رحلات بحرية ويخوت فخمة تغزو جزر غالاباغوس

تصميم تصويري بالحاسوب للباخرة "سيليبرتي فلورا" يُظهر مؤخرة الباخرة المفتوحة والمزودة بسلالم مصممة خصيصًا تتيح ركوب الزوارق والنزول منها بكل سهولة.
تصميم تصويري بالحاسوب للباخرة "سيليبرتي فلورا" يُظهر مؤخرة الباخرة المفتوحة والمزودة بسلالم مصممة خصيصًا تتيح ركوب الزوارق والنزول منها بكل سهولة. المصدر: Celebrity Cruises
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في السابق كن لابد لك أن تسافر على متن سفينة أبحاث لا يوجد بها الكثير من وسائل الراحة كيّ تتمكن من مشاهدة طيور "الأطيش" زرقاء القدمين ومستعمرات أسود البحر الضخمة، وهي تتشمس على جزر غالاباغوس؛ أي مثلما كان الحال في رحلات العالم "تشارلز داروين".

أما الآن، تغيّر كل هذا، وصارت هناك مجموعات جديدة من الناس تبحث عن الحياة البرية وترغب في مراقبة أنواع الحيوانات والطيور المُهددة بالانقراض نهارًا، والاستمتاع بحمام جاكوزي، وتناول الأصناف الفاخرة من الطعام في الهواء الطلق ليلاً.

نتيجةً لذلك التحول، بدأت 6 يخوت فاخرة جديدة رحلاتها في جزر غالاباغوس في أواخر 2018 وأوائل 2019، وستنضم إليها المزيد من اليخوت قريبًا، ومن بين تلك اليخوت "إم في أوريجين" (M/V Origin)، و"إم في ثيوري" (M/V Theory)، وهما يختان بالغا الفخامة يتسعان لـ20 راكبًا ويشكلان جزءًا من مجموعة الخدمات الفندقية المرموقة التي تُركز على المطاعم "ريليه آند شاتو" (Relais & Chateaux).

سفينة بـ50 جناحاً فندقيا

وستنضم إلى الأسطول قريبًا السفينة "سيليبرتي فلورا" (Celebrity Flora)، التي تضم 50 جناحًا فندقيًا عالي التقنية يتمتع بميزات مذهلة مثل نوافذ زجاجية قابلة للسحب ممتدة من الأرضية إلى السقف، ويمكن حجز مقصورة في جميع هذه اليخوت والسفن، إذ أنها ليست مخصصة بشكل حصري للرحلات البحرية الخاصة.

وصلت جزر غالاباغوس إلى هذا المستوى من الرقي، بعد أن مرّت بمراحل من التطوّر، فرغم وجود خطوط رحلات فاخرة - مثل "ليندبلاد إكسبديشنز" Lindblad Expeditions))، التي تجمعها شراكة مع "ناشيونال جيوغرافيك" (National Geographic)، و"سيلفر سي" Silversea)) التي تبحر في مياه المنطقة منذ أعوام طويلة، إلا أن البواخر الجديدة تُقدّم تجربة أكثر وضوحا ترقى إلى المستوى العالمي.

من جانبها، قالت "إيرين كورّيا" (Erin Correia)، وهي منظمة رحلات سياحية لدى شركة "أدفينشر لايف" (Adventure Life) لخدمات الرحلات البحرية، ومقرها مدينة ميسولا بولاية مونتانا الأمريكية، وإحدى أعضاء مجلس إدارة "الجمعية الدولية لمشغّلي الرحلات السياحية إلى جزر غالاباغوس" (International Galapagos Tour Operators Association): "كانت جزر غالاباغوس فيما مضى وجهة سياحية لا يقصدها سوى سيّاح رحلات المغامرات، أما الآن، فصارت على قائمة المسافرين المتميزين من صفوة المجتمع للوجهات السياحية التي لابد من زيارتها".

تغيير جوهري في جزر غالاباغوس

وفقًا لـ"كورّيا"، فإن اليخوت صغيرة الحجم ليست الوحيدة التي هيمنت فجأة على مياه جزر غالاباغوس، بل تضاعف عدد السفن الفاخرة بوجه عام منذ 2017 حتى وصل إلى 26 سفينة، وبسبب القوانين الصارمة التي يفرضها "متنزه غالاباغوس الوطني" (Galapagos National Park)، التي تسمح بعدد محدود من الزائرين والتراخيص يصل إلى نحو 70 قاربًا للعام الواحد، فإنَّ هذه الرحلات الفاخرة لا تُكمّل الرحلات الاقتصادية ومتوسطة السعر، بل تحل محلها.

