تزايد مخاطر بناء السدود في ظل شح المواقع الجيدة

مشروع "تابوفان فيشنوغاد" بعد كارثة الانهيار الأرضي عام 2021
مشروع "تابوفان فيشنوغاد" بعد كارثة الانهيار الأرضي عام 2021 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تساقط الثلج بغزارة لأيام عدة في جبال الهيمالايا الهندية، قبل أن يبدأ ذوبان الجليد؛ ومن ثمّ، في تمام الساعة 10:21 صباحاً من يوم 7 فبراير 2021، تصدّع جزء من قمة رونتي وسقط من الجبل.

جرف الانهيار الأرضي الذي حدث ما يكفي من الصخور والجليد لملء 12 ألفاً من حمامات السباحة الأولمبية، حيث تحرك بسرعة 120 ميلاً في الساعة، ووصل إلى قاعدة وادي نهر رونتي غاد. أما الاحتكاك، فقد أدّى إلى ذوبان الجليد، وأحدث طوفاناً اجتاح مجرى النهر، ودمّر محطتي طاقة كهرومائية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 من العمال والسكان.

اقرأ أيضاً: دراسة: تزايد كبير في أعداد السكان في المناطق المعرضة لخطر الفيضانات

لا ينبغي أن يكون الأمر مفاجئاً، فمنذ الإعلان عن إنشاء السد الأكبر بين اثنين قبل عقدين من الزمن، حذّر العلماء من أن الوادي المعرض للزلازل والانهيارات الجليدية كان موقعاً خطيراً. وقد شرعت أكبر شركة منتجة للطاقة في الهند، "إن تي بي سي" (NTPC)، في مشروع "تابوفان فيشنوغاد" (Tapovan Vishnugad) رغم التحذير. وفي عام 2013 تضرّر السد إلى جانب أكثر من 30 من السدود الأخرى في المنطقة، جرّاء الفيضانات المفاجئة وانفجار بحيرة جليدية؛ ومن ثم جاء الانهيار الأرضي العام الماضي.

في الحقيقة، لم ترتدع شركة "إن تي بي سي" من الكارثتين الطبيعيتين اللتين حدثتا خلال أقل من عقد في مشروع لم ينتج بعد أية طاقة. وكان عمال البناء منهمكين في إزالة الأنقاض وإصلاح الهياكل المهترئة في البرد القارس، عندما زار مراسل "بلومبرغ غرين" المنطقة في فبراير، بعد مرور أكثر من عام بقليل على الكارثة، في حين لم تردّ الشركة على طلب للتعليق.

اقرأ المزيد: كيف تصمم مدينة ذكية مائياً؟

تعليقاً على الموضوع، يقول بهاوان رنا، رئيس قرية ريني التي يمكن لسكانها رؤية أحد السدود وهو ينجرف: "عندما تمطر، نخشى على حياتنا؛ حيث زعزعت عملية البناء الطائشة أساسات بيوتنا".

في الواقع، يعتقد العديد من السكان المحليين بأنهم سيكونون أفضل حالاً من دون مشروع الطاقة المائية. ففي صباح يوم الانهيار الأرضي، سمع بريم سينغ، البالغ من العمر 47 عاماً ضوضاء شبيهة بضوضاء طائرة هليكوبتر تُحلّق على ارتفاع منخفض؛ حيث خرج ورأى مساحة رمادية من المياه والصخور والرواسب تغمر الوادي. كانت والدته، أمريتا ديفي، البالغة من العمر 73 عاماً، قد غادرت قرية ريني في وقت سابق لتربية ديدان القز في حقول التوت؛ ولم يرها بعد ذلك أبداً.

الحد من الانبعاثات

الجدير بالذكر أن إنتاج المزيد من طاقة العالم من المصادر الكهرومائية، سيكون أمراً حاسماً للسيطرة على ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تدعو وكالة الطاقة الدولية إلى مضاعفة الطاقة الكهرومائية بحلول عام 2050 كخطوة للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية. إلا أن التوسعات المخططة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار على مستوى العالم ستضيف فقط حوالي 500 غيغاواط، أو حوالي 38% من السعة الحالية.

