كيف ستتأثر سوق النفط بطرح 180 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي؟

مدخل مكاتب موقع "بريان ماوند" لاحتياطي البترول الاستراتيجي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية في فريبورت، بولاية تكساس. تعتزم إدارة بايدن طرح نحو مليون برميل يومياً من الاحتياطي الإستراتيجي على مدى أشهر عدة، لتهدئة أسعار النفط العالميةك
مدخل مكاتب موقع "بريان ماوند" لاحتياطي البترول الاستراتيجي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية في فريبورت، بولاية تكساس. تعتزم إدارة بايدن طرح نحو مليون برميل يومياً من الاحتياطي الإستراتيجي على مدى أشهر عدة، لتهدئة أسعار النفط العالميةك المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انخفضت أسعار النفط بما يزيد على 5 دولارات للبرميل الواحد بعد دقائق قليلة من نشر تقرير بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدرس طرح نحو مليون برميل يومياً من الاحتياطي الاستراتيجي على مدى أشهر عدة.

قد يصل إجمالي الكمية المطروحة إلى 180 مليون برميل، حسب مصادر مطلعة على الخطة، وربما يأتي إعلان رسمي عن ذلك في وقت لاحق.

هذه الكمية أكبر كثيراً من أي كمية بيعت مؤخراً من الاحتياطي الاستراتيجي من قبل الولايات المتحدة، التي قد ينضم إليها حلفاؤها في إطار جهود تقوم بتنسيقها وكالة الطاقة الدولية.

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تطلق أكبر سحب من احتياطي النفط الإستراتيجي في التاريخ

في ما يلي تقدير بعض كبار المحللين للآثار التي قد تترتب على هذه المبادرة:

"غولدمان ساكس غروب"

سيساعد طرح الخام المحتمل من احتياطي البترول الاستراتيجي على عودة السوق إلى التوازن هذا العام، غير أنه لن يحل مشكلة العجز الهيكلية في سوق النفط، بحسب ما كتبه محللون من بينهم داميين كورفالين في مذكرة. هذا الطرح سيقلل من كمية تدمير الطلب الضرورية الناجمة عن ارتفاع الأسعار، غير أنه لن يكون مصدراً دائماً للإمدادات النفطية في الأعوام المقبلة.

اقرأ المزيد: احتياطي النفط الاستراتيجي الأمريكي يسجل أدنى مستوى منذ 2002

"واندا"

سيساعد طرح الخام في وضع سقف لزيادة أسعار النفط على المدى القصير، غير أنه لا يرجح أن يعوض الكمية التي فقدناها من صادرات النفط الروسية، بحسب تصريح جيفري هالي، محلل أسواق أول لدى شركة "واندا إيشا باسيفيك" (Oanda Asia Pacific). وعلى المدى الطويل، سيؤدي ذلك إلى تخفيض كبير في احتياطي البترول الاستراتيجي للولايات المتحدة عندما يقفز الطلب كالعادة طوال موسم قيادة السيارات الصيفي في البلاد، ويشكل ضغطاً محتملاً لزيادة أسعار النفط.

"كلير فيو إنيرجي بارتنرز"

قال العضو المنتدب لشركة " كلير فيو إنيرجي بارتنرز" (ClearView Energy Partners)، كيفين بوك في مذكرة بحثية: "من الصعب المبالغة في تقدير أهمية هذا التدخل، إذا تحقق فعلاً"، مضيفاً أن هذه الكمية ستصبح أكبر كمية يتم الإعلان عن سحبها على مدى 45 عاماً هي عمر احتياطي البترول الاستراتيجي، وستأتي عقب الكمية الكبرى الثانية التي بلغت 50 مليون برميل من مجموع المبيعات والإبدال في نوفمبر الماضي. وحيث إن الاستهلاك العالمي قد يتجاوز العرض بنحو 800 ألف برميل يومياً في الربع الثاني من العام، يستطيع طرح مليون برميل يومياً من الاحتياطي الاستراتيجي أن يحقق التوازن تقريباً بين العرض والطلب، إذا لم تحدث اضطرابات أخرى. غير أن ذلك لن يسهم بدرجة تذكر في إعادة بناء المخزون العالمي الضعيف حالياً.

"آر بي سي كابيتال ماركتس"

في ضوء أن إدارة بايدن تتخذ موقفاً فيه استعراض شديد للعضلات في مواجهة موسكو، فإن طرح كمية من احتياطي البترول الاستراتيجي يستخدم كأداة في إضعاف تأثير ذلك على المستهلكين في الولايات المتحدة، حسب تصريح شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets). غير أن خسارة السوق من معروض الخام الروسي يحتمل أن تستمر، إذ يرجح أن تظل روسيا الدولة التي تعرضت لأكبر قدر من العقوبات على وجه الأرض في المستقبل المنظور.

أضافت الشركة في مذكرة بحثية أنه من الضروري أن نتابع ما إذا كان هذا الإعلان سيصبح تكتيكاً مؤثراً من تكتيكات الصدمة والرعب، في ضوء احتمال تصاعد خسائر السوق من الطاقة الروسية مع احتدام هذه الحملة وتزايد حدة الأزمة الإنسانية في أوروبا.

"ستاندارد آند بورز غلوبال"

يقول فيكتور شوم، نائب الرئيس للاستشارات في "ستاندارد آند بورز غلوبال" إن هذه الخطوة ربما تصبح عديمة الأهمية، مع استمرار التركيز الأساسي على صادرات روسيا. إن نطاق النتائج المترتبة على غياب النفط الروسي نطاق واسع، إذ يدور الحديث عما يصل إلى 7.5 مليون برميل يومياً من الصادرات. وأي انخفاض في صادرات روسيا يمكن استبداله عبر زيادة الإنتاج في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مع طرح الاحتياطيات التي تسيطر عليها الحكومة لأشهر عدة على الأقل.

بحسب شوم، فإنه إذا انخفضت الصادرات الروسية بمقدار 3 ملايين برميل يومياً عن مستويات ما قبل الغزو خلال الفترة من أبريل وحتى ديسمبر المقبل، ستبلغ الكمية الإجمالية 825 مليون برميل، وهي تزيد كثيراً على نحو 575 مليون برميل موجودة حالياً في احتياطي البترول الاستراتيجي للولايات المتحدة الذي ينكمش فعلاً.

بنك "دي بي إس"

قال سوفرو ساركار، محلل قطاع الطاقة لدى بنك "دي بي إس" (DBS Bank) في سنغافورة، إن الإعلان عن طرح كميات من الاحتياطي الاستراتيجي في السابق لم يؤثر كثيراً على قناعة السوق، غير أن حجم الطرح الأخير المحتمل قد يترتب عليه تأثير أطول أمداً على الأسعار. سوف يعتمد التأثير الفعلي على الأسواق على كيفية حدوث عملية الطرح – سواء كان ذلك عن طريق مبيعات مباشرة أو استبدال.

تحتفظ الولايات المتحدة حالياً بنحو 570 مليون برميل في الاحتياطي الاستراتيجي – وهو أدنى مستوى منذ عام 2002 – وطرح 180 مليون برميل منها من دون استبدالها بأخرى، يعني انخفاضاً في الاحتياطي بنسبة تتجاوز 30%. وفي حين أن هذه الأنباء قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار في الأجل القريب، إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى زيادة الطلب من الولايات المتحدة في المدى الطويل، من أجل إعادة بناء الاحتياطي، بحسب ساركار.

"آي إن جي غروب"

يقول وارين باترسون، رئيس استراتيجية السلع الأولية في سنغافورة لدى شركة "آي إن جي غروب" (ING Groep)، إن هذا الطرح إذا حدث سيصبح أكبر طرح من الاحتياطي في تاريخ الولايات المتحدة، وسوف يساعد على تخفيف بعض النقص في معروض الخام. وأضاف أنه في حين سيهبط هذا الطرح بحجم احتياطي البترول الاستراتيجي للبلاد إلى أدنى مستوى منذ ثمانينيات القرن الماضي، يرجح أن تضغط الولايات المتحدة من أجل طرح كميات من الاحتياطي بالتنسيق، حتى يكون لهذه الخطوة تأثير أقوى على الأسواق.

"فاندا إنسايتس"

ما تحتاج إليه السوق حقاً حتى تهدأ وتيرة ارتفاع الأسعار، هو تدفق ثابت من الإمدادات التراكمية، بحسب فاندانا هاري، مؤسِّسة شركة "فاندا إنسايتس" (Vanda Insights) في سنغافورة. وقالت إنه يجب علينا أيضاً أن نضع في اعتبارنا أن الولايات المتحدة منتجة للنفط، وقادرة على أن تفعل شيئاً، إذ إن لدى البلاد فائضاً يكفي في احتياطي البترول الاستراتيجي، وبنية تحتية مؤهلة لإنتاج المليون برميل يومياً من النفط التي تحتاجها المصافي بصورة عاجلة نسبياً.

"إس بي آي أسيت مانجمنت"

إن طرح النفط ربما يغير قواعد اللعبة، حسب ما يقوله ستيفين إن، الشريك الإداري في شركة "إس بي آي أسيت مانجمنت" (SPI Asset Management)، إذ يعوض ما فقدته مصافي الولايات المتحدة من إمدادات النفط الروسية. ومع ذلك، لا نزال بانتظار معرفة ما إذا كانت هذه الخطوة سوف توقف طوفان الزيادة في الأسعار، أو أنها، كما قال، ستغير التصور بأن طرح كمية من الاحتياطي لا تتجاوز كثيراً حدود الإسعافات الأولية. وأوضح أن هذه الزيادة غير المتوقعة في المعروض، ربما تهدئ من سخونة الآراء التي تتوقع ارتفاع الأسعار لفترة وجيزة حتى يظهر مزيد من التفاصيل.

"أستراليا آند نيوزيلاند بانكينغ غروب"

قال دانييل هاينز، محلل أول سلع لدى مجموعة "أستراليا آند نيوزيلاند بانكينغ غروب" (Australia & New Zealand Banking Group) إن أسعار النفط استجابت بسرعة لهذه الأنباء، غير أنه من غير المحتمل أن يظهر تأثير كبير لها في المدى القصير على الأسواق الفعلية، بسبب أن الكمية لا تزال صغيرة نسبياً مقارنة مع النقص الذي تسببت فيه الحرب في أوروبا. وأضاف هاينز أن الكمية التي ستطرح من الاحتياطي الاستراتيجي تبدو كبيرة مقارنة مع طروحات سابقة، غير أن هناك مشكلة في التوقيت. وأوضح أن المخزون قد يتعرض كذلك لضغوط على المدى المتوسط عندما يرتفع الطلب، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار.