عدو بلاستيكي صغير يهدّد محيطات كوكب الأرض

تلوث المياه بالجزيئات البلاستيكية
تلوث المياه بالجزيئات البلاستيكية المصدر: Getty Images
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تمكّن علماء البيئة من تحديد تهديد آخر يحيق بكوكب الأرض، ويتمثل في "المواد البلاستيكية الدقيقة"، والتي تعد عبارة عن جسيمات صغيرة من الإفرازات العضوية البلاستيكية، التي لا يزيد حجمها على حجم ممحاة القلم الرصاص، وتقوم الشركات المصنعة بتحويلها إلى عبوات ومصاصات وعبوات مياه بلاستيكية، وغير ذلك من المنتجات التي تتطلب تدخلاً بيئيًا.

وتعد هذه المواد البلاستيكية الدقيقة مشكلة بحد ذاتها، مع تسرب المليارات منها سنويا في المجاري المائية من سلاسل الإنتاج والإمداد، خاصة أن إحدى شركات الاستشارات البيئية في المملكة المتحدة، عام 2018، رأت في الجسيمات البلاستيكية- ما قبل الإنتاج - ثاني أكبر مصدر للتلوث البلاستيكي الدقيق للمياه، بعد الشظايا الصغيرة التي تخلّفها إطارات السيارات.

وفي هذا الصدد، فإن مجموعة حقوقية من ملاك الأسهم، تحمل اسم "آز يو سو" (As You Sow)، اتفقت مع شركات "شيفرون كورب" (Chevron Corp) و"داو دو بونت" (DowDupont Inc.) و"إيكسون موبيل كورب" (Exxon Mobil Corp) و"فيليبس 66" (Phillips 66) على الكشف عن عدد المواد البلاستيكية الدقيقة، التي تتسرّب من عمليات إنتاجها سنويا، ومدى فاعليتها في التعامل مع هذه المشكلة.

وأفادت المجموعة بأنّ هذه الخطوة جاءت بناء على ارتفاع تقديرات التكاليف المالية والبيئية، المرتبطة بالتلوث البلاستيكي والجهود الدولية الأخيرة للحدّ منها، مثل مؤتمر الأمم المتحدة في نيروبي، وقرار الولايات المتحدة الأمريكية حظر استخدام المواد البلاستيكية الدقيقة في مستحضرات التجميل.

من جانبه، قال "كونراد ماكرون" (Conrad MacKerron) النائب الأول لرئيس مجموعة "آز يو سو": "وردت إلينا معلومات- على مدار العامين الماضيين- عن نية مصانع البلاستيك أخذ هذه المشكلة على محمل الجد"، كما صرّحت الشركات بنيتها إعادة تدوير المواد البلاستيكية، مضيفا أن هذه اللحظة تُعتبر مؤشرا على مدى جديّة هذه الشركات.. وما إذا كانت على استعداد للإفصاح عن جميع البيانات الحقيقية وعدم التستر على أي معلومات، كأن تقول مثلا: هذا هو الوضع الراهن، وهذه هي كمية التسريبات، وهذا ما سنفعله!".

جهود المجتمع المدني

تشارك هذه الشركات في برنامج "أوبيريشن كلين سويب" (Operation Clean Sweep) وهو عبارة عن مساعٍ تطوعية تدعمها الشركات المصنعة، لتنظيف المحيطات من المواد البلاستيكية ومنعها من الوصول إليها. وفي إطار مبادرة "أو سي إس بلو" (OCS Blue)، يُطلب من الأعضاء مشاركة المجموعة التجارية بالبيانات، بكل سرية، حول حجم الجسيمات العضوية التي تشحن أو تستلم أو تتسرب أو تستعاد ويعاد تدويرها، إلى جانب أي جهود للحد من التسريب.

جاكوب بارون" (Jacob Barron)، المتحدث باسم اتحاد الصناعات البلاستيكية (PIA)، وهي جماعة ضغط للتأثير على صناعة القرار في مجال الصناعة، قال إن " البند المتعلق بالسرية أضيف لإزالة المخاوف التنافسية، التي قد تمنع الشركة من الكشف عن هذه المعلومات".

ومن جانبه، يشارك "مجلس الكيمياء الأمريكي" (American Chemistry Council)- إحدى جماعات الضغط الأخرى- في رعاية مبادرة "أو سي إس بلو" (OCS Blue) إلى جانب اتحاد الصناعات البلاستيكية، معلنا في شهر مايو 2018 عن أهداف طويلة المدى على مستوى القطاع لاستعادة العبوات البلاستيكية وإعادة تدويرها، ودعوة جميع الشركات المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية للانضمام إلى هذه المبادرة بحلول عام 2020.

ولا تتوافر معلومات كافية عن مدى التلوث البلاستيكي الذي تسبّبه الشركات الأمريكية، على الرغم مما بذله الباحثون العالميون من جهود مضنية لتقدير حجمه بدقة، لكن دراسة أُجريت عام 2018 قدرت تسرب ما بين 3 ملايين و36 مليون جسيم سنويا، من منطقة صناعية صغيرة واحدة في السويد، لتتضاعف هذه الكمية المنبعثة مئة مرة، إذا ما أخذت الجسيمات الأصغر بعين الاعتبار.

بحث جديد يكشف عن وجود الجسيمات البلاستيكية في كل مكان

شركة "يونوميا" (Eunomia) البريطانية للاستشارات البيئية - وهي الشركة التي اكتشفت أنّ المواد البلاستيكية الدقيقة هي ثاني أكبر مصدر للتلوث البلاستيكي الدقيق - أفادت عام 2016 بتسريب من 5.3 إلى 53 مليارًا من الجسيمات البلاستيكية إلى البيئة في المملكة المتحدة، عن غير قصد سنويًا.

كما كشفت الأبحاث الجديدة عن انتشار الجسيمات البلاستيكية في كل مكان، بدءا من أمعاء الأسماك التي تصطاد جنوب المحيط الهادئ إلى الجهاز الهضمي لطيور القطرس قصيرة الذيل، في الشمال وعلى شطآن البحر الأبيض المتوسط.

وفي سياق متصل، قال "برادن ريدال" (Braden Reddall) المتحدث باسم شركة "شيفرون" (Chevron): إن مجالس إدارة شركات الوقود الأحفوري الكبرى ناقشت مقترحات المساهمين وقدّمت توصياتها لكل منها في بيان التوكيل، الذي تم نشره في 9 أبريل 2019. وتقول "رايتشيل شيكورا" Rachelle Schikorra)) المتحدثة باسم "داو" (Dow): إن الشركة دائما ما تتحدث إلى المساهمين عن التنمية المستدامة، وتعمل على "إيجاد الحلول للحدّ من انتشار البلاستيك في البيئة".

من جهته، قال "جو غانون" Joe Gannon) ) المتحدث باسم "فيليبس 66" (Phillips 66) إن شركته "تسلّمت مقترح المساهمين، وعرضت المشاركة مع مجموعة التأييد"، في حين رفضت شركة "إكسون موبيل" (ExxonMobil) التعليق على الأمر.

وفقًا لمجموعة "آز يو سو" (As You Sow)، ستقرر الشركات - في الأشهر القليلة المقبلة - ما إذا كانت ستضيف هذه القرارات إلى بيانات توكيلها لهذا العام.