منذ عام 1882، عندما بدأ تشغيل أول محطة طاقة مائية تجارية على نهر فوكس في ولاية ويسكونسن الأمريكية، ركّزت المرافق على المواقع القابلة للحياة اقتصادياً، حيث تتدفق الأنهار بسرعة كافية لتدوير التوربينات. ولكن بعد مرور 140 عاماً، تم بالفعل استغلال أنسب المواقع - خصوصاً في العالم المتقدم، حيث التمويل أسهل – وبالتالي، ينتقل البناؤون إلى مناطق أكثر خطورة مثل جبال الهيمالايا أو مناطق أعمق مثل الأمازون.

مخاطر التغير المناخي

يُشار إلى أن الغالبية العظمى من المشاريع الجديدة تقع في العالم النامي، حيث يتأخر تنفيذها بشكل روتيني، وتتجاوز الميزانية، وتحتل مواقع معرضة للخطر. كما أصبحت أكثر خطورة بسبب تأثيرات تغير المناخ، والذي بدوره يحدّ من قدرتها على المساعدة في منع الاحترار في المستقبل.

الجدير بالذكر أن تصميمات العديد من السدود الجديدة والمخططة، وُضِعتْ دون استخدام النماذج المناخية، أو الاعتماد على البيانات القديمة التي تبالغ في تقدير هطول الأمطار، أو تُقلّل من الأضرار المحتملة من الفيضانات والتعرية، وفقاً للعلماء. وهذا يضع الجدوى المالية للمواقع الجديدة موضع تساؤل، ويُعرّض العمال والمجتمعات للخطر.

من جانبه، يقول هوميرو بالتان، باحث المياه والمناخ في البنك الدولي وجامعة أكسفورد: "غالباً ما يتم التخطيط لمشاريع الطاقة الكهرومائية وفقاً للمناخ الماضي، وهو مناخ ربما لم يعد مناسباً الآن؛ ولا تتم مناقشة هذا الأمر جيداً بالرغم من تداعياته على أسواق الطاقة العالمية".

دافع مسؤولان في تابوفان، طلبا عدم الكشف عن هويتهما لأنهما غير مصرح لهما بالتحدث إلى وسائل الإعلام، عن المشروع لأنه يُساعد في تلبية متطلبات الطاقة في الهند. وهما يُقرّان بالحاجة إلى مزيد من البحث الدقيق عند اختيار المواقع، إلا أنهما يقولان إن حادثة فبراير الماضي لم تكن نتيجة مباشرة لتغير المناخ. (يؤدي ذوبان الأنهار الجليدية والتربة الصقيعية إلى تفاقم تواتر وشدة الانهيارات الأرضية في جبال الهيمالايا، وفقاً للعلماء، ولكن لم تتطرق أية دراسات منشورة على وجه التحديد إلى الصلة بين الاحتباس الحراري والكارثة). وأشار المسؤولان أيضاً إلى الحاجة إلى أنظمة الإنذار المبكر، حيث يتم الاعتماد حالياً على شبكة من السكان الذين ينقلون المعلومات عبر رسائل الواتساب. ويقولان إن كارثة عام 2021 أخّرت إنجاز المشروع بنحو عام حتى عام 2024.

انهيار كامل

كان مشروع ريشيغانغا المائي الصغير الذي يقع باتجاه المنبع من تابوفان، هو أول مشروع يُسوّى بالأرض في فبراير الماضي، حيث يقول غوراف أغاروال، نائب المدير العام لمبيعات الطاقة في كوندان، إن "مجموعة كوندان" (Kundan Group) التي استحوذت على المشروع من الإفلاس في 2018، لا تزال قيد اتخاذ القرار حول ما إذا كانت ستُعيد البناء أم لا. وبصرف النظر عن الكوارث الطبيعية، يُعدّ انخفاض تدفق المياه من الأنهار الجليدية المتراجعة مشكلةً أوسع للصناعة في الهند.

يقول أغاروال: "يُعدّ تغير المناخ مشكلة كبيرة. وبالنسبة إلى أي مشروع للطاقة الكهرومائية، فإن مستوى معين من تصريف المياه من المصدر ضروري للغاية. وإذا كان لديك موقع تتناقص فيه مستويات تصريف المياه بشكل مستمر، فلن تحصل على كمية المياه التي خططت لها".