وقالت "كورّيا": "تعلم الشركات المنظمة للرحلات يقينًا أنَّ بناء السفن الفاخرة سوف يُحقق لها مزيدًا من الأرباح؛ فإن كانت الرحلات على تلك السفن الفاخرة هي الخيار الوحيد لزيارة جزر غالاباغوس، سوف يدفع المسافرون الأموال لحجزها بالتأكيد".

أسعار الرحلات البحرية الاقتصادية

وتبدأ أسعار الرحلات البحرية الاقتصادية من 3 آلاف دولار تقريبًا للفرد في الرحلات التي تمتد لأسبوع واحد، في حين يتراوح ثمن تذكرة اليخوت الفاخرة للفرد ما بين 6600 و15 ألف دولار في الرحلات المماثلة.

وتُعد هذه أخبارًا سارة للزوار الباحثين عن الرفاهية، وأيضًا للمشرفين القلقين بشأن سلامة النظام البيئي الحسّاس لأرخبيل، غالاباغوس المكوّن من جزر كبيرة وصغيرة وصخور يبلغ عددها 330.

فمع أن جميع السفن التي تُبحر في جزر غالاباغوس مُلزمة قانونًا بالتوفير في استعمال المياه والطاقة وحظر استخدام المنتجات البلاستيكية وشراء المنتجات المُصنّعة محليًا، إلا أنَّ البواخر الجديدة أسرع وأكثر ثباتًا وكفاءة في استهلاك الوقود.

بالإضافة إلى ذلك، تشترط قوانين "حديقة غالاباغوس الوطنية" أن يرافق مرشد مرخص للرحلات البحرية القادمة على متن البواخر السياحية، مما يجعلها تجربة تخضع لأنظمة أكثر صرامة مقارنة بالرحلات البرية على الجزر في المنطقة، التي بدأت تزداد شعبيتها في الآونة الأخيرة، مع العلم أن خمس جزر فقط من أرخبيل غالاباغوس مأهولة بالسكان.

صحيح أنَّ الرحلات البرية تجمع في كثير من الأحيان بين الإقامة في فندق والذهاب في رحلات يومية ينظمها مشغّلو الزوارق السريعة (وليس خبراء طبيعة معتمدون)، إلا أنَّ "كورّيا" ترى أنَّ "ركاب الرحلات البحرية أقل خطرًا على أرخبيل غالاباغوس".

كيفية اختيار اليخت

ترفع جميع اليخوت الجديدة علم الإكوادور، ويحمل أفراد طاقمها الجنسية الإكوادورية، ولا تتسع لأكثر من 100 راكب، وتلتزم بقوانين "متنزه غالاباغوس الوطني"، علاوةً على أنَّ برامج الرحلات تٌقدم للسياح تجارب متشابهة بوجه عام بغض النظر عن الجزر التي يزورونها. ولا جدوى تقريبًا من محاولة الاختيار بين هذه التجارب، لأنّك ستستمتع بالتجربة التي مرّ بها "داروين" أينما كانت وجهتك، لهذا فإنَّ الاختيار الملائم هو مسألة تتعلق بالذوق فحسب بالنسبة لأغلب المسافرين، على حد قول "كورّيا".

لعل أهم ما يميز اليختين "إم في أوريجين" و"إم في ثيوري"، اللذين بدآ رحلاتهما في شهر مارس 2019، إلى جانب قدرتهما الاستيعابية الصغيرة للغاية (20 راكبًا فقط)، هو برامج المأكولات؛ إذ يعمل في كل منهما طاهٍ مُدرب على إعداد الأطباق الفرنسية ورئيسًا للنُدُل لخلق تجربة تناول طعام تستخدم منتجات الإكوادور في إعداد تشكيلة واسعة من الأطباق، من طبق "لانغوستين" أو langoustines) ) المسلوق مع الزبد والليمون الحامض، إلى طبق "كريم بروليه" (crème brûlée) الكلاسيكي.

ويتميز اليختان أيضًا بأن جميع مقصوراتهما عبارة عن أجنحة فندقية وفيهما أرائك فاخرة للاسترخاء في الهواء الطلق، ويتميزان بمجموعة من قوارب الكاياك (نوع من القوارب الصغيرة أحادية الراكب)، وألواح التجديف التي تُضيف لمسة من المغامرة على تجربة مراقبة الحياة البرية. وتبدأ أسعار الرحلات من 7850 دولارًا للفرد في الغرفة المزدوجة، مع إمكانية استئجار اليخت بالكامل مقابل 157 ألف دولار.

قد يُعجب محبو التصميم أكثر بالقارب مزدوج الهيكل "إيليت" (Elite)، الذي يتسع 16 راكبًا مع أجنحة فندقية بالكامل من شركة "غولدن غالاباغوس كروزيز" (Golden Galapagos Cruises)، المفترض برحلاته أن تبدأ في شهر يونيو 2019.

ويضم "إيليت" أجنحة فندقية، مزودة بنوافذ بانورامية وحمامات مجهزة بدش مطري وسطح علوي مريح مغطى جزئيًا، سيتناول عليه الركاب وجبات العشاء المكونة من عدة أطباق في الهواء الطلق في حال كان الطقس ملائمًا.

حتى السفينة "سيليبرتي فلورا" (Celebrity Flora) التي تتسع لـ100 راكب وتبدأ رحلاتها في شهر يونيو 2019، تبدو أشبه باليخت إلى حد ما، وتُغري مسافري الرحلات الفاخرة بأجنحة نوم فندقية فاخرة بالكامل، تتضمن أجنحة "بنتهاوس" (Penthouse) الكبيرة بمساحة 120 مترًا مربعًا تقريبًا وشرفات شاسعة، والتي تُوصف بأنَّها المقصورات الأكبر على الإطلاق في جزر غالاباغوس.

وكبديل لتلك الشرفات الخارجية، تتمتع بعض الأجنحة الأخرى بنظام الشرفات الافتراضية "إنفنيت فيرانداز" (Infinite Verandas) تمامًا كالنظام الذي أُضيف مؤخرًا إلى سفينة "سيليبرتي إيدج" (Celebrity Edge) التابعة للأسطول نفسه.

وتوفّر السفينة أيضًا زوارق مبتكرة (شبيهة بالمنصات الهيدروليكية المُستخدمة في عمليات الإنزال المائي، مع مقاعد داخلية) يمكن للضيوف بكل سهولة استخدامها للوصول إلى الشاطئ ومشاهدة بطاريق غالاباغوس على جزيرة بارتولومي ذات التضاريس الوعرة.

بعض الاعتبارات الخاصة

ويجب على عشّاق الحياة البرية الحقيقيين مراعاة بعض الاعتبارات الخاصة في رحلاتهم، فقد يرغب ممارسو الغوص، على سبيل المثال، باختيار واحد من القوارب المزودة بمعدات الغوص في المنطقة التي يبلغ عددها نحو ستة، مع أنَّها أكثر بساطة مما تُوفره اليخوت الجديدة.

وربما يتعين على عشّاق مراقبة الطيور بدورهم دراسة كل صغيرة وكبيرة في برنامج رحلتهم؛ إذ إنَّ مراقبة عصافير داروين يتطلب أحيانًا الذهاب في رحلات طويلة إلى جزر نائية معينة. أما بالنسبة لأغلب السيّاح، فستكون مشاهدة الحياة البرية عن قرب، التي تقدمها برامج الرحلات التقليدية إلى جزر غالاباغوس، كافية لإرضائهم؛ خصوصًا أن كائنات الحياة البرية في هذه البقعة من الأرض لا تنزعج من وجود البشر إطلاقًا، وهو أمر غريب للغاية.

فيمكن للسيّاح، على سبيل المثال، الاستماع بمشاهدة طيور الفرقاطات وهي تنفخ عنقها الأحمر لإبداء استعدادها للتزاوج أو الإغوانا البحرية الضخمة وهي تدير رأسها ببطء لتنظر في أعينهم مباشرةً. وينطبق هذا أيضًا على الأطفال الصغار، فوفقًا لـ"كورّيا"، تُعد العائلات متعددة الأجيال، التي تشمل أطفالًا صغارًا قد تصل أعمارهم إلى 6 سنوات، من الفئات الأسرع تزايدًا بين جمهور الرحلات السياحية إلى جزر غالاباغوس.

ويرجع هذا إلى حد كبير إلى أنَّ تلك العائلات تستأجر اليخوت الصغيرة بالكامل في كثير من الأحيان، وقالت "كورّيا": "بدأ الناس يُدركون أنَّ جزر غالاباغوس وجهة سياحية عائلية رائعة؛ فهي جنة من الحياة البرية، إنّها بالنسبة للأطفال أشبه برحلة إلى حديقة الحيوان، لذا فإنَّها تُشعرهم بالبهجة والسعادة". .