عندما يظهر مديرك أمامك بتقنية الهولوغرام

كابينة "بورتل" ثلاثية الأبعاد البالغة قيمتها 65 ألف دولار
كابينة "بورتل" ثلاثية الأبعاد البالغة قيمتها 65 ألف دولار المصدر: "بورتل"
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بصفته الرئيس التنفيذي لشركة "كولومبيا شيب مانجمنت" (Columbia Shipmanagement)، عادةً ما يجري مارك أونيل عشرات الرحلات سنوياً إلى المناطق النائية للقاء 17 ألف فرد من أفراد طاقم 400 سفينة تديرها شركته، والترحيب بهم. في يناير، ظهر أونيل متألقاً في صورة ثلاثية الأبعاد بطول 6 أقدام، في مؤتمر عُقد في مانيلا، لكنه لم يكن بعيداً سوى بضعة أميال فقط من المقر الرئيسي للشركة في قبرص.

اقرأ أيضاً: شركات رقمية ناشئة تتحدّى المخضرمين في برامج مساعدة الموظفين

شارك أونيل في المؤتمر من خلال تقنية الهولوغرام التي أظهرته بحجمه الطبيعي داخل كابينة طولها 7 أقدام، وكان قادراً على التفاعل مع الجمهور عبر شاشة في قبرص. تعتزم شركة "كولومبيا" استخدام هذه التكنولوجيا في تدريب العمال، دون الحاجة إلى نقل الأشخاص جواً حول العالم. وقد أحب أونيل الفكرة كثيراً، لدرجة أنه يخطط لشراء المزيد من الوحدات لمكاتب أخرى، حيث يقول: "لقد كانت لحظة تواصل حقيقية. شعروا أنني كنت هناك حقاً".

اقرأ المزيد: إذا كان مديرك نكداً.. فربما يمكنك لوم الوباء على ذلك

تسعى ست شركات تقريباً من الشركات الناشئة، بالإضافة إلى الشركات العملاقة مثل "غوغل" و"مايكروسوفت"، إلى تقديم خدمات الاتصالات ثلاثية الأبعاد للشركات. ووقعت شركات مثل "دي إتش إل" (DHL) و"نوفارتيس" (Novartis)، وصانع الساعات الفاخرة "آي دبليو سي شافهاوزن" (IWC Schaffhausen)، اتفاقيات كعملاء لخدمات الاتصالات هذه. شكلت جائحة كورونا دافعاً للشركات لإعادة التفكير في قواعد العمل، وبالتالي أصبحت هذه الشركات تنظر إلى تقنية الهولوغرام باعتبارها طريقة مبتكرة للتواصل مع الموظفين والعملاء، وتقليص تكاليف السفر.

اقرأ أيضاً: خدعة سيرك جديدة: أسود وفيلة وحيتان "هولوغرامية"

تم توفير هذا النظام الذي استخدمته "كولومبيا" من قبل شركة "بورتل" (Portl)، التي تتخذ من لوس أنجلوس مقراً لها، وتبيع الكابينة عالية التقنية التي استخدمها أونيل في مانيلا، إلى جانب الاستوديو المتواجد في قبرص والمزود بكاميرا وإضاءة وميكروفون وخلفية. هذا النظام بأكمله كلف "كولومبيا" 160 ألف دولار، رغم أن "بورتل" تبيع كبائن فردية مقابل 65 ألف دولار، كما إنها تقدم أيضاً إصدارات منضدية تعرض نسخة مصغرة من الكبائن مقابل 5 آلاف دولار. جمعت "بورتل" 15 مليون دولار من المستثمرين، بمن فيهم صاحب رأس المال الاستثماري في وادي السيليكون، تيم دريبر. تتوقع الشركة بيع 500 كابينة و5 آلاف وحدة منضدية هذا العام، كما إنها تخطط في شهر مارس لإطلاق تطبيق يسمح للمستخدمين بالاستعاضة عن الهاتف المحمول بمعدات الاستوديو.

عقود على التصوير المجسم

في عام 1951، اخترع عالم الفيزياء المجري البريطاني، دنيس غابور، تقنية التصوير المجسم، وبعد عقدين فاز بجائزة نوبل في الفيزياء عن هذه الفكرة. وحققت هذه التكنولوجيا طفرة في عام 2012 عندما ظهر الراحل، توباك شاكور، في استعراض غنائي ضمن مهرجان كوتشيلا الموسيقي باستخدام التصوير ثلاثي الأبعاد. وأعقبت ذلك حفلات موسيقية تضم مايكل جاكسون وويتني هيوستن.

خلال فصل الربيع، سيشارك أعضاء فرقة الروك الموسيقية الرباعية السويدية "آبا" (ABBA)، التي اشتهرت في فترة السبعينيات، باستخدام صور مجسمة ثلاثية الأبعاد في سلسلة من الحفلات الموسيقية في لندن، إلى جانب موسيقين حقيقين.

في أيامنا هذه، تشق التكنولوجيا طريقها بشكل متزايد إلى المقرات الرئيسية للشركات، وعلى مراحل نحو المؤتمرات وعروض البيع. يقول ديفيد نوسباوم، الذي أسس "بورتل" في عام 2019، إن "الصور المجسمة لم تكن مطلوبة أبداً لأي شيء سوى الترفيه حتى عهد قريب". وأضاف: "بدلاً من إحياء الفنانيين الموتى رقمياً، رأيت الصور المجسمة كطريقة جديدة للتواصل".

يقول بعض المتشككين، إن شركة "بورتل" ومنافسيها لا يقدمون رسوماً مجسمة حقيقية، بل مجرد إسقاطات مصورة ثنائية الأبعاد. بشكل أكثر دقة، من المفترض أن تكون الصور المجسمة صوراً ثلاثية الأبعاد تعرض في الهواء بواسطة الليزر، حتى تتمكن من التجول حولها ومشاهدتها من كافة الزوايا.

الأبعاد الثلاثية

على النقيض، تتطلب صور "بورتل" وجود الكابينة التي تخلق وهمَ العمق، لكن عند النظر إلى جانبها أو خلفها ستجد أنها مجرد صندوق. تختبر "غوغل" كشكاً يحتوي على كاميرات وشاشة زجاجية، حيث يمكن للمستخدمين التحدث وجهاً لوجه باستخدام صور ثلاثية الأبعاد حجمها طبيعي لبعضهم البعض. كما تقدم "مايكروسوفت" صوراً مجسمة تُعرض من خلال سماعات رأس الواقع الافتراضي.

يقول لاري أورايلي، الرئيس التنفيذي لشركة "إيه آر إتش تي ميديا" (ARHT Media) ومقرها تورونتو، إن المشكلة تكمن في أن الصور المجسمة كاملة الحجم تتطلب بيانات أكثر مما تستطيع الشبكات الحالية نقله في العادة. تستخدم الشركة، التي لديها قائمة طويلة من العملاء متعددي الجنسيات مثل "أسترازينيكا" و "إريكسون" و "يو بي إس"، جهاز عرض بيانات لعرض صورة على الشاشة. ويمكن للعملاء شراء معدة قيمتها تبلغ حوالي 100 ألف دولار لالتقاط وعرض الصور المجسمة، أو تأجيرها مقابل 25 ألف دولار في اليوم.

خلال العام الماضي، وقعت "أيه آر إتش تي" صفقة مع شركة مساحات العمل المشتركة "وي ورك" (WeWork) للحصول على هذه الخدمة، وهي تبني استوديوهات بتقنية الهولوغرام في 30 موقعاً من نيويورك إلى سنغافورة. يقول أورايلي: "لا يمكن أن يحيد الناس بنظرهم بعيداً. فنحن نخلق وهماً ثلاثي الأبعاد لشخص بالحجم الطبيعي، أو كائن دون زمن انتقال ملحوظ، ما يخلق شعوراً بالوجود".

أسعار مرتفعة

أبدى شريف كرامات، الرئيس التنفيذي لمنظمة إدارة المؤتمرات المهنية (Professional Convention Management Association)، إعجابه بهذه التكنولوجيا، لكنه يصر على ضرورة خفض الباعة للأسعار بشكل حاد قبل تبنيها على نطاق واسع. قبل عام، ظهر كرامات في شكل صورة مجسمة عبر تقنية "إيه آر إتش تي" في الاجتماع السنوي لمجموعته في سنغافورة.

أثناء التواجد على المنصة مع وسيط في بث مباشر بعض الأشخاص الآخرين، قال كرامات إن المحادثة سارت بسلاسة، حتى إنه اصطدم بمتحدث زميل في وقت ما. ويوضح أن "الصور المجسمة ستبقى، وستُستخدم أكثر فأكثر، لكننا دائماً ما نريد التواجد في المكان في بعض الأوقات".