مشاريع غير مربحة

يذكر أنه على الحافة الجنوبية لغابات الأمازون المطيرة في البرازيل، استخدم مخططو سد بيلو مونتي في ولاية بارا متوسط ​​هطول الأمطار من عام 1931 إلى هذا القرن بدلاً من قصره على عينة أحدث. وقد انخفض معدل هطول الأمطار منذ افتتاح أول توربين في عام 2016، حيث لم تحقق رابع أكبر منشأة مائية في العالم على الورق، ربحاً لمدة عامين، رغم زيادة توليدها للطاقة.

من جانبها، تُصر شركة "سويس ري" (Swiss Re)، التي توفر خدمات التأمين لمشاريع الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء العالم، على 10 سنوات من البيانات المناخية الحديثة دون انقطاع قبل تقديم السياسات، وذلك بحسب روبم هوفليغر، رئيس الشركة لشؤون أمريكا اللاتينية؛ حيث يقول: "الخطر الذي واجهته في الثمانينيات هو ليس الخطر عينه الذي تعرضت له في عشرينيات القرن الماضي. لذلك فأنت تأخذ فترة أقصر؛ إلا أن المشكلة مع البلدان النامية هي عدم وجود بيانات للوصول إلى مؤشر مناسب".

كان مشروع فيشنوبراياغ باستطاعة 400 ميغاواط، والذي يقع في اتجاه مجرى النهر من تابوفان، من أوائل المشاريع في المنطقة عندما بدأ العمل في عام 2006. ولم يكن الحفاظ على بقائه قيد التشغيل أمراً سهلاً؛ حيث أُغلق في عام 2013 لمدة 10 أشهر بسبب أضرار الفيضانات في ذلك العام، وتوقّف العمل فيه لمدة شهر في عام 2021 بعد طوفان فبراير، وفقاً لرافي تشادا، مدير المشروع.

انهيارات غير مسبوقة

أما في يوليو، فقد أدى انهيار أرضي إلى سد مجرى النهر، حيث يتم تصريف المياه من السد، ولا يزال العمال يزيلون الصخور. وفي اليوم الذي زار فيه أحد المراسلين المنطقة، سقطت صخرة وأغلقت الطريق المؤدي إلى السد.

في الواقع، لم يرَ الناس مثل هذه الانهيارات الأرضية في ذاكرتهم الحية؛ حيث يقول شادها: "تتولد الانهيارات الأرضية في مواقع جديدة"، مضيفاً أنه يجب على المطورين اختيار مواقع أكثر أماناً، حتى لو كان ذلك يعني كميات أقل من المياه.

مشكلة الجفاف

مما لا شك فيه أن الجفاف هو مصدر قلق أكبر للطاقة الكهرومائية من الفيضانات. ووفقاً لبالتان، فإن ما يصل إلى 80% من مشاريع الطاقة الكهرومائية القائمة والمخطط لها في العالم النامي تقع في مناطق يُتوقع أن تطول فترات الجفاف فيها بنسبة 10%.

أحد هذه المشاريع هو المشروع البرازيلي "بيلو مونتي". فإنتاجه بعيد جداً عن استطاعته البالغة 11.2 غيغاواط، والتي لن يصل يوماً إليها، حيث صُمّم "بيلو مونتي" ليكون بمثابة سد مجرى النهر بدون خزانات كبيرة للحدّ من التأثير البيئي، ونتيجة لذلك، فإنه يعمل بالقرب من استطاعته فقط خلال الأشهر الممطرة.

حتى مع تشغيل جميع التوربينات الأربعة والعشرين للمرة الأولى في عام 2021، والذي كان عام جفاف، بلغ التوليد 3.6 غيغاواط فقط في المتوسط. لكن يبدو هذا العام أفضل من حيث هطول الأمطار، ومن غير الواضح ما إذا كان "بيلو مونتي" سيصل إلى الحد الأدنى البالغ 4.6 غيغاواط الذي تعهد بتقديمه سنوياً عند الموافقة على البناء. وقد قالت شركة "نورتي إنيرجيا" (Norte Energia)، التي تدير مشروع "بيلو مونتي"، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إنها وفّرت 8.4% من الطاقة الكهرومائية في البرازيل العام الماضي على الرغم من الجفاف، وتتوقع زيادة هذه الحصة في عام 2022، حيث يرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى تدفقات المياه القياسية في يناير.

إزالة الغابات

يُذكر أن مزيجاً من الاحتباس الحراري وإزالة الغابات المحلية يؤدي إلى تقويض اقتصاديات المشروع، حيث فقدت منطقة الأمازون البرازيلية مساحة بحجم ولاية كونيكتيكت في عام 2021؛ وقد أدت إزالة الغابات إلى تجفيف ما يسمى بالأنهار الطائرة التي تحمل الرطوبة إلى جنوب البرازيل وباراغواي والأرجنتين. وسيكون توليد الطاقة في "بيلو مونتي" أقل بنسبة 10% مما كان متوقعاً في الفترة من 2021 إلى 2050، وفقاً لإدموندو والاس مونتيرو لوكاس، خبير الأرصاد الجوية في المعهد الوطني البرازيلي للأرصاد الجوية، الذي أجرى أبحاثاً في المنطقة.

فضلاً عن ذلك فإن الانفجار العالمي في حدائق الرياح ومزارع الطاقة الشمسية لا يلغي الحاجة إلى المزيد من الطاقة الكهرومائية، حيث يؤدي استخدام الطاقة المتجددة المتقلبة إلى زيادة الاعتماد على ما يسمى بالطاقة القابلة للتشتت، أو الطاقة الاحتياطية التي يمكن تشغيلها وإيقافها في أية لحظة، مثل الطاقة المائية والنووية. وفي هذا الصدد، تملك الهند على سبيل المثال خططاً لمضاعفة الطاقة المتجددة أربع مرات بحلول نهاية العقد، إلا أنها تحتاج إلى المزيد من الطاقة المائية والنووية والبطاريات لتجنب الاعتماد على الفحم أو الغاز الطبيعي كمصدر احتياطي للطاقة.

يقول أليكس كامبل، رئيس قسم الأبحاث والسياسات في الرابطة الدولية للطاقة الكهرومائية، وهي مجموعة تجارية صناعية: "عندما لا يكون الجو عاصفاً أو مشمساً، فأنت لا تزال بحاجة إلى الكهرباء؛ ونحن بحاجة إلى التخطيط الآن للحصول على تلك المرونة في المستقبل، أو أن نتبنى الخيار البديل وهو الاعتماد على الفحم، ولا أحد يريد ذلك".

الاعتماد على الوقود الأحفوري

تستعد الطاقة الشمسية للنمو عشرين ضعفاً بحلول عام 2050، تليها زيادة بمقدار 11 ضعفاً في طاقة الرياح، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. وعلى الرغم من أن البطاريات الصناعية والهيدروجين الأخضر قد يلعبان دوراً متوازناً، فإنه في حال فشل الهيدروجين في مضاعفة حجمه، فقد يظل العالم معتمداً على الوقود الأحفوري لدعم الشبكة. ومن المتوقع أيضاً أن تتضاعف الطاقة النووية بحلول عام 2050، إلا أنها ليست كافية لتعويض النقص في التوربينات التي تغذيها الأنهار.

في هذا السياق، لا يوجد مكان يتجلى فيه التهديد المائي أكثر من هضبة التيبت الشاسعة، التي يطلق عليها أحياناً اسم "برج المياه الآسيوي" لأنها تحتوي على معظم الجليد خارج المناطق القطبية على ارتفاعات قصوى. وقد تضاعفت وتيرة الذوبان في العشرين عاماً الماضية، ويمكن أن يختفي ثلثا الأنهار الجليدية بحلول نهاية القرن. من جانبها، تسارع الصين والهند ونيبال وباكستان لتسخير أكبر قدر ممكن من طاقة المياه حتى في الوقت الذي يجلب فيه الاحتباس الحراري مخاطر إضافية. وتملك الصين خططاً لأكبر سد ضخم لديها حتى الآن في وادي بعمق خمسة أضعاف غراند كانيون، وذلك على الرغم من أن الانهيار الأرضي لعام 2018 قد أدى إلى إنشاء بحيرة يمكن أن تغمر موقع البناء.

