السندات السيادية الصينية تجذب المشترين مع ابتعاد "المركزي" عن مسار بقية العالم

الصين تتبنى سياسة نقدية توسعية على عكس بقية دول العالم التي تشدد سياساتها من أجل كبح التضخم
الصين تتبنى سياسة نقدية توسعية على عكس بقية دول العالم التي تشدد سياساتها من أجل كبح التضخم المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتعافى ديون الصين مرة أخرى بعد أسوأ تدفقات خارجية مسجلة، وذلك في ظل عودة تركيز المستثمرين على الاختلاف المتزايد في سياستها النقدية عن بقية العالم.

وفي حين تراجعت السندات السيادية عندما أدَّت الحرب الروسية مع أوكرانيا إلى تراجع المخاطر على نطاق واسع، قلّصت الأوراق المالية تلك الخسائر؛ حيث يعيد مديرو الأموال إشعال الرهانات على أن بنك الشعب الصيني سيتبنى التيسير في غضون أيام، وذلك في الوقت الذي ترفع فيه الولايات المتحدة أسعار الفائدة لأول مرة منذ عام 2018 - وهو اختلاف من المقرر أن يُعزّز السندات الصينية ومؤشرات الدول النامية الواسعة، والتي تحتل فيها الصين أكثر من 50% من الأوراق المالية.

الصين قد تخفض الفائدة خلال أيام عقب وعود حكومية بدعم الاقتصاد

الدوافع وراء هذا التحول هي تفشي فيروس كوفيد المتفاقم الذي أدى إلى عمليات الإغلاق، كما يسعى المستثمرون أيضاً إلى الحصول على أصول أكثر أماناً بعد هزيمة الأسهم التي توقفت فقط عندما وعد المسؤولون بتيسير الإجراءات التنظيمية.

في غضون ذلك، تتعرض سندات الخزانة الأمريكية - وهي عادة الملاذ المفضّل لمواجهة حالة عدم اليقين بما في ذلك الحرب - للضربات.

الصين تُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير

تعليقاً على الموضوع، قال ويلفريد وي، مدير محفظة مقره سنغافورة في شركة "ناينتي وان سينغابور" (Ninety One Singapore): "نتوقع أن تتفوق السندات الحكومية الصينية على السندات العالمية"، حيث من المحتمل أن يكون التيسير النقدي ضرورياً لتحقيق الاستقرار في النمو لمواجهة عمليات الإغلاق المرتبطة بذلك.

وأضاف: "من المدهش كيف تتصرف السندات الحكومية باليوان بشكل مختلف بالنسبة للسندات العالمية، مما يعكس قدرتها على تنويع محافظها الاستثمارية".

تيسير السياسة النقدية

من المتوقع أن تواصل الصين تبني التيسير، حيث توقع متوسط ​​الاقتصاديين الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم خفض معدل متطلبات الاحتياطي بمقدار 50 نقطة أساس أخرى إلى 10.5% بحلول الربع الأول من العام المقبل، بعد انخفاض مماثل في ديسمبر.

بنك الشعب الصيني يواصل ضخ السيولة لدعم الاقتصاد

وعلى النقيض من ذلك، رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن يُنهي السعر القياسي عام 2022 عند حوالي 1.90%.

كما أن معدلات السياسة في بولندا، والمجر، وجمهورية التشيك، والبرازيل، وتشيلي أعلى بالفعل من مستويات ما قبل الجائحة، حيث يهدد ارتفاع أسعار الطاقة بدفعها صعوداً.

كذلك من المتوقع أن يبدأ حتى صانعو السياسة في جنوب شرق آسيا، التي تُعدّ المعقل الأخير للأسعار المنخفضة القياسية، برفع الأسعار هذا العام.

الدول الأكثر فقراً تدفع 14 مليار دولار لخدمة الديون الصينية في 2022

تسير الصين على مسار مختلف، مع توسع ائتماني أبطأ من المتوقع في فبراير، وهبوط أسعار المساكن مما يهدد التزام بكين بتحقيق نمو سنوي يبلغ 5.5%.

وفي الواقع، لن يؤدي التفشي الجديد لفيروس كوفيد إلا إلى زيادة صعوبة ذلك، مما دفع البلاد بالفعل إلى بذل جهود لإضعاف اليوان من خلال تثبيتات العملة.

الجدير بالذكر، أن "سيتي غروب" ما تزال تستثمر الكثير في السندات الصينية وسط مخاوف بشأن النمو؛ حيث كتب خبراء استراتيجيون في "سيتي"، بمن فيهم ديرك ويلر، في تقرير الأسبوع الماضي: "إن جاذبية البنك المركزي الذي يتبنى سياسة أسعار الفائدة المنخفضة في وقت تكون فيه جميع البنوك المركزية الأخرى متشددة تقريباً ستُبقي الاهتمام بالسندات الحكومية الصينية مرتفعاً".

وفي حين استبعد المسؤولون في شنغهاي فرض إغلاق واسع النطاق في الوقت الحالي، تم الإعلان عن عمليات الإغلاق في شينزين ولانغ فانغ، وهي مدينة بالقرب من مطار بكين الجديد. حيث اضطرت شركة "فوكسكون" (Foxconn) الموردة لشركة "أبل" (Apple) إلى إيقاف العمليات بشكل مبدئي في مواقعها في شينزين، ولكن جرى تخفيف القيود بشكل طفيف يوم الجمعة في المدينة التي تُعدّ مركز التكنولوجيا.

صمود في مواجهة التقلبات العالمية

من جانبه، قال إدوين غوتيريز، رئيس الديون السيادية للأسواق الناشئة في شركة "أبردن" (Abrdn) في لندن، إن سندات الصين "يجب أن ترتكز على آفاق النمو وميل بنك الشعب الصيني المستمر إلى مزيد من التيسير".

يُشار إلى أن السندات الصينية سجلت خسائر بلغت 0.4% فقط منذ غزو أوكرانيا في 24 فبراير، بينما تراجع مقياس "بلومبرغ" لـ19 من الأقران في الأسواق الناشئة بنسبة 2.9% خلال نفس الفترة.

حيث أثبتت فئة الأصول قدرتها على الصمود، على الرغم من التقلبات الهائلة في السوق الأوسع، مع ارتفاع مؤشر التقلب لسندات الخزانة وعملات الأسواق النامية إلى مستويات شوهدت آخر مرة خلال ذروة الجائحة في مارس 2020.

وقد دفع ذلك الاستراتيجيين الذين يبحثون عن التدفقات الخارجية القياسية في فبراير لعكس اتجاههم. وقد يكون بعض هذا البيع قد أتى من قيام بنك روسيا بإعادة الأموال إلى الوطن، بعد أن منعت العقوبات الأمريكية الوصول إلى احتياطياتها الأجنبية.

في هذا الصدد، قالت بيكي ليو، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين في "ستاندرد تشارترد" (Standard Chartered) في هونغ كونغ: "لا نتوقع استمرار تدفقات السندات الخارجية، ونرى عودة التدفقات في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر".