مكاسب غير متوقعة لـ"علي بابا" و"سوفت بنك" من اكتتاب "غو تو غروب"

اثنان من سائقي شركة "غوجيك" يستعدان لتوصيل طلبيات شراء من شركة التجارة الإلكترونية "توكوبيديا" في العاصمة الإندونيسية، جاكرتا، يوم 24 مايو 2021
اثنان من سائقي شركة "غوجيك" يستعدان لتوصيل طلبيات شراء من شركة التجارة الإلكترونية "توكوبيديا" في العاصمة الإندونيسية، جاكرتا، يوم 24 مايو 2021 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

باتت مجموعة "غو تو غروب" (GoTo Group)، التي تشمل أعمالها خدمات طلب سيارات الأجرة والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، واحدة من أكبر عمليات الإدراج في البورصة على مستوى العالم خلال السنة الجارية، ما يعطي دفعة يحتاج إليها بشدة الممولون الأوائل، بما يشمل مجموعة "علي بابا غروب هولدينغ" الصينية و"صندوق رؤية" التابع لـ"سوفت بنك غروب".

جمعت الشركة ومقرها في جاكرتا تمويلاً بقيمة 1.1 مليار دولار خلال الأسبوع الماضي، ما يعني أن قيمة حصص المستثمرين ستصل إلى نحو 5 مليارات دولار مجتمعة عقب بيع السهم. يشكل ذلك أول مكسب كبير لكل من "علي بابا" و"سوفت بنك" من عملية طرح عام أولي خلال السنة الحالية، في أعقاب تضرر أسهمهما في غضون الأشهر الماضية.

اقرأ أيضاً: "علي بابا" ترفع برنامج إعادة شراء الأسهم إلى 25 مليار دولار لتعزيز قيمتها السوقية

بالنسبة إلى كبار المسؤولين التنفيذيين في "غو تو"، فإن نجاح عملية طرح الشركة للاكتتاب العام، لا يُترجم إلى نوع الثروات التي ارتبطت مؤخراً بالاكتتابات العامة في آسيا.

سيحصل الرئيس التنفيذي للشركة، أندريه سوليستيو، على حصة تصل قيمتها إلى 235 مليون دولار بعد الإدراج، في حين أن حيازات كيفن ألوي وويليام تانوويجايا، اللذين شاركا في تأسيس شركات ناشئة اندمجت لاحقا لينبثق عنها عملاق إندونيسيا، ستصل قيمتها إلى 213 مليون دولار و494 مليون دولار على التوالي، وفقاً لحسابات "بلومبرغ" القائمة على نشرة الاكتتاب.

اقرأ المزيد: رئيس عمليات "سوفت بنك" غادر لخلاف على الدخل مع ماسايوشي سون

نمو.. أو تحقيق ثروة!

لا يُعدّ أمراً غير مألوف أن يرى الداعمون الأوائل يوماً هائلاً من تحصيل المكاسب عندما يجري إدراج شركة ناشئة للتداول في البورصة، وهذا هو الحافز وراء المخاطرة بالاستثمار فيها. لكن الجدير بالملاحظة في هذه الحالة، هو مدى تراجع حصة ملكية المؤسسين في جولات التمويل المختلفة التي جمعت مليارات الدولارات.

قال ناثان نايدو، وهو محلل لدى "بلومبرغ إنتليجنس": "من وجهة نظر شركة ما ناشئة، أنت في حاجة إلى استخدام السيولة النقدية من أجل تحقيق النمو والاستفادة من المستخدمين". وأضاف: "لذلك، لا أعتقد بأن تركيز المؤسسين ينصب على جني الثروة. الأمر يعود إلى الحصول على المال لتحقيق النمو للشركة".

في الوقت الذي يحتفظ فيه تانوويجايا وسوليستيو وألوي بنسبة تبلغ 26% من القوة التصويتية عقب بيع الأسهم، فإن ملكيتهم المباشرة في عملاق الإنترنت تعتبر محدودة: يمتلك تانوويجايا حصة 1.77%، مع افتراض وجود حصص مخصصة زائدة، وسوليستيو 0.84% وألوي 0.77%. يقارن ذلك مع 8.71% لـ"صندوق رؤية" التابع لشركة "سوفت بنك" و8.84% لشركة "علي بابا".

رفضت شركة "غو تو" التعليق على قيمة حصص الأسهم التي يمتلكها مديروها التنفيذيون.

خيارات أسهم للموظفين

بيد أن الصندوق الذي يحتفظ بنسبة أكبر من الشركة، هو الصندوق الذي يخصص خيارات شراء الأسهم للموظفين في السنوات المقبلة: سيحصل صندوق "غو تو بيبولفيرس" (GoTo Peopleverse) على حصة بنسبة تبلغ 9.03% بعد عملية الإدراج. كما توفر الشركة ما يفوق 20 مليون دولار من حصص الأسهم للسائقين الذين يعملون لمدة زمنية طويلة، وهو جزء من برنامج أوسع يتضمن التجار والمستهلكين والعاملين فيها.

قال سوليستيو في مقابلة، في إشارة إلى برنامج الأسهم: "ترتبط المسألة بشعور الملكية ورمزية كونهم جزءاً من أسرة شركة (غو تو) الكبيرة". وأضاف: "أفضل أسلوب لتلخيص ذلك يتمثل في واحدة من قيمنا الداخلية، والتي تستحضر شعار قول أن (الأمر لا يتعلق بك). إنه يتعلق بنا. يرتبط الأمر بالمجتمعات التي ندعمها والتي جعلت نجاحنا يتحقق".

اندماج لمواجهة المنافسة

بزغت شركة "غو تو" من عملية اندماج خلال السنة الماضية بين شركتي الإنترنت الناشئتين الأعلى قيمة في إندونيسيا - وهما شركة "غوجيك" (Gojek) لطلبات ركوب سيارات الأجرة، وشركة التجارة الإلكترونية "توكوبيديا" (Tokopedia) - بهدف الوصول إلى قدرة أكبر على مواجهة المنافسين في سوق تحتدم فيها المنافسة. على مر الأعوام، ضمت الشركتان قائمة طويلة من المستثمرين، بما يشمل شركة "غوغل" وشركة "تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings) وشركة "سيكويا كابيتال إنديا" (Sequoia Capital India). كانت الشركة الأخيرة داعمة مبكرة لكل من شركة "غوجيك"، وشركة "توكوبيديا".

إنطلق كل شيء مع سنة 2009، عندما وضع تانويوجايا، وهو ابن عامل في مصنع، رهاناً على الازدهار الاقتصادي والإنترنت في إندونيسيا، وقام بتأسيس شركة "توكوبيديا" – وهو الاسم المتحور عن كلمة في اللغة الإندونيسية تعني "متجر". بعد ذلك بسنة، أسس نديم مكارم، وهو خريج كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد ومستشار سابق لشركة "ماكينزي آند كو"، شركة "غوجيك" لترتيب خدمة تسليم البريد السريع في جاكرتا.

انضم سوليستيو إلى شركة "غوجيك" في سنة 2015، بعد العمل كمستثمر في مجموعة الاستثمار المباشر "نورث ستار غروب" (Northstar Group)، والتي باتت أول مموّل مؤسسي للشركة الناشئة. جرى تعيينه مع ألوي كرئيسين تنفيذيين مشاركين لشركة طلبات السيارات الأجرة في شهر أكتوبر لسنة 2019، عندما غادر مكارم منصبه للانضمام إلى الحكومة كوزير للتعليم والثقافة في البلاد.

انهيار أسهم التكنولوجيا

تمضي خطط الاكتتاب العام رغم انهيار أسهم التكنولوجيا، ورغم انخفاض حجمه عن الهدف الأصلي المحدد له. هبط مؤشر يتعقب الأسهم على مستوى العالم بما يزيد على 10% خلال السنة الجارية، مع ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد التوترات الجيوسياسية التي تؤرق القطاع. طالت الخسائر أقران شركة "غوجيك" الإقليميين بصفة خاصة.

خسرت شركة "غراب هولدينغز" (Grab Holdings)، التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، والتي تعمل أيضاً في إندونيسيا، ثلثي قيمتها السوقية منذ اندماجها مع شركة شيك على بياض في أوائل شهر ديسمبر الماضي. خلال الشهر المنصرم، أعلنت عن خسارة تجاوزت حجم الزيادة في إنفاقها على الحوافز المخصصة لاجتذاب السائقين والعملاء، ما يبرز المخاطر في المجال شديد التنافسية.

هبطت أسهم شركة "سي" (Sea)، التي صنعت في وقت ما أغنى ملياردير في سنغافورة، بحوالي 65% من أعلى مستوياتها التي سجلتها في شهر أكتوبر الماضي. توقعت شركة الألعاب والتجارة الإلكترونية العملاقة تراجعها للمرة الأولى في تاريخها على صعيد الحجوزات في وحدتها للألعاب الرقمية، في حين دفعتها الرياح السياسية غير المواتية في الهند إلى إغلاق عملياتها الأساسية للتجارة الإلكترونية عقب أشهر فقط من تدشينها. كانت دلهي حظرت فعلاً أكثر ألعابها المحمولة شهرة، وهي لعبة "فري فاير" (Free Fire)، مشيرة إلى مخاوف أمنية بسبب صلاتها الصينية.

تفاؤل بـ"الحلم"

رغم بقاء شركة "غوجيك" من دون تحقيق ربح، إلا أنها أعلنت عن عجز سنوي على مدى ثلاثة أعوام حتى عام 2020 وخسارة بلغت 8.2 تريليون روبية (570 مليون دولار) في الأشهر السبعة الأولى من 2021 – فيما يشعر سوليستيو بالتفاؤل. مع ذلك، تُعدّ إندونيسيا، أكبر اقتصاد في منطقة جنوب شرق آسيا، وتمتلك أيضاً أنشطة تشغيلية في فيتنام وسنغافورة.

قال سوليستيو في البيان الذي أعلن من خلاله عن البيع الأولي للأسهم: "ستكون عملية الإدراج في البورصة بمثابة لحظة مذهلة بالنسبة إلى أولئك الذين يشاركون في نجاح أنظمتنا، وكل من لديه إيمان بـ(الحلم الإندونيسي)". وأضاف: "نطمح لأن يكشف الاكتتاب العام الأولي للعالم عن الفرصة الجبارة المتوافرة في بلدنا، وفي كل أنحاء منطقة جنوب شرق آسيا".