولي باستبعاد بعض البنوك الروسية من نظام "سويفت" وافق عليه جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27، مع مراعاة المستويات المختلفة من الاعتماد على الغاز الروسي.

ألمانيا تُبدي استعدادها لفرض "قيود محددة" على روسيا ضمن منظومة "سويفت"

وبصفتها المتولي الحالي لرئاسة الاتحاد الأوروبي، تعمل فرنسا وسيطاً ولم تتخذ موقفاً علنياً.

قال وزير المالية الفرنسي لقناة "بي إف إم" التليفزيونية هذا الأسبوع إنه في حين جرى تجنب "سبيربنك" و"البنك المركزي الروسي" في البداية، فإنّ "الخيارات جميعها مطروحة على الطاولة... جميع القرارات فعالة إذا جرى اتخاذها في إطار الوحدة الأوروبية".