هل اقتربت نهاية النظام الملكي البريطاني؟

الأمير وليام دوق كامبريدج، وكاثرين دوقة كامبريدج
الأمير وليام دوق كامبريدج، وكاثرين دوقة كامبريدج المصدر: مجموعة كريس جاكسون
 Martin Ivens
Martin Ivens

Martin Ivens was editor of the Sunday Times from 2013 to 2020 and was formerly its chief political commentator. He is a director of the Times Newspapers board.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في 31 يوليو من كل عام، وفي موقع مزرعة للبن تعود إلى القرن الثامن عشر في قرية وودسايد في جامايكا، يُعاد تمثيل يوم تحرير العبيد في عام 1838 بموجب إعلان ملكي؛ حيث يؤدي الناس مسرحية تذكارية، ويستشهدون بالإعلان، ويناقشون معناه. وهنا تسأل الشخصيات: "لماذا ينقذ الله الملكة وليس الشعب؟" و"لماذا لم يكن هناك اعتذار عن استعبادنا؟".

هذا هو الإرث المظلم للإمبراطورية البريطانية، لكن هناك جوانب أكثر إشراقاً أيضاً.

اقرأ أيضاً: بريطانيا تبدأ التفكير فيما لا يُمكن تصوّره: الحياة بعد الملكة

في الواقع، اصطدم عالم وودسايد بالجولة الملكية لدوق ودوقة كامبريدج في منطقة البحر الكاريبي هذا الأسبوع؛ وهما الزوجان الشابان اللذان يتوقان إلى إرضاء الناس، ويتّسمان بالنظرة الحداثية والليبرالية، إلا أنهما يمثلان امتيازاً قديماً. فما هو النظام الملكي أيضاً؟

في خطاب ألقاه أمام كبار الشخصيات في جامايكا يوم الخميس، أدان الأمير وليام، الرجل الثاني في ترتيب ولاية العرش، بشدة تاريخ العبودية "المقيت" الذي عرفت به بريطانيا؛ ولكن جاء ذلك بعد فوات الأوان. فقد كانت هناك بالفعل مظاهرات حديثة في العاصمة كينغستون، ومحطات أخرى في جولتهما، تُطالب بتعويضات من المملكة المتحدة عن العبودية.

اقرأ المزيد: ملكة بريطانيا تساعد الأمير أندرو على تمويل تسوية فضيحة جنسية

كانت الطوالع لا تُبشِّر بالخير منذ البداية. ففي وقت سابق في بليز، تم التخلي عن زيارة ملكية وسط الكثير من الأضواء المسلطة على اعتراض الناس، وذلك بعد أن نسيت حاشية الأمير ويليام أداء واجباتها الدقيقة المعتادة - ولم يطلب أحد الإذن من المضيفين لهبوط طائرة هليكوبتر وسط ملعب لكرة القدم.

بالعودة إلى لندن، أعلن كتاب الأعمدة في الصحف، أن أيام الزيارة الملكية الكبيرة باتت معدودة بالتأكيد؛ كما إن لقطات من الحشود المبتسمة، وركلة مع لاعب كرة القدم الجامايكي المولد رحيم سترلينغ، وجلسة موسيقية في منزل بوب مارلي، لم تُفلح أيضاً مع النقاد: "الركوع والتمجيد هما سخافة متزايدة"، أشار أحد المعلقين.

علاوةً على ذلك، أبلغ رئيس وزراء جامايكا، أندرو هولنس، ضيوفه الملكيين بنيته إجراء استفتاء على قطع العلاقات مع النظام الملكي وإعلان الجمهورية. كما تناقش عوالم الكومنولث الأخرى تبني موقف على غرار باربادوس التي أطاحت بالملكة مؤخراً من منصب رئيسة الدولة.

هل حان الوقت لملكية عالمية؟

ربما كانت المفاجأة الوحيدة هي أن الأمر استغرق وقتاً طويلاً. لماذا تريد الأراضي التي تبعد آلاف الأميال ارتباطاً دستورياً بلندن والعائلة المالكة؟ ألا تتحمل المملكة المتحدة مسؤولية تاريخية عن مؤسسة العبودية في جزر الهند الغربية؟

رياح التغيير

مع ذلك، فإن رياح التغيير لا تهب بنفس القوة التي توحي بها التقارير، حيث يقول روبرت هاردمان، مؤلف كتاب "ملكة زماننا" (Queen of Our Times): "يتحدث الجمهوريون أحياناً عن (تشبث الملكة)؛ ويا له من تشبث بعد أكثر من 65 عاماً".

قبل خمسين عاماً، تنبأت مذكرة صادرة عن وزارة الخارجية بثقة، بأن جامايكا على وشك أن تصبح جمهورية. وبعد خمسة عقود، لا تزال الملكة هي رئيسة دولة الجزيرة؛ حيث أثبت التاج في جامايكا، وفي عوالم أخرى، أنه دائم، لأنه ظل فوق السياسات المحلية الحزبية.

بعد الاستقلال، احتفظ الجامايكيون بالصلة مع التاج، لأنهم رأوا أنه حصن ضد طموحات السياسيين الأقوياء، ولم يكن تعديل الدستور أبداً أولوية للناخبين أيضاً. كما إن الجمهورية هي قضية طوطمية للطبقة السياسية فقط، والعائلة المالكة تحظى بشعبية كبيرة. فحتى مسألة إلغاء العبودية ترتبط بالملكة فيكتوريا.

لكن إذا استاء رعايا الملكة إليزابيث الثانية البعيدون أحياناً من الهراء الملكي، فإنهم يكرهون ادعاءات سياسييهم أكثر. وخلال التسعينيات، سجلت استطلاعات الرأي في أستراليا أغلبية جمهورية قوية. ومع ذلك، رفض الناخبون بشكل مقنع قيام جمهورية في استفتاء أجري في نهاية العقد، على الرغم من الدعم الساحق من الصحف من جميع الأطياف السياسية والنخبة الثقافية. وقد ثار الأستراليون على فكرة أن النواب سينتخبون واحداً منهم ليكون رئيساً لهم.

كاسترو.. والملكية

في عام 2009، طرح رالف غونسالفيس، رئيس الحكومة في سانت فنسنت وجزر غرينادين وصديق فيدل كاسترو الكوبي، موضوع الجمهورية للتصويت؛ حيث جرى الاستفتاء لجذب الانتباه قبل يوم واحد من قمة الكومنولث في منطقة البحر الكاريبي التي كانت ستترأسها الملكة، وقد تفاجأ غونسالفيس بأن 56% من الناخبين يعارضونها. أما فيدل فكان متفاجئاً بدرجة أقل، حيث حذر غونسالفيس من هذه الخطوة، قائلاً إن التاج مفيد للاستقرار. وعلى الرغم من كونه ثورياً، إلا أن "كاسترو كان براغماتياً"، كما وصفه وزير الكومنولث السابق سوني رامفال، و"لهذا السبب استمر". وربما تكون البراغماتية هي السبب وراء بقاء إليزابيث الثانية في منطقة البحر الكاريبي أيضاً.

خلال الستينيات، لم يكن النظام الملكي يحظى بشعبية كبيرة في كندا، وكانت هناك أعمال شغب في كيبيك خلال إحدى الجولات الملكية. ولكن بعد رؤية استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون المهينة بشأن ووترغيت، قرر الكنديون أن الفصل بين رئيس الدولة والرئيس التنفيذي للحكومة له مميزاته، وهم رعايا مخلصون للتاج حتى يومنا هذا.

أما في بربادوس، فلم يكن هناك استفتاء عندما تم إنزال العلم البريطاني، حيث لم يثق السياسيون في وصول الناخبين إلى الحكم "الصحيح".

القدرة على التأقلم

في الواقع، لا شيء يبقى على حاله إلى الأبد. ومما لا شك فيه أن وفاة الملكة ستجعل "التدبير المنزلي" الدستوري أكثر جاذبية للعديد من عوالمها. فإليزابيث الثانية هي الملكة الوحيدة التي ستعرفها المستعمرات السابقة، وكما يعلم وريثها الأمير تشارلز جيداً، فهناك خطر "التجرؤ على التاج" عند وفاتها.

لكن لا أحد يقترح مغادرة الكومنولث، وهو نادي البلدان التي كانت تشكل ذات يوم الإمبراطورية البريطانية. وبدلاً من ذلك، تمكّن الأمير تشارلز بذكاء من ضمان أنه القائد الفخري المنتظر.

لا شك في أن القصر سيضطر إلى العمل بجدية أكبر قبل الجولة الملكية التالية، ويجب أن تكون الحاشية الملكية أكثر تنوعاً عرقياً أيضاً. لكن لا تتسرعوا الآن بشطب "الشركة" كما يُطلق عليهم. إذ لا تزال جاذبية النظام الملكي قوية، كما إن قدرته على التكيف مع الأوقات المتغيرة، هي سمة وراثية.