احتدام تنافس مليارديرين قد يجلب تشويقاً للمستثمرين

هل سيحاولان رسم السياسات والتأثير على السياسة الهندية بما ينسجم مع غاياتهما المتنافسة؟

موكيش أمباني إلى اليسار ، وغوتام أداني
موكيش أمباني إلى اليسار ، وغوتام أداني المصدر: صور غيتي
Andy Mukherjee
Andy Mukherjee

Andy Mukherjee is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies and financial services. He previously was a columnist for Reuters Breakingviews. He has also worked for the Straits Times, ET NOW and Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تجنّب موكيش أمباني وغوتام أداني الاحتكاك فيما ارتقيا لأعلى درجتين على سلّم الثراء في آسيا، فقد شيّد أحدهما إمبراطورية في مجالي الاتصالات وتجارة التجزئة فيما أحكم الآخر سيطرته على قطاعي النقل وتوزيع الطاقة، لكن طرق المليارديرين المتحدرين من ولاية غوجارات بدأت تتداخل باضطراد أخيراً، مهددة بصدام قد يغير مشهد قطاع الأعمال الهندي، ولا بد أن تبلغ أصداؤه أروقة السلطة، نظراً لقربهما من السياسة.

الملياردير أداني يستكشف شراء حصة في "أرامكو السعودية"

بدأت "مجموعة أداني"، في مثال جديد على التداخل بين المليارديرين، تستكشف آفاق شراء حصة في "أرامكو" السعودية" من صندوق الاستثمارات العامة في المملكة الغنية بالنفط، بحيث قد تربط هذا الاستثمار باتفاق أوسع أو صفقة تبادل أصول، وفقاً لتقرير من بلومبرغ نيوز. يأتي ذلك بعد بضعة أشهر من انهيار محادثات بدأت منذ سنتين بين شركة أمباني "ريلاينس إندستريز ليمتد" (Reliance Industries) و"أرامكو" لتبيع الشركة االهندية 20% من وحدة تحويل نفط لكيماويات لعملاقة النفط السعودية مقابل أسهم في "أرامكو" تقدّر قيمتها بين 20 و25 مليار دولار. دعت "ريلاينس"، في معرض سعيها لتمتين هذه الشراكة، رئيس مجلس إدارة "أرامكو" ياسر الرميان للانضمام إلى مجلس إدارتها كعضو مستقل العام الماضي.

مشاريع لم تتبلور

قد يكون الاتفاق مع "ريلاينس" التابعة لأمباني مناسباً أكثر لشركة "أرامكو"، أكبر منتج للنفط الخام في العالم، بما أن المجموعة تملك أكبر مجمّع للتكرير في العالم في منطقة جامناغار في غوجارات. كما أن "ريلاينس" رائدة في صناعة البوليميرات والبوليستر والألياف الوسيطة. إلا أن أداني سعى لدخول مجال البتروكيماويات عبر إنشاء مجمّع لإنتاج الأكريليك بلغت تكلفته 4 مليارات دولار في ميناء موندرا في غوجارات، الذي يملكه، بالتعاون مع شركات "باسف" (BASF) و"بورياليس" (Borealis) وبترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، لكن عرقل وباء كورونا الخطة. ولم تكن تلك المرّة الأولى التي ينسحب فيها أداني من مشروع في مجال النفط، إذ لم يتمخض شيء أيضاً عن معمل في غوجارات كان يهدف لجذب شركة "سي بي سي" (CPC).

أثرى رجلين في الهند يتنافسان على تاج الطاقة الخضراء

يتركز اهتمام أداني في مجال الهيدروكربونات على الفحم، حيث ينقب عن الفحم في الهند وإندونيسيا، وينتج الطاقة من الفحم في معامل مثل الذي يملكه في موندرا، كما أن لديه سفناً محملة بالفحم في شبكته الواسعة من الموانئ، وأعلنت مجموعته في ديسمبر أن تصدير الفحم من منجم كارمايكل سيبدأ قريباً بعد تأخير لعقد من الزمن بسبب إثارة المشروع جدلاً بيئياً في حوض غاليلي في أستراليا. لكن رغم أن الفحم هو ماضي الهند وحاضرها، إلا أنه ليس مستقبلها، ودفع هذا أداني لرهان كبير على الطاقة الشمسية، كما بدأ باستكشاف مجال البلاستيك.

أمير البوليستر

بعدما أنشأ أداني شركة فرعية متخصصة بالبتروكيميائيات العام الماضي، أصبح من الواضح أنه عاجلاً أو آجلاً أو سيمسّ بالتدفقات المالية الثابتة التي رسخها مؤسس المجموعة المنافسة دهيروبهاي أمباني، المعروف باسم "أمير البوليستر" وهو والد الرئيس الحالي لمجموعة "ريلاينس". والسؤال الصعب هو ما إذا كانت طموحات أداني تتضمن أيضاً مصفاة للتكرير.

كانت "أرامكو" و"أدنوك" على وشك إقامة شراكات مع شركات هندية تملكها الدولة في 2018 لإنشاء مصفاة عملاقة بتكلفة 44 مليار دولار. إلا أن هذه الخطة لم تنفذ بعد أن فقد المشروع الموقع الأصلي، الذي كان من المقرر إنشاء المصفاة فيه في ولاية ماهاراشترا بسبب المعارضة السياسية المحلية. هل يمكن لـمجموعة أداني أن تنخرط في إعادة إحياء هذا المشروع؟ يبدو حالياً أن المحادثات الأولية مع "أرامكو" تركز على مسائل متواضعة، مثل التعاون في مجال الطاقة المتجددة أو مغذيات المحاصيل الزراعية أو المواد الكيميائية، وفقاً لتقرير من بلومبرغ نيوز. لكن إن كانت "أرامكو" ما تزال حريصة على امتلاك مصفاة في الهند، فإن أطر شراكتها مع "أداني" قد تتوسع.

استحواذ "أرامكو" على حصة في "ريلاينس إندستريز" الهندية لن يمضي قدماً

سيضع ذلك المليارديرين في منافسة مباشرة، رغم أن هذه لن تكون المرة الأولى.

أبلغ أمباني المساهمين في شركاته في يونيو أنه سيخوض المغامرة "الأكثر إثارة للتحدي" في حياته عبر الانتقال نحو الطاقة والوقود النظيفين. قام بعدها بسلسلة استحواذات خاطفة في هذا القطاع. كان أداني قبلها هو من يرغب في أن يصبح أكبر منتج للطاقة المتجددة في العالم بحلول 2030.

وضع أمباني مجموعته "ريلاينس" في مقدمة مسيرة الهند للتعامل مع التغير المناخي بعد الكشف عن خططه لإنشاء أربعة معامل عملاقة في جامناغار للألواح الشمسية والبطاريات والهيدروجين الأخضر وخلايا الوقود. جاء ذلك مباشرة قبل مؤتمر قمة متغير المناخ في غلاسكو حيث قام رئيس الوزراء ناريندرا مودي بتعهد جريء بتخفيض اعتماد البلاد على الوقود الأحفوري.

ثنائي احتكاري

يروق للمحللين اعتبار أمباني وأداني ثنائياً احتكارياً في قطاع الأعمال في الهند. كتب كل من الخبير الاقتصادي أرفيند سوبرامانيان الذي عمل استشارياً في إدارة مودي وجوش فيلمان المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي في نيودلهي في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" قريباً: "عبر دعم القطبين على حساب الشركات الأخرى، سواء المحلية أو الخارجية، فإن الحكومة تشجع على تمركز النفوذ الاقتصادي بشكل هائل".

تسهم المجموعتان الضخمتان فعلاً بالحدّ من شدّة التنافسية على امتداد الاقتصاد الأوسع عبر ابتلاع المؤسسات الأصغر والأضعف على هامش عملياتهما. مع ذلك، تظهر كافة المؤشرات أن المجموعتين مقبلتان على منافسة شرسة بينهما.

"إمبراطور الفحم".. تضخم ثروته يبشر بظهور أمباني جديد في الهند

سلك أمباني مسار الاتصالات ليتوج ملكاً على عرش بيانات المستخدمين في الهند، فيما يسعى أداني للدخول من الطرف الآخر عبر تقديم خدمة تخزين المعلومات، باستخدام الطاقة الخضراء. يخوض أمباني في غضون ذلك منافسة شرسة مع موقع "أمازون" للسيطرة على سلسلة إمداد متاجر البقالة، فيما تُستخدم مستودعات أداني لتخزين الحبوب لصالح مؤسسة الغذاء الهندية، كما تملك الشركة العلامة التجارية لزيت الطعام الذي يحتل المرتبة الأولى في البلاد.

"أمازون" و"أمباني" يتنافسان بشراسة على كعكة سوق التجزئة بالهند

تتباين بيانات ميزانية المجموعتين. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، كانت الشركات المرتبطة بأداني نشطة جداً في سوق الاستدانة الدولية، حيث استدانت أكثر من أي شركة هندية أخرى، في حين حوّل أمباني "ريلاينس" إلى حصن شبه منيع أمام الديون، وهذا ليس بالأمر السيئ مع ارتفاع في أسعار الفائدة حول العالم. كما يختلف الرجلان من حيث الرؤية: فيما يزوّد أداني، البالغ عمره 59 عاماً، المنازل بالطاقة عبر الشبكة الكهربائية وغاز الطهي بالشراكة مع شركة "توتال إنيرجيز" الفرنسية، يتخيل أمباني الذي يكبره بخمس سنوات مستقبلاً يكون فيه كلّ منزل ومزرعة ومعمل قادراً على فك ارتباطه بالشبكة عبر توليد الطاقة الخاصة به.

هل سيحاول المليارديران رسم السياسات والتأثير على السياسة بما ينسجم مع غاياتهما المتنافسة؟ لا شكّ في ذلك. تبدو إذاً المواجهة شبه حتمية، فليستعد المستثمرون في الهند لمتابعة فصولها.