لماذا تحجم إسرائيل عن تزويد أوكرانيا بمنظومة القبة الحديدية؟

العلاقة الجيدة مع الكرملين الذي يهيمن على سوريا هي مكون أساسي في الأمن القومي الإسرائيلي

تحت القصف
تحت القصف المصدر: غيتي إيمجز
Zev Chafets
Zev Chafets

Zev Chafets is a journalist and author of 14 books. He was a senior aide to Israeli Prime Minister Menachem Begin and the founding managing editor of the Jerusalem Report Magazine.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا يتفق معظم الاستراتيجيين العسكريين في إسرائيل مع كثير من المراقبين الغربيين الذين يعتقدون أنَّ الأوكرانيين المسلحين بروح لا تقهر ورئيس كاريزمي؛ لديهم فرصة لهزيمة الجيش الروسي عسكرياً.

يعتقد الإسرائيليون أنَّ أوكرانيا لن تصمد لفترة أطول بلا دعم جوي غربي أو تدخل من قوات الناتو، لكنَّهم يتفقون أيضاً إلى حد كبير على أنَّ أداء القوات الروسية لم يكن بارعاً؛ بل إنَّه لم يُظهر تمكناً في بعض الحالات. لكنَّهم يرون أنَّ الروس لم يطلقوا بعد عنان الضربات الجوية الكبرى والقصف البحري، وهي هجمات لا يملك الجيش الأوكراني قدرة على ردها. يقول هؤلاء الخبراء إنَّ القوة النارية المطلقة ستغلب المقاومة البطولية.

بعد الشيشان وجورجيا وسوريا.. خطة بوتين ربما تنتهي بتدمير أوكرانيا

رأي الجنرالات أنَّ هذا يأتي من ناحية حرفية بحتة؛ فمعظمهم يؤيدون أوكرانيا حالهم كحال غالبية الإسرائيليين، كما يثير فولوديمير زيلينسكي، المقاتل اليهودي الذي يكيل اللكمات لخصم يفوقه حجماً، إعجابهم فضلاً عن الافتخار العرقي. لكنْ هناك حدود، فبالرغم من أنَّ الجيش الإسرائيلي يخطط لبناء مستشفى ميداني كامل، وإرسال طاقم عمل لأوكرانيا كما أرسل مساعدات إنسانية؛ إلا أنَّ إسرائيل لا تقبل أن تبيع منظومة قبة حديدية مضادة للصواريخ أو غيرها من المعدات العسكرية لـِ كييف، التي توسلتها علناً.

روسيا في سوريا

إنَّ دافعها بهذا عملاني؛ وهو أنَّ روسيا هي الحاكم الفعلي لسوريا المجاورة، وطالما يُنظر إلى العلاقة الجيدة مع الكرملين على أنَّها مكون أساسي في الأمن القومي الإسرائيلي. كما أنَّ الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق في أجواء سوريا لمنع إيران من بسط قوتها في لبنان عبر دعم وكيلها "حزب الله" بأسلحة متطورة، وتتضمن أهداف طلعاتها مراكز القيادة، والسيطرة الإيرانية في سوريا، ومستودعات الأسلحة والمصانع، وأنظمة الدفاع المضادة للطائرات. كما أنَّ القادة العسكريين الإسرائيليين والروس في سوريا يتبعون آلية لمنع التضارب لتنسيق نشاط الجيش الإسرائيلي، كما تسمح روسيا لإسرائيل بالعمل دون تعريض الأصول الروسية للخطر.

ما الذي تعنيه هزيمة بوتين؟

يرى الإسرائيليون أنَّ تلك الاستراتيجية جيدة؛ فقد أظهر استطلاع رأي هذا الأسبوع أنَّ 67% من الجمهور يؤيدون نهج الحكومة الحذر تجاه الصراع بين روسيا وأوكرانيا، ويفضلون عدم اتخاذ موقف حازم ضد روسيا، في حين 21% فقط لا يؤيدون تلك الاستراتيجية.

قد يكون رأي الإسرائيليين قصير النظر. إذ يرى بعض المحللين الغربيين أنَّ أوكرانيا قد تخسر مرحلة الحملة العسكرية للحرب، لكنَّها ستفوز ضد روسيا الفقيرة والضعيفة في مرحلة الاحتلال. يتفق المحللون الإسرائيليون مع وجهة النظر تلك؛ إذ يرون أنَّ كبر مساحة أوكرانيا يصعّب من الاحتفاظ بالمدن الكبرى على وجه الخصوص، حيث سيتعين على روسيا تحصين قواتها. يتوقَّع بعض المراقبين في اسرائيل حرباً أهلية طويلة بين الأوكرانيين الروس في شرق البلاد ضد الأوكرانيين المناهضين لروسيا في الغرب، والتي ستنتهي بانقسام البلاد إما رسمياً أو بحكم الأمر الواقع.

"شباب" بوتين

هناك بالطبع احتمال استبدال بوتين، ولكن ذلك قد لا يحدث إلا بعد طول أمد، فقد بلغ عمره 69 عاماً فقط، وهو شاب مقارنة ببايدن، كما أنَّه يحكم قبضته على أجهزته العسكرية والأمنية. يصعب أن يشكّل الروس مقاومة ضده خاصة مع حجب المعلومات التفصيلية، وما يتمتع به بوتين من تأييد.

لا تتأثر إسرائيل التي تملك ميزاناً تجارياً ضعيفاً مع روسيا بسياسة العقوبات على روسيا وعزلتها الشديدة التي تجعلها منبوذة دولياً. يشكك العديد من الإسرائيليين بأنَّ أوروبا والولايات المتحدة وبريطانيا سينجحون بمقاطعة إمدادات الطاقة الروسية.

ينظر الإسرائيليون لآلية القوة الروسية والصينية ويرون فيها مخرجاً لبوتين، فبعد أيام قليلة من إعلان بايدن خطته لتحويل روسيا إلى شرير دولي مفلس ومعزول؛ أعلن وزير خارجية الصين وانغ يي أنَّ روسيا "الشريك الاستراتيجي الأهم لبلاده، وأنَّ الشراكة بينهما من أهم العلاقات الدولية في العالم".

لا يبدو وداع بوتين وشيكاً

التقى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين في ريغا في نفس يوم إعلان وانغ يي، وانتقد الجانبان "الهجوم الروسي غير المبرر على أوكرانيا"، وكرر بلينكن الوعد الأمريكي طويل الأمد بعدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية. لكنْ لابيد لم يشكر بلينكين على رسالة الطمأنينة، وأشار إلى أنَّ الولايات المتحدة على وشك توقيع اتفاق نووي مع إيران، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً وجودياً.

الفائدة الوحيدة من حرب أوكرانيا تتمثل في أنَّ إسرائيل عادت إلى المبادئ الأولى. إذ عبّر لبيد عن رأي الحكومة الإسرائيلية والقادة العسكريين بقوله: "هذه الحرب تذكير لدولة إسرائيل بأنَّ لدينا أصدقاء وحلفاء، لكنَّ أمننا يجب أن يبقى في أيدينا دائماً، وأنَّ ما يبقينا على قيد الحياة في عالم خطير هو أنَّ لدينا جيشاً".