ذوبان الجليد

عندما تذوب الجبال، فإنها تتحرك وتتحلل التربة الصقيعية تاركةً الوديان شديدة الانحدار أكثر عرضة للانهيارات الجليدية والتآكل. كما تخلق الانهيارات الأرضية بحيرات هشة، مثل تلك التي انفجرت في الهند في عام 2013؛ ويكون الفيضان الناجم قصير العمر، ولكن بوسعه أن يحمل طاقة أكثر من هطول الأمطار لمدة 100 عام. وقد أدت انفجارات البحيرات الجليدية إلى وجود منشآت لتوليد الطاقة الكهرومائية في جبال الأنديز وكذلك جبال الهيمالايا.

تعليقاً على الموضوع، يقول وولفغانغ شوانغارت، عالم الجغرافيا الطبيعية في جامعة بوتسدام في ألمانيا، والذي نشر بحثاً عن كارثة فبراير في الهند وانفجارات البحيرات في جبال الهيمالايا: "أفضل المواقع مستغلة بالفعل، لذلك في حال رغبت في التوسع، فعليك الانتقال إلى أعلى النهر؛ كما أن المشاريع الأكبر تُشغّل بشكل متزايد مواقع أكثر انحداراً ومعرضة للأخطار، إلا أن تقارير الجدوى تُقلل من شأن مثل هذه الأخطار".

في دراسة نشرها في عام 2016، رسم شوانغارت خرائط لما مجموعه 2,359 بحيرة متشكلة من ذوبان الجليد في جبال الهيمالايا ووجد أن 56 مشروعاً مائياً قريباً بما يكفي للتعرض للضرر في حال انفجار بحيرة. إجمالاً، فإن حوالي 90% من الطاقة الكهرومائية الموجودة في شرق آسيا و50% من التوسعات المخطط لها معرضة لخطر تدفقات الأنهار العالية والمزيد من الفيضانات المتكررة، وفقاً لدراسة منفصلة نشرها بالتان في عام 2021.

لكن تم استغلال أقل من 20% من إمكانات الطاقة الكهرومائية في جبال الهيمالايا والبالغة 500 غيغاواط، حيث وجدت دراسة نُشرتْ عام 2017 في مجلة "نيتشر إنيرجي" (Nature Energy) أن 39% من الإمكانات المتبقية للطاقة الكهرومائية موجودة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تليها أمريكا الجنوبية بنسبة 25%، وأفريقيا بنسبة 24%. علاوةً على ذلك، تتجه الحكومات، التي تتعرض لضغوط لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، إلى الطاقة المائية بشكل عاجل.

تنافس على المياه

يُضاف إلى ذلك أيضاً، موضوع المنافسة المتزايدة على المياه، حيث يُجبر النمو السكاني وارتفاع درجات الحرارة الزراعة على الاعتماد أكثر على الري. كما أن التوسّع في المدن والصناعات بحاجة أيضاً إلى المياه العذبة. ويمكن أن تخلق السدود الجديدة توتراً جيوسياسياً، حيث تقوم تركيا على سبيل المثال، بإنشاء سدود على منابع نهر الفرات وتُقيّد تدفقاته إلى البلدان المجاورة.

كل هذا يعني أن الطاقة الكهرومائية، التي كانت تاريخياً العمود الفقري للطاقة المتجددة، ليست مهيأة بشكل جيد لتلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين. وستحتاج الصناعة إلى ترقية المصانع القديمة وخفض تكاليف التقنيات مثل التخزين بالضخ، حيث تُضخ المياه من ارتفاع منخفض إلى ارتفاع أعلى بحيث يمكن إطلاقها لاحقاً، ويُولّد التدفق الهابط الطاقة في غضون مهلة قصيرة. تقول جوديث بلامر بريكمان، وهي باحثة مشاركة أولى في معهد كامبريدج لقيادة الاستدامة: "حتى قبل تغير المناخ، كانت لدينا تقلبات مائية أكثر مما كان منتجو الطاقة الكهرومائية مرتاحين له، وقد ازداد الأمر سوءاً، ما يتركنا بحاجة إلى المزيد من التنويع".