مصر.. أسعار الغذاء تقفز بالتضخم في مارس لأعلى مستوى منذ مايو 2019

أحد أسواق الخضراوات في مصر
أحد أسواق الخضراوات في مصر المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ارتفعت أسعار المستهلكين (التضخم) في المدن المصرية بأسرع وتيرة لها منذ مايو 2019، متأثرة باستمرار ارتفاع أسعار الغذاء العالمية.

تسارع التضخم السنوي إلى 10.5% في مارس الماضي مقابل 8.8% في شهر فبراير، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم الأحد.

تخطت أرقام التضخم في مارس الرقم المستهدف من قبل البنك المركزي المصري البالغ 7%، (بزيادة نقطتين مئويتين أو أقل) حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قفز بعد أن حررت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016.

على أساس شهري زاد التضخم 2.2% في مارس من 1.6% في فبراير.

أمّا بحسب البنك المركزي، فقد سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 10.1% في مارس 2022، مقابل 7.2% في فبراير، ولا يتضمن التضخم الأساسي سلعاً مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها.

رضوى السويفي من الأهلي فاروس تقول: إن "أسعار الخضروات من العوامل الأساسية في زيادة أرقام التضخم هذا الشهر بجانب ارتفاع أسعار التبغ وغاز الطهي، لكن أسعار الخضروات مازالت أقل مما كنا نتوقعه".

شكلت زيادة أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 19.8%، العامل الرئيسي وراء ارتفاع التضخم السنوي، حيث تمثل أكبر عنصر منفرد في سلة التضخم، وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 4.1%، مما يعكس زيادة التسوق قبل شهر رمضان المبارك، الذي بدأ في أوائل أبريل.

أضافت السويفي "قد نرى تباطؤاً للتضخم في أرقام أبريل بسبب سنة الأساس"، جاءت أرقام التضخم في المدن خلال مارس متماشية مع توقُّعات بنوك الاستثمار بأن يتجاوز حاجز 10%.

اقرأ المزيد: محللون لـ"الشرق": التضخم في مصر سيتخطى الحد الأقصى لهدف البنك المركزي

قال يوسف البنا من شركة "نعيم القابضة المصرية": "الأرقام كانت متوقعة في ظل ارتفاع أسعار السلع والخضروات نتيجة للأحداث العالمية، وارتفاع أسعار كل المواد الخام عالمياً".

تضررت مصر، وهي مستورد رئيسي للمواد الغذائية، بشدة من الارتفاع الحاد في أسعار السلع العالمية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

اقرأ أيضا: ماذا يحدث بسوق حديد التسليح في مصر؟

في مقابلة مع "الشرق" أشار محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية "هيرميس"، إلى أن هذا التسارع الذي يشهده التضخم في مصر، "الناجم عن مزيج من موجة التضخم العالمية وموسمية رمضان، متوافق إلى حدٍّ كبير مع تقديراتنا"، متوقعاً أن تزداد وتيرة التضخم بالفترة المقبلة، بحيث "يرتفع بحدود 14 إلى 15%، قبل أن ينحسر ليعود لمعدلات 7 إلى 8% مغ بداية العام المقبل".

ويَعتبر أبو باشا أن "السياسات الحكومية تركز بشكلٍ أساسي على توفير السلع الرئيسية للمواطنين وضبط أسعارها، لاسيما رغيف الخبز وسلّة المواد الغذائية التي تتضمنها البطاقات التموينية".

مستهدف المركزي

توقَّع محللون لــ"الشرق" الخميس الماضي أن يتجاوز معدل التضخم في مصر لشهر مارس مستوى الـ10%، وهو ما يتخطى الحد الأعلى لتقديرات البنك المركزي خلال العام الحالي البالغة 9%، وعزا المحللون الذي استطلعت "الشرق" آراءهم، أسباب ارتفاع التضخم إلى زيادة أسعار الغذاء، والأزمة الأوكرانية، وخفض العملة المحلية.

شارك في استطلاع "الشرق" بنوك الاستثمار "هيرميس"، و"بلتون المالية"، و"سي.آي كابيتال"، و"نعيم المالية"، و"الأهلي فاروس"، و"إتش سي"، و"برايم القابضة "، و"زيلا كابيتال".

توقّعت 5 من هذه البنوك أن يبلغ التضخم في مارس 10%، في حين رجّح بنكان ارتفاع المعدل إلى 11.3%، بينما قدّر بنك واحد أن يبلغ التضخم 10.8%.

طالع أيضاً: نشاط اقتصاد مصر غير النفطي يتراجع لأدنى مستوى في 21 شهراً

تقول منى بدير، كبيرة الاقتصاديين في شركة برايم المصرية، إن أرقام التضخم خارج "مستهدف البنك المركزي، قد تصل إلى 15% خلال شهور الصيف". أما أبرز أسباب هذا الارتفاع بنظرها، فهي "شهر رمضان، وتأثير أسعار السلع الغذائية على المؤشر، وارتفاع سعر الغاز المنزلي، بخلاف تأثيرات أزمة أوكرانيا والتي حاولت الحكومة بقوة الحد من تأثيرها. كما يجب الأخذ بالاعتبار أن البنك المركزي يُرتقب أن يقوم خلال ما تبقى من هذا العام برفع أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس على الأقل".

كان المركزي المصري، في اجتماع استثنائي خلال مارس الماضي، رفع أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، في محاولةٍ لامتصاص موجة التضخم، ولجذب استثمارات الأجانب بالدولار لأدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الأزمة الروسية الأوكرانية.

يرى أبو باشا أنه "لن يكون هناك حاجة لاستخدام الاحتياطي الأجنبي مجدّداً من قِبل البنك المركزي المصري للمدى المنظور، ونتوقع ثباتاً نسبياً في سعر صرف الجنيه". لكنه يُنوّه بـ"الاتفاق المرتقب مع صندوق النقد الدولي، وتطورات أسعار الفائدة، باعتبار أنهما الأكثر اهمية بالنسبة للمستثمرين الأجانب لاتخاذ قرار العودة للسوق المالية المصرية". متوقعاً أن "يرفع المركزي الفائدة مرّةً أُخرى بحدودو 2%، رغم أن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء العالمية بشكلٍ كبير تحدُّ من فعالية السياسات النقدية للحدّ من جماح التضخم".

تراجع سعر صرف الجنيه المصري بنحو 17% منذ رفع الفائدة في مارس حتى الآن، وتضرر الاقتصاد المصري بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا المستثمرين الأجانب إلى الفرار من الأسواق الناشئة.