الولايات المتحدة تخاطر بدفع ثمن باهظ لاتفاق نووي مع إيران

دبلوماسية خطيرة
دبلوماسية خطيرة المصدر: غيتي إيمجز
Bobby Ghosh
Bobby Ghosh

Bobby Ghosh is a Bloomberg Opinion columnist. He writes on foreign affairs, with a special focus on the Middle East and Africa.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل بداية الحرب في أوكرانيا بفترة طويلة، كان الرئيس الأمريكي جو بايدن حريصاً على إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران. لكن ارتفاع أسعار النفط الذي تسببت به الحرب، ربما حوّل حماس الرئيس إلى يأس وإحباط.

تشير تقارير صادرة من واشنطن إلى أن الإدارة توشك على الرضوخ لأكثر شروط طهران إجحافاً للعودة إلى الاتفاق: أي إزالة الحرس الثوري الإسلامي من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.

اقرأ أيضاً: هل يرفع جو بايدن الحظر عن الحرس الثوري الإيراني؟

هذا التصنيف، يُخضع الحرس الثوري الإسلامي الإيراني للعقوبات التي تنادي طهران بضرورة رفعها قبل أن توافق على الالتزام بشروط اتفاقية عام 2015، التي صيغت بهدف منع إيران من حيازة أسلحة نووية.

تقوم إيران حالياً بتخصيب اليورانيوم عند مستويات تتجاوز كثيراً أي غرض سلمي. ويشرف الحرس الثوري الإسلامي على البرنامج النووي، وكذلك على السياسة الخارجية لإيران وجهازها الأمني.

اقرأ المزيد: قانون "روبيو" الجديد يمنع أمريكا من استيراد النفط الإيراني والفنزويلي

كانت مسألة تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، الأصعب بين جميع النقاط الصعبة خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات في فيينا بين إيران والدول الموقعة على الاتفاق، والمعروفة باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

ليس صعباً أن نعرف السبب الذي يدفع طهران لإسقاط هذا التصنيف: ذلك أنها تعتمد على الحرس الثوري، المعروف عند الإيرانيين باسم "باسداران" (الحرس باللغة الفارسية)، من أجل قمع أي معارضة في الداخل، بالإضافة إلى إرهاب جيرانها. ستكون ممارسة هذه الأعمال أسهل إن لم تكن الموارد المالية وأحدث الأسلحة بعيدة عن متناول النظام بسبب العقوبات الأمريكية.

الآن، تلمّح إدارة الرئيس بايدن إلى أن قرار رفع الحرس الثوري الإيراني عن القائمة، واحد من "القرارات الصعبة" التي قد تضطر إلى اتخاذها بهدف إعادة إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة". مع ذلك، من الصعب تصديق الأمر. فعلى أي حال، عقد الاتفاق الأصلي دون أي التزام بحذف اسم إيران من قوائم أخرى لدى وزارة الخارجية الأمريكية، كدولة راعية للإرهاب، وهو تمييز مثير للشك حملته إيران منذ عام 1984، وتتشارك فيه حالياً مع سوريا وكوبا وكوريا الشمالية.

إرهاب الدولة

بطبيعة الحال، اكتسب الحرس الثوري الإسلامي موقعه على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، باعتباره الأداة الرئيسية لإرهاب الدولة. وبتعبير الجنرال، فرانك ماكينزي، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، فإن الحرس الثوري هو "مركز السلوك الإيراني الرديء" في منطقة الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، فإن أيادي "الباسداران" ملطخة بدماء الأمريكيين: فهو مسؤول عن موت أكثر من 600 عسكري أمريكي في العراق، من خلال عملياته التي ينفذ معظمها عبر ميليشيات بالوكالة، حيث تواصل هذه الميليشيات هجماتها على أهداف أمريكية، بما في ذلك القواعد العسكرية والسفارة الأمريكية في بغداد.

رغم أن ذلك جاء متأخراً، فإن تصنيف الحرس الثوري الإسلامي منظمة إرهابية في أبريل 2019، لقي ترحيباً من دول في المنطقة تعيش يومياً تحت تهديد "الباسداران" ووكلائه.

هذه الشبكة من الأخطار، تشمل بؤراً في لبنان وفي غزة، حيث يقوم الحرس الثوري الإسلامي بعملياته من خلال منظمتي "حزب الله" و"حماس"، على الترتيب، وكلتاهما مدرجتان في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية منذ زمن طويل؛ وفي العراق موطن منظمتي "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" المدعومتين من إيران والمدرجتين في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية؛ وفي اليمن كان مخلب القط لطهران، أي الحوثيون، على تلك القائمة إلى أن رفعهم بايدن منها بعد توليه الرئاسة بوقت قصير في العام الماضي.

فشل التجربة مع الحوثيين

ربما تمثل إزالة الحوثيين من القائمة، تصوراً مسبقاً نموذجياً لما يرجّح أن يحدث إذا رفعت منظمة الحرس الثوري الإسلامي من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. فقد تخيلت إدارة بايدن أن هذه الخطوة ستجعل المتمردين اليمنيين أكثر جنوحاً إلى السلام مع التحالف العربي الذي يحاول أن يعيد إلى السلطة، الحكومة التي أطاح بها الحوثيون في عام 2015. غير أن الحوثيين واصلوا هجومهم اليومي بالصواريخ والطائرات بدون طيار ضد المملكة العربية السعودية – وأحياناً ضد الإمارات العربية المتحدة. (وتقدم لهم طهران الذخائر).

لا نندهش إذن من أن جيران إيران يخشون من احتمال أن يكرر بايدن خطأه مع الحرس الثوري الإسلامي. وتأتي أقوى الاحتجاجات من الدولة التي يتوعد قادة "الباسداران" كثيراً بإبادتها: أي إسرائيل.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في اجتماع لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي: "من سوء الحظ أن هناك إصراراً على توقيع اتفاق نووي مع إيران بأي ثمن تقريباً، ويشمل ذلك القول إن أكبر منظمة إرهابية في العالم ليست إرهابية. وهذا ثمن أعلى كثيراً مما ينبغي".

هذا هو أيضاً رأي كثير من أعضاء الحزب الجمهوري – وعدد غير قليل من أعضاء الحزب الديمقراطي – في واشنطن. وأدت الشكاوى من أعضاء الحزبين من إخفاء كل شيء يتعلق بالمفاوضات التي تجري في فيينا عن أعضاء الكونغرس، إلى زيادة القلق من أن البيت الأبيض ربما لديه استعداد لتقديم تنازلات كثيرة للإيرانيين حتى يتوصل إلى اتفاق – وربما يسمح بطرح وتداول النفط الإيراني في السوق العالمية حتى يحل مكان الصادرات الروسية التي خضعت لعقوبات.

صندوق باندورا

مسؤولو الإدراة الأمريكية الذين تحدثوا إلى الإعلام، يقولون إن الحرس الثوري سيرفع من القائمة فقط إذا تعهد بعدم مهاجمة الأمريكيين، وإذا التزم بوقف أنشطته التي تسبب عدم الاستقرار خارج إيران. وإذا لم يلتزم بوعوده، يمكن أن يعاد تصنيفه كمنظمة إرهابية أجنبية. ربما دعانا ذلك إلى الإطمئنان فيما عدا حقيقة أن بايدن يتجاهل حالياً المطالبة بإعادة الحوثيين إلى القائمة التي يقدمها أعضاء في الكونغرس، بالإضافة إلى حلفاء للولايات المتحدة.

إذا فك الرئيس قيود "الباسداران"، فإنه يفتح صندوق باندورا الشهير. ذلك أن قدرة الحرس الثوري الإسلامي على ممارسة العنف والإرهاب، قد تتطلب تصنيفاً جديداً تماماً لدى وزارة الخارجية الأمريكية، بعد دعم هذه القدرة برفع أي قيود على جمع الأموال وفرص الحصول على أسلحة متقدمة.