بمشاركة دي كابريو.. صندوق رأسمال مخاطر جديد يستهدف السوق الاستهلاكية كثيفة الكربون

ليوناردو دي كابريو، نجم هوليود
ليوناردو دي كابريو، نجم هوليود المصدر: أ.ف.ب
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يفهم العلماء حالياً بوجه عام مشكلة تغير المناخ على أنها مشكلة نظامية، وأن القرارات الفردية في مواجهتها أضعف من أن تؤثر فيها بأي درجة من الدرجات. انظر إلى مؤشر التطور على مدى آخر 16 عاماً.

ينتهي الفيلم الوثائقي "حقيقة مزعجة" (An Inconvenient Truth) عن حملة التوعية بمشكلة احترار الكوكب، التي أطلقها نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل غور في عام 2006، بطرح سؤال هو: "هل أنت مستعد لتغيير طريقة حياتك؟"، ويطلب من الناس أن يشتروا أجهزة منزلية ومصابيح كهربائية تتميز بكفاءة استهلاك الطاقة.

استبيان يظهر أن تغير المناخ أكثر ما يهدد أمن العالم

أما الموقع الإلكتروني للفيلم الساخر "لا تنظر إلى أعلى" (Don’t Look Up) الذي صدر في عام 2021، فإنه يناشد الناس في المقابل ويدعوهم إلى "تغيير النظام".

ليوناردو دي كابريو، نجم ذلك الفيلم، ناشط ومناصر للأعمال الخيرية، وملوث للبيئة صاحب ثروة كبيرة – وهو الآن مستشار إستراتيجي وشريك موصٍ في صندوق "ريجينيريشن في سي" (Regeneration VC)، وهو صندوق جديد لرأس المال المخاطر بقيمة 45 مليون دولار ويركز على المواد الاستهلاكية وانبعاثاتها من غاز الاحتباس الحراري.

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة وأقل تكلفة في توقعات الأحوال الجوية

مستشار إستراتيجي آخر هو ويليام ماك-دونه، معماري ومصمم وكاتب، قدّم المشورة على مدى عقود للحكومات والشركات حول كيفية العمل بطريقة تضمن الاستدامة داخل حدود المجال الحيوي للأرض، بينما تقوم بإعادة تدوير المواد واستخدامها في "مجال تقني" بشري.

"ريجينيريشن"

تعلن شركة "ريجينيريشن" عن نفسها اليوم أمام العالم، بعد أن أغلقت أول صندوق لها سيقدم تمويل المرحلة الأولى للشركات التي تعلن أنها تسعى إلى التخلص من المخلفات الناتجة عن المنتجات الاستهلاكية والانبعاثات الناتجة عن سلاسل التوريد.

ويروج الصندوق لأول خمس شركات في محفظته بأن أولها تلتقط كميات صغيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون من المباني التجارية لصناعة الصابون (شركة كلين أو2) (CleanO2)؛ والثانية تنتج الجلود بدون الاعتماد على الماشية وانبعاثاتها (شركة فيترولابس) (VitroLabs)؛ والثالثة تحول القشور والمحار من مخلفات الأحياء المائية إلى مادة البوليستيرين، وهي المادة البلاستيكية البيضاء المستخدمة عادة في التعبئة (شركة كروز فوم) (Cruz Foam)؛ والرابعة تساعد الشركات في تأجير وبيع بعض المنتجات (شركة أرايف) (Arrive)؛ والخامسة تبيع ملابس متجددة (شركة بانغايا) (Pangaia).

أكبر شركة مكيفات في العالم تستعد لمستقبل أكثر سخونة

يتطلب تغيير "النظام" بشكل يكفي لوقف تغير المناخ تبني سياسات والتنسيق فيها على مستويات اقتصادية شاملة وطنية وعالمية، وفق آخر تقرير صادر عن "هيئة الأمم المتحدة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" الذي بلغ عدد صفحاته 3500 صفحة. فبماذا إذن يعدنا صندوق صغير يسعى إلى تغيير ما يشتريه المستهلكون، وكيف؟

وضع مستثمرو رأس المال المخاطر 32 مليار دولار ووجهوها نحو الاستثمار في تكنولوجيا المناخ في عام 2021، بحسب مؤسسة "بلومبرغ إن إي أف" لدراسات الانتقال إلى الطاقة النظيفة.

وأضافت شركات صناديق الاستثمار المباشر 25 مليار دولار أخرى. واجتذبت قطاعات النقل والطاقة والزراعة الغالبية الساحقة من تلك المبالغ.

ربما تصنف شركة رأس المال المخاطر "ريجينيريشن" تحت بند "الصناعة والمواد الأولية" عند "بلومبرغ إن إي إف"، التي تنضوي تحته أيضاً شركتا "روبيو إمباكت فينتشرز" (Rubio Impact Ventures) و "كلوزد لوب فينتشرز" (Closed Loop Ventures).

تمويلات متواضعة

في سياق قطاع التمويل أو مواجهة ما يتطلبه تغير المناخ، فإن 45 مليون دولار "لا تُعدّ مبلغاً كبيراً"، بحسب مايكل سميث، شريك عام في شركة "ريجينيريشن"، الذي أضاف أنه: "في اللحظة الراهنة نجد الصناعات الاستهلاكية مسؤولة عما يقرب من نصف الانبعاثات عالمياً، ومع ذلك تتلقى نحو 2% فقط من تمويل رأس المال المخاطر ، ومعظم ذلك التمويل يكون في المراحل النهائية. وعلى خلفية أن هذا الصندوق هو أول صندوق لنا ويعمل في مجال ناشئ، فقد كان مشجعاً لنا حجم اهتمام المستثمرين".

جميع الدول تفشل في تلبية معايير الصحة العالمية لتلوث الهواء

إن 22 صفقة فقط من إجمالي 2806 صفقات قامت بها صناديق رأس المال المخاطر وصناديق الاستثمار المباشر في العام الماضي تجاوزت قيمتها 500 مليون دولار. وهي قيمة أكبر كثيراً من صندوق "ريجينيريشن" كاملاً، الذي تبلغ قيمته 45 مليون دولار.

وفي أوائل الشهر الجاري، أعلنت شركة "غوغل دوت أورغ" (Google.org)، ذراع العمل الخيري التابعة لشركة "غوغل" المملوكة لشركة "ألفابيت"، إطلاق صندوق تمويل ابتدائي للاستدامة (Sustainability Seed Fund) بقيمة 6 ملايين دولار لمساعدة رواد الأعمال في منطقة آسيا والباسيفيك على الانتقال من الفكرة إلى العمل الفعلي. وهو صندوق أصغر بكثير.

قالت سارة رازا، التي تقود أبحاث الاستثمار في تكنولوجيا المناخ بمؤسسة "بلومبرغ إن إي إف" لأبحاث الطاقة النظيفة: إن الصناديق التي تقل قيمتها عن 100 مليون دولار "لها أهمية حاسمة بصورة مطلقة في ارتقاء التقنيات المستقبلية للمناخ".

وأضافت أن الشركات البادئة في مجالات مازالت ناشئة وصغيرة تحاول تنظيم جولاتها الأولى من جمع رأس المال المخاطر بقيمة تتراوح بين 5 ملايين و20 مليون دولار – وهو حجم أقل بكثير مما تحتاجه تقنيات أكثر نضوجاً واكتمالاً. وهي أيضاً شركات مرتفعة المخاطر.

"وينصب تركيز هذه الصناديق الأصغر غالباً وبشكل خاص على قطاعات بعينها، مما يجعل منها شريكاً أفضل للشركات البادئة في مراحلها الأولى التي لا تحتاج إلى التمويل فقط وإنما أيضاً تحتاج إلى شبكة العلاقات والمشورة"، بحسب ما قالته رازا.

عدم المساواة

تضيف الأبحاث الجديدة تعقيدات أخرى على قضية الحجم. فيتضح أمامنا أن ثلاثة عقود من عدم المساواة العالمية في المداخيل دون رادع قد تسببت في تغيير الوضع. ففي عام 1990، كانت قيمة الدخل القومي واستهلاك الطاقة تفسر معظم عدم المساواة في التلوث بغازات الاحتباس الحراري؛ فكانت الدول الغنية تتسبب في كثير من التلوث والدول الفقيرة في القليل.

أما الآن، وبسبب عدم المساواة في توزيع الثروة، أصبح الانقسام الأكبر هو بين الأغنياء الذين يتسببون في تلوث كبير والفقراء الذين يتسببون في تلوث أقل. وتراجعت أهمية الأمم والبلدان مع تنامي حالة عدم المساواة بداخلها، غير أن السجالات السياسية لم تشتبك بعد مع هذه المسألة.

معنى ذلك أن أكثر الناس التي تتسبب في الانبعاثات، وهم أغنى الناس أيضاً، تقع عليهم مسؤولية كبيرة لم تناقش ولم يتم التطرق إليها في تخفيض الانبعاثات في العالم. وحتى الآن لا يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم.

إن الرأي البسيط القائل بأن المشكلة لا يمكن أن يحلها تخفيض الانبعاثات على المستوى الفردي يفسح الطريق أمام فكرة أن أي شخص يستطيع أن يشتري ، مثلاً، قفازات بسعر 85 دولاراً أمريكياً صنعت من الكشمير الذي أعيد تدويره، يكون مسؤولاً مسؤولية شخصية على الأرجح عن كمية هائلة من التلوث.

وقد تصبح السياسات التي تشجع المنتجات التي تنخفض الانبعاثات في إنتاجها وينخفض الفاقد في استهلاكها أكثر من المنتجات التقليدية ذات أثر تراكمي في الواقع.

إن أكثر قطع الصابون صداقة للبيئة لن تغسل الغلاف الجوي وتنقيه، ولكن تحويل أغنى 1% من السكان استثماراتهم إلى شركات وصناديق منخفضة الانبعاثات الكربونية ربما يساعد على تحقيق ذلك.