المحاصيل الزراعية في الصين قد تكون الأسوأ تاريخياً هذا العام

القطاع الزراعي في الصين يتعرض لعدد من التحديات أبرزها الفيضانات غير المعهودة
القطاع الزراعي في الصين يتعرض لعدد من التحديات أبرزها الفيضانات غير المعهودة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حوادث الطقس المتطرفة بشكل أكبر والناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية، بالإضافة للاضطرابات الجيوسياسية والوباء، كلها عوامل باتت تتسبّب بإعاقة جهود الصين الرامية لضمان توفير الإمدادات الغذائية لسكانها الذين يبلغ عددهم نحو 1.4 مليار نسمة.

جعل الرئيس شي جين بينغ الأمن الغذائي أولوية بالنسبة لثاني أكبر اقتصادات العالم، في إطار جهوده لتلبية الطلب المتنامي على المحاصيل الذي دفع واردات الذرة وفول الصويا والقمح إلى مستويات قياسية، مما جعل بكين معرضة بشكل متزايد للتوترات التجارية وأزمات الإمداد. في الوقت نفسه؛ تسبّبت الكوارث الناجمة عن تغير المناخ في حدوث أضرار واسعة النطاق للمحاصيل، وتقليص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، مما صَعَّب من تعزيز الإنتاج المحلي.

رئيس الصين: لا نستطيع الاعتماد على الأسواق العالمية لتحقيق الأمن الغذائي

تهديد الفيضانات

عرض تانغ رنجيان، وزير الزراعة الصيني، هذا التهديد خلال اجتماع حكومي رفيع المستوى في بكين هذا الشهر. وقال للصحفيين: "تواجه الصين صعوبات كبيرة في إنتاج الغذاء بسبب الفيضانات غير المعهودة التي واجهتها الدولة خلال فصل الخريف الماضي". وتابع قائلاً: "أخبرنا العديد من الخبراء والفنيين من ذوي الخبرة أنَّ أوضاع المحاصيل هذا العام قد تكون الأسوأ في التاريخ".

لقي أكثر من 860 شخصاً حتفهم أو فُقدوا في كوارث طبيعية خلال العام الماضي، كما دُمر نحو 30 مليون فدان من المحاصيل. وتسبّبت الأمطار الغزيرة في مقاطعة خنان بوسط البلاد في شهر يوليو وحده، في إتلاف 2.1 مليون فدان من الأراضي الزراعية. كما أخّرت الفيضانات زراعة أكثر من 18 مليون فدان من الأراضي، أي حوالي ثلث إجمالي مساحة محصول القمح الشتوي في الصين. وانخفضت كمية الصف الأول والثاني من المحاصيل، إذ يوجد أكثر من 2.7 مليون شتلة على كل فدان من الأرض، بأكثر من 20% هذا العام مقارنة بالسنوات العادية.

يضر تغير المناخ بمساعي الصين لتحقيق الأمن الغذائي من ناحيتين، وفقاً لما ذكره تشانغ تشاوكسين، الباحث بوزارة الزراعة. وباتت أحوال الطقس المتطرفة المتكررة تؤدي إلى انخفاض غلّة المحاصيل الزراعية بالفعل. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تؤدي المواسم المتكررة التي لا يمكن التنبؤ بها، إلى الحد من ثقة المزارعين، وربما تفاقم نقص العمالة الموجود أصلاً في القطاع الزراعي.

البنية التحتية

يقول تشانغ أيضاً إنَّ المزارعين في شمال الصين معتادون على الطقس الجاف وليس على الفيضانات. وفي العديد من المناطق التي تضررت من الأمطار الغزيرة العام الماضي؛ لم يتمكّن المزارعون من حصاد محصولهم من الذرة بسبب عدم قدرة آلاتهم على العمل في المياه. إذ لم تتوفر في هذه المناطق البنية التحتية الكافية مثل الأنابيب والأنظمة اللازمة لتصريف المياه من الحقول في الوقت المناسب.

هذه القضايا من المتوقَّع أن تزداد حدة، مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، حيث ستتسبب موجات الجفاف الموسمية في انخفاض غلّة ثلاثة محاصيل رئيسية في الصين، وهي: الأرز والقمح والذرة بنسبة 8% بحلول نهاية العقد، وفقاً لمعهد الموارد العالمية. كما أنَّ تغير المناخ على المدى الطويل؛ يعني أيضاً ارتفاع منسوب المياه الساحلية على امتداد المناطق الشرقية المنخفضة التي ستزيد من الضغط على القطاع الزراعي.

بالنسبة للمحللة الزراعية إيفن باي من منظمة "تريفيوم" (Trivium) البحثية؛ فتقول: "سيكون للطقس تأثير أكبر على الإنتاجية الزراعية مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة في السنوات القادمة". وأضافت أنَّ زيادة الواردات لا تعد بديلاً قابلاً للتطبيق، مشيرة إلى أنَّ الاحتباس الحراري يجعل زراعة محاصيل الغذاء أكثر صعوبة على مستوى العالم. وقالت: "تغيّر المناخ الذي يشعر به بقية العالم يمكن أن يؤثر أيضاً على الأمن الغذائي للصين".