لماذا تعتبر خسارة 2.6 تريليون دولار في سوق السندات خبراً مفرحاً؟

يجب ألا تكون سوق السندات مجالاً مخيفاً للاستثمار
يجب ألا تكون سوق السندات مجالاً مخيفاً للاستثمار المصدر: غيتي إيمجز
Aaron Brown
Aaron Brown

Aaron Brown is a former managing director and head of financial market research at AQR Capital Management. He is the author of "The Poker Face of Wall Street." He may have a stake in the areas he writes about.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انخفض مؤشر "بلومبرغ العالمي المجمع"، وهو معيار لسوق السندات في جميع أنحاء العالم، بنسبة 11% من ذروته في يناير 2021، أي ما يعادل انخفاضاً قدره 2.6 تريليون دولار في القيمة السوقية للمؤشر، الأمر الذي تصفه "بلومبرغ نيوز" بأنه خسارة غير مسبوقة في التاريخ الطويل لسوق السندات.

الخسائر الكبيرة في رأس المال تعتبر دائماً أخباراً سيئة في أسواق الأسهم. أما في سوق السندات فمن الممكن أن تكون أخباراً مرحباً بها بالنسبة إلى معظم الناس.

اقرأ أيضاً: أسواق السندات تتكبد خسائر قياسية في ظل تشديد السياسات النقدية

في الواقع، إنّ أحد الأسباب المهمة وراء ذلك هو أن أسعاراً منخفضة للسندات تعني عوائد أعلى عليها، وبالتالي يكون المستثمرون الذين يمتلكون سندات من أجل الدخل مسرورين عندما تنخفض أسعارها، لأن تلك السندات تستمر في دفع الدخل ذاته كما كانت من قبل. بالإضافة إلى ذلك، فإنه وبينما تستحق السندات القديمة فإن السندات الجديدة التي يشترونها تدفع دخلاً أعلى. كذلك يحتاج المستثمرون الذين لديهم سندات لزيادة رأس المال إلى النظر في مدة محفظتهم، وهي 7.35 سنة لمؤشر "بلومبرغ العالمي المجمع"، وبالتالي فإنّ المستثمرين الذين يهتمّون بالعائد الإجمالي يكونون مسرورين عندما تنخفض أسعار السندات، وذلك في حال كانوا يتوقعون أن يستمروا في استثمار السندات لأكثر من 7.35 عام، لأن العائد الإضافي الذي يكسبونه في المستقبل أكثر من تعويض خسارة رأس المال الفورية. وعلى الجانب الآخر فهم لا يكونون مسرورين في حال كانوا يتوقعون إزالة السندات من محفظتهم خلال أقل من 7.35 سنة.

اقرأ المزيد: توقعات باستمرار المبيعات القوية في سوق السندات عالية الجودة

الخوف من الخسائر

الجدير بالذكر أن الغالبية العظمى من مستثمري السندات هم إما مستثمرو دخل، وإما يتوقعون الاستمرار في استثمار السندات إلى أجل غير مسمى. أما الاستثناءات فتتمثل في أولئك الذين يستخدمون السندات ادخاراً استثمارياً متوسط المخاطر للنفقات متوسطة الأجل، مثل دفعات الجامعة أو دفعة أولى لشراء منزل، ومؤقّتي السوق الذين يدخلون ويخرجون من السندات لتحقيق مكاسب رأسمالية قصيرة الأجل. وليس لدي أي فكرة عن المبلغ الذي تمثله المجموعة الأخيرة من أصل 2.6 تريليون دولار، إلا أنني سأفترض أنه يبلغ 100 مليار دولار كتخمين جيد، مثل أي تخمين آخر. وفي حال كان الأمر كذلك فإن الـ2.5 تريليون دولار الأخرى تمثّل مستثمرين سعداء بالخسارة. وإذا لم تكونوا قد استثمرتم في السندات حتى الآن، وكنتم خائفين من الخسائر، فأنتم تفكرون في الاتجاه المعاكس، إذ يمكنكم التمتع بجميع مزايا العوائد المرتفعة دون الاضطرار إلى المعاناة من خسارة رأس المال التي يتحملها مستثمرو السندات الحاليون.

أخبار جيدة

هناك مزيد من الأخبار الجيدة، فمبلغ 2.6 تريليون دولار هو حساب نظريّ للمستثمرين الذين يعتمدون على الدولار الأمريكي ويتتبعون المؤشر العالمي دون تحوط من العملة، إذ جاء معظم الخسائر من ارتفاع قيمة الدولار مقابل عملات السندات غير الأمريكية في المؤشر. ومنذ ذروة المؤشر في أغسطس، ارتفع الدولار بنسبة 8% تقريباً مقابل اليورو، و6% مقابل سلة عملات مرجحة بحصة المؤشر. وقد خسر المستثمرون الذين لديهم إصدارات تحوطية من المؤشر، أو المستثمرون غير الأمريكيين، نحو 5%، بدلاً من 11% من المستثمرين المعتمدين على الدولار غير المحوطين.

فكّروا في ما يعنيه ذلك بالنسبة إلى المستثمر الأمريكي الذي يمتلك سندات أجنبية غير محوطة في حال تعزز الدولار. فالدولار القوي يعني أن أجر المستثمر على أساس الدولار وإيرادات الاستثمار الأخرى تشتري أكثر في الأسواق العالمية، كما أنه يقلّل توقعات التضخم في المستقبل، لأن الدولار الأقوى يعني واردات أرخص، ما يفرض ضغطاً هبوطياً على الأسعار على المنتجين المحليين أيضاً. وهذا يجعل كل الدولارات، وجميع الاستثمارات الاسمية القائمة على الدولار، أكثر قيمة من حيث القوة الشرائية.

مقابل هذه المكاسب سيخسر المستثمر لأن الدخل من السندات الأجنبية -دون تغيير بالقيمة الاسمية- سيشتري دولارات أقل. مع ذلك، ما لم يكن لدى المستثمر المعتمد على الدولار محفظة غير متوازنة بشكل كبير تميل نحو السندات الأجنبية غير المحوطة، فمن المحتمل أن تكون المكاسب من الدولار القوي أكبر من الخسائر. لذلك فإن المستثمرين الذين يعانون من الخسارة الاسمية الكاملة البالغة 11% من انخفاض المؤشر، من المحتمل أن يكونوا أفضل حالاً بشكل عامّ نتيجة لذلك.

عامل التضخم

أخيراً، لا يمكننا الحديث عن السندات دون ذكر التضخم، إذ كان جزء كبير من الانخفاض في مؤشر "بلومبرغ العالمي المجمع" ناتجاً عن ارتفاع العوائد على سندات الخزانة الأمريكية مع تسارع التضخم. فعلى سبيل المثال، ارتفع العائد على سندات سبع سنوات من 0.95% في أغسطس إلى 2.36% في الآونة الأخيرة، بزيادة قدرها 1.41 نقطة مئوية. كما زادت العوائد في أوروبا والاقتصادات المتقدمة الأخرى، ولكن ليس بالقدر ذاته الذي زادت فيه في الولايات المتحدة، إلا أن معدل الأوراق المالية المحمية من التضخم في الخزانة ارتفع 0.81 نقطة مئوية فقط، وهذا مقياس أفضل للمعدل الحقيقي للعائد الذي يمكن للمستثمرين توقع كسبه. كما أن كثيراً من الانخفاض في السعر الاسمي للسندات يجري تعويضه بانخفاض التوقعات بشأن التضخم في المستقبل.

بالطبع لا يزال هذا يترك لمستثمري السندات خسارة كبيرة في القيمة، لكن معظم المستثمرين يتوقع –وتؤيده في ذلك مؤشرات السوق، مثل معدلات التعادل على السندات– أن الزيادات الأخيرة والمتوقعة في الأسعار المستقبلية من قبل الاحتياطي الفيدرالي ستجلب تضخماً بطيئاً لصالح حاملي السندات على المدى الطويل. لكن بالطبع هناك سيناريو مرعب للسندات لا يكون فيه بمقدور الاحتياطي الفيدرالي التحكم في التضخم، ما يؤدي إلى انخفاض حادّ في أسعار السندات، وانخفاض حادّ في القوة الشرائية للدخل الناتج عن السندات، لكن هذه خسارة مستقبلية يُخشى منها، وليست خسارة وقعت في الماضي. وإذا كنتم تخشون ذلك فإن السندات الأجنبية غير المحوطة تُعَدّ خياراً جذاباً، إذ قد تكون البنوك المركزية في البلدان الأخرى أكثر نجاحاً من الاحتياطي الفيدرالي.

يجب على حمَلة السندات كمجموعة أن يحتفلوا بخسارة 2.6 تريليون دولار، وأن يتمنّوا مزيداً.