ماذا يحدث بسوق حديد التسليح في مصر؟

عدّة عوامل داخلية وخارجية تسهم بارتفاع أسعار الحديد في مصر
عدّة عوامل داخلية وخارجية تسهم بارتفاع أسعار الحديد في مصر المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قفزت أسعار حديد التسليح في مصر بنحو 33% منذ بداية العام الحالي، وسط ضغوط من ارتفاع أسعار المواد الخام وقلّة المعروض بسب الحرب الروسية الأوكرانية.

يبلغ سعر طن حديد التسليح في مصر حالياً 20 ألف جنيه تسليم أرض المصنع، ليصل إلى يد المستهلك بزيادة مقدارها 500 إلى 1000 جنيه.

"المواد الخام المستوردة، وأسعار النفط، وأسعار الشحن.. كل ذلك ارتفع، وبالتالي من الطبيعي أن ينعكس ذلك زيادةً في أسعار الحديد. بموازاة انخفاض القيمة الشرائية للجنيه مقابل الدولار، وقيود البنك المركزي فيما يخص فتح الاعتمادات المستندية للاستيراد، وانخفاض القدرة الشرائية وشحّ السيولة. هذا عدا الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها"، بحسب طارق الجيوشي، رئيس مجلس إدارة الجيوشي للصلب.

كان المركزي المصري، في اجتماع استثنائي خلال مارس الماضي، رفع أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، في محاولةٍ لامتصاص موجة التضخم، ولجذب استثمارات الأجانب بالدولار لأدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الأزمة الروسية الأوكرانية.

تراجع سعر صرف الجنيه المصري بنحو 17% منذ رفع الفائدة في مارس حتى الآن، ليسجل 18.25 جنيه مقابل الدولار في أول تحرك للعملة المصرية منذ نحو 5 سنوات.

اقرأ المزيد: أكبر هبوط منذ 5 سنوات.. الجنيه المصري يفقد 16% أمام الدولار

الأزمة الروسية الأوكرانية

"روسيا خامس أكبر مصدر للصلب في العالم، وأوكرانيا تحتل المركز 12، ومع اندلاع الحرب توقف التصدير من البلدين وانخفض المعروض، وزاد الطلب خاصةً من أوروبا، كما زادت مصاريف النقل"، وفقاً للرئيس التنفيذي لتطوير الأعمال في المراكبي للصلب رامي صالح، الذي يرى أن استمرار صناعة الحديد والصلب في مصر، واستدامة توفر السلعة، بظل كل تلك التحدّيات "أمر جيد بحدّ ذاته". مشيراً إلى الارتفاع الكبير بأسعار الخردة وباقي المواد الخام، لاسيما من قِبل تركيا مع زيادة الطلب على منتجاتها".

قفزت أسعار الخردة عالمياً بنحو 42% خلال الربع الأول من عام 2022، في حين زادت أسعار خام "البيليت" التركي بنحو 39% في الربع الأول من هذا العام إلى 900 دولار للطن، كما يفيد صالح.

تبلغ الطاقة الإنتاجية القصوى لمصانع درفلة حديد التسليح ولفائف الأسلاك في مصر نحو 16 مليون طن سنوياً، أمّا بالنسبة لإنتاج البيليت فنحو 12 مليون طن، في حين بلغ الإنتاج الفعلي من حديد التسليح 7.42 مليون طن في 2021 بزيادة 7.7% على أساسٍ سنوي، في ظلّ زيادة الاستهلاك المحلي 7% في 2021 إلى 7.34 مليون طن.

اقرأ المزيد: نشاط اقتصاد مصر غير النفطي يتراجع لأدنى مستوى في 21 شهراً

لكن الجيوشي يكشف أن الإنتاج انخفض في المصانع المصرية حالياً بسبب تراجع وفرة الخامات.

تعمل في مصر نحو 24 شركة حديد تسليح، أبرزها: "حديد عز"، و"بشاي"، و"السويس للصلب"، و"حديد المصريين" و"المراكبي للصلب".

من المرجح أن يؤدي ارتفاع أسعار خام الحديد إلى تقليص هوامش الربحية لدى مصانع الصلب، التي قد تكون غير قادرة على تمرير التكاليف المرتفعة إلى زبائنها من شركات التطوير العقاري والإنشاءات، التي يتباطأ نشاطها بفعل ارتفاع تكلفة مواد البناء وشحّ المعروض منها.

يوضح صالح أن المصانع المصرية "تحاول تغطية تكاليف الإنتاج المباشرة لديها في الوقت الحالي، وليس تكاليف التمويل. والأسعار الحالية مراعية جداً الموقف الحالي للجميع". غير أنه يستبعد عودة الأسعار إلى ما كانت عليه سابقاً "إلاّ لو تغيّرت الأوضاع العالمية والمحلّية".

أسعار الغاز الطبيعي

يقول آلن سانديب رئيس البحوث في "نعيم المصرية" إن مدى استقرار الأسعار أو زيادتها في مصر يتوقف على "الأسعار الدولية للصلب، وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بجانب أسعار الغاز الطبيعي محلياً، فقد يرفع المنتجون (الحكومة) سعر الغاز بالمرحلة المقبلة، وهو ما يمكن أن نرى معه ارتفاعاً آخر بأسعار حديد التسليح".

تبيع الحكومة الغاز الطبيعي لمصانع الحديد والصلب والصناعات كثيفة الاستهلاك بنحو 5.57 دولار لكل مليون وحدة حرارية.

تضرّر الاقتصاد المصري بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا المستثمرين الأجانب إلى الفرار من الأسواق الناشئة. علماً أن البلدين مُصدِّرين رئيسيين للقمح إلى مصر، ومصدرين أساسيين أيضاً لتدفق السياح.

تتوقع أية زهير، من "زيلا كابيتال"، أن تؤثر أسعار حديد التسليح بشكل مباشر على قطاع التشييد والبناء في مصر، وعلى أسعار الوحدات العقارية خلال العام الحالي.. مضيفة: "تتزايد التحدّيات التي تواجه الحكومة المصرية حالياً، فهي في موقف صعب.. هل تشتري القمح والمواد الغذائية الأساسية لضمان الأمن الغذائي، أم تشتري الصلب؟".