الولايات المتحدة تخسر سباق بطاريات السيارات الكهربائية

سائق فريق "أودي سبورت إيه بي تي شايفلر" للفورمولا "إي" الخاص بالسيارات الكهربائية، البرازيلي لوكاس دي غراسي على متن سيارة "أودي إي ترون"، وخلفه سائق فريق "نيسان إي دامس" السويسري سيباستيان بويمي، على متن السيارة رقم 23، على حلبة مطار تمبلهوف في برلين، ألمانيا، يوم 25 مايو 2019. في السباق العالمي الآخر المتعلق بإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، يبدو أن الولايات المتحدة في موقف لا تحسد عليه
سائق فريق "أودي سبورت إيه بي تي شايفلر" للفورمولا "إي" الخاص بالسيارات الكهربائية، البرازيلي لوكاس دي غراسي على متن سيارة "أودي إي ترون"، وخلفه سائق فريق "نيسان إي دامس" السويسري سيباستيان بويمي، على متن السيارة رقم 23، على حلبة مطار تمبلهوف في برلين، ألمانيا، يوم 25 مايو 2019. في السباق العالمي الآخر المتعلق بإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، يبدو أن الولايات المتحدة في موقف لا تحسد عليه المصدر: غيتي إيمجز
 Anjani Trivedi
Anjani Trivedi

Anjani Trivedi is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies in Asia. She previously worked for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على مدى الأشهر الأخيرة، أعلن عدد من صانعي السيارات ومنتجي بطاريات السيارات الكهربائية، عن نياتهم لبناء منشآت في الولايات المتحدة، إذ يخصص المصنّعون من كل أنحاء العالم استثمارات بمليارات الدولارات في مجال تكنولوجيا بطاريات السيارات الكهربائية أيضاً.

في الوقت ذاته، استند الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى "قانون الإنتاج الدفاعي"، وهو قانون من حقبة الحرب الباردة، من شأنه المساعدة في زيادة توافر المواد الخام محلياً، مثل الليثيوم والغرافيت، لتعزيز تصنيع البطاريات وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد الأجنبية، إذ قال بايدن: "نحن بحاجة إلى إنهاء اعتمادنا طويل الأمد على الصين ودول أخرى للحصول على المدخلات التي ستعزز المستقبل".

اقرأ أيضاً: معدن البطاريات الذي يقلق الصين ليس النيكل.. بل الليثيوم

على الرغم من أن كل هذا يبدو واعداً، فإنه من غير المرجح أن يغيّر الوضع بدرجة ملموسة. لقد استغرقت الولايات المتحدة وقتاً طويلاً لتكثيف وتحديد أولويات جوهر أي استراتيجية للمركبات الكهربائية، المتمثل في البطاريات، وكيفية شحنها. فأولاً، سيستغرق تشغيل المصانع فترة من الوقت، وهي لذلك لن تنتج حزم الطاقة بوفرة في أي وقت قريب. كذلك لا يوجَّه رأس المال بطريقة مركزة أيضاً. وحتى مع إطلاق بايدن سياسة صناعية من المستويات العليا إلى المستويات الدنيا على غرار بكين، فمن المرجح أن تظل الصين هي المتصدرة في سباق البطاريات.

اقرأ المزيد: بايدن يفعّل صلاحيات الحرب الباردة لتعزيز إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية

يرجع ذلك أيضاً إلى سوء التوقيت والتخطيط. فالضجة حول المركبات الكهربائية موجودة منذ فترة، وقد أدت إلى زيادة الطلب وتوعية المستهلك (لاحظ جميع إعلانات السيارات الكهربائية خلال مباراة "سوبر بول"). ومع ذلك، أصدرت الولايات المتحدة في يونيو الماضي فقط مخططاً لبناء سلسلة توريد البطاريات من أجل "المساعدة في توجيه الاستثمارات". منذ فترة، تحاول الشركات المبتدئة اختراق التقنيات المناسبة، وقد تحدّث المصنّعون عن تغييرات كبيرة في صناعة السيارات نحو مركبات أنظف.

تقدّم الصين

الأسوأ من ذلك أنه في الوقت الذي يستميت فيه صانعو السيارات الأمريكيون للوفاء بوعودهم باستثمار مليارات الدولارات في السيارات الخضراء لتلبية أهداف تنظيم الانبعاثات، فإنهم يضغطون على شركائهم الكوريين في مجال البطاريات من أجل الحصول على التكنولوجيا. ومن المفارقات أنه أسلوب غالباً ما يرتبط بأهداف الهيمنة التكنولوجية للصين، ولكنه يشير أيضاً إلى التقدم الباهت في تطوير خيارات حزمة الطاقة القابلة للتطبيق والقابلة للتطوير.

من ناحية أخرى، تواصل الصين اندفاعها نحو تصنيع بطاريات لمعظم المركبات الكهربائية في العالم، إذ استطاعت احتكار 60% من إنتاج البطاريات. وعلى الرغم من تعثر سياسة "كوفيد-19" وتأخيرات سلسلة التوريد، فإنها كانت تملأ الفجوة المتزايدة بين العرض والطلب.

تمكنت شركة "تسلا" من إنتاج السيارات وتصديرها إلى كل أنحاء العالم، وفتح مصنعها الضخم في أوروبا بفضل شراكة لديها للحصول على البطاريات الصينية وتصنيعها على نطاق واسع، فيما تحولت شركات صناعة السيارات الأخرى نحو الموردين الصينيين للحصول على قطع الغيار والمواد الخام لتخزين الطاقة.

فقد وقّعت "فولكس واجن"، أكبر شركات السيارات في العالم، اتفاقيات مؤخراً مع شركة "تشجيانغ هوايو كوبالت" (Zhejiang Huayou Cobalt)، ومجموعة "تسينغشان هولدينغز" (Tsingshan Holding)، لضمان توريد النيكل والكوبالت لبطاريات بقدرة 160 غيغاوات في الساعة. وفي الوقت ذاته، تستكشف شركة "كونتيمبوريري أمبيريكس تكنولوجي" (CATL) مواقع في مختلف أنحاء أمريكا الشمالية من أجل إنشاء مصنع بتكلفة 5 مليارات دولار.

أهمية الابتكار

لا يتعلق الأمر بالحجم والثقل التصنيعي فقط للصين، فشركة "كونتيمبوريري أمبيريكس تكنولوجي"، وهي أكبر شركة مصنّعة للبطاريات في العالم، تعمل على بطارية من الجيل الثالث بتقنية خلية إلى حزمة، التي تُعَدّ أكثر كفاءة بنسبة 13% تقريباً من بطارية "تسلا 4680" (Tesla 4680) التي طال انتظارها، من حيث استخدام المساحة، وفقاً لمحللي شركة "دايوا سيكيورتيز" (Daiwa Securities). وتعمل الشركة أيضاً على تطوير تقنية التحكم الحراري الرئيسية، وهي ميزة أمان مهمة لضمان عدم انتشار الحرائق في أحدث أنواع حزم الطاقة المعرضة للاحتراق. إذا لم تستطع الولايات المتحدة أن تقود مجالاً رئيسياً للابتكار الآن، فمن الصعب تحديد كيف سيكون مستقبل السيارات الكهربائية لديها.

تفاقمت مشكلات النظام البيئي للمركبات الكهربائية بسبب عدم توازن السوق، وارتفاع أسعار المواد الخام. هذا يعني أنه سيكون جمع الإمدادات وصنع البطاريات بأسعار معقولة أمراً صعباً. على الرغم من ذلك، بدأ المسؤولون الصينيون بالفعل الحديث عن مزيد من التعاون عبر سلسلة التوريد الخاصة بهم لضمان عدم تضرر التصنيع. لكن الولايات المتحدة ليست في هذه المرحلة بعدُ، في ما يتعلق بمعالجة هذا الحاجز الكبير -ومن المحتمل أن يكون طويل الأمد- لأنه لا توجد لديها حتى سلسلة إمداد قوية.

ما الخيارات المتاحة لدى الولايات المتحدة الآن؟ قد تؤدي إعادة تكوين كل شيء من الصفر إلى تخلفها عن الركب أكثر. إنّ الاعتراف بأن التحايل على الصين لن يكون خياراً في المستقبل القريب سيكون نقطة بداية جيدة.

خطة متكاملة

يمكن أن يضمن توجيه الأموال نحو التصنيع والتركيز على الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا البطاريات القريبة من الإنتاج على نطاق واسع، اتباع نهج أكثر انسيابية للتمويل. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تسهيل زيادة الإنتاج من المناجم القليلة -والصغيرة- الموجودة في الولايات المتحدة، قد يساعد في إدماجها ضمن خطط التصنيع المستقبلية. وفي الوقت ذاته فإن ضمان قدرة الولايات المتحدة على الحصول على إمداد موثوق به من معادن البطاريات من جارتها الشمالية كندا -وهي الوجهة المفضلة حالياً لعديد من الشركات المصنعة- من شأنه أن يساعد أيضاً.

عندما يتعلق الأمر بالمركبات الكهربائية والبطاريات، سيتعيَّن على الولايات المتحدة أن تتحرك إلى ما هو أبعد من التباهي بمليارات الدولارات من الاستثمارات والخطط الطموحة إذا كانت تريد فعلاً أن يكون النجاح حليفها.