بدء العد التنازلي لتخلف روسيا عن دفع مستحقات ديونها

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مرّ الموعد النهائي الذي تمت متابعته عن كثب، لقيام روسيا بدفع الفائدة على السندات الدولارية، إذ قال حاملوها، إنَّهم لم يروا أي مؤشرات على وجود الأموال، ليبدأ العد التنازلي لفترة سماح مدتها 30 يوماً، قبل الإعلان عن أي تخلف عن السداد.

كانت أمام روسيا مهلة حتى نهاية دوام العمل يوم الأربعاء، لسداد قسائم يبلغ مجموعها 117 مليون دولار على فئتين من السندات. إن لم يكن هناك سداد خلال فترة السماح؛ فستكون هذه هي المرة الأولى التي تتخلّف فيها روسيا عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين الأجانب، منذ أن تنصّل البلشفيون من ديون القيصر في عام 1918.

اقرأ أيضاً: صندوق النقد الدولي يتوقع تخلف روسيا عن سداد ديونها

أي نتيجة من هذا القبيل يمكن أن تعزز استبعاد روسيا من أسواق رأس المال العالمية، وترفع تكاليف الاقتراض بالنسبة لها. تبلغ ديون الحكومة والشركات بما في ذلك "غازبروم" و"لوك أويل"، نحو 150 مليار دولار بالعملات الأجنبية.

قد لا تكون هذه المبالغ والضغط المالي الأوسع نطاقاً، كافية للتهديد بحدوث أزمة مالية عالمية. لكنَّ الضغوط بدأت تتسرب إلى الأسواق الناشئة، ويمكن أن تتسبّب في صدمات للاقتصاد العالمي الذي يمرّ بتحول زلزالي في أعقاب غزو أوكرانيا.

اقرأ المزيد: سكك حديد روسيا تسدد توزيعات سندات بعد 10 أيام من موعدها

يقول ألبرتو غالو، مدير محفظة في شركة "ألجيبري" البريطانية (Algebris UK): "من وجهة نظري؛ فإنَّ الأثر الأكبر يتعلق بما ستفعله الصين والأسواق الناشئة الأخرى".

أما بالنسبة إلى التأثير على روسيا نفسها؛ فإنَّه وعلى الرغم من تعرّض اقتصادها للدمار من خلال إجراءات مثل تجميد جزء كبير من احتياطيات البنك المركزي الروسي البالغة 640 مليار دولار؛ إلا أنَّ الفائض الضخم في الحساب الجاري للبلاد، يعني أنَّها لا تحتاج بالضرورة إلى الوصول إلى سوق السندات.

قواعد تسوية جديدة

في مرسوم صدر في 7 مارس، وضع الرئيس فلاديمير بوتين قواعد جديدة لتسويات الديون، وقسّم الدائنين الأجانب إلى فئتين، بينها فئة "البلدان التي تنخرط في أنشطة عدائية"، ولا يمكن دفع الفوائد ومدفوعات أصل الدين لها سوى بالروبل.

يقول غريغوري مارينيتشيف، الشريك في شركة المحاماة "مورغان لويس" (Morgan Lewis)، إنَّ الإجراء الجديد يتضمّن فتح ما يسمى حسابات من نوع (C)، وهو ما يمكن إجراؤه تلقائياً دون موافقة أو مشاركة من دائن أجنبي. ويضيف مارينيتشيف أنَّه بالنسبة إلى المستثمرين المقيمين في دول غير صديقة؛ فإنَّ تلقي التحويلات من النوع (C)، "يعادل الدفع في حساب مغلق... و لايمكنك إرجاع تلك الروبلات".

من المرجح أن تؤدي أي مدفوعات من هذا القبيل إلى جولة من الجدل القانوني بين روسيا وحاملي سنداتها حول ما الذي يشكّل تسوية شرعية للديون. هذا مهم ليس لحاملي السندات فقط؛ ولكن أيضاً للمستثمرين الذين لديهم 40 مليار دولار من مقايضات التخلف عن السداد المرتبطة بالديون الروسية.

عواقب أوسع

كانت هناك أيضاً علامات على وجود توترات بين بعض الشركات الروسية المقترضة. بدأ محرك البحث على الإنترنت "ياندكس" (Yandex)، وشبكة وسائل الاجتماعي "فكونتاكتي" (VK)، و"أوزون هولدينغز" (Ozon Holdings) بالفعل، محادثات مع الدائنين.

قد تكون للتداعيات الناجمة عن مشكلات الديون الروسية الأوسع نطاقاً، تداعيات عالمية أكبر.

يقول أنطوان ليسن، رئيس الاستراتيجية في "إس بي دي آر" (SPDR)، التي تقدّم صندوقاً متداولاً بالبورصة يتبع لشركة "ستايت ستريت" (State Street)، وفي حيازتها ديون روسية: "لهذا تأثير محتمل أكبر مما رأيناه في الأرجنتين". ويذكر أنَّ الأرجنتين تخلّفت عن سداد ديون بقيمة 95 مليار دولار في عام 2001، مما تحوّل لاحقاً إلى ملحمة قانونية استمرت 13 عاماً بين الحكومة والدائنين الرافضين للتسوية.

يتوقَّع سايمون هارفي، رئيس تحليل العملات الأجنبية في "مونيكس يوروب" (Monex Europe)، أن يصبح مديرو الأموال أكثر حذراً بشأن الائتمان في الأسواق الناشئة. ويضيف هارفي: "أعتقد أنَّ الضربة الأكبر ستكون بالتأكيد على تدفق رأس المال... لقد استيقظ المستثمرون الآن على مخاطر الاستثمار في الديون السيادية ذات العوائد المرتفعة".

من المستحيل التنبؤ بالآثار المحتملة الأخرى بشكل مؤكد.

في عام 1998، انتشر تقصير موسكو في سداد ديونها المحلية، ووقف الدفع للدائنين الأجانب عبر الاقتصاد العالمي، مما أسهم في الانهيار والإنقاذ اللاحق لصندوق التحوط "لونغ تيرم كابيتال مانجمنت" (Long-Term Capital Management)، وهو حدث استشهدت به كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي في مقابلة يوم الثلاثاء.

قالت كارمن راينهارت من البنك الدولي: "أتذكر (لونغ تيرم كابيتال مانجمنت)؟... لم يكن ذلك بالضرورة على شاشة رادار أي شخص في بداية تخلف السداد الروسي في أغسطس 1998.. هذه الأشياء بدأت في الظهور.. والتداعيات مازالت مبهمة".