كيف يؤثر الارتفاع القياسي لأسعار النفط في الأسهم والعملات الآسيوية؟

حفارات نفط في أحد حقول إنتاج الخام في روسيا
حفارات نفط في أحد حقول إنتاج الخام في روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُعيد الصعود التاريخي في أسعار النفط، تشكيل التوقعات الخاصة بعملات وأسواق الأسهم الآسيوية، حيث يكشف شبح الأسعار العالية الممتدة لفترات زمنية طويلة مدى هشاشة البلدان المعتمدة على الطاقة.

أسفرت مخاطر تصاعد أسعار المستهلكين والخلل في موازين الحسابات الجارية عن تدفقات أجنبية قوية خارجة من أسواق الأسهم في بلدان على غرار الهند وكوريا الجنوبية في غضون الأيام الأخيرة، وهو ما نجم عنه ضعف في سعر صرف عملتيهما.

يأتي عدد محدود من الدول الغنية بالموارد الطبيعية، على غرار أستراليا وإندونيسيا، من بين البلدان المستفيدة، حيث إن أسواقهما تبقى صامدة وسط حالة من الانكماش الاقتصادي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

أسفرت العقوبات المفروضة على النفط الروسي عن زيادة سعر خام برنت ليسجل 139 دولاراً للبرميل الواحد في وقت سابق من الأسبوع الماضي.

اقرأ أيضاً.. 5 أشياء يترقبها مستثمرو الأسهم الآسيوية في 2022

تنويع الأصول

من جانبه، قال ديفيد تشاو، الخبير الاستراتيجي للسوق العالمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ سابقاً المختص باليابان لدى شركة "إنفيستكو" (Invesco Ltd): "من غير الممكن توافر وقت أكثر ملاءمة من الوقت الحالي بالنسبة للمستثمرين ليحافظوا على حالة جيدة من التنوع بين فئات الأصول المختلفة".

أضاف "يعد أمراً منطقياً أن تزيد من الاستثمار في الأصول المرتبطة بالموارد الطبيعية وتلك الدول التي تعد من أكبر مصدري السلع الأساسية في قطاعات الطاقة والزراعة والمعادن".

فيما يلي نلقي نظرة على طريقة تموضع بعض الأسواق الآسيوية في مواجهة أسعار الطاقة المتصاعدة:

أستراليا

تعد أستراليا دولة رائدة على مستوى العالم في مجال إنتاج وتصدير الفلزات والمواد المعدنية، بما فيها الفحم وخام الحديد والذهب. يشكل النفط والغاز الطبيعي ما يزيد على 15% من عائدات الصادرات الأسترالية، بحسب شركة "أر بي سي يوروب" (RBC Europe Ltd).

هبط مؤشر بورصة أستراليا "S&P / ASX 200 القياسي"، حيث تمثل شركات المواد الخام الأولية ربع وزن الأسهم، بنسبة 2% منذ 23 فبراير الماضي، أي اليوم السابق على الغزو الروسي لأوكرانيا.

%5 زيادة في محصول القمح الأسترالي بدعم تحسن المناخ

يأتي ذلك في مقابل تراجع بنسبة تفوق 7% لمؤشر مورغان ستانلي للأسواق الآسيوية "MSCI Asia Pacific". صعدت أسهم شركات التعدين على غرار مجموعة "سيميك" (Cimic Group Ltd) وشركة "وايتهيفين كول" (Whitehaven Coal Ltd) بنسبة 27% على أقل تقدير في هذه المدة الزمنية، بينما صعد سعر صرف الدولار الأسترالي بما يزيد على نسبة 1% مقابل الدولار في وقت متأخر من يوم الجمعة في آسيا.

إندونيسيا وماليزيا

تعتبر إندونيسيا وماليزيا أكبر بلدين مصدرين لزيت النخيل حول العالم، وهي حالة ساهمت في اجتذاب المستثمرين في ظل هبوط أسواق الأسهم العالمية. حافظ مؤشر جاكرتا المجمع على أداء جيد، بينما تعد عملة الروبية الأندونيسية هي الرابح الوحيد وسط العملات الآسيوية منذ غزو أوكرانيا.

عزز سعر صرف عملة الرينغت الماليزي الذي يتسم بالقدرة على الصمود من تدفقات المستثمرين الأجانب إلى سوق الأسهم الماليزية. هبط مؤشر الأسهم المحلية بما يفوق نسبة 1% بقليل منذ 23 فبراير الماضي، وهو ما يعتبر الأداء الأفضل في السوق الإقليمية.

الصناديق السيادية الماليزية تستعد لمواجهة مخاطر حرب روسيا ضد أوكرانيا

قال واي هو ليونغ، الذي يعمل محللاً استراتيجياً في شركة "موديلور أسيت مانجمنت"(Modular Asset Management) في سنغافورة: "يعد ذلك بمثابة وسيلة تحوط تقليدية ضد تصاعد معدلات التضخم، لذلك سأبحث عن أصول في ماليزيا لشرائها بقيمة رخيصة"، مضيفاً أن قيمة العملة ما زالت "مُقدرة بأقل من قيمتها بطريقة كبيرة".

الهند

في الهند، التي تستورد 85% من احتياجاتها من النفط، يبيع الأجانب الأسهم بوتيرة قياسية، وأسفر النزوح الجماعي عن هبوط سعر صرف الروبية لمستوى قياسي.

تراجع مؤشر بورصة بومباي (S&P BSE Sensex) الرئيسي بنسبة بلغت 2.9% منذ 23 فبراير الجاري، حيث ساهمت عمليات الشراء من قبل الصناديق المحلية وسط حالة من هوس تداول الأفراد في تقليص الخسائر في سوق الأسهم.

الروبية الهندية تهوي مع الأسهم إلى مستوى قياسي بعد صعود أسعار النفط

رغم ذلك، فإن خطر حدوث أزمة تضخم يشكل تحدياً بالنسبة للبنك المركزي وأسواق المال في دولة ستكون على الأرجح أكثر قابلية للتأثر بصعود سعر خام برنت.

في وقت سابق من الشهر الحالي، خفَّضت مجموعة "كريدي سويس" تصنيف سوق الأسهم الهندية مرتين للتخفيف من وزن استثماراتها المخصصة لمنطقة آسيا، في حين رفعت من تصنيف أسواق المال في أستراليا.

كوريا الجنوبية

سجلت أيضاً كوريا الجنوبية، وهي أحد كبار المستوردين الآخرين لخام النفط، تراجعاً ناجماً عن عمليات بيع للأجانب ساعدت على هبوط قيمة عملتها المحلية. تراجع سعر صرف الـ"وون" بحوالي 3% مقابل الدولار منذ غزو أوكرانيا، لتحقق ثاني أسوأ أداء بين عملات آسيا.

هبط مؤشر بورصة كوريا الجنوبية "كوسبي" أو The Kospi Index، الذي كان بمثابة أكبر الخاسرين في المنطقة خلال سنة 2022 من بين مؤشرات الأسهم المحلية قبيل انطلاق الحرب، بنسبة 11% تقريباً منذ اندلاع الحرب، حيث يهدد تصاعد العوائد بمحو أرباح الشركات التكنولوجية الكبيرة. تعززت التوقعات بطريقة محدودة؛ حيث من المنتظر أن يكون الرئيس المنتخب الجديد يون سوك يول أكثر دعماً للأعمال التجارية بالمقارنة بسلفه.

الصين

تتباين الديناميكيات بطريقة طفيفة بالنسبة للأسواق الصينية، حيث كانت المخاوف المتعلقة بالإجراءات التنظيمية تؤدي إلي تراجع أسعار الأسهم الصينية.

الصين تضاعف نطاق تداول اليوان للروبل بعد تحركات قياسية

تستورد الصين نحو 15% من نفطها من روسيا، وربما يصبح في إمكانها دفع أسعار أرخص لجلب تلك الواردات جراء هبوط الطلب على الخام من الولايات المتحدة وأوروبا، بحسب جيان تشانغ، كبير خبراء الاقتصاد المتخصصين في الصين لدى شركة "باركليز".

ويعني وجود وفرة من أدوات السياسة أيضاً أن بكين تستطيع أن تطلب من مصافي النفط المملوكة للدولة تقليص هامش الأرباح من أجل تخفيض أسعار الوقود.

تايلاند

تُعرض تكاليف الوقود العالية الانتعاش البادئ في الاقتصاد التايلاندي القائم على السياحة للخطر، في حين بدأت البلاد في الانفتاح على السفر الدولي. ستوجه الخسائر المحتملة على صعيد السياح القادمين من روسيا، وهي أكبر مجموعة من المسافرين خلال شهر يناير الماضي، ضربة أخرى للاقتصاد.

تعد عملة الـ "بات" صاحبة أسوأ أداء بين العملات الآسيوية منذ غزو أوكرانيا، بينما هبط مؤشر بورصة تايلاند "SET Index" بما يفوق نسبة 